الجيل الجديد . :

فائدة في القراءة عن أخلاق السلف وما بلغوه من مراتب في الزهد والعبادة والعلم والورع وغيره: أبدأ بمثال بسيط: لو أنك ممن إذا أكل رغيفا واحدا شعر بالشبع بل وظن أنه سيتقيأ -أعزكم الله- من كثرة الطعام في معدته، فقلت لك: أعرف من يأكل ٣٠ رغيفا ولو زدته بعدها بنصف ساعة غيره لأكل! يقينا ستقول لي: إما أنك كاذب، أو مبالغ، أو هذا كلام لا يصح عقلا ومنطقا، أو...إلخ. لكن القدر المتيقن أنك لن تصدق، إلا أن ترى بأم عينك أو تحاول أنت أن تصل إلى أقرب عدد من الأرغفة يكون مقاربا للثلاثين لتقول ربما يكون كلامك صحيحا! الشاهد: لما تقرأ في كتب السلف عن أحدهم أنه كان يسرد الصيام وبقي ١٠ سنين لا يفطر سوى الأيام المنهي عن صيامها. أو أحدهم بقي ٥٠ سنة يقوم الليل كله، أو آخر لم يتكلم بكلمة منذ ٤٠ سنة لا يجد بين يدي الله عنها جوابا، أو آخر يختم القرآن ختمتين في اليوم في رمضان، أو آخر يختم كل يوم ختمة أو آخر يغشى عليه إذا أهل بعمرة أو حج، أو آخر يصفر لونه كلما وقف ليصلي، أو غيرها من الأمور التي نسمعها فنعجب أشد العجب، ولا نتصورها أصلا! معدتك لا تتحمل أكثر من رغيف فالمشكلة عندك لا عند من يستطيع أكل ٣٠ رغيفا! وقبل أن تكذب أو تتهم بالمبالغة ونحوها سل نفسك: كم أصلي من الليل؟ في كم يوم أختم القرآن؟ متى كانت آخر مرة بكيت عند سماع القرآن؟ متى كانت آخر صلاة استحضرت قلبي فيها من أولها لآخرها -إن كان حدث أصلا-؟ متى حاولت أن أسرد الصيام؟ متى نويت أن أقوم ليلة كاملة من أولها لآخرها؟ ستجد أن جُل إجاباتك تدل على أنك خارج دائرة المعادلة أصلا! أنت لست في دائرة المحاولة فضلا عن أن تكون ربعهم أو نصفهم أو قريبا من ذلك، ناهيك عن وضعك في قائمة المنافسة! الخلاصة: هؤلاء قوم اجتهدوا وجدوا سنين عددا إلى أن وصلوا إلى هذه الرتب التي تقرؤها، ولم يولدوا من بطون أمهاتهم على هذه الحال، فكن مثلهم! والزم الأدب حينما تقرأ عنهم، واعرف قدرك ولا تنس نفسك، فإلم تكن مثلهم فتشبه، فإلم تستطع فادع الله لهم، فإن أبيت إلا أن تخوض فيهم أو تكذبهم فشل الله لسانك!

فائدة في القراءة عن أخلاق السلف وما بلغوه من مراتب في الزهد والعبادة والعلم والورع وغيره: أبدأ...