السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير ياشيخ ونفع بعلمك إن شاء الله وجعله في ميزان حسناتك
سؤالي ياشيخ:
ما حكم قول الله يرجك .... الله لا يهينك ... وغيرها من الكلمات الشائعة
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
أما قول : الله لا يهينك ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يجوز قول ذلك ولا إشكال فيه ؛ لِقوله تعالى : (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)
ومفهوم الآية أن مَن أكْرَمه الله لا يُهَان ؛ لأنَّ العِزّ في طاعة العَزِيز سبحانه وتعالى .
قال القرطبي : ومعنى قوله تعالى : (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) أي : مَن أهَانه بِالشَّقَاء والكُفْر لا يَقْدِر أحَد على دَفْع الْهَوان عنه . وقال ابن عباس : إنَّ مَن تَهَاون بِعِبادة الله صَار إلى النار . اهـ .
وعلى هذا فإنَّ الطَّاعة عِزَّة ، والمعصية ذلّـة .
وقد جاء هذا المعنى عن السَّلَف .
قال جعفر بن محمد : مَن أخْرَجَه الله مِن ذُلّ الْمَعْصِية إلى عِزّ التَّقْوى أغْنَاه الله بِلا مَال ، وأعَزّه بلا عَشِيرَة ، وآنَسَه بلا أنِيس .
وقال يحيى بن أبي كَثير : كَان يُقَال : مَا أكْرَم العِبَاد أنْفُسَهم بِمِثْل طَاعَة الله ، ولا أهَانَ العِبَاد أنْفُسَهم بِمِثْل مَعْصِيَة الله .
وقال الحسن البصري : أبَى الله عَزَّ وَجَلَّ إلاَّ أن يُذِلّ مَن عَصَاه .
وقال في أهْل الْمَعَاصِي : هَانُوا عليه فَعَصَوه ، ولو عَزُّوا عليه لَعَصَمَهم .
وقال سفيان بن عيينة : كُلّ صَاحِب بِدْعَة ذَلِيل .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
وهذي فتوه وخرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز أن تقول كلمة ( الله لا يهينك ) لشخص عملت له خدمة أو عمل لك خدمة ؟ وهل صحيح أن الله سبحانه لا يهين عبده أبدا فكيف نقول الله لا يهينك ( أفيدوني جزاكم الله خيرا ) ؟الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فلا مانع من الدعاء للنفس أو للغير بمثل هذا الدعاء، وهذا في هذا المقام من القول الحسن، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به لنفسه وللمؤمنين.فقد روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عنده دوي كدوي النحل،فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه، فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا، ثم قال: أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ علينا: قد أفلح المؤمنون حتى ختم العشروالمسلم يسأل الله تعالى من الخير كله، ويستعيذ به من الشرك كله لنفسه ولإخوانه، وإن كان يعلم أن الله تعالى لا يهين ولا يعذب عباده الصالحين،ولكن من الذي يضمن له أنه لا ينزلق في معصية يستحق بها غضب الله تعالى وعقابه، وهو المخطئ المقصر المعرض للفتن والابتلاء في هذه الحياة.لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه أحمد والترمذي.والله أعلم.
وأما قول الله يرجّك ، ونحوها ، فهذه كلمة مُنكَرة .
وكنت سألت شيخنا الشيخ عبد الرحمن البرّاك – حفظه الله – عن كلمة مُشابِهة ، وهي قول بعض الناس ( الله يَكْنِسْك ) فقال وفّقه الله : هذا منكر عظيم . ونَهى عن قول تلك الكلمة .
وهنا يُقال : هل الله يَرجّ ؟ أو يَكنِس ؟ حتى يُدْعى بهذا الدعاء ؟
ثم إن مثل هذا القول فيه سوء أدب مع رب العِزّة سبحانه وتعالى .
وانْظَر إلى أدب الخليل مع رب العالمين حيث قال : (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) ، فَلَم يَنسب الْمرض إلى الله تبارك وتعالى .
قال القرطبي في تفسيره : فأضَاف الْمَرض إلى نَفسه والشِّفاء إلى الله تعالى . وقال يوشع : (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ) .
وقال في تفسير سورة الكهف في قصة موسى مع الْخَضِر : قال في خرق السفينة : (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا) فأضاف العَيب إلى نفسه ... وأضاف عَيب السفينة إلى نفسه رِعاية للأدب ، لأنها لفظة عَيب فتأدَّب بِأن لم يُسْند الإرادة فيها إلاَّ إلى نفسه ، كما تأدب إبراهيم عليه السلام في قوله : (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) ، فأسْنَد الفِعل قَبل وبَعد إلى الله تعالى ، وأسند إلى نفسه المرض ، إذ هو معنى نَقص ومُصيبة ، فلا يُضاف إليه سبحانه وتعالى مِن الألفاظ إلاَّ ما يُستحسن منها دُون ما يُسْتَقبح ، وهذا كَما قال تعالى : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) ، واقْتَصر عليه ، فلم يَنسب الشرَّ إليه ، وإن كان بيده الخير والشر ، والضر والنفع ، إذ هو على كل شيء قدير ، وهو بكل شيء خبير . اهـ .
وقال في قوله تعالى : (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) قال : مَرِضْت رِعاية للأدب وإلاَّ فالمرض والشفاء مِن الله عَز وجل جَميعا . اهـ .
ومثل ذلك أدب الجنّ في الخطاب مع ربّ العالمين .
قال تعالى حِكاية عن الجن : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا) .
قال ابن كثير : وهذا مِن أدبهم في العبارة ؛ حيث أسندوا الشرَّ إلى غير فاعل ، والخير أضافوه إلى الله عز وجل ، وقد وَرَد في الصَّحيح : والشرّ ليس إليك . اهـ .
وهذا الذي أشار إليه ابن كثير في صحيح مسلم ضِمن دُعاء طويل دعا به النبي صلى الله عليه وسلم .
فالتأدّب مع الله مطلوب ومُراعى حتى في الألفاظ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
MAHA @maha_25
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️