~حكاية أمل ~

كان ياماكان ..
في ذلك الزمان :
وقف بطلعته البهية يدير الطرف متأملاً ماحوله ..
وعلى محياه ابتسامة رضا .. تملؤه الغبطة ويغمره الحبور ..
فقد شارك في تحقيق الاحلام ، وحفّز الإنجازات العظيمة ..
وشهد الانتصارات الكبيرة ..
وعاين نفوساً نفضت عنها تراب الهزيمة ..
وبعثت في الهمة الحياة..
وشيّدت مدينة النجاح .
:
:

تذكّر حين حط رحاله ذات يومٍ ..
عندما كانت هذه الأرض بائسة.. أكدى حظها فهي قفر ..
وأكدت سماؤها فما زارها برق ولا ومض ولا جاد غيث..
واحتُبِست أرواحها في قماقم اليأس ..
وعاثت يد الهزيمة بقلوبها فتركتها فلولاً وأشلاء ..
:
:

نثر بذوره الذهبية ..
فانتفضت الأرض الشاحبة واخضرّت وجنتاها ..
وطاف بالمكان يزرعه جيئة وذهاباً ..
وأينما سار نبت في أثره العشب وأزهر الورد..
شرع يوزع ابتساماته على الشفاه المقطبة..
وأطلق العنان لجناحيه يعلوان في الأفق ..
ويرسمان على سماء القلوب أقواس الفرح ..!
:
:

حيثما حلٌ .. وأينما سار .. أزهر الضوء..
وتساقطت لآلئ السرور من المآقي التي ودعت اليأس ...
فإذا الأرواح الخرساء أجواق ساجعة بكل غناء ..
تسمع ذبذباتها وراء الصمت الهامس ...!
وإذا الخمائل المخضلة بالندى تتبارى على أيك الجمال ..
والطيور الصوادح تحط على فننها ..
وتتنافس في نشر ألحانها ..

:
:
الكون مغرّد كنشوة نبتت في حنايا الضلوع..
والطبيعة تنزف مشاعراً يتدفق منها نسغ البهجةً..
والشواطئ المهجورة باتت مسحورة ..
وبين الجداول والأنهار حديث قيثارتين .. هادر وهامس..
أما الوهاد التي مسها الخصب ..
فقد كانت تصغي لمعزوفة الكون .. مبهورة..!
:
:

وفي كحل الليالي حين ينغمس القمر في صحن السماء ..
ترقص النجوم بين أشلاء الغيوم..
فيبسم المدى ويحلم بفراشات الضوء ..
في ليلٌ ضبابي يفوق خيال الشاعر ..!
:
:

وحين يمد شعاع الفجر ريّق أنواره ..
يستلّ من الظلام بسمة الصباح ..
وترفع السماء برقعها فتسفر الشمس عن وجهها المضئ
ناثرة حرير بوحها الذهبي على هامة الأفق..
فينتشي الصبح بعرف الزهورالباسمات مابين مطرز ومفوف
كأن خطى الربيع زارت ، ثم حلا لها المقام . .

هكذا قامت على أنقاض الخرائب مدينة الأحلام ..

:
:

أدار نظرة أخيرة على ماحوله .. ثم حدّث نفسه :
كل شيء هنا قد استعاد عافية الحياة ..
علّمته أي طريق يسلك إليها ..
وكيف يذكي شعلتها إن خبا ضوؤها ..
فما عادت هنا حاجة إليّ ..
فلأتأبط عصا الترحال .. وأطوي مسافات الزمن ..
بحثاً عن قلبٍ مكسور..
أو روحٍ مأسور ..
أو أرضٍ بور ...
أنثر فيها بذور الحياة .. !
وأرمم صدوع القلوب ..
وأطلق عقال الأرواح ..
أبث السر المبهم الذي يدخل كل جمال في تفسيره
ويظل يبحث عن مزيد من التفسير ..!

:
:

هناك في أقصى العزلة خلف أسوار الزمن..
كانت تسكن .. روحٌ ... منطوية على ذاتها ..
كادأن يغيب عنها وعي الحياة..
تهيأت للحزن كل مآقي الأرض .. في عينيها..
ونزفت أشواق قلبها ..
حتى صوت آخر قطرة ..
وابتلعتها رمال الصمت ..!
:
:
زارها ..!
وأهاب بها .. قبل انطفاء بريقها :
هيا انهضي ..!
وانتظريني وراء اليأس.. لأوافيك ..
فلقد هيأت لك مسكناً هناك - وأشار إلى الفضاء الرحب -
بين عقود النجوم وطيور الغيوم ..!
:
:
ثم مرّ بأنامله المضيئة على جبينها البارد..
فتساقطت من نواحيها تنهدات خافتة ..!
وتدفقت إلى قلبها موجة دفءٍ.. ورمق حياةٍ .. وضوء ..
وانتفضت كمن أيقظته لكزة من سقطة حلم ..!
:
:
جمعت أشلاء قواها المبعثرة ..
ثم استلت خنجراً من أروقة الحزن
غرزته في قلب الليل المشلول...
فتفتقت زهور الصباح ..!!
:
:

حين يطبق اليأس علينا ..
نموت ونحن لازلنا أحياء ..
يذوي كل شيء فينا :
حبنا .. مشاعرنا .. إيماننا .. طموحاتنا..
نعيش بلا حياة واعدة .. بلا أمل..!
:
:

وحين يزورنا الأمل ..
ويسكن اليقين أعماقنا ..
نؤمن ان الله معنا يلهمنا المشاعر الطيبة المحبة ..
و يملأ صدورنا بالرضا بحيث نتقبل صروف الحياة ..
بروح لا تقهرها عوامل اليأس ..
روح عاينت شروق شمس الأمل ..
في أفق الحياة .
:

:

من التفاؤل يولد الأمل
ومع الأمل تتجدد الحياة..