دون أدنى شك عندي وعند كثيرين منكم أيها السادة القراء وكذلك القارئات، أستطيع القول بأن الخطب والشعارات العربية الرنانة لم تعد تفيد بل هي لا تسمن ولا تغني من جوع.. ولقد سئم الرأي العام العربي منها كثيراً بعد أن تجرع مرارتها واكتوى بنار نتائجها لعقود كثيرة.
وإلى يومنا هذا تجد من يريد إعادة تلك الشعارات المجوفة من خلال التصريحات الصحفية أو في المؤتمرات والندوات أو من خلال الخطب الجماهيرية أو المتلفزة.. إن أولئك الذين يصدحون بتلك الشعارات في خطبهم وتصريحاتهم يدرون يقيناً ودون أدنى شك أنها مجوفة خاوية لا معنى مطلقاً لها، ويدرون كذلك أن الذين يستمعون إليهم يستخفون ويستهزئون منها.. أي أن الطرفين في تلك الرسائل الإعلامية، المرسل والمرسل إليه، على علم بأهداف ومضامين تلك الخطب والتصريحات، وبمعنى آخر، يضحك بعضنا على بعض كما تقول العامة.
مرسل الرسالة يضحك من الذين يستمعون إليه وقدرتهم على التمثيل من خلال إظهار الحماسة والهتاف بحياة الخطيب، والتصفيق والتنديد بأمريكا والموت لإسرائيل وشارون ورامسفيلد ومعهم جميعاً إبليس وجنده! وفي الطرف المقابل، يضحك مستقبل الرسالة، وهو الجمهور.
يضحك هذا الجمهور من قدرة أولئك الخطباء والزعماء على التلفظ بالشعارات الجوفاء في مثل هذا الزمن، حيث الاتصالات المتطورة ووصول ما يتلفظون به من أكاذيب وتهريجات إلى العالم أجمع مباشرة، وانتشار الوعي الفكري والسياسي عند الجماهير، وصبر أولئك الزعماء والقيادات والخطباء العجيب في الاستمرار على ذلك النهج الخادع، رغم علمهم اليقيني بمدى كراهية الشارع لهم ومدى بغضهم الشديد لهم وتمني زوالهم في أقرب فرصة.
والأمريكان ومعهم الإسرائيليون، هم أكثر البشر استفادة من أولئك الزعماء أصحاب التصريحات والخطب الرنانة النارية.. فإن كل عبارة تنديد بأمريكا أو إسرائيل وتمني الموت لهما، تزيد وتطيل من أعمارهما، مثلما تطيل أيضاً في أعمار أولئك الخطباء أنفسهم.
الطرفان يكسبان ويحققان أهداف بعضهما البعض، والجمهور العربي يدري هذا جيداً لكنه لم يصل بعد إلى النقطة التي بمقدوره التأثير في السياسات أو أنه هو نفسه يشكل السياسات والتوجهات.
لتسقط أمريكا، والموت للأمريكان الغزاة، ولا عاش الجبناء، وليخسأ الخاسئون، وليرحل المستعمرون الغاصبون.. شعارات جوفاء كثيرة وأخرى لا نقدر على حصرها أو ذكرها أكثر تجويفاً وخواء، لم تسقط بسببها أمريكا ولم يمت الأمريكان الغزاة، والجبناء ما زالوا يعيشون متنعمين مرفهين، ولم يخسأ الخاسئون ولم يرحل المستعمرون.
أمريكا تزداد قوة وتتسع جغرافياً وإن لم تحتل الأراضي فعلياً، والجبناء الذين هم الأمريكان والإسرائيليون في الخطاب العربي، ما زالوا ينفذون ما يريدون.. في الوقت الذي يموت فيه العرب كل يوم، ويزدادون جبناً على جبن، ويدعون الغير لاعادة استعمارهم بالطريقة التي يشاؤون، سواء كانت عسكرية أم اقتصادية أم ثقافية أم فكرية أم غيرها من طرق وأساليب.. أليس هذا مدعاة للضحك؟ بكل تأكيد هو مضحك.. فلنضحك إذاً كثيراً وخاصة أنه مفيد للصحة!!.
منقول
twinjolly @twinjolly
عضوة نشيطة
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️