بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الاول
فتوى في بيان حكم الجهاد واستئذان الوالدين فيه
صاحب الفضيلة الشيخ حمود بن عبد الله بن عقلاء الشعيبي .... حفظه الله ترددت في الآونة الأخيرة عبارات تقلل من شأن الجهاد وتثبط عزائم الشباب عن هذا العمل الجليل , ومما يزيد في الأسف أن هذه العبارات تصدر من علماء محسوبين على الصحوة الإسلامية , نريد أن تبينوا لنا حكم الجهاد على ضوء الكتاب والسنة ؟ . كما نرجو أن تبينوا لنا حكم استئذان الوالدين في الخروج إلى الجهاد والتدريب والإعداد ؟ نريد من فضيلتكم فتوى تفصيلية في هذا المجال ؟
الجواب : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فإن من له أدنى إلمام ومعرفة بتاريخ الدول والحكومات لا يبقى لديه شك مطلقا في أن الجهاد بأنواعه من أعظم الوسائل بل هو أعظم الوسائل مع الأيمان بالله والتوكل عليه لحماية الأمة المسلمة ومقدساتها من تطاول الأعداء عليها وطمعهم في خيراتها . فإن العدو إذا عرف مدى استعداد المسلمين وعرف ما هم عليه من القوة القتالية والتدريب والتأهيل فإنه يحسب لمهاجمة بلاد المسلمين ألف حساب . والعدو الكافر يدرك ما للجهاد من أثار في تغيير ميزان المعارك التي تجري بين المسلمين وأعدائهم , ولهذا نجد الكفار باختلاف مناهجهم واتجاهاتهم يخشون الجهاد وينفرون عنه هم وعملاؤهم بكل ما يستطيعون من وسائل لأنهم يعلمون جيدا أنهم لا يستطيعون السيطرة على الأمة إذا كانت تملك وسائل الجهاد . ولهذا نرى الدول الكافرة ومن يدور بفلكها من الحكومات العميلة يشنون حربا شعواء على الشباب الذين يريدون الانظمام إلى إخوانهم المقاتلين في الجبهات والثغور وإذا ظفروا بأحد منهم اعتقلوه وأودعوه في غياهب السجون مددا طويلة يلاقي فيها شتى أنواع التعذيب والإهانة . ويلقبون المجاهدين بألقاب شائنة كالإرهابيين والمتطرفين والمتشددين ونحو ذلك , إرهابيون ومتطرفون لأنهم يضحون بأنفسهم في قتال الصهاينة والروس والبوذيين وغيرهم وما من شك أننا وإخواننا المجاهدين إرهابيون بهذا المعنى أي : نرهب أعداء الله تنفيذا لأمره سبحانه وتعلى حيث قال ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ....)الآية .
وهنا سؤال يفرض نفسه وهو أنه قبل سنوات إذا أراد الشباب الذهاب للجهاد في الأفغان يلقون التشجيع والتخفيض في التذاكر وربما المساعدات المالية من بعض الدول العربية , هذا كان في الفترة التي كان الأفغان فيها يحاربون الاتحاد السوفييتي أما الآن فالذي يريد الذهاب إلى الأفغان من الشباب للجهاد يلقون من نفس الدول العربية التي كانت تشجع على الجهاد في تلك الفترة المطاردة والاعتقال والتلقيب بالإرهابيين والمتطرفين والمتشددين فلماذا يكون هذا؟ والجواب أن التشجيع على الجهاد في الفترة السابقة له ما يبرره عند تلك الدول المشجعة , لأن القتال كان بين الأفغان والاتحاد السوفييتي الذي تعتبره دول الكفر كأمريكا وبريطانيا أعدا لها , أما قتال الأفغان الآن فهو ضد أمريكا وبريطانيا وأوربا كلها , لأن هذه الدول تقف مع المعارضة في الأفغان وتدعمها بشتى أنواع الدعم من طائرات ودبابات ورجال وخبرات . أذن فالذي يذهب إلى الجهاد في الأفغان يحارب أمريكا وزميلاتها في الكفر . وبعد هذه المقدمة القصيرة نبدأ ببيان حكم الجهاد في الشريعة الإسلامية . فنقول : أولا : أ-جهاد بالنفس. ب-جهاد بالمال. ج-جهاد بالقلم واللسان. وكذلك الأعداء الذين يجب جهادهم أنواع : أ- منهم الكفرة المصرحون بكفرهم كاليهود والنصارى والملحدين وغيرهم . ب-ومنهم أعداء ليسو من هؤلاء بل هم من نوع أخر وهم المنافقون ونحوهم ممن لديهم أفكار نتنة ومبادئ هدامة ولكنهم لا يجرؤن على إعلانها والتصريح بها كما يعلن الكفار كفرهم ويصرحون به . وإذا أردت أن تعرف فضل الجهاد وأهميته فقارن بين حالة المسلمين قبل أن يشرع لهم الجهاد وحالتهم بعد أن فرض عليهم الجهاد فأنهم كانوا قبل مشروعية الجهاد مستضعفين في مكة , وكفار قريش يؤذونهم بشتى أنواع الأذى ولا يقدرون على الدفاع عن أنفسهم , الأمر الذي جعل من يريد الدخول في الإسلام يخفى أمره ويتستر على إسلامه خوفا من أذى قريش إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأنه عند ما أراد أن يعلن إسلامه شهر سيفه وأعلن إسلامه ولم يبال بأحد , أما غيره فأنه لا يجرؤ على إعلان إسلامه خوفا من أذى قريش كما سبق . وعندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأسس الدولة الإسلامية وشرع له الجهاد وبدأ ببعث السرايا والبعوث بدأ الناس يهاجرون إلى المدينة ويعلنون إسلامهم ودخل كثيرون من قبائل العرب في الإسلام وقد صور الشاعر هذا المعنى بقوله : دعا المصطفى دهرا بمكة لم يجب ……. وقد لان منه جانب وخطاب فلما دعا والسيف صلت بكفــــه ……. له اسلموا واستسلموا وأنابوا وبالجهاد قامت دولة الإسلام واتسعت حتى عم الإسلام جزيرة العرب وحتى استولى المسلمون بالجهاد على ممالك كسرى وقيصر , واصبحوا سادة الدنيا وقادتها. ولأهمية الجهاد في حماية المسلمين ومقدسا تهم أكثر سبحانه وتعالى من ذكره في القرآن الكريم حيث ورد فيه من آيات الجهاد ما يزيد على مائتي أية ما بين آيات تدل على فرض الجهاد ووجوبه على المسلمين , وآيات ترغب فيه وتبين فضله وما أعده الله للمجاهدين من الثواب في الأخيرة . وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم حث على الجهاد ورغب فيه وحذر من القعود عنه وسأذكر طرفا من الآيات في الجهاد عليه : 1-قال تعلى ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) أي فرض عليكم كفرض الصيام في قوله تعالى (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) 2-وقال تعلى ( يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا) 3- إلى قوله سبحانه وتعالى ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) 4-وقال سبحانه وتعالى ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق) 5-وقال سبحانه وتعالى ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ). والآيات الدالة على فرضية الجهاد على هذه ألأمه ووجوبه كثيرة . أما الآيات التي تدل على فضل الجهاد وتبين ثواب المجاهدين فكثيرة . 1- منها قوله تعالى ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) إذا فالقتال في سبيل الله مقتضى لحب الله وأي مطلب وأي مطلب أسن وأشرف من حب الله لعباده . 2- وقال تعلى (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )إلى آخر الآيات. 3- وقال سبحانه وتعالى ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) إلى قوله ( يستبشرون بنعمة من الله وفضل ) 4- وقال تعالى ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن له الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ). ومن الآيات التي تحذر من ترك الجهاد والقعود عنه : 1- قولة تعالى ( فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت ) الآية 2- وقال تعالى ( وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين). أما الأحاديث في ذلك فمنها : 1- قوله صلى الله عليه وسلم (جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم) وهذا أمر منه صلى الله عليه وسلم بالجهاد , والأمر يقتضي الوجوب ما لم يصرفه صارف إلى الندب أو الإباحة ولا صارف هنا يصرف أمره عليه الصلاة والسلام في الجهاد من الوجوب إلى غيره . 2- وقال صلى الله عليه وسلم ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم ) فقوله عليه الصلاة والسلام ( حتى تراجعوا دينكم ) يفهم منه أنهم بارتكابهم هذه الخصال وترك الجهاد قد خرجوا من دينهم . 3- وقال صلى الله عليه وسلم ( من مات ولم يغزو أو يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق).
إلى اللقاء مع ما تبقى
روعه @roaah_1
عضوة جديدة
هذا الموضوع مغلق.
Neena
•
جزاك الله كل الخير أختي روعة..
وجعل ذلك في موازين حسناتك..
وأثابك بقدر فائدة موضوعك القيم.. وبقدر كل حرف أضعافا مضاعفة..
سلمت يداك وشكرا لك
وجعل ذلك في موازين حسناتك..
وأثابك بقدر فائدة موضوعك القيم.. وبقدر كل حرف أضعافا مضاعفة..
سلمت يداك وشكرا لك
روعه
•
اخواتي عزيزة و Neena
وانتن جزاكن الله خير على اطلاعكن على هذا الموضوع رغم طوله ولكن انشاء
الله هذا لمزيد من الاجر لنا ولكم
وانتي Neena جزاكي الله مثل ما دعوتي لي واثابك
واسلموا لاختكم روعه
وانتن جزاكن الله خير على اطلاعكن على هذا الموضوع رغم طوله ولكن انشاء
الله هذا لمزيد من الاجر لنا ولكم
وانتي Neena جزاكي الله مثل ما دعوتي لي واثابك
واسلموا لاختكم روعه
الصفحة الأخيرة
أما الشق الثاني من السؤال : وهو ما يتعلق باستئذان الوالدين أو أحدهما في الخروج للإعداد أو الجهاد ؟ فالجواب : إما الخروج للإعداد فلا يلزم فيه إذن الوالدين ولا أحدهما ولا الغريم لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا به وأوجبه علينا فقال ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) وهذا أمر منه سبحانه وتعالى لعباده بالإعداد للعدو والتدرب على فنون القتال والأمر يقتضي الوجوب ما لم يصرفه صارف إلى الندب أو الإباحة . أما الخروج للجهاد فهذا يختلف حكمه مع اختلاف فرضية الجهاد : فإذا كان الجهاد فرض عين وجب النفير على كل قادر عليه ولا يستطيع الوالدان أو أحدهما منع الولد من الخروج بل ولا يحل لهما ذلك . أما إذا كان الجهاد فرض كفاية يقوم به من الأمة من يكفي لدحر العدو فهذا هو الذي يستأذن فيه الوالدان والغريم وهذا هو الذي يحمل عيه قوله صلى الله عليه وسلم للذي أستأذنه في الخروج للجهاد ( أحي والداك ؟ قال نعم قال ارجع ففيهما فجاهد ). هذا ونرجو الله أن يقيض لهذه الأمة المسلمة قادة يطبقون نصوص الشريعة في قيادتهم لأممهم لما فيه خيرهم في دنياهم وأخراهم في حالة الحرب والسلم إنه على كل شيء قدير . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أملاه فضيلة الشيخ
حمود بن عقلاء الشعيبي
13/6/1422هـ
نقلاً عن الساحه العربيه