**حكمـــــــة القـــــــدر**

بقدر من الله ومشيئة منه يتعاقب الليل والنهار،، ويسير الكون وفق نهج محبك ،، ونظام متقن،، ((لا الشمس ينبغي لها أن تسبق القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)) يخطو كل مخلوق على هذه الأرض وقد جف قلم قدره من قبل أن يُخلق،، فما هو حاصل له وما هو رازقه ،،قد كُتب له قبل أن تُمهد هذه الأرض التي يدبُُُُُُ عليها،، ومن قبل أن تُرفع هذه السماء التي يتدثر بها،،
كُتبت المقادير وطويت الصحف فسخر الله كل لما خلق له00
فترى ذلك الذي اغترب عن وطنه وفارق أهله أحبته يندب حظه ويبكي حاله،، وترى ذلك الذي فقد أباه وماتت أمه ينوح بمصيبته ويعلن سخطه ،، وترى ذلك الذي خسر تجارته وبارت صفقته يلعن سوء قضاءه ويهجو كل منافسيه ،، وترى الفقير يتبرم من وضعه ويشكوا إلى الغير قدره،، وترى المريض يتأوه من مصابه ويأن من ألمه،، وترى الزوج يكره نصيبه ويلوم اختياره ،، والعكس00
فترى من نزلت بساحته المنايا،، وأقضت الفواجع مرقده،، شاحب الوجه،، مقبوض القلب،، ساخط النفس00باكي العين ،، زهد في الابتسامة،، وتلبس الحزن ،، إذا حادثته فلا تسمع إلا الاستنكار والشجب،،
لسان حاله يقول : ما العمل الذي عملته لأستحق كل هذه القسوة00ولماذا كل هذا الجزاء؟! ينطبق قول الله تعالى عليه
((إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا))00ولا يعلم ذلك المسكين أن الرؤوف الرحيم،، اللطيف الحكيم،، لطف به حينما أنزل عليه أمره ذلك فما أمره إلا خير يغيث المؤمن وإن كان ظاهره غير مرغوب وغير مقبول00
فإما إن يكون تخفيف من حمل أثقل كاهله من ذنوب وخطايا00
وإما أن يكون نذيرا له من استمرار حاله المزري00وثباته على موقفه المتسلط00
وإما أن يكون لمحبه من الله لعبده فيريد أن يقربه إليه بالالتجاء والدعاء00
وإما أن يكون تأديب ليتنبه ذلك المتجبر لحجمه ويعلم حدود مقداره00
وإما أن يكون لخير لا يأتيه إلا بحصول هذا القدر 00
وإما لحكمة بليغة لا يدركها فهم العبد المحدود00ولا تراها عين المخلوق القاصرة عن إبصار أبعاد المواقف،، وخفايا الأمور ودقائقها،، وحينما تحين الفرصة التي يدرك فيها تلك الحكمة الإلهية تراه ساجدا لله شاكرا على قضاءة00وحامدا له على قدره00
واعجبي من عجلة فُطرنا عليها00وحُمق جُبلنا عليه فماذا بعد قول نبينا و حبيبنا رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه { إن أمر المؤمن كله خير إن أصابه سراء شكر فكان خير له وإن أصابه ضراء صبر فكان خير له وما ذلك إلا للمؤمن}0