نصر

نصر @nsr_1

محرر في عالم حواء

حكم قول (صدق الله العظيم) بعد الإنتهاء من القراءة

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

إعتاد كثير من الناس إذا أنتهى من قراءة القرآن أن يقول : ((
صدق الله العظيم )) وهذا ليس بمشروع لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلة ولم يكن من عادة الصحابة رضي الله عنهم أن يفعلوه ولا كان ذلك في عهد التابعين وإنما حدث في العصور المتأخرة واستحساناً من بعض القراء واستناداً إلى قول الله تعالى : ((قُل صَدَقَ الله )) 95آل عمران.

ولكن هذا الإستحسان مردود لأنه لو كان حسناً ماتركه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم من سلف هذه الأمه.

وأما قولة تعالى : ((قُل صَدَقَ الله )) 95آل عمران .فليس المراد أن يقولها إذا أنتهى من قراءته ولو كان هذا هو المراد لقال الله : فإذا أنتهيت من قراءتك فقل : صدق الله كما قال : ((فَإذَا قَرَأتَ القُرآنَ فاستعَذ بِالله من الشيطانِ الرجيم )) 98سورة النحل.

ولآيه المذكورة التي استند إليها من ابتدع قول :صدق الله العظيم عند انتهاء القراءة إنما ذكرها الله تعالى تأكيداً لما أخبر به عن حل الطعام كله لبني إسرائيل إلا ماحرم إسرائيل على نفسه فقال : (( قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين 93 فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون 94 قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين 95)) آل عمران.

ولو كان المراد منها أن تقال عند انتهاء القراءة لكان أول من يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول من يعمل بها فلما لم يكن ذلك علم أ،ه ليس مراداً.

والخلاصة أن قول :
صدق الله العظيم عند الإنتهاء القارئ من قراءته قول محدث لا ينبغي للمسلم أن يقوله.

وأما اعتقاد المرء أن الله تعالى صادق فيما يقوله فهذا فرض ,ومن كذب الله أو شك في صدق ما أخبر به فهو كافر خارج عن ملة الإسلام والعياذ بالله .

ومن قال : (صدق الله ) عند المناسبات , مثل أن يقع شيء من الأشياء التي أخبر الله بها فيقول : (صدق الله ) تأكيداً لخبر الله , فهذا جائز , لورود السنة به فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب فأقبل الحسن والحسين فنزل من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال : صدق الله ورسوله "إنما أموالكم وأولادكم فتنة" حديث.



أما من سيعلل ذلك بانها ليست بدعه بإجماع المسلمين أو غيره من الأسباب فنقول وبالله التوفيق

1- فأما التعليل بإجماع المسلمين عليها في الأقطار المسلمة فليس بصحيح , فإن الصحابه والتابعين لم ينقل عن أحد منهم أنه كان يختم بها قرائته , والعلماء السابقون لم يذكر أحد منهم أنها من آداب القراءة , فأين يكون الإجماع على شيء لم يكن معروفاً عند السلف الصالح ؟ بل في عصرنا الحاضر لم يكن معروفاً عند أهل هذه البلاد لا علمائهم ولا عوامهم إلا بعد أن أختلطوا بغيرهم وسمعوا فتلقفها من تلقفها منهم بغير رويه ولا ميزان صحيح .

2- وأما سكوت من سمعها من الحاضرين في مسابقة حفظ القرآن الكريم فلا تثبت به مشروعيته مالم يدل الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح على مشروعيته , ثم الذي نعرفه عن رئيس الإفتاء في هذه البلاد الشيخ عبدالعزيز بن باز : أنها بدعة لاينبغي قولها .

3- وأما التعليل بأنها سنة حسنة , فيقال : لو كانت حسنة لكان أولى الناس بفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم , ولم ينقل عن أحد منهم أنه كان يختم قراءته بها , وحينئذ فإما أن يكونوا جاهلين بكونها سنة حسنة ويكون من بعدهم من خلف الأمه أعلم منهم , وإما أن يكونوا عالمين بأنها سنة حسنة ولكن أخلوا بها عملاً وتعليماً , وكلا الإحتمالين محال .

وأما استحسان بعض الناس لها فلا يستلزم أن تكون حسنة عند الله تعالى , ولو كان الميزان للحسن وعدمه عقول الناس لضاعت الشريعة , وانفتح المجال للزياده فيها والنقص منها , ولصارت السنة بدعه عند من انكرها والبدعه سنة عند من اقرها .

فهاهم الجهمية : ينكرون ما أثبته الله تعالى لنفسه , ويرون أن بدعتهم حسنة ؛ لأنها تنزيه لله تعالى على زعمهم .

والحاكمون بغير ماأنزل الله : رون طريقتهم حسنة ؛ لأنها أصلح للمجتمع على زعمهم .

والذين يقتلون المسلمين يرون أن عملهم حسن ؛ لأنه قضاء على المفسدين بزعمهم (الإرهابين).

والمهم أنه لا يمكن أن تجعل العقول هي الميزان الحقيقي للعبادات , وإنما الميزان الحقيقي هو الشرع فما أثبت الشرع مشروعيته فهو مشروع محمود , وما لم يثبت الشرع مشروعيته فهو مبتدع مذموم وإن إستحسنه مبتدعه , ونحن لا ننكر أن يقول القائل : صدق الله , بل نقر ذلك ونراه واجباً على المرء أن يعتقد بقلبه ويقر بلسانه بأن الله أصدق القائلين , وأوفى المعاهدين , وأنجز الواعدين . وإنما ننكر أن يجعل من السنة المتبعه ختم القارئ قراءته كلما قرأ بقولة صدق الله العظيم , متقرباً بذلك إلى الله تعالى , وهو سبحانه لم يشرعه لعباده في كتابه ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

ولقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته : " خير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " , فهل من هديه أنه كان يختم قراءته بذلك؟ إن كان هذا فهو خير مقبول عند الله تعالى مشروع للمسلمين , وإن لم يكن فهو محدث وشر الأمور محدثاتها وليس مقبولاً عند الله تعالى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد " أي مردود على صاحبه وإن استحسنه .

4- وأما التعليل بأنها فاصل بين القرآن الكريم وما يأتي بعده من أمور الدنيا . فمن الذي قال : إنه يشرع بين القرآن ومايأتي من بعده من أمور الدنيا ؟
ثم من قال : إنه يشرع الفصل بهذا القول الخاص , أفلا يمكن الفصل بالسكوت ؟ ثم إن الذين استحسنوها يختمون بها قراءة كل قارئ وإن تلاه قارئ آخر أو كانت قراءته ختام المجلس .

5- وأما الإحتجاج بكوننا لانجهر بالصلاة بالبسملة , فلا يستقيم هذا الإحتجاج , وأين هذا من ذلك ؟ فلا يصح الإحتجاج بإحدى المسألتين على الآخرى ,اللهم إلا أن يكون على سبيل الجدل .

ونحن لا نريد بقولنا أن ختم القراءة بقول : (صدق الله العظيم) بدعه, إلا إتباع السنة وتحري الحق والوقوف معهما فعلاً وتركاً , ولا نريد بذلك انتقاداً مجرداً لقول قائل أو فعله , أو فتحاً لباب الجدل , ونعوذ بالله من ذلك .

موضوع مختار من كتاب

إزالة الستار .... عن الجواب المختار لهداية المحتار

مسائل متعددة في العقيدة تمس الواقع

واجاب عنها فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين "رحمة الله"
0
517

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️