


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ جليلِ النعم ، باعثِ الهمم ، ذي الجودِ والكرم ،
جعل لأهلِ القرآنِ مزيةً وأيُّ مزية ومنزلةً رفيعةً علية ،
ثم الصلاةُ والسلامُ التامانِ الأكملان على خيرِ البريةِ وأزكى البشرية ،
محمدِ بن عبدِ الله ، صلى الله على صحبهِ ومنْ وآلاه .
حياكم الله في الدرس الحادي عشر وبارك الله في همتكم
وزادكم رفعةً ودرجةً في الدنيا والاخرة
سورة قريش
﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾
﴿لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2)
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) ﴾
فضل الله قريشا بسبع خصال، فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين، لا يعبد الله إلا قريش،
وفضلهم بأنهم نصرهم يوم الفيل، وهم مشركون، وفضلهم بأنهم نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين،
وهي { لإيلاف قريش }، وفضلهم بأن فيهم النبوة، والخلافة
تفسيرها :
{لإيلاف قريش. إيلافهم رحلة الشتاء والصيف}
الإِيلاف مصدر آلف الشيء يؤالفه إيلافا إذا اعتاده وزالت الكلفة عنه والنفرة منه
والإلاف بمعنى الجمع والضم، ويراد به التجارة التي كانوا يقومون بها مرة في الشتاء، ومرة في الصيف،
أما في الشتاء فيتجهون نحو اليمن للمحصولات الزراعية فيه، ولأن الجو مناسب،
وأما في الصيف فيتجهون إلى الشام لأن غالب تجارة الفواكه وغيرها تكون في هذا الوقت في الصيف مع مناسبة الجو البارد،
فهي نعمة من الله سبحانه وتعالى على قريش في هاتين الرحلتين؛
لأنه يحصل منها فوائد كثيرة ومكاسب كبيرة من هذه التجارة،
ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة
قال تعالى :{فليعبدوا رب هذا البيت}
أي : فليوحدوه بالعبادة ، كما جعل لهم حرما آمنا وبيتا محرما
والعبادة هي التذلل لله عز وجل محبة وتعظيماً.
أن يتعبد الإنسان لله يتذلل له بالسمع والطاعة، فإذا بلغه عن الله ورسوله أمر
قال: سمعنا وأطعنا،
وإذا بلغه خبر قال: سمعنا وآمنا، على وجه المحبة والتعظيم،
فبالمحبة يقوم الإنسان بفعل الأوامر، وبالتعظيم يترك النواهي خوفاً من هذا العظيم عز وجل،
هذا معنى من معاني العبادة،
وتطلق العبادة على نفس المتعبد به، وقد حدّها شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ بهذا المعنى فقال:
إن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال الظاهرة،
{ ربّ هذا البيت } :
أي مالك البيت الحرام وربّ كل شيء.
{الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}
استطراد في قراءة هذه الاية :
{الذي} هذه صفة للرب، إذاً فمحلها النصب،
ولهذا يحسن أن تقف فتقول {فليعبدوا رب هذا البيت} ثم تقول: {الذي أطعمهم}
لأنك لو وصلت فقلت: «رب هذا البيت الذي أطعمهم»
لظن السامع أن «الذي» صفة للبيت، وهذا بعيد من المعنى ولا يستقيم به المعنى.
{الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}
بين الله نعمته عليهم، النعمة الظاهرة والباطنة، فإطعامهم من الجوع وقاية من الهلاك في أمر باطن، وهو الطعام الذي يأكلونه،
وقاية من الخوف في الأمر الظاهر؛ لأن الخوف ظاهر، فذكرهم الله بهذه النعمة،
{وآمنهم من خوف}
آمن مكان في الأرض هو مكة،
ولذلك لا يُقطع شجرها، ولا يُحش حشيشها، ولا تُلتقط ساقطتها،
ولا يصاد صيدها، ولا يسفك فيها دم،
وهذه الخصائص لا توجد في البلاد الأخرى حتى المدينة،
محرمة ولها حرم، لكن حرمها دون حرم مكة بكثير،
حرم مكة لا يمكن أن يأتيه أحد من المسلمين لم يأتها ولا مرة إلا محرماً،
والمدينة ليست كذلك،
حرم مكة يحرم حشيشه وشجره مطلقاً،
وأما حرم المدينة فرخص في بعض شجره للحرث ونحوه.
صيد مكة حرام وفيه الجزاء،
وصيد المدينة ليس فيه الجزاء،
فأعظم مكان آمن هو مكة، حتى الأشجار آمنة فيه، وحتى الصيود آمنة فيه،
ولولا أن الله تعالى يسر على عباده لكان حتى البهائم التي ليست صيوداً تحرم،
لكن الله تعالى رحم العباد وأذن لهم أن يذبحوا وينحروا في هذا المكان.
فهذه السورة كلها تذكير لقريش بما أنعم الله عليهم في هذا البيت العظيم،
وفي الأمن من الخوف، وفي الإطعام من الجوع.
فإذا قال قائل: ما واجب قريش نحو هذه النعمة؟
وكذلك ما واجب من حلّ في مكة الآن من قريش أو غيرهم؟
قلنا: الواجب الشكر لله تعالى بالقيام بطاعته، بامتثال أمره واجتناب نهيه.
ولهذا إذا كثرت المعاصي في الحرم فالخطر على أهله أكثر من الخطر على غيرهم،
لأن المعصية في مكان فاضل أعظم من المعصية في مكان مفضول،
والواجب على المرء أن يذكر نعمة الله عليه في كل مكان، لا في مكة فحسب، فبلادنا ـ ولله الحمد ـ اليوم من آمن بلاد العالم، وهي من أشد بلاد العالم رغداً وعيشاً.
أطعمنا الله تعالى من الجوع، وآمننا من الخوف، فعلينا أن نشكر هذه النعمة، وأن نتعاون على البر والتقوى، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وعلى الدعوة إلى الله على بصيرة وتأنٍ وتثبت
نسأل الله أن يديم علينا نعمة الإسلام، والأمن في الأوطان،
وأن يجعلنا إخوة متآلفين على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
إنه على كل شيء قدير
سورة الماعون
﴿ أَرَءَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ *
فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾
تفسيرهــا :
( أرأيت الذي يكذب بالدين)
اي هل عرفته والدين ثواب الله وعقابه يوم القيامة.
{فذلك الذي يدع اليتيم}
الدع هو الدفع بعنف ,
فتجد اليتيم إذا جاء إليه يستجديه شيئاً، أو يكلمه في شيء يحتقره ويدفعه بشدة فلا يرحمه .
{ولا يحض على طعام المسكين}
أي لا يحض نفسه ولا غيره على طعام المساكين.
فالمسكين الفقير المحتاج إلى الطعام لا يحض هذا الرجل على إطعامه؛ لأن قلبه حجر قاسٍ، فقلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.
إذاً ليس فيه رحمة لا للأيتام ولا للمساكين، فهو قاسي القلب.
{فويل للمصلين}
ويل كلمة وعيد تتكرر في القرآن كثيراً
والويل :واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار وقيوحهم
وهو أشد العذاب إذ كانوا يغمسون فيه أو يطعمون ويشربون منه
المعنى الوعيد الشديد على هؤلاء
{الذين هم عن صلاتهم ساهون}
هؤلاء مصلون يصلون مع الناس أو أفراداً لكنهم {عن صلاتهم ساهون}
أي:غافلون عنها، لا يقيمونها على ما ينبغي، يؤخرونها عن الوقت الفاضل،
لا يقيمون ركوعها، ولا سجودها، ولا قيامها، ولا قعودها،
لا يقرأون ما يجب فيها من قراءة سواء كانت قرآناً أو ذكراً،
إذا دخل في صلاته هو غافل، قلبه يتجول يميناً وشمالاً، فهو ساهٍ عن صلاته، وهذا مذموم،
الذي يسهو عن الصلاة ويغفل عنها ويتهاون بها لا شك أنه مذموم.
وقال عطاء بن دينار :
والحمد لله الذي قال : ( عن صلاتهم ساهون ) ولم يقل : (في صلاتهم ساهون )
لن يوجد فرق بين :
1- الساهي في الصلاة :
الساهي في الصلاة معناه أنه نسي شيئاً، نسي عدد الركعات،
نسي شيئًا من الواجبات وما أشبه ذلك.
ولهذا وقع السهو من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
وهو أشد الناس إقبالاً على صلاته بل إنه قال
عليه الصلاة والسلام: «جعلت قرة عيني في الصلاة»،
ومع ذلك سهى في صلاته لأن السهو في الشيء معناه أنه نسي شيئًا على وجه لا يلام عليه
2- الساهي عن الصلاة :
فهو متعمد للتهاون في صلاته، إما يؤخرها عن وقتها الأول
فيؤخروها إلى آخره دائما أو غالبا .
وإما عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به .
وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها ،
فاللفظ يشمل هذا كله فإنهم لا شك عن صلاتهم ساهون فيدخلون في هذا الوعيد.
{الذين هم يرآءون}
أي يراءون بصلاتهم وأعمالهم الناس فلم يخلصوا لله تعالى في ذلك
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه:
رجل استشهد، فأتى به، فعرفه نعمته فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت.
قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: هو جرئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار،
ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن،
فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت،
ولكنك تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار،
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما علمت فيها؟
قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك،
قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ) نسأل الله السلامة .
وعن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد يقوم في الدنيا مقام سمعة ورياء إلا سمع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة"
روابط أنصح أحبتي بها :
كيف يُعالج الإنسان نفسه إذا دعته إلى الرياء .
لا ينبغي ترك العمل المشروع خوف الرياء
يوسوس له الشيطان أنه مرائي ليترك الطاعة
( ويمنعون الماعون )
أي لا يعطون من سألهم ماعوناً كالأبرة والقدر والمنجل ونحوه مما ينتفع به ويرد بعينه كسائر الأدوات المنزلية.
يعني يأتي الإنسان إليهم يستعير آنية
يقول: أنا محتاج إلى دلو، أو محتاج إلى إناء أشرب به، أو محتاج إلى مصباح كهرباء وما أشبه ذلك،
فيمنع. فهذا أيضاً مذموم..
فيجب على المرء أن ينظر في نفسه هل هو ممن اتصف بهذه الصفات أو لا؟
إن كان ممن اتصف بهذه الصفات قد أضاع الصلاة وسها عنها، ومنع الخير عن الغير فليتب وليرجع إلى الله،
وإلا فليبشر بالويل ـ والعياذ بالله ـ
وإن كان قد تنزه عن ذلك فليبشر بالخير، والقرآن الكريم ليس المقصود منه أن يتلوه الإنسان، ليتعبد لله تعالى بتلاوته فقط،
المقصود أن يتأدب به
ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «إن النبي صلى الله عليه وسلّم كان خلقه القرآن».
خُلقه يعني أخلاقه التي يتخلق بها يأخذها من القرآن.
سورة الكوثر
سبب النزول :
فقد روي أنه لما مات ابن النبي صلى الله عليه وسلم القاسم
قال العاص بن وائل السهمي بتر محمد أو هو أبتر أي لا عقب له بعده
فأنزل الله تعالى هذه السورة
تحمل الرد على العاص والتعزية للرسول صلى الله عليه وسلم والبشرى له ولأمته بالكوثر
الذي هو نهر في الجنة حافتاه من الذهب ومجراه على الدر
والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وابيض من الثلج،
ومن الكوثر يملأ الحوض الذي في عرصات القيامة
ولا يرده إلا الصالحون من أمته صلى الله عليه وسلم.
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }
{إِنَّآ أَعْطَيْنَـكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الاَْبْتَرُ}.
{إنا أعطيناك الكوثر}
الكوثر: في اللغة العربية هو الخير الكثير
فمن ذلك النهر العظيم الذي في الجنة والذي يصبّ
منه ميزابان على حوضه المورود صلى الله عليه وسلّم،
ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى مذاقاً من العسل، (وأطيب رائحة من المسك)،
وهذا الحوض في القيامة في عرصات القيامة يرده المؤمنون
من أمة النبي صلى الله عليه وسلّم.
وآنيته كنجوم السماء كثرة وحسناً،
فمن كان وارداً على شريعته في الدنيا كان وارداً على حوضه في الآخرة،
ومن لم يكن وارداً على شريعته فإنه محروم منه في الآخرة.
بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا ، إذ أغفى إغفاءة . ثم رفع رأسه متبسما .
فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله !
قال " أنزلت علي آنفا سورة " فقرأ " { بسم الله الرحمن الرحيم .
إنا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر . إن شانئك هو الأبتر }
ثم قال : أتدرون ما الكوثر ؟
فقلنا : الله ورسوله أعلم .
قال : فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل . عليه خير كثير .
و حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة . آنيته عدد النجوم .
فيختلج العبد منهم . فأقول : رب ! إنه من أمتي .
فيقول : ما تدري ما أحدثت بعدك "
{فصل لربك وانحر}
أي فاشكر ذلك بصلاتك لربك المنعم عليك وحده وانحر له وحده
{وانحر}
أي: تقرب إليه بالنحر، والنحر يختص بالإبل، والذبح للبقر والغنم،
لكنه ذكر النحر، لأن الإبل أنفع من غيرها بالنسبة للمساكين .
ولهذا أهدى النبي صلى الله عليه وسلّم في حجة الوداع مائة بعير،
ونحر منها ثلاثة وستين بيده، وأعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الباقي فنحرها.
وتصدق بجميع أجزائها إلا بضعة واحدة من كل ناقة، فأخذها وجعلت في قدر، فطبخها فأكل من لحمها، وشرب من مرقها، وأمر بالصدقة حتى بجلالها وجلودها.
{ إن شانئك }:
أي مبغضك.
{ هو الأبتر } :
اسم تفضيل من بتر بمعنى قطع، يعني هو الأقطع. المنقطع من كل خير،
وذلك أن كفار قريش يقولون: محمد أبتر، لا خير فيه ولا بركة فيه ولا في اتباعه،
أبتر لما مات ابنه القاسم رضي الله عنه قالوا: محمد أبتر، لا يولد له، ولو ولد له فهو مقطوع النسل،
فبين الله عز وجل أن الأبتر هو مبغض الرسول عليه الصلاة والسلام
فهو الأبتر المقطوع عن كل خير.
الذي ليس فيه بركة، وحياته ندامة عليه، وإذا كان هذا في مبغضه فهو أيضاً في مبغض شرعه.
فمن أبغض شريعة الرسول عليه الصلاة والسلام،
أو أبغض شعيرة من شعائر الإسلام،
أو أبغض أي طاعة مما يتعبد به الناس في دين الإسلام فإنه كافر،
خارج عن الدين لقول الله تعالى: {ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم} .
ولا حبوط للعمل إلا بالكفر، فمن كره فرض الصلوات فهو كافر ولو صلى، ومن كره فرض الزكاة فهو كافر ولو زكى،
لكن من استثقلها مع عدم الكراهة فهذا فيه خصلة من خصال النفاق لكنه لا يكفر. وفرق بين من استثقل الشيء ومن كره الشيء.
إذاً هذه السورة تضمنت بيان نعمة الله على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإعطائه الخير الكثير،
ثم الأمر بالإخلاص لله عز وجل في الصلوات والنحر، وكذلك في سائر العبادات،
ثم بيان أن من أبغض الرسول عليه الصلاة والسلام، أو أبغض شيئاً من شريعته فإنه هو الأقطع الذي لا خير فيه ولا بركة فيه، نسأل الله العافية والسلامة.
آنتهى درس اليوم والله أعلم
والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات
وفقنا الله لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير
اعتذر على تأخر الدرس
الحمدُ للهِ جليلِ النعم ، باعثِ الهمم ، ذي الجودِ والكرم ،
جعل لأهلِ القرآنِ مزيةً وأيُّ مزية ومنزلةً رفيعةً علية ،
ثم الصلاةُ والسلامُ التامانِ الأكملان على خيرِ البريةِ وأزكى البشرية ،
محمدِ بن عبدِ الله ، صلى الله على صحبهِ ومنْ وآلاه .
حياكم الله في الدرس الحادي عشر وبارك الله في همتكم
وزادكم رفعةً ودرجةً في الدنيا والاخرة
سورة قريش
﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾
﴿لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2)
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) ﴾
فضل الله قريشا بسبع خصال، فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين، لا يعبد الله إلا قريش،
وفضلهم بأنهم نصرهم يوم الفيل، وهم مشركون، وفضلهم بأنهم نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين،
وهي { لإيلاف قريش }، وفضلهم بأن فيهم النبوة، والخلافة
تفسيرها :
{لإيلاف قريش. إيلافهم رحلة الشتاء والصيف}
الإِيلاف مصدر آلف الشيء يؤالفه إيلافا إذا اعتاده وزالت الكلفة عنه والنفرة منه
والإلاف بمعنى الجمع والضم، ويراد به التجارة التي كانوا يقومون بها مرة في الشتاء، ومرة في الصيف،
أما في الشتاء فيتجهون نحو اليمن للمحصولات الزراعية فيه، ولأن الجو مناسب،
وأما في الصيف فيتجهون إلى الشام لأن غالب تجارة الفواكه وغيرها تكون في هذا الوقت في الصيف مع مناسبة الجو البارد،
فهي نعمة من الله سبحانه وتعالى على قريش في هاتين الرحلتين؛
لأنه يحصل منها فوائد كثيرة ومكاسب كبيرة من هذه التجارة،
ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة
قال تعالى :{فليعبدوا رب هذا البيت}
أي : فليوحدوه بالعبادة ، كما جعل لهم حرما آمنا وبيتا محرما
والعبادة هي التذلل لله عز وجل محبة وتعظيماً.
أن يتعبد الإنسان لله يتذلل له بالسمع والطاعة، فإذا بلغه عن الله ورسوله أمر
قال: سمعنا وأطعنا،
وإذا بلغه خبر قال: سمعنا وآمنا، على وجه المحبة والتعظيم،
فبالمحبة يقوم الإنسان بفعل الأوامر، وبالتعظيم يترك النواهي خوفاً من هذا العظيم عز وجل،
هذا معنى من معاني العبادة،
وتطلق العبادة على نفس المتعبد به، وقد حدّها شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ بهذا المعنى فقال:
إن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال الظاهرة،
{ ربّ هذا البيت } :
أي مالك البيت الحرام وربّ كل شيء.
{الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}
استطراد في قراءة هذه الاية :
{الذي} هذه صفة للرب، إذاً فمحلها النصب،
ولهذا يحسن أن تقف فتقول {فليعبدوا رب هذا البيت} ثم تقول: {الذي أطعمهم}
لأنك لو وصلت فقلت: «رب هذا البيت الذي أطعمهم»
لظن السامع أن «الذي» صفة للبيت، وهذا بعيد من المعنى ولا يستقيم به المعنى.
{الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}
بين الله نعمته عليهم، النعمة الظاهرة والباطنة، فإطعامهم من الجوع وقاية من الهلاك في أمر باطن، وهو الطعام الذي يأكلونه،
وقاية من الخوف في الأمر الظاهر؛ لأن الخوف ظاهر، فذكرهم الله بهذه النعمة،
{وآمنهم من خوف}
آمن مكان في الأرض هو مكة،
ولذلك لا يُقطع شجرها، ولا يُحش حشيشها، ولا تُلتقط ساقطتها،
ولا يصاد صيدها، ولا يسفك فيها دم،
وهذه الخصائص لا توجد في البلاد الأخرى حتى المدينة،
محرمة ولها حرم، لكن حرمها دون حرم مكة بكثير،
حرم مكة لا يمكن أن يأتيه أحد من المسلمين لم يأتها ولا مرة إلا محرماً،
والمدينة ليست كذلك،
حرم مكة يحرم حشيشه وشجره مطلقاً،
وأما حرم المدينة فرخص في بعض شجره للحرث ونحوه.
صيد مكة حرام وفيه الجزاء،
وصيد المدينة ليس فيه الجزاء،
فأعظم مكان آمن هو مكة، حتى الأشجار آمنة فيه، وحتى الصيود آمنة فيه،
ولولا أن الله تعالى يسر على عباده لكان حتى البهائم التي ليست صيوداً تحرم،
لكن الله تعالى رحم العباد وأذن لهم أن يذبحوا وينحروا في هذا المكان.
فهذه السورة كلها تذكير لقريش بما أنعم الله عليهم في هذا البيت العظيم،
وفي الأمن من الخوف، وفي الإطعام من الجوع.
فإذا قال قائل: ما واجب قريش نحو هذه النعمة؟
وكذلك ما واجب من حلّ في مكة الآن من قريش أو غيرهم؟
قلنا: الواجب الشكر لله تعالى بالقيام بطاعته، بامتثال أمره واجتناب نهيه.
ولهذا إذا كثرت المعاصي في الحرم فالخطر على أهله أكثر من الخطر على غيرهم،
لأن المعصية في مكان فاضل أعظم من المعصية في مكان مفضول،
والواجب على المرء أن يذكر نعمة الله عليه في كل مكان، لا في مكة فحسب، فبلادنا ـ ولله الحمد ـ اليوم من آمن بلاد العالم، وهي من أشد بلاد العالم رغداً وعيشاً.
أطعمنا الله تعالى من الجوع، وآمننا من الخوف، فعلينا أن نشكر هذه النعمة، وأن نتعاون على البر والتقوى، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وعلى الدعوة إلى الله على بصيرة وتأنٍ وتثبت
نسأل الله أن يديم علينا نعمة الإسلام، والأمن في الأوطان،
وأن يجعلنا إخوة متآلفين على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
إنه على كل شيء قدير
سورة الماعون
﴿ أَرَءَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ *
فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾
تفسيرهــا :
( أرأيت الذي يكذب بالدين)
اي هل عرفته والدين ثواب الله وعقابه يوم القيامة.
{فذلك الذي يدع اليتيم}
الدع هو الدفع بعنف ,
فتجد اليتيم إذا جاء إليه يستجديه شيئاً، أو يكلمه في شيء يحتقره ويدفعه بشدة فلا يرحمه .
{ولا يحض على طعام المسكين}
أي لا يحض نفسه ولا غيره على طعام المساكين.
فالمسكين الفقير المحتاج إلى الطعام لا يحض هذا الرجل على إطعامه؛ لأن قلبه حجر قاسٍ، فقلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.
إذاً ليس فيه رحمة لا للأيتام ولا للمساكين، فهو قاسي القلب.
{فويل للمصلين}
ويل كلمة وعيد تتكرر في القرآن كثيراً
والويل :واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار وقيوحهم
وهو أشد العذاب إذ كانوا يغمسون فيه أو يطعمون ويشربون منه
المعنى الوعيد الشديد على هؤلاء
{الذين هم عن صلاتهم ساهون}
هؤلاء مصلون يصلون مع الناس أو أفراداً لكنهم {عن صلاتهم ساهون}
أي:غافلون عنها، لا يقيمونها على ما ينبغي، يؤخرونها عن الوقت الفاضل،
لا يقيمون ركوعها، ولا سجودها، ولا قيامها، ولا قعودها،
لا يقرأون ما يجب فيها من قراءة سواء كانت قرآناً أو ذكراً،
إذا دخل في صلاته هو غافل، قلبه يتجول يميناً وشمالاً، فهو ساهٍ عن صلاته، وهذا مذموم،
الذي يسهو عن الصلاة ويغفل عنها ويتهاون بها لا شك أنه مذموم.
وقال عطاء بن دينار :
والحمد لله الذي قال : ( عن صلاتهم ساهون ) ولم يقل : (في صلاتهم ساهون )
لن يوجد فرق بين :
1- الساهي في الصلاة :
الساهي في الصلاة معناه أنه نسي شيئاً، نسي عدد الركعات،
نسي شيئًا من الواجبات وما أشبه ذلك.
ولهذا وقع السهو من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
وهو أشد الناس إقبالاً على صلاته بل إنه قال
عليه الصلاة والسلام: «جعلت قرة عيني في الصلاة»،
ومع ذلك سهى في صلاته لأن السهو في الشيء معناه أنه نسي شيئًا على وجه لا يلام عليه
2- الساهي عن الصلاة :
فهو متعمد للتهاون في صلاته، إما يؤخرها عن وقتها الأول
فيؤخروها إلى آخره دائما أو غالبا .
وإما عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به .
وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها ،
فاللفظ يشمل هذا كله فإنهم لا شك عن صلاتهم ساهون فيدخلون في هذا الوعيد.
{الذين هم يرآءون}
أي يراءون بصلاتهم وأعمالهم الناس فلم يخلصوا لله تعالى في ذلك
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه:
رجل استشهد، فأتى به، فعرفه نعمته فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت.
قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: هو جرئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار،
ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن،
فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت،
ولكنك تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار،
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما علمت فيها؟
قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك،
قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ) نسأل الله السلامة .
وعن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد يقوم في الدنيا مقام سمعة ورياء إلا سمع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة"
روابط أنصح أحبتي بها :
كيف يُعالج الإنسان نفسه إذا دعته إلى الرياء .
لا ينبغي ترك العمل المشروع خوف الرياء
يوسوس له الشيطان أنه مرائي ليترك الطاعة
( ويمنعون الماعون )
أي لا يعطون من سألهم ماعوناً كالأبرة والقدر والمنجل ونحوه مما ينتفع به ويرد بعينه كسائر الأدوات المنزلية.
يعني يأتي الإنسان إليهم يستعير آنية
يقول: أنا محتاج إلى دلو، أو محتاج إلى إناء أشرب به، أو محتاج إلى مصباح كهرباء وما أشبه ذلك،
فيمنع. فهذا أيضاً مذموم..
فيجب على المرء أن ينظر في نفسه هل هو ممن اتصف بهذه الصفات أو لا؟
إن كان ممن اتصف بهذه الصفات قد أضاع الصلاة وسها عنها، ومنع الخير عن الغير فليتب وليرجع إلى الله،
وإلا فليبشر بالويل ـ والعياذ بالله ـ
وإن كان قد تنزه عن ذلك فليبشر بالخير، والقرآن الكريم ليس المقصود منه أن يتلوه الإنسان، ليتعبد لله تعالى بتلاوته فقط،
المقصود أن يتأدب به
ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «إن النبي صلى الله عليه وسلّم كان خلقه القرآن».
خُلقه يعني أخلاقه التي يتخلق بها يأخذها من القرآن.
سورة الكوثر
سبب النزول :
فقد روي أنه لما مات ابن النبي صلى الله عليه وسلم القاسم
قال العاص بن وائل السهمي بتر محمد أو هو أبتر أي لا عقب له بعده
فأنزل الله تعالى هذه السورة
تحمل الرد على العاص والتعزية للرسول صلى الله عليه وسلم والبشرى له ولأمته بالكوثر
الذي هو نهر في الجنة حافتاه من الذهب ومجراه على الدر
والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وابيض من الثلج،
ومن الكوثر يملأ الحوض الذي في عرصات القيامة
ولا يرده إلا الصالحون من أمته صلى الله عليه وسلم.
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }
{إِنَّآ أَعْطَيْنَـكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الاَْبْتَرُ}.
{إنا أعطيناك الكوثر}
الكوثر: في اللغة العربية هو الخير الكثير
فمن ذلك النهر العظيم الذي في الجنة والذي يصبّ
منه ميزابان على حوضه المورود صلى الله عليه وسلّم،
ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى مذاقاً من العسل، (وأطيب رائحة من المسك)،
وهذا الحوض في القيامة في عرصات القيامة يرده المؤمنون
من أمة النبي صلى الله عليه وسلّم.
وآنيته كنجوم السماء كثرة وحسناً،
فمن كان وارداً على شريعته في الدنيا كان وارداً على حوضه في الآخرة،
ومن لم يكن وارداً على شريعته فإنه محروم منه في الآخرة.
بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا ، إذ أغفى إغفاءة . ثم رفع رأسه متبسما .
فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله !
قال " أنزلت علي آنفا سورة " فقرأ " { بسم الله الرحمن الرحيم .
إنا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر . إن شانئك هو الأبتر }
ثم قال : أتدرون ما الكوثر ؟
فقلنا : الله ورسوله أعلم .
قال : فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل . عليه خير كثير .
و حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة . آنيته عدد النجوم .
فيختلج العبد منهم . فأقول : رب ! إنه من أمتي .
فيقول : ما تدري ما أحدثت بعدك "
{فصل لربك وانحر}
أي فاشكر ذلك بصلاتك لربك المنعم عليك وحده وانحر له وحده
{وانحر}
أي: تقرب إليه بالنحر، والنحر يختص بالإبل، والذبح للبقر والغنم،
لكنه ذكر النحر، لأن الإبل أنفع من غيرها بالنسبة للمساكين .
ولهذا أهدى النبي صلى الله عليه وسلّم في حجة الوداع مائة بعير،
ونحر منها ثلاثة وستين بيده، وأعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الباقي فنحرها.
وتصدق بجميع أجزائها إلا بضعة واحدة من كل ناقة، فأخذها وجعلت في قدر، فطبخها فأكل من لحمها، وشرب من مرقها، وأمر بالصدقة حتى بجلالها وجلودها.
{ إن شانئك }:
أي مبغضك.
{ هو الأبتر } :
اسم تفضيل من بتر بمعنى قطع، يعني هو الأقطع. المنقطع من كل خير،
وذلك أن كفار قريش يقولون: محمد أبتر، لا خير فيه ولا بركة فيه ولا في اتباعه،
أبتر لما مات ابنه القاسم رضي الله عنه قالوا: محمد أبتر، لا يولد له، ولو ولد له فهو مقطوع النسل،
فبين الله عز وجل أن الأبتر هو مبغض الرسول عليه الصلاة والسلام
فهو الأبتر المقطوع عن كل خير.
الذي ليس فيه بركة، وحياته ندامة عليه، وإذا كان هذا في مبغضه فهو أيضاً في مبغض شرعه.
فمن أبغض شريعة الرسول عليه الصلاة والسلام،
أو أبغض شعيرة من شعائر الإسلام،
أو أبغض أي طاعة مما يتعبد به الناس في دين الإسلام فإنه كافر،
خارج عن الدين لقول الله تعالى: {ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم} .
ولا حبوط للعمل إلا بالكفر، فمن كره فرض الصلوات فهو كافر ولو صلى، ومن كره فرض الزكاة فهو كافر ولو زكى،
لكن من استثقلها مع عدم الكراهة فهذا فيه خصلة من خصال النفاق لكنه لا يكفر. وفرق بين من استثقل الشيء ومن كره الشيء.
إذاً هذه السورة تضمنت بيان نعمة الله على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإعطائه الخير الكثير،
ثم الأمر بالإخلاص لله عز وجل في الصلوات والنحر، وكذلك في سائر العبادات،
ثم بيان أن من أبغض الرسول عليه الصلاة والسلام، أو أبغض شيئاً من شريعته فإنه هو الأقطع الذي لا خير فيه ولا بركة فيه، نسأل الله العافية والسلامة.
آنتهى درس اليوم والله أعلم
والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات
وفقنا الله لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير
اعتذر على تأخر الدرس
الصفحة الأخيرة
.... اصبحـنا واصبح الملك لله والحمد لله لا اله الا الله ....
اتممتُ ولله الحمد لله :
مراجعه الانـفطار
و قريش / و المـاعون / و الگوثر ..