
ام نايف م
•
تسجيل للاسبوعين من الخميس الى الجمعة الاسبوع الثاني من سورة الكوثر الى قريش ومن سورة المطففين الى العصر والحمدلله كنت متابعه مع الجدول وجزاكم كل خير


قصيميه2
•
ماشاء الله تبارك الله
ربي ييسرلكم حفظ كتابه الكريم
الحب أعظم الأسرار:
لتكن صلتكِ بالقرآن "صلة العاشق الولهان"
صلة حب ووئام "شوق وهيام"
فإلى قراءته..
قلبكِ "يسبق يديكِ "
وفاكِ "يسابق عينيكِ"
حتى تصلي بإذن الله إلى مبتغاكِ .
ربي ييسرلكم حفظ كتابه الكريم
الحب أعظم الأسرار:
لتكن صلتكِ بالقرآن "صلة العاشق الولهان"
صلة حب ووئام "شوق وهيام"
فإلى قراءته..
قلبكِ "يسبق يديكِ "
وفاكِ "يسابق عينيكِ"
حتى تصلي بإذن الله إلى مبتغاكِ .

وهذا التفسير من الاخت همة وطموح جزاها الله خيرا
{هل أتاك حديث الغاشية} :
يجوز أن يكون الخطاب موجه للرسول صلى الله عليه وسلم وحده
وأمته تبعاً له،
ويجوز أن يكون عاماً لكل من يتأتى خطابه ،
والاستفهام هنا للتشويق .
أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية أي
القيامة التي تغشى الخلائق بأهوالها وأفزاعها .
الغاشية :
أي القيامة وسميت الغاشية لأنها تغشى الناس بأهوالها .
~ ثم قسم الله سبحانه وتعالى الناس في هذا اليوم إلى قسمين :
القسم الأول { وجوه يومئذ خاشعة} :
{ وجوه يومئذ } :
أي يوم إذ تقوم الساعة
{ خاشعة } :
ذليلة تخشع ولا ينفعها عملها .
{عاملة ناصبة} :
عاملة عملاً يكون به النصب وهو التعب.
قال العلماء: وذلك أنهم يكلفون يوم القيامة بجر السلاسل والأغلال،
والخوض في نار جهنم،
كما يخوض الرجل في الوحل، فهي عاملة تعبة من العمل
الذي تكلف به يوم القيامة؛
لأنه عمل عذاب وعقاب , أعاذنا الله منها .
{ تصلى ناراً حامية }:
أي تدخل في نار جهنم، والنار الحامية التي بلغت من حموها
أنها فضلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءًا،
يعني نار الدنيا كلها بما فيها من أشد ما يكون من حرارة
نار جهنم أشد منها بتسعة وستين جزءًا،
وأنهم في نار جهنم الحامية، بين طعامهم وشرابهم .
{ تسقى من عين آنية } :
{ تسقى} :
أي هذه الوجوه.
{من عين آنية }:
أي شديدة الحرارة، هذا بالنسبة لشرابهم،
ومع هذا لا يأتي هذا الشراب بكل سهولة،
أو كلما عطشوا سقوا، وإنما يأتي كلما اشتد عطشهم واستغاثوا
كماقال تعالى:
{وإن يستغيثوا يُغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب} .
هذا الماء إذا قرب من
وجوههم شواها وتساقط لحمها،
وإذا دخل في أجوافهم قطعها،
يقول عز وجل: {وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعائهم } .
فلا يستفيدون منه لا ظاهراً ولا باطناً،
لا ظاهراً بالبرودة ببرد الوجوه،
ولا باطناً بالري، ولكنهم ـ والعياذ بالله ـ
يغاثون بهذا الماء ولهذا قال: { تسقى من عين آنية} .
فهذا بالنسبة لشرابهم .
أما طعامهم فقال:
{ ليس لهم طعام إلا من ضريع } :
الضريع : أي أخبث طعام وأنتنه،
وضريع الدنيا نبت يقال له الشبرق لا ترعاه الدواب لخبثه .
فهم ـ والعياذ بالله ـ في نار جهنم ليس لهم طعام إلا من هذا الضريع،
ولكن لا تظن أن الضريع الذي في نار جهنم كالضريع الذي في الدنيا فهو
يختلف عنه اختلافاً عظيماً .
{ لا يسمن ولا يغني من جوع } :
{ لا يسمن}:
فلا ينفع الأبدان في ظاهرها .
{ولا يغني من جوع} :
فلا ينفعها في باطنها فهو لا خير فيه ليس فيه إلا الشوك،
والتجرع العظيم، والمرارة،
والرائحة المنتنة التي لا يستفيدون منها شيئاً.
~ ثم ذكر الله عز وجل القسم الثاني من أقسام الناس في يوم الغاشية
{وجوه يومئذ ناعمة}:
أي ناعمة بما أعطاها الله عز وجل من السرور والثواب الجزيل؛
لأنها علمت ذلك وهي في قبورها، فإن الإنسان في قبره ينعم،
يفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، فهي ناعمة .
{لسعيها راضية}:
أي لعملها الذي عملته في الدنيا راضية
لأنها وصلت به إلى هذا النعيم وهذا السرور وهذا الفرح،
فهي راضية لسعيها بخلاف الوجوه الأولى فإنها غاضبة ـ والعياذ بالله ـ
غير راضية على ما قدمت.
{في جنة عالية} :
أي مرتفعة
وقيل :عالية القدر لأن فيها ما تشتهيه
الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون .
{لا تسمع فيها لاغية}:
أي لا تسمع في هذه الجنة قولةً لاغية، أو نفساً لاغية،
بل كل ما فيها جد، كل ما فيها سلام، كل ما فيها
تسبيح ، وتحميد، وتهليل ، وتكبير، يلهمون التسبيح
كما يلهمون النفس،
أي أنه لا يشق عليهم ، فهم دائماً في ذكر الله عز وجل،
وتسبيح وأنس وسرور،
يأتي بعضهم إلى بعض يزور بعضهم بعضاً في حبور لا نظير له .
{فيها عين جارية}:
ليس المراد بها عينا واحدة ، وإنما هذا جنس ،
يعني : فيها عيون جاريات .
{جارية}:
أي تجري حيث أراد أهلها
لا تحتاج إلى حفر ساقية، ولا إقامة أخدود .
{ فيها سرر مرفوعة } :
عالية ناعمة كثيرة الفرش ، مرتفعة السمك ،
عليها الحور العين .
قالوا : فإذا أراد ولي الله أن يجلس على تلك
السرر العالية تواضعت له .
{ وأكواب موضوعة} :
لا عُرا لها موضوعة على حافة العين للشرب.
ـ الفرق بين الكوب والابريق ؟
والإبريق : هو ما له عروة وخرطوم .
والكوب : إناء ليس له عروة ولا خرطوم .
{ونمارق مصفوفة} :
النمارق : الوسائد .
مصفوفة : مصفوفة أي واحدة إلى جنب الأخرى
على أحسن وجه تلتذ العين بها قبل أن يلتذ البدن بالاتكاء إليها.
{وزرابي مبثوثة}:
الزرابي : البسط .
مبثوثة : منشورة في كل مكان .
أدخلوا في جنة عالية لا يقادر علاها،
لا تسمع فيها لاغية أي كلمة باطلة
تنغص سعادتهم ولا كلمة نابية تقلق راحتهم.
فيها عين جارية من غير أخذدود حفر لها،
فيها سرر مرفوعة قدراً وحالاً ومكاناً، وأكواب أقداح لا عرا لها
من ذهب وفضة موضوعة لشربهم
إن شاءوا شربوا بأيديهم أو ناولتهم غلمانهم،
ذاك لون من الشراب أما الفراش فإِنها سرر مرفوعة،
ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة، وسائد قد صفت
للراحة والاتكاء الواحدة إلى جنب الأخرى
طنافس ذات خمائل مبثوثة مفروشة هنا وهناك مبسوطة.
هذه لمحة خاطفة عن الدار الآخرة تعتبر ذكرى للذاكرين وعظة للمتقين.
ولا تظن
أن هذه النمارق، وهذه الأكواب، وهذه السرر،
وهذه الزرابي لا تظن أنها تشبه ما في الدنيا؛ لأنها
لو كانت تشبه ما في الدنيا لكنا نعلم نعيم الآخرة،
ونعلم حقيقته لكنها لا تشبهه لقول الله تعالى:
{فلا تعلم نفس ما أخفي لهم
من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}.
إنما الأسماء واحدة والحقائق مختلفة ,
فنحن لا نعلم حقيقة هذه النعم المذكورة في الجنة
وإن كنا نشاهد ما يوافقها في الاسم في الدنيا لكنه فرق بين هذا وهذا.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن تكون
وجوههم ناعمة لسعيها راضية،
وأن يتولانا بعنايته في الدنيا والآخرة، إنه على كل شيء قدير.
لما ذكر الله - عز وجل - أمر أهل الدارين ،
تعجب الكفار من ذلك ، فكذبوا وأنكروا
فذكرهم الله صنعته وقدرته وأنه قادر على كل شيء ،
كما خلق الحيوانات والسماء والأرض
{أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} :
{أفلا ينظرون } :
الاستفهام للتوبيخ، أي إن الله يوبخ هؤلاء الذين أنكروا
ما أخبر الله به عن يوم القيامة، وعن الثواب والعقاب،
أنكر عليهم إعراضهم عن النظر في آيات الله تعالى التي بين أيديهم.
{ الإبل }:
البعير
وبدأ بالإبل؛ لأن أكثر ما يلابس الناس في ذلك الوقت الإبل،
فهم يركبونها، ويحلبونها، ويأكلون لحمها، وينتفعون من أوبارها
إلى غير ذلك من المنافع .
{كيف خلقت} :
يعني كيف خلقها الله عز وجل،
هذا الجسم الكبير المتحمل، تجد البعير تمشي مسافات طويلة
لا يبلغها الإنسان إلا بشق الأنفس وهي متحملة،
وتجد البعير أيضاً يحمل الأثقال وهو بارك ثم يقوم في حمله
لا يحتاج إلى مساعدة،
والعادة أن الحيوان لا يكاد يقوم
إذا حُّمل وهو بارك لكن هذه الإبل أعطاها الله عز وجل
قوة وقدرة من أجل مصلحة الإنسان، لأن الإنسان لا يمكن
أن يحمل عليها وهي قائمة لعلوها،
ولكن الله تعالى يسر لهم الحمل
عليها وهي باركة ثم تقوم بحملها،
* لماذا خص الإبل بالذكر ؟
لأنها أعم الحيوانات نفعاً وأكثرها مصلحة للعباد.
لأن ضروبه أربعة : حلوبة ، وركوبة ، وأكولة ، وحمولة .
والإبل تجمع هذه الخلال الأربع فكانت النعمة بها أعم ، وظهور القدرة فيها أتم .
{وإلى السماء كيف رفعت} :
وينظرون إلى السماء كيف رفعت بما فيها من النجوم، والشمس،
والقمر وغير هذا من الآيات العظيمة التي لم يتبين كثير منها إلى الآن،
ولا نقول إن هذه الآيات السماوية هي كل الآيات،
بل لعل هناك آيات كبيرة عظيمة لا ندركها حتى الان .
{كيف رفعت}:
أي رفعت هذا الارتفاع العظيم، ومع هذا فليس لها عمد
مع أن العادة أن السقوف لا تكون إلا على عمد،
لكن هذا السقف العظيم المحفوظ قام على غير عمد .
{وإلى الجبال كيف نصبت}:
أي كيف نصبت على الأرض ،
بحيث لا تزول وذلك أن الأرض لما دحيت مادت ،
فأرساها بالجبال ,
من فوائد الجبال :
أنها تحجب الأعاصير العظيمة البالغة التي تنطلق من البحار،
أو من غير البحار لئلا تعصف بالناس،
وهذا شيء مشاهد تجد الذين في سفوح الجبال وتحتها في الأرض
تجدهم في مأمن من أعاصير الرياح العظيمة التي تأتي من خلف الجبل،
ففيها فوائد عظيمة، وهي رواسي لو أن الخلق اجتمعوا على أن يضعوا سلسلة
مثل هذه السلسلة من الجبال ما استطاعوا إلى هذا سبيلاً مهما بلغت
صنعتهم،
وقوتهم،
وقدرتهم،
وطال أمدهم فإنهم لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الجبال.
وقد قال بعض العلماء:
إن هذه الجبال راسية في الأرض بمقدار علوها في السماء،
يعني أن الجبل له جرثومة وجذر في داخل الأرض في
عمق يساوي ارتفاعه في السماء،
وليس هذا ببعيد أن يُمكّن الله لهذا الجبل في الأرض
حتى يكون بقدر ما هو في السماء لئلا تزعزعه الرياح .
{وإلى الأرض كيف سطحت}:
أي وانظروا كيف سطح الله هذه الأرض الواسعة،
وجعلها سطحاً واسعاً ليتمكن الناس من العيش فيه بالزراعة والبناء وغير هذا،
وما ظنكم لو كانت الأرض صبباً غير مسطحة
يعني مثل الجبال يرقى لها ويصعد لكانت شاقة،
ولما استقر الناس عليها، لكن الله عز وجل جعلها سطحاً ممهداً للخلق،
وقد جاء في الحديث أنها يوم القيامة تمد مد الأديم أي مد الجلد ,
حتى لا يكون فيها جبال، ولا أودية، ولا أشجار ، ولا بناء ،
يذرها الرب عز وجل قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا ً .
- ثم قال عز وجل لما بين من آياته هذه الايات الأربع:
الإبل، والسماء، والجبال، والأرض
قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم
{فذكر إنما أنت مذكر } :
فذكر - يا محمد - الناس بما أرسلت به إليهم ،
فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب,
ولم يخصص أحداً بالتذكير، أي لم يقل ذكّر فلاناً وفلاناً فالتذكير عام،
لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بُعث إلى الناس كافة .
فالرسول عليه الصلاة والسلام يذكّر وليس عليه إلا التذكير،
ومن هنا نأخذ أن الهداية بيد الله،
لا يمكن أن نهدي أقرب الناس إلينا :
{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} .
فلا نجزع إذا ذكّرنا إنساناً ووجدناه يعاند، أو يخاصم،
أو يقول أنا أعمل ما شئت، أو ما أشبه ذلك.
قال الله تعالى لنبيه: {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين} .
لا تهلك نفسك إذا لم يؤمنوا، إيمانهم لهم وكفرهم ليس عليك ولهذا قال:
{لست عليهم بمصيطر} :
يعني ليس لك سلطة عليهم، ولا سيطرة عليهم،
السلطة لله رب العالمين،
أنت عليك البلاغ بلغ،
والسلطان والسيطرة لله عز وجل.
{إلا من تولى وكفر } :
التولي يعني الإعراض فلا يتجه للحق،
ولا يقبل الحق، ولا يسمع الحق،
حتى لو سمعه بأذنه لم يسمعه بقلبه .
{وكفر}:
أي استكبر ولم يقبل ما جاء به
الرسول عليه الصلاة والسلام.
{فيعذبه الله العذاب الأكبر} :
والعذاب الأكبر يوم القيامة
* وهنا قال {الأكبر}
ولم يذكر المفضل عليه يعني لم يقل الأكبر من كذا
فهو قد بلغ الغاية في الكبر والمشقة والإهانة،
وكل من تولى وكفر فإن الله يعذبه العذاب الأكبر.
وهناك عذاب أصغر في الدنيا قد يبتلى المتولي المعرض بأمراض في بدنه،
أو في عقله، أو في أهله، أو في ماله، أو في مجتمعه،
وكل هذا بالنسبة لعذاب النار عذاب أصغر،
لكن العذاب الأكبر إنما يكون يوم القيامة ولهذا قال بعدها
{إن إلينا إيابهم}:
أي مرجعهم، فالرجوع إلى الله مهما فر الإنسان
فإنه راجع إلى ربه عز وجل لو طالت به الحياة
راجع إلى الله،
* لنحاسب أنفسنا :
فاستعد يا أخي لهذه الملاقاة لأنك سوف تلاقي ربك،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
«ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ـ
مباشرة بدون مترجم يكلمه الله يوم القيامة ـ
فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم،
وينظر أشأم منه ـ يعني على اليسار ـ
فلا يرى إلا ما قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه،
فاتقوا النار ولو بشق تمرة»،
كلنا سيخلو به ربه عز وجل يوم القيامة ويقرره بذنوبه،
يقول: فعلت كذا في يوم كذا،
حتى يقر ويعترف،
فإذا أقر واعترف قال الله تعالى:
«قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم»،
وكم من ذنوب سترها الله عز وجل،
كم من ذنوب اقترفناها لم يعلم بها أحد ولكن الله تعالى علم بها،
فموقفنا من هذه الذنوب :
أن نستغفر الله عز وجل،
وأن نكثر من الأعمال الصالحة المكفرة للسيئات
حتى نلقى الله عز وجل ونحن على ما يرضيه سبحانه وتعالى .
{ثم إن علينا حسابهم} :
نحن نحاسبهم على أعمالهم ونجازيهم بها ،
إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
* كيفية الحساب ؟
الحساب ليس مناقشة يناقش الإنسان، لأنه لو يناقش هلك،
لو يناقشك الله عز وجل على كل حساب هلكت،
لو ناقشك في نعمة من النعم كالبصر
لا يمكن أن تجد أي شيء تعمله يقابل نعمة البصر،
نعمة النفس، الذي يخرج ويدخل بدون أي مشقة، وبدون أي عناء،
الإنسان يتكلم وينام، يأكل ويشرب، ومع ذلك لا يحس بالنفس،
ولا يعرف قدر النفس إلا إذا أصيب بما يمنع النفس،
حينئذ يذكر نعمة الله، لكن مادام في عافية يقول هذا شيء طبيعي،
لكن لو أنه أصيب بكتم النفس لعرف قدر النعمة،
فلو نوقش لهلك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة:
«من نوقش الحساب هلك» أو قال «عذب»،
- أما المؤمن فإن الله تعالى
يخلو به بنفسه ليس عندهما أحد ويقرره بذنوبه
فعلت كذا فعلت كذا، فعلت كذا
حتى إذا أقر بها
قال الله تعالى:
«قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم»،
- أما الكفار
فلا يحاسبون هذا الحساب لأنه ليس لهم حسنات تمحو سيئاتهم
لكنها تحصى عليهم أعمالهم، ويقررون بها أمام العالم،
ويحصون بها، وينادى على رؤوس الأشهاد
{هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} .
ـ نعوذ بالله من الخذلان ـ
وبهذا ينتهي الكلام على هذه السورة العظيمة
والله أعلم .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنا ويتجاوز عنا ,
ويجعلنا ممن رضي عنهم .

,وهذا التفسير للأخت همة جزاها الله خير والله يرجعها لنا بالسلامة ويجمعنا بها بالجنة ولاتنسوها من صالح الدعاء
أربعة أشياء أقسم الله بها :
1- { والفجر }
وهو النـور الساطـع الذي يكون في الأفق الشرقي قرب طلوع الشمس .
وأقسم الله بالفجر لأنه ابتداء النهار،
وهو انتقال من ظلمة دامسة إلى فجر ساطع،
وأقسم الله به لأنه لا يقدر على الإتيان بهذا الفجر إلا الله عز وجل
كما قال الله تعالى:
"قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة
من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون"
وأقسم الله بالفجر لأنه يترتب عليه أحكام شرعية،
مثل: إمساك الصائم،إذا أراد أن يتم صومه،
وأيضاً: دخول وقت صلاة الفجر،
وهما حكمان شرعيان عظيمان .
~
يجب أن نراعي الفجر من أجل دخول وقت الصلاة أكثر
مما نراعيه من أجل الإمساك في حالة الصوم،
لأننا في الإمساك عن المفطرات في الصيام
لو فرضنا أننا أخطأنا فإننا بنينا على أصل وهو بقاء الليل،
لكن في الصلاة لو أخطأنا وصلينا قبل الفجر لم نكن بنينا على أصل،
لأن الأصل بقاء الليل وعدم دخول وقت الصلاة،
ولهذا لو أن الإنسان صلى الفجر قبل دخول وقت الصلاة بدقيقة واحدة
فصلاته نفل ولا تبرأ بها ذمته.
2- { وليال عشر } :
_ قيل المراد بـ" ليال عشر" : عشر ذي الحجة،
وأطلق على الأيام ليالي، لأن اللغة العربية واسعة،
قد تطلق الليالي ويراد بها الأيام .
_ وقيل المراد بـ" ليال عشر" : ليال العشر الأخيرة من رمضان،
أما على الأول الذين يقولون المراد بالليال العشر عشر ذي الحجة،
فلأن عشر ذي الحجة أيام فاضلة قال فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
«ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر»
قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟
قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه
وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».
وأما الذين قالوا: إن المراد بالليال العشر هي ليال عشر رمضان الأخيرة ،
فقالوا: إن الأصل في الليالي أنها الليالي وليست الأيام،
وقالوا: أن ليال العشر الأخيرة من رمضان فيها ليلة القدر التي قال الله عنها
"خير من ألف شهر" .
وقال تعالى : "إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين.
فيها يفرق كل أمر حكيم" .
= وهذا القول أرجح من القول الأول ،
وإن كان القول الأول هو قول الجمهور،
لكن اللفظ لا يسعف قول الجمهور،
وإنما يرجح القول الثاني أنها الليالي العشر الأواخر من رمضان،
وأقسم الله بها لشرفها، ولأن فيها ليلة القدر .
ولأن المسلمين يختمون بها شهر رمضان الذي
هو وقت فريضة من فرائض الإسلام
وأركان الإسلام، فلذلك أقسم الله بهذه الليالي .
3- { والشفع والوتر }:
_ قيل المراد بالشفع والوتر كل ما كان مخلوقاً من شفع ووتر،
وكل ما كان مشروعاً من العبادات من شفع ووتر .
_ وقيل: المراد بالشفع الخلق كلهم،
والمراد بالوتر الله عز وجل.
= وإذا كانت الآية تحتمل معنيين ولا منافاة بينهما
فلتكن لكل المعاني التي تحتملها الآية .
4- { والليل إذا يسر } :
السري هو السير في الليل،
والليل يسير يبدأ بالمغرب وينتهي بطلوع الفجر فهو يمشي زمناً لا يتوقف،
فهو دائماً في سريان،
فأقسم الله به لما في ساعاته من العبادات كصلاة المغرب، والعشاء،
وقيام الليل، والوتر وغير ذلك،
ولأن في الليل مناسبة عظيمة
وهي أن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا
حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول:
«من يسألني فأعطيه،
من يدعوني فأستجيب له،
من يستغفرني فأغفر له»
_ ولهذا نقول: إن الثلث الآخر من الليل وقت إجابة،
فينبغي أن ينتهز الإنسان هذه الفرصة فيقوم لله عز وجل يتهجد
ويدعو الله سبحانه بما شاء من خير الدنيا والآخرة
لعله يصادف ساعة إجابة ينتفع بها في دنياه وأخراه .
{ هل في ذلك قسم لذي حجر } :
لذي عقل ولب وحجا
* لماذا سُمي العقل حجراً ؟
لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال .
والعرب تقول إنه لذو حجر :
إذا كان قاهرا لنفسه ، ضابطا لها .
{ ألم تر كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد } :
الخطاب هنا لكل من يوجه إليه هذا الكتاب العزيز
وهم البشر كلهم بل والجن أيضاً ألم تر أيها المخاطب
"كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد"
* من هم عاد ؟
وعاد قبيلة معروفة في جنوب الجزيرة العربية،
أرسل الله تعالى إليهم هوداً عليه الصلاة والسلام فبلغهم الرسالة
ولكنهم عتوا وبغوا وقالوا من أشد منا قوة
قال الله تعالى:
"أولم يروا أن الله الذي خلقهم
هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون" .
فهم افتخروا في قوتهم ولكن الله بين أنهم ضعفاء أمام قوة الله
* ماذا فعل الله بقوم عاد ؟
أرسل عليهم الريح العقيم سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً،
فترى القوى فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية،
فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم،
وهذا الاستفهام الذي لفت الله فيه النظر إلى ما فعل بهؤلاء .
يراد به الاعتبار يعني :
اعتبر أيها المكذب للرسول محمد صلى الله عليه وسلّم
بهؤلاء كيف أُذيقوا هذا العذاب .
{ إرم ذات العماد}:
{ إرام } :
_ قيل اسم للقبيلة .
_ وقيل اسم للقرية .
_ وقيل غير ذلك .
= فسواء كانت اسماً للقبيلة أو اسماً للقرية
فإن الله تعالى نكل بهم نكالاً عظيماً مع أنهم أقوياء.
{ العماد } :
أصحاب الأبنية القوية .
{التي لم يخلق مثلها في البلاد } :
أي لم يصنع مثلها في البلاد؛ لأنها قوية ومحكمة،
وهذا هو الذي غرهم .
وقالوا: مَن أشد منا قوة ؟
{ وثمود الذين جابوا الصخر بالواد } :
* من هم ثمود ؟
وهم اصحاب الحجر (مدائن صالح) شمال المدينة النبوية
قوم صالح الذين كانوا أقوياء أشداء حتى إنهم قطعوا الصخور نحتاً لها
فجعلوا منها البيوت والمنازل كما قال تعالى عنهم
والمراد بالواد :
واديهم الذي كان بين جبلين من جبالهم التي ينحتون منها البيوت.
فمعنى جابوا الصخر بالواد أي قطعوا الصخور بواديهم
وجعلوا منها مساكن لهم تقيهم برد الشتاء القارص
وحر الصيف اللافح،
ومع هذا فقد أهلكهم الله ذو القوة المتين .
حيث قيل لهم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام،
ثم بعد الثلاثة الأيام أخذتهم الصيحة والرجفة
فأصبحوا في ديارهم جاثمين .
* للعبرة :
علينا أن نعتبر بحال هؤلاء المكذبين الذين صار مآلهم إلى الهلاك والدمار،
وليُعلم أن هذه الأمة لن تُهلك بما أهلكت به الأمم السابقة بهذا العذاب العام،
فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
سأل الله تعالى أن لا يهلكهم بسنة بعامة.
ولكن قد تهلك هذه الأمة بأن يجعل الله بأسهم بينهم،
فتجري بينهم الحروب والمقاتلة،
ويكون هلاك بعضهم على يد بعض،
لا بشيء ينزل من السماء كما صنع الله تعالى بالأمم السابقة،
ولهذا يجب علينا أن نحذر الفتن ما ظهر منها وما بطن،
وأن نبتعد عن كل ما يثير الناس بعضهم على بعض، وأن نلزم دائماً الهدوء،
وأن نبتعد عن القيل والقال وكثرة السؤال، فإن ذلك مما نهى عنه
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
وكم من كلمة واحدة صنعت ما تصنعه السيوف الباترة،
فالواجب الحذر من الفتن، وأن نكون أمة متآلفة متحابة،
يتطلب كل واحد منا العذر لأخيه إذا رأى منه ما يكره .
{ وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } :
* من هو فرعون ؟
فرعون هو الذي أرسل الله إليه موسى عليه الصلاة والسلام،
وكان قد استذل بني إسرائيل في مصر، يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم .
* لماذا يقتل الأبناء ويبقي النساء ؟!
_ قال بعض العلماء: إن كهنته قالوا له إنه سيولد في بني إسرائيل رجل
يكون هلاكك على يده فصار يقتل الأبناء ويستبقي النساء.
_ ومن العلماء من قال: إنه فعل ذلك من أجل أن يضعف بني إسرائيل؛
لأن الأمة إذا قُتلت رجالها واستبقيت نسائها ذلت بلا شك،
فالأول تعليل أهل الأثر، والثاني تعليل أهل النظر ـ أهل العقل ـ
= ولا يبعد أن يكون الأمران جميعاً قد صارا علة لهذا الفعل،
ولكن بقدرة الله عز وجل أن هذا الرجل الذي كان هلاك فرعون على يده
تربى في نفس بيت فرعون، فإن امرأة فرعون التقطته وربته في بيت فرعون،
وفرعون استكبر في الأرض وعلا في الأرض .
وقال لقومه مقرراً لهم:
"أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون" .
افتخر بالأنهار وهي المياه فأغرق بالماء.
{ ذي الأوتاد }:
أي ذي القوة، لأن جنوده كانوا له بمنزلة الوتد،
والوتد : تربط به حبال الخيمة فتستقر وتثبت،
فله جنود أمم عظيمة ما بين ساحر وكاهن
وغير ذلك لكن الله سبحانه فوق كل شيء
{ الذين طغوا في البلاد. فأكثروا فيها الفساد } :
الطغيان مجاوزة الحد ,
تمردوا وعتوا وعاثوا في الأرض بالإفساد والأذية للناس .
{ فصب عليهم ربك سوط عذاب} :
_ "الصب" معروف أنه يكون من فوق .
والعذاب الذي أتى هؤلاء من فوق من عند الله عز وجل
_"سوط عذاب" السوط هو العصا الذي يضرب به،
ومعلوم أن الضرب بالعصا نوع عذاب،
* هل هذا السوط الذي صبه الله تعالى على عاد، وثمود، وفرعون،
هل هو العصا المعروف الذي نعرف، أو أنه عصا عذاب أهلكهم؟
الجواب: الثاني عصا عذاب أهلكهم وأبادهم.
{ إن ربك لبالمرصاد }:
الخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
أو لكل من يتوجه إليه الخطاب،
يرصد خلقه فيما يعملون ، ويجازي كلا بسعيه في الدنيا والأخرى ،
وسيعرض الخلائق كلهم عليه ، فيحكم فيهم بعدله ،
ويقابل كلا بما يستحقه , وهو المنزه عن الظلم والجور .
{فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن } :
يقول تعالى منكرا على الإنسان في اعتقاده
إذا وسع الله عليه في الرزق ليختبره في ذلك ،
فيعتقد أن ذلك من الله إكرام له وليس كذلك ، بل هو ابتلاء وامتحان .
و الابتلاء من الله عز وجل يكون بالخير وبالشر
كما قال تعالى: " ونبلوكم بالشر والخير فتنة " .
فيُبتلى الإنسان بالخير ليبلوه الله عز وجل أيشكر أم يكفر،
ويبتلى بالشر ليبلوه أيصبر أم يفجر،
وأحوال الإنسان دائرة بين خير وشر، بين خير يلائمه ويسره،
وبين شر لا يلائمه ولا يسره، وكله ابتلاء من الله،
والإنسان بطبيعته الإنسانية المبنية على الظلم والجهل إذا ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه
يقول "رب أكرمن" يعني أنني أهل للإكرام
ولا يعترف بفضل الله عز وجل .
لما ذكر بنعمة الله عليه قال :" إنما أوتيته على علم عندي"
ولم يعترف بفضل الله،
وما أكثر الناس الذين هذه حالهم إذا أكرمهم الله عز وجل ونعمهم،
قالوا: هذا إكرام من الله لنا؛ لأننا أهل لذلك،
ولو أن الإنسان قال: إن الله أكرمني بكذا اعترافاً بفضله وتحدثاً بنعمته
لم يكن عليه في ذلك بأس .
{ وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن } :
( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ):
يعني ضيق عليه الرزق .
( فيقول ربي أهانن) :
يعني يقول إن الله تعالى ظلمني فأهانني ولم يرزقني كما رزق فلاناً،
ولم يكرمني كما أكرم فلاناً،
فصار عند الرخاء لا يشكر، يعجب بنفسه ويقول هذا حق لي،
وعند الشدة لا يصبر بل يعترض على ربه ويقول "ربي أهانن"
وهذا حال الإنسان باعتباره إنساناً،
أما المؤمن فليس كذلك، المؤمن إذا أكرمه الله ونعّمه شكر ربه على ذلك،
ورأى أن هذا فضل من الله عز وجل وإحسان،
وليس من باب الإكرام الذي يقدم لصاحبه على أنه مستحق،
وإذا ابتلاه الله عز وجل وقدر عليه رزقه صبر واحتسب، وقال هذا بذنبي،
والرب عز وجل لم يهني ولم يظلمني، فيكون صابراً عند البلاء،
شاكراً عند الرخاء، وفي الآيتين إشارة إلى أنه يجب على الإنسان أن يتبصر
فيقول مثلاً:
لماذا أعطاني الله المال؟
ماذا يريد مني؟
يريد مني أن أشكر.
لماذا ابتلاني الله بالفقر،
بالمرض وما أشبه ذلك؟
يريد مني أن أصبر.
فليكن محاسباً لنفسه حتى لا يكون مثل حال الإنسان المبنية على الجهل والظلم .
نسأل الله تعالى أن يجعل لنا فيما سبق من الأمم عبرة نتعظ بها وننتفع بها،
ونكون طائعين لله عز وجل غير طاغين، ورزقنا الرضا بعد القضاء ,
إنه على كل شيء قدير .
روابط أنصح أحبتي بها :
مقطع رائع وجميل ~~ صلاة الفجر وسُنّتها - العوضي
إذا جاء الليل ... فاعمل هذا العمل !!
{ كلا بل لا تكرمون اليتيم } :
يعني لم يعطك ما أعطاك إكراماً لك لأنك مستحق ولكنه تفضل منه،
ولم يهنك حين قدر عليك رزقه، بل هذا مقتضى حكمته وعدله.
ثم قال تعالى: ( بل لا تكرمون اليتيم ) :
يعني أنتم إذا أكرمكم الله عز وجل بالنعم
لا تعطفون على المستحقين للإكرام وهم اليتامى،
فاليتيم هنا اسم جنس، ليس المراد يتيماً واحداً بل جنس اليتامى .
وقوله تعالى: "اليتيم" يشمل الفقير من اليتامى،
والغني من اليتامى لأنه ينبغي الإحسان إليه وإكرامه
لأنه انكسر قلبه بفقد أبيه ومن يقوم بمصالحه .
فأوصى الله تعالى به حتى يزول هذا الكسر الذي أصابه.
{ ولا تحاضون على طعام المسكين} :
لا يأمرون بالإحسان إلى الفقراء والمساكين ،
ويحث بعضهم على بعض في ذلك
{ وتأكلون التراث أكلاً لما }
"التراث" ما يورثه الله العبد من المال، سواء ورثه عن ميت،
أو باع واشترى وكسب،
أو خرج إلى البر وأتى بما يأتي به من عشب وحطب وغير ذلك،
فالتراث ما يرثه الإنسان،
أو ما يورثه الله الإنسان من المال فإن بني آدم يأكلونه أكلاً لما.
{ وتحبون المال حبًّا جًّما } :
أي عظيماً، وهذا هو طبيعة الإنسان،
لكن الإيمان له مؤثراته قد يكون الإنسان بإيمانه
لا يهتم بالمال وإن جاءه شكر الله عليه،
وأدى ما يجب وإن ذهب لا يهتم به،
لكن طبيعة الإنسان من حيث هو كما وصفه الله عز وجل في هاتين الآيتين .
{ كلا إذا دكت الأرض دكًّا دكًّا } :
كلا أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر .
فهو رد لانكبابهم على الدنيا ،
وجمعهم لها فإن من فعل ذلك يندم يوم تدك الأرض ،
ولا ينفع الندم .
والدك : الكسر والدق .
دكا دكا : أي مرة بعد مرة زلزلت فكسر
بعضها بعضا فتكسر كل شيء على ظهرها .
{ وجاء ربك والملك صفا صفاً }
وجاء ربك : لفصل القضاء بين خلقه
والملك صفا صفا : أي الملائكة صفوفا .
* قاعدة في أسماء الله وصفاته :
القاعدة في اللغة العربية، والقاعدة في أسماء الله وصفاته
كل ما أسنده الله إلى نفسه فهو له نفسه لا لغيره،
وعلى هذا فالذي يأتي هو الله عز وجل،
وليس كما حرفه أهل التعطيل حيث قالوا إنه جاء أمر الله،
فإن هذا إخراج للكلام عن ظاهره بلا دليل، فنحن من عقيدتنا أن نجري كلام الله تعالى،
ورسوله صلى الله عليه وسلّم على ظاهره وأن لا نحرف فيه.
ونقول: إن الله تعالى يجيء يوم القيامة هو نفسه،
_ ولكن كيف هذا المجيء ؟
هذا هو الذي لا علم لنا به لا ندري كيف يجيء؟
= والسؤال عن مثل هذا بدعة
كما قال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ حين سُئل عن قوله تعالى:
"الرحمن على العرش استوى" .
فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء ـ يعني العرق ـ
لشدة هذا السؤال على قلبه،
لأنه سؤال عظيم سؤال متنطع، سؤال متعنت أو مبتدع يريد السوء ،
ثم رفع رأسه وقال:
(الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول،
والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة )،
الشاهد الكلمة الأخيرة ـ السؤال عنه بدعة ـ
_ قد يقول قائل أنا أريد العلم لا أحب أن يخفى علي شيء
من صفات ربي فأريد أن أعلم كيف المجي؟
نقول: نحن نسألك أسئلة سهلة
_ هل أنت أحرص على العلم من الصحابة رضي الله عنهم؟
إما أن يقول نعم، وإما أن يقول لا،
والمتوقع أن يقول لا.
_ هل الذي وجهت إليه السؤال أعلم
بكيفية صفات الله عز وجل أم الرسول عليه الصلاة والسلام؟
سيقول: الرسول،
إذاً الصحابة أحرص منك على العلم
والمسؤول الذي يوجه إليه السؤال أعلم من الذي تسأله
ومع ذلك ما سألوا؛ لأنهم يلتزمون الأدب مع الله عز وجل،
ويقولون بقلوبهم وربما بألسنتهم
إن الله أجل وأعظم من أن تحيط أفهامنا وعقولنا بكيفيات صفاته،
والله عز وجل يقول في كتابه في الأمور المعقولة
"ولا يحيطون به علماً" .
وفي الأمور المحسوسة: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" .
هذه القاعدة التزموها :
وكل إنسان يسأل عن كيفية صفات الله فهو مبتدع متنطع،
سائل عما لا يمكن الوصول إليه،
فموقفنا من مثل هذه الآية "وجاء ربك"
أن نؤمن بأن الله يجيء لكن على أي كيفية ؟
الله أعلم.
فنحن نعلم النفي ولا نعلم الإثبات،
يعني نعلم أنه لا يمكن أن يأتي على كيفية إتيان البشر،
ولكننا لا نثبت كيفيته وهذا هو الواجب علينا .
{وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى } :
ثلاثة أمور ينذرنا الله منها :
1- مجيء الرب جل جلاله.
2- صفوف الملائكة.
3- الإتيان بجهنم.
{ وجيء يومئذ بجهنم }:
تجر بسبعين الف زمام كل زمام بأيدي سبعين ألف ملك،
هنا وفي هذا اليوم وفي هذه الساعة
{ يتذكر الإِنسان }أي :
عمله وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه .
{ وأنى له الذكرى } أي :
وكيف تنفعه الذكرى ؟
{ يقول ياليتني قدمت لحياتي } :
يندم على ما كان سلف منه من المعاصي
إن كان عاصيا ويود لو كان ازداد من الطاعات
روي محمد بن أبي عميرة قال النبي صل الله عليه وسلم :
( لو أن رجلا خر على وجهه من يوم ولد
إلى يوم يموت هرما في طاعة الله عز وجل لحقره ذلك اليوم ،
ولود أنه رد إلى الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب ).
{ فيومئذٍ لا يعذِّب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد } :
فيها قراءتان:
الأولى (لا يعذِّب عذابه أحد ولا يوثِقُ وَثاقه أحد) :
أي لا يعذب عذاب الله أحد، بل عذاب الله أشد،
ولا يوثق وثاق الله أحد، بل هو أشد.
القراءة الثانية(لا يعذَّب عذابه أحد ولا يُوثَق وثاقه أحد):
يعني في هذا اليوم لا أحد يعذب عذاب هذا الرجل، ولا أحد يوثق وثاقه،
ومعلوم أن هذا الكافر لا يعذب أحد عذابه في ذلك اليوم،
لأنه يُلقى على أهل النار في الموقف العطش الشديد،
فينظرون إلى النار كأنها السراب،
والسراب هو ما يشاهده الإنسان في أيام الصيف في شدة الحر من البقاع
حتى يخيل إليه أنه الماء، ينظرون إلى النار كأنها سراب وهم عطاش،
فيتهافتون عليها يذهبون إليها سراعاً يريدون أي شيء؟
يريدون الشرب، فإذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها:
"ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم
آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا" .
قد قامت عليكم الحجة فيوبخونهم قبل أن يدخلوا النار،
والتوبيخ عذاب قلبي وألم نفسي قبل أن يذوقوا ألم النار،
وفي النار يوبخهم الجبار عز وجل توبيخاً أعظم من هذا.
ويقولون "ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين.
ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون"
قال الله تعالى وهو أرحم الراحمين: "اخسئوا فيها ولا تكلمون"
.
أبلغ من هذا الإذلال "اخسئوا فيها ولا تكلمون"
يقوله أرحم الراحمين، فمن يرحمهم بعد الرحمن؟!
لا راحم لهم،
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن أهون أهل النار
عذاباً من عليه نعلان يغلي منهما دماغه، ولا يرى أن أحداً أشد منه عذاباً .
يرى أنه أشد الناس عذاباً وهو أهونهم عذاباً، وعليه نعلان يغلي منهما الدماغ،
النعلان في أسفل البدن والدماغ في أعلاه، فإذا كان أعلى البدن يغلي من أسفله،
فالوسط من باب أشد ـ أجارنا الله وإياكم من النار
"فيومئذٍ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد"
لأنهم ـ والعياذ بالله ـ يوثقون
" ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه" .
أدخلوه في هذه السلسلة تغل أيديهم ـ نسأل الله العافية ـ
ولا أحد يتصور الآن ما هم فيه من البؤس والشقاء والعذاب.
إذن على الإنسان أن يستعد قبل أن :
"يقول يا ليتني قدمت لحياتي
فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد".
ثم ختم الله تعالى هذه السورة بما يبهج القلب ويشرح الصدر فقال :
{ يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية} :
يقال هذا القول للإنسان عند النزع
في آخر لحظة من الدنيا، يقال لروحه:
اخرجي أيتها النفس المطمئنة، اخرجي إلى رحمة من الله ورضوان،
فتستبشر وتفرح، ويسهل خروجها من البدن،
لأنها بشرت بما هو أنعم مما في الدنيا كلها
{النفس المطمئنة} :
يعني المؤمنة الآمنة، لأنك لا تجد نفسًا أكثر
إطمئناناً من نفس المؤمن أبداً،
المؤمن نفسه طيبة مطمئنة، ولهذا تعجب الرسول صلى الله عليه وسلّم
من المؤمن قال:
«عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته ضَّراء صبر فكان خيراً له،
وإن أصابته سَّراء شكر فكان خيراً له».
مطمئن راض بقضاء الله وقدره، لا يسخط عند المصائب،
ولا يبطر عند النعم، بل هو شاكر عند النعم، صابر عند البلاء،
فتجده مطمئناً، لكن الكافر أو ضعيف الإيمان لا يطمئن،
إذا أصابه البلاء جزع وسخط، ورأى أنه مظلوم من قبل الله ـ والعياذ بالله ـ
حتى إن بعضهم ينتحر ولا يصبر، ولا يطمئن، بل يكون دائماً في قلق،
فلا يرى لله عليه نعمة، لأنه ضعيف الإيمان فليس بمطمئن، دائماً في قلق،
ولهذا نجد الناس الآن يذهبون إلى كل مكان
ليرفهوا عن أنفسهم ليزيلوا عنها الألم والتعب،
لكن لايزيل ذلك حقاًّ إلا الإيمان،
فالإيمان الحقيقي هو الذي يؤدي إلى الطمأنينة،
فالنفس المطمئنة هي المؤمنة، مؤمنة في الدنيا،
آمنة من عذاب الله يوم القيامة .
{ فادخلي في عبادي } :
أي في جملة عبادي المؤمنين المتقين.
{ وادخلي جنتي } :
أي جنته التي أعدها الله عز وجل لأوليائه،
أضافها الله إلى نفسه تشريفاً لها وتعظيماً،
وإعلاماً للخلق بعنايته بها جل وعلا،
والله سبحانه وتعالى قد خلقها خلقاً غير خلق الدنيا،
خلق لنا في الدنيا فاكهةً، ونخلاً، ورماناً، وفي الجنة فاكهة، ونخل،
ورمان ولكن ما في الجنة ليس كالذي في الدنيا أبداً، لأن الله يقول:
"فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" .
ولو كان ما في الجنة كالذي في الدنيا لكنا نعلم،
إذاً هو مثله في الاسم،
لكن ليس مثله في الحقيقة ولا في الكيفية
ويوجب للإنسان أن يرغب فيها غاية الرغبة،
كما أنه يرغب في بيوت الله التي هي المساجد، لأن الله أضافها إلى نفسه،
فكذلك يرغب في هذه الدار التي أضافها الله إلى نفسه،
والأمر يسير،
قال رجل للرسول صلى الله عليه وسلّم:
دلني على عمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار،
فقال: لقد سألت عن عظيم، وهو عظيم،
"فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز" .
وإنه ليسير على من يسره الله عليه،
تعبد الله لا تشرك به شيئاً،
وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وذكر الحديث.
فالدين والحمد لله يسير وسهل، لكن النفوس الأمّارة بالسوء،
والشهوات، والشبهات، هي التي تحول بيننا وبين ديننا،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار،
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب
الحمدلله انتهى تفسير سورة الفجر .
والله أعلم .
روابط انصح أحبتي بها :
أمنيَـة العاشقين , ♥
ثمة هناك فرح حقيقي واحد
ماجد ايوب - اوصاف الجنة ونعيمها وكيفية الوصول اليها.
موطننا الأبدي - الجنة
الصفحة الأخيرة