*بالك بالك....!!!
صابر هو ولد يتيم في الحادي عشر من عمره ، كلفه والده تعسفا برعي الغنم والنشاطات الفلاحية المتنوعة الشّاقّة والمضنية والأكبر من عمره ...!توفيت والدته منذ سنوات ،وتزوج ابوه بعد مدة بثانيه كانت قد انجبت له اخ واخت ،الا انها كانت قاسية في معاملتها معه جدّا و مميزة لابنيها عنه في ابسط الامور وأعظمها ... كانت دائمة التذمّر والتشكّي منه... ودائمة الضرب له، والنهر واللوم والتانيب... إعتادت على ان تجيّش مزاج والده ضده... محرّضة إياه على ضربه ومعاقبته في غالب الحال... كما درجت على ان تكيل التهم بالجملة والتفصيل حقا وباطلا لذلك لليتيم المسكين الذي لا ملجا له الا الله عز وجل بعد وفاه والدته... نجحت في مساعيها الباطلة ،وجعلته في عين ابيه باطلا وبهتانا وزورا وٱدعاءا وتجنيا....ذلك الإبن العاق... والسارق الفاسد... سيء الطباع الذي لا يرجى منه خيرا أبدا عكس أخويه تماما.... !!! وبما ان الزوجة الثانية لها معزة خاصة عند الزّوج...! فإن والده وفي اغلب الحالات يضطر لمجاراتها في غايتها الدنيئة الوضيعة... فينهره ويضربه ظلما وعدوانا...!وزورا وبهتانا...! إرضاءا لها وكسبا لودها...! حرمه من الدراسة استثناءا عن أخويه ونزولا عنداقتراحها ورغبتها بحجه بلهه وعدم قدرته على الدراسة وان اخواه اقدر منه ذهنيا واذكى منه...! كما كانت حجتها ان قطيع الغنم دون راع...! وزرعت في ذهن زوجها أن اليتيم المسكين لا يصلح الا لراعي الاغنام...! كان والده كلما كان يقسو عليه أكثر... ويتعسف عليه... كان الولد وفي وجدانه الصغير الجريح يكظم مرارة كبيرة فيصمت موكلا أمره الى الله عزّ وجلّ لعله يبدو يبدل أمرا ...!فبدت ملامح الذل واليتم جليّة في في ادق تفاصيل مظهره البائس...! وتجلّت واضحة في دموعه التي لاتكاد تفارق رموشه ...! وتجلى القهر في مظهره الرث الأغبر الأشعث ،وأثوبهالبالية... ورجليه دائمة الحفى... وعنقه الذي طوّقه وسخ الاهمال...! وفي جلسته التي يحيط بها الذل من كل جانب...! ونومه القرفصائي ...!كان كلّما خلد الى النّوم وحيدا أسند رأسه على مرفقيه مجمّعا ركبتيه الى بطنه الخاوية على الدّوام ...! ان التي ستظمه وتعتني به وتغدق عليه الحب والحنان وتأنسه وتسنده "كلاها حفير الفاس" ...!و.قليلا ماكان والده يناصره وينتصر اليه الا اذا بلغ الظلم المدى وتجلى واضحا للعيان لا غبار عليه...!!كان الوالد يعيش بين نارين...! :رعايه ابنه اليتيم...والإضطرار لمجاراة رغبة زوجته الجديدة خوفا من غضبها وسخطها ...! كان الوالد دائما العقوبه لصابر ونادرا ما كان يعاقب اخويه تمييزا...! وكان الولد وفي الإستثناءات النادرة التي يذكرها، هو أن والده إذا صادف أن عاقب مره دون تمييز...! وضربهم ثلاثتهم لذنب ما اقترفه الصبية ثلاثتهم ...يتوجه أخويه الى امّهما ليشكيا لها والدهما ويستنصرا بها ...لكن صابر لا يجد غير البكاء...! فلمن يشكو ...؟! وأمه تحت التراب .. كان صابر كما والده دائمان التودد والتقرب من هذه المراة القاسية... التى كانت في جل الأوقات تبدي لزوجها انها صاحبة فضل في قبول ابنه العاق ،وانها فرطت في جمالها وصغرها وكان الأب يعاملها بلطف وتودد ولا يكلمها الا همسا بعين الذل والإذعان...كان سلوكها سلوك تلك السيّدة الآمرة الناهية التي لا يرد لها طلب...!ذات يوم اختلت بزوجها وعربدت وصخبت وقالت لزوجها المغلوب على أمره :الآن عليك ان تختار...؟!-إما نا... أو هو في هذا المنزل ...؟؟؟ لابد أن تختار في الحال بيننا... وطلبت منه باللسان الصريح أن يطرده في الحال ...في بادئ الامر رفض باستحياء وقال لها مسنجديا عدولها عن قرارها و بلهجة مفعمة بالذل: كيف لي أن أطرد ابني وفلذّة كبدي ...؟ انا لن افعل افعلي انت ما بدا لك ...! تركته وخرجت الى ساحة المنزل ونادت بصوت غاضب صاخب الطفل المسكين واعطته مبلغا من المال وقالت له :-هاك لفلوس وجيبلي "بالك بالك"...! لم يسألها الطفل عن ماهية "بالك بالك"...؟! وذلك خوفا منها وطاعة لها... تناول المبلغ وانصرف راكضا غايته تلبية رغبتها ككل مرة ومتصورا ان ماتطلب والمسمى " بالك...بالك"...! سلعة تباع في الدكاكين والأسواق ...أماهي وبحكم أن لا وجود لما تطلبه على أرض الواقع فقد كان غرضها من فعلها هذا .... بأن يضيع الطفل المسكين في الأسواق والبلدان والأمصار باحثا عن شيء وهمي محض خيال لا وجود له على أرض الواقع أصلا يدعى زعما وزورا وبهتانا.... : " بالك...بالك"...! عرف زوجها وتيقن من غاياتها...كظم غيظه... وكمد دمعه... وأذعن صاغرا لإرادة هذه الافعى الآدمية الجهنّمية ...!إنطلق الطفل من سوق الى سوق... ومن حي الى حي... ومن دوار الى دوار... سائلا عن شيء وهمي لا وجود له على ارض الواقع اسمه : "بالك بالك"...!؟ وطالت ريحه الله بحثه دون أن يظفر به أو أن يجد من يعرف هذا الشيء الغريب العجيب المسمى "بالك بالك"...وفي يوما من الأيام، وفي عرض الفلاة، مر بمجموعة من الرعاة وقد ٱستدارو وتحلّقوا في ضوضاء وهلع بعصيهم وهراواتهم حول أكمة ....!وكانوا يقفزون حذرا من هنا...! ويركضون من هناك...! ويصيحون منبّهين بعضهم البعض... :"بالك بالك" ..." ردبالك... !هاهي هاهي....! بالك بالك ....!ردبالك ...!فرح الطفل بسماع الكلمة بعينها أخيرا.... !:( " بالك...بالك")...!فقد ظفر بمراد زوجة ابيه أخيرا بعد رحله شاقه وطويله ومضنية... وبالحصول عليها أخيرا...! آن له الرجوع الى مسقط راسه... فالشوق الى مسقط الراس والى اخوته واهله والى مرابع الصبى ونوادي طفولته قد أتعبه و أضناه... خاطب الرعاة مشيحا لهم بالمال الذي أعطته إياه زوجة والده ... وقال لهم: أنا اشتريه...! أنا أريد "بالك بالك "...!!!أمي أوصتني بان اشتريه لها....!فهم الرعاة جهل الطفل بحقيقه الأمر...! و ان هناك لبس وسر في الأمر ... وأغراهم المال والطمعوا والجشع... وللظفر بماله أبعدوه عن المكان ...وأمرو ه بالانتظار... واحدين اياه بتمكينه من مراده المزعوم: " (بالك...بالك")...! وكانت في الأ كمة التي تحلق حولها الرعاة صاخبين بعصيهم وحجرهم... حية عظيمة، مسكوها بحذر شديد... ووضعوها في كيس وربطوه جيدا... وأعطوه للطفل واخدوا المال منه غنيمه مجانية ...!انقلب الطفل راجعا الى المنزل ظافرا غانما ...! ورجع وهو يشعر ببهحة الغنيمة ،وبفرح شديد، وفرج كبير، وشوق الى الأهل والخلان ، وإلى مسقط رأسه ...! كان يجهل مايحمله من خطر شديد...! غير آبه بالحركة الدائمة داخل الكيس ومايحويه هذا الكيس من سمّ قاتل... واهما نه هذا هو "بالك بالك"...!انه الشيء النادر الذي تبحث عنه زوجة والده ...!قضى الطفل مدة في الطريق وعند وصوله الى مشارف المنزل ، انطلق في الصياح من البعد فرحا وبهجة وبشرى مخاطبا زوجة أبيه: -هاني جبتلك "بالك بالك" ...!هاو عندي حنّا والله إلڨيتو أخيرا ...!!هاو في الشكارة الداخل ....!!!خرجت كل العائلة ،ودبت أحاسيس الفرح في جسم والده ابتهاجا لقدوم ولده ولسلامته... أما زوجته الشمطاء ٱمتعظت شديد الإمتعاض، وخاب املها لرجوع الصبي .. إلا ان الشجع والطمع دفعاها لتناول الكيس ومعرفه ما يحويه وربما يكون شيئا ثمينا وذا قيمة...! و عند فتحه انطلقت منه الحية نحو وجهها لادغة إياها لدغة مميتة على الفور...!!!عرف الوالد بأن ابنه فعل هذا بعفويّة الا ان مقادير الرحمان سرت بهذه الشّاكلة ثوابا وجزاءا...!!! فقال اجلا لا للموقف ...! وخلاصة للعبرة...!
: بالك...! بالك..!بصواردك جبتهالك...!يافاعل الخير لاڨيه...! يا فاعل الشر هالك.....!"يا فاعل الخير هنّيه...! بالحمد والشكر ديمه...! ويا فاعل الشر ّ عزّيه ....!فعلو يرجع غريمه"......!" بالك...بالك"...! بفلوسك جبتهالك...!
منقول- من كتاب المقامة البنعونية
Elektra_07 @elektra_07
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️