السلام عليكم
كيف حالكم وحال اولادكم
اخواتي الامهات اضن ان كل الامهات مشركات في مشكلة محددة
وهي الخوف علي مستقبل اولادنا
ادن كيف الحل
طرحت هده السيدة مشكلتها علي استشاري اطفال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدةٌ في العقد الرابع من عمري، أمٌّ لطفلين، عمرهما لا يتجاوز العامين، هذا التوأم جاء بعد سبع سنين زواجٍ عجافٍ، منَّ الله عليَّ بهما بعد مرورها، ولي أمنيةٌ أخشى أن تظلَّ أمنية، وهي أن أستطيع أن أجعل من طفليَّ – بإذن الله وتوفيقه - رجلين قويِّين صالحين، دعاةً لدين الله، أعلم أنَّ هناك ألف كتابٍ يتكلَّم في التربية الإسلاميَّة وكيفيَّتها، وهي كتبٌ عظيمةٌ وشروحٌ وافيةٌ لا غبار عليها، لكن مشكلتي ليست في الكتب.. مشكلتي هي كيف أطوِّع الواقع ليخدم الهدف، إنَّ واقعنا الآن للأسف يعجُّ بالفتن، ففي البيت يوجد التلفزيون والفضائيَّات، ورغم أنَّني لا أستخدم غير الفضائيَّات العربيَّة - وكفى بها مصيبة - إلا أنَّها هي الأخرى لا تمتُّ للبراءة بصلة، وهما طفلان الآن لا يفهمان إلا اللعب واللهو على نغمةٍ موسيقيَّةٍ أو مع عرضٍ كرتوني، لكن ماذا أفعل في المستقبل ؟! وكيف لي أن أتحكَّم ؟! والطفل بمنتهى البساطة من الممكن أن يشاهد كلَّ ما يريد عند الأقارب والأصدقاء والجيران، بل من أصدقائه في المدرسة.. ولا تضحكوا.. فالأطفال الآن في عمر الخمس سنوات يقولون ما لم نكن نقوله نحن وعمرنا خمسة عشر عامًا، أيضًا أنا أريد أن يحظى فتياي بتعليمٍ راقي المستوى، وهذا التعليم لا يكون إلا في مدارس اللغات أو على أقل تقدير في المدارس التجريبيَّة، أمَّا المدارس العربيَّة فمستواها هابط، وإن وجدت فهي إمَّا تنتمي لمؤسَّسةٍ دينيَّةٍ استمرارها مشكوكٌ فيه أو لمؤسَّسةٍ حكوميَّةٍ أصبحت تهمل هذا النوع من التعليم.
كما أنَّني - ولا أكذبكم القول - أريد لولديَّ أن يتعلَّما لغةً، وألا يكونا أقلَّ من غيرهما في تعليمٍ أو مستوى معيشي، فكيف لي أن أتحرَّك لهدفي وأنا بين قطبي رَحَى.. رغبتي في أن أوفر لهما عيشًا هانئًا أستطيعه إن شاء الله.. وأمنيتي في جعلهما رجلين صالحين داعيين إلى الله لوجهه لا شريك له.
أخيرًا جزاكم الله خيرًا وفي انتظار إجابتكم. السؤال
فريق الاستشارات الدعوية المستشار
الرد
يقول الأستاذ ياسر محمود من فريق الاستشارات:
الأخت الفاضلة أمّ التوأم؛
أحييك تحيَّةً طيِّبةً، وأشكركِ على هذا الاهتمام الحارِّ برعاية أولادك، وخشيتكِ عليهم من الذوبان في هذا التيار الجارف من الانحلال والبعد عن روح الإسلام، بل والبعد عن القيم والأخلاق التي تعارف عليها الناس منذ آلاف السنين.
وسنردُّ على سؤالك من خلال النقاط التالية:
أولاً:كيف نربي أطفالنا؟
* لنتعرَّف على خصائص المرحلة العمريَّة لأبنائنا:
في البداية، من الضروريِّ معرفة وفهم خصائص المرحلة العمريَّة التي يمرُّ بها الأبناء بصورةٍ جيِّدة؛ لأنَّ عدم الإلمام بهذه الخصائص يسبِّب العديد من الأخطاء التربويَّة التي قد يقع فيها الآباء دون أن يشعروا، وتؤثِّر هذه الأخطاء بصورةٍ سلبيَّة على تربية أبنائهم، وذلك لأنَّ هناك بعض السلوكيَّات التي ينظر إليها الآباء على أنَّها سلوكيَّات غير مرغوبٍ فيها، بينما هي أمورٌ طبيعيَّة بالنسبة لعمر الطفل، مثل كذب الطفل الذي عمره من عامين إلى ستَّة أعوامٍ والذي يواجهه الآباء بالعقاب العنيف، بينما إذا رجعنا إلى خصائص هذه الفترة العمريَّة لوجدنا أنَّ نموَّ الخيال لدى الطفل يلعب دورًا كبيرًا في هذه المرحلة، فعندما يحكي قصةً رآها أو سمعها، فإنَّه يضيف إليها من خياله العديد من الموضوعات، فهو يحكي ما يمليه عليه خياله ولا يقصد الكذب.
وهكذا كلُّ مرحلةٍ لها سماتها الخاصَّة بها، ومعرفتها بصورةٍ جيِّدةٍ تساعد على فهم وتفسير سلوكيَّات الأبناء بصورةٍ سليمة، ممَّا يساعد الآباء على التعامل مع سلوكيَّات الأبناء وتصرُّفاتهم بطريقةٍ سليمةٍ أيضًا.
*الصلة الوثيقة مع الأبناء:الأمر الثاني الهامُّ أيضًا هو أن تكوني قريبةً جدّا من أولادك، فتعيشي معهم مشكلاتهم وتسمعي لهم، وتهتمِّي بحاجاتهم، وميولهم حتى تصبح العلاقة بينك وبينهم بمثابة العلاقة بين الأصدقاء، وهذا القرب الروحي بين الآباء والأبناء يجعل الآباء هم المرجع الأوَّل والأساسي للأبناء حينما يواجهون بعض المشكلات في حياتهم اليوميَّة، كذلك تُعلي هذه العلاقة الحميمة من قيمة توجيهات الآباء في نفوس أبنائهم، فحينما يتعرَّضون لمفاهيم مخالفة لما تعلَّموه من الآباء عن طريق وسائل الإعلام، أو من خلال الرفاق، ويدور الصراع بين هذه المفاهيم المتناقضة، هنا في هذه اللحظات الحاسمة تلعب طبيعة العلاقة مع الوالدين دورًا كبيرًا، فإذا كانت العلاقة مع الوالدين حميمةً قلَّ أثر هذه المفاهيم التي يعرضها الرفاق وتبثُّها وسائل الإعلام، أمَّا إذا كانت العلاقة غير ذلك كان تأثرهم بهذه المفاهيم أمرًا يسيرًا.
* القدوة الحسنة: فلكي نربِّي أبناءنا تربيةً سليمةً علينا أن نكون قدوةً لهم، حتى لا يقع الأبناء فريسةً للتناقض بين التعليمات الشفويَّة التي تصدر إليهم وبين السلوك الفعلي للآباء، فالقدوة الحسنة من أعمق الوسائل التربويَّة تأثيرًا في نفوس الأبناء، خاصَّة إذا ما اقترنت بالنقطة السابقة وهي الصلة الوثيقة مع الأبناء.
* لنُحسِن الغرس: من المهمِّ أيضًا أن نهتمَّ بغرس قيم الإسلام وأخلاقه وآدابه في نفوس الأبناء منذ الصغر، وليكن ذلك ببذر حبِّها في نفوسهم، وليس بفرضها عليهم، فمثلاً لتحبيب الصلاة إلى نفوسهم من الممكن للوالد حينما يذهب للصلاة أن يصطحب معه ابنه، وأثناء العودة يشتري له شيئًا يحبُّه، فهذا الأمر يحدث ربطًا لا شعوريّا عند الطفل بين الذهاب للمسجد وبين ما يحبُّه من أشياء، فيشبُّ محبّا للذهاب إلى المسجد.
وهكذا في كلِّ مجالات التربية لا نفرض عليهم ما نريده فرضًا، ولكن لنبذل ما في وسعنا لنبتكر طرقًا لتوصيل المفاهيم والقيم والأخلاق إليهم في ثوبٍ محبَّبٍ إلى نفوسهم.
وللقصص دورٌ كبيرٌ في غرس القيم والأخلاق، فلنهتمَّ بالقصص والحكايات التي تجسِّد الأخلاق الحميدة، وتحبِّبها إلى قلوب الأبناء، وتنفرهم من الأخلاق المذمومة.
* التحلِّي بالصبر: وذلك لأنَّ تربية الأبناء أمرٌ شاقٌّ جدّا، خاصَّة في عصرنا هذا، فلنصبر على إكسابهم الأخلاق والقيم والمفاهيم الإسلاميَّة، ولنصبر على أخطائهم وعَثَراتهم، ولنحسن التعامل مع هذه العثرات بهدوءٍ ودون انفعال، ولا نكلَّ ولا نملَّ من العمل على تنشئتهم التنشئة الصحيحة، ولنتذكَّر دائمًا قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتَفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له" رواه مسلم.
* ندعو لهم: فدائمًا وأبدًا ندعو الله عزَّ وجلَّ ونستعين به سبحانه على هذه المهمَّة الشاقَّة، فنُكثر من الدعاء لأبنائنا، ونسأله سبحانه أن يرزقنا حسن تربيتهم، فهو نعم المولى ونعم المعين، وهو على كلِّ شيءٍ قدير.
كانت تلك – أختي الكريمة - بعض الخطوط العريضة التي ستعينك على تربية أولادك إن شاء الله سبحانه وتعالى، ولا نستطيع في هذا المقام أن نطرح تفاصيل العمليَّة التربويَّة كاملة، ولنكن على صلةٍ دائمةٍ لنتناقش معًا حول ما يواجهك من صعاب أثناء تربيتكِ لأبنائك.
ثانيًا: كيف نحمي أبناءنا من خطر الفضائيات؟
أمَّا بالنسبة لمشكلة مشاهدة الأبناء للفضائيَّات، فمن الممكن أن تسمحي لهم بمشاهدة ما لا يؤثِّر بصورةٍ سلبيَّة على تنشئتهم، ثمَّ تتناقشي معهم حول هذه المشاهدات، وما الذي تعلَّموه منها.
ومن الأمور الهامَّة أيضًا فتح بابٍ للنقاش معهم حول: لماذا الامتناع عن مشاهدة بعض البرامج التي تعرضها هذه الفضائيَّات ؟ وما أسباب ذلك ؟ واستمعي لردودهم، ثمَّ ناقشيها معهم، وبهذه الطريقة سيحملون هم أنفسهم فكرة عدم مشاهدة بعض ما تعرضه الفضائيَّات، وستجدينهم إن شاء الله حينما يشاهدون ذلك عند الأصدقاء أو الأقارب يطلبون منه التوقُّف عمَّا اقتنعوا أنَّه خطأ وتعلَّموا أنَّه لا يليق.
ثالثًا:اختيار المدرسة
أما عن مشكلة اختيار المدرسة، فمن الممكن إلحاقهم بإحدى المدارس ذات المستوى التعليمي الرفيع كما تحبين، ولكن مع مراعاة الأمور التالية:
1- اختيار أفضل وأكثر هذه المدارس اهتمامًا بالجانب الأخلاقي.
2- أن يكون بهذه المدرسة أبناء بعض الأسر التي يُعرَف عنها الصلاح والاستقامة والأخلاق، ولكِ صلةٌ بهم.
3- اعملي على تدعيم العلاقة بين أطفالك وأطفال هذه الأسر قبل دخول أطفالك المدرسة من خلال الزيارات المتبادلة.
4- إيجاد الصلة الدائمة مع المدرسة، لمتابعة أحوال الأبناء، خاصَّةً في الجوانب الأخلاقيَّة والسلوكيَّة، حتى يمكنك معالجة أيّة مشكلاتٍ أخلاقيَّة أو سلوكيَّةٍ تبدأ في الظهور في مهدها.
5– اهتمِّي جيِّدًا بالإنصات لهم ومناقشتهم في المواقف اليوميَّة التي يمرُّون بها خلال يومهم الدراسي.
ونسأل المولى سبحانه وتعالى أن يكلِّل اهتمامك هذا بتحقيق أمنيتكِ بأن يكونوا رجالاً صالحين دعاةً إلى الإسلام كما تحبِّين.

ام شفاء @am_shfaaa
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

أم مسلم
•
جزاك الله الخير على نقلك
الصفحة الأخيرة