حياة السناجب ..بقلم الأستاذ ياسر الحزيمي

الملتقى العام

حياة السناجب
يعيش الكثير من الناس في هذه الحياة كما تعيش السناجب بين أشجار الغابات
فالسنجاب يقضي يومه بين خوف وترقب وحرص وتلهف ويفني عمره في قطف وتخزين الثمار بكميات أكبر بكثير من حاجته.
فهو في شغل دائم في الجمع والتحصيل والذي عادة ما يذهب غنيمة باردة لمتطفل قادم أو عدو مهاجم
إن السير خلف سراب النجاح الزائف يفترس عمر الإنسان وصحته فيظل متعطشا للمزيد دون أن يشعر بالارتواء ..
من يستطيع أن يقول لا في الوقت المناسب وأن يقول قنعت واكتفيت ويقاوم الشهرة والأضواء وجمع المال والثروة والجاه والسلطان والعلم والانقطاع له ؟
يُحكى أن ملكا أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقال له
امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيرا على قدميك ..
ففرح الرجل وشرع يسير في الأرض مسرعا ومهرولا في جنون ..
سار مسافة طويلة طمعاً في توسيع مملكته حتى تعب ففكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها ..
ولكنه طمع أكثر فغير رأيه وقرر مواصلة السير ليحصل على المزيد ..
سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن يعود للملك مكتفيا بما وصل إليه ..
لكنه تردد مرة أخرى وقرر مواصلة السير ليحصل على المزيد والمزيد ..
ظل الرجل يسير ويسير ولكنه لم يعد أبداً
فقد ضل اتجاهه وضاع في طريقه .. وسقط صريعاً من الجهد والإعياء
لم يمتلك شيئا ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة
لأنه لم يعرف حد الكــفاية ولم يذق طعم القناعة
لا سقف للطموحات في هذه الدنيا .. فالطموح مصيدة كما أن السكون مفسدة
وَلَا تَغْلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْرِ وَاقْتَصِدْ ... كِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الْأُمُورِ ذَمِيمُ
فعلينا أن نختار ما يكفينا منها وأن نتوازن في طلبها وأن نعطي بقية حياتنا حقها فللأهل وقت وللصحة نصيب وللدين أولوية وللنفس خلوة
فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى
3
524

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

روتين مميز
روتين مميز
القناعه كنز
حرم عزوز 626
حرم عزوز 626
رائع جدا يارب رضني بما كتبته لي وارزقني شكره والقيام بواجب طاعتك يالله
de lyon
de lyon
حلو