خاطرة...تبحث عن نفسها...

الأدب النبطي والفصيح



جالسة على كرسيها شاردة الذهن...
مطلقة لبصرها العنان في سقف غرفتها التي هي أشبه بمملكة هي ملكتها..الهدوء يسدل ستارته على المكان ليفتح اليأس فاه فاغراً ويستسلم لنوم عميق....آذنناً لأشعة الأمل والتفاؤل بأن تشرق منتشرة في رحاب مملكتها...أمواج تفكيرها بين مد وجزر تداعب حصاة شواطئ مشاعرها برمالها الذهبية...تتناول قلمها كصياد يتناول سنارته ليصطاد سمكا....بينما تحاول هي تدوييين حلولا لمشكلتها..
تداعب أناملها القلم ويتئآزرن لمساعدته على المضي قدماً على أسطرها الخالية ...أشبه ماتكون بميدان فروسية تتسابق عليه خيول حروفها...وإذا كان للخيول صهيل فلحروفها أنين...
تعتصر القلم بين أناملها وكأنها تعصر أفكارها لتجد حلا ناجعا لمشكلتها...ترمي بالقلم جانبا لتفرد عظام ظهرها المنحنئة على أوراقها تتنفس الصعداء لتملئ رئتيها بالهواء البارد شهيقا لتخرجه زفيرا حارا رغم برودة الجو... تقف على قدميها تجر خطاها ببطء متجهة إلى نافذتها لتمسح بيدها ندى الهواء البارد العالق على زجاجها...وتفتحها ليصتدم بوجهها الحزين هواء الشتاء القارص...تبحر عيناها في فضاء السماء الواسع الحالك السواد المتزين بنجوم تتلألأ يبدو بريقها رغم قطع السحب المنتشرة في كبد السماء...
تتمتم بدعوات وهي مصوبة نظرها للأفق تناجي بها الرحمن...تستمتع بلحظاتها لولا شدة البرد التي تجبرها على مغادرة المكان...تتجه نحو المطبخ لتعد لنفسها مشروبا ساخنا تحتسيه وهي تقطن بين قلمها وأوراقها التي تنتظر نصا يكتب عليها وأخرى في صندوق المهملات إما لأنها تحتوي خرابيش همومها أو لاحتوائها نصوصا لا ترضي ذوقها الأدبي...أو حلولا بائسة لاجدوى منها...
على طاولتها ساعة تنبؤها بالوقت متى ما أرسلت الطرف إليها...وكوب ماء مصنوع من الزجاج شفافيته تفضح أي عالقة فيه تعكر صفوه...
أطالت النظر في كأسها وكأنها ترى شفافيتها فيه...نعم شفافيتها فيه هي تبحث عن نفسها في كل شيء حولها في غرفتها ومحيطها...
فترى نعومتها في وسادتها المخملية...وترى همومها المتراكمة كخزانة ملابسها المليئة بالثياب والفرق فقط كون خزانتها مرتبة...وترى حزنها في شجرة الزينة في زاوية الغرفة التي تتمنى لو كانت شجرة طبيعية يوما ما...
وترى سعادتها في نافذة غرفتها التي تداعبها أشعة الشمس الذهبية كل صباح...وترى صفائها في نظافة غرفتها ولمعة أرضيتها...وترى حبها للمثالية في أرجاء غرفتها المرتبة بإبداع...
تلتفت يمنة لترى رفوف مكتبتها المليئة بالكتب...لتبحث عن نفسها هناك فتجدها في ذلك الكتاب المائل الذي فقد صاحبه الذي كان يجعله منتصب القوام...
تطلق آهاتها قائلة:أنا هذا الكتاب الوحيد المائل لم يعد بإمكاني أن أقف بثبات...
تعود بنظرها إلى ذلك الكوب بعينه الذي بدأت به جولة بحثها لتجد نفسها فيه بوضوح ليس نفسها فحسب بل مشكلتها...
تخاطبه:أنا مثلك يا كوبي العزيز لا أستطيع أن أخفي محتواي...لا أستطيع أن أرسم الإبتسامة حتى ولو صفراء على محيايا وأنا حزينة...لا أقوى على تمثيل الرضا وأنا ساخطة...ليتني أستطيع تقمص الفرح والسرور مخفية تحته ألآمي...
لو كنت ياعزيزي ملونا لم يرى من يحتسي ماءك ما إذا احتوى على عوالق بينما هو يتلذذ بمائك البارد...ليتني أجيد فنون التصنع...لأقدم الماء العذب لشاربي بكوب ملون زجاجه ليخفي عوالق خزني...غيضي...انتقامي إن احتجت إليه...
لأضحك وأنا حزينة ...وأبكي وأنا في قمة الفرح...
وإن كان الزجاج الشفاف ألذ لشاربه فالملون الساتر يؤدي الغرض لتسير أمور الحياة بسلام..ا.هـ
17
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

*شمس الضحى*
*شمس الضحى*
هذه أول مشاركة لي بقلمي الخجول أتمنى أن أجد من يقومها بنقد أدبي لأرقى بموهبتي
(((اللهم اشرح صدري...ويسر أمري...واحلل عقدة لساني وقلمي...يفقه قولي ونصي)))
حياة بلا طموح
حياة بلا طموح
أحسنت ياشمس
روح الفن
روح الفن
بسم الله الرحمن الرحيم


تمازج بين أمواج من الصورالطبيعية وأفواج من المشاعر الوجدانية ،
مراوغات أدبية بين الترميزات والاستعارات ،وبين التعتيم والشفافية.

أثار نصك المغوارإعجابي وشدّ اهتمامي!!
قــلم مطواع همام قادم بقوة نحو القمم//

فحياك الله بيننا يا شمس الضحى .. ..


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربا بنت خالد
ربا بنت خالد




..
مبهـرة أنتِ يا شمس الضحـى ..
وكأن العذوبة تندلق من ترياقكِ ..
لا تحرمينا هذا المداد ..
بارك الله بكِ ..
صمت الحب**
صمت الحب**
أرى قلمك يجيد الإبحار والغوص في بحر الكلمات..
فإنزعي عنه رداء الخجل وأمتعينا بالمزيد..

حفظك الله..