


خجل البنت هل هو ظاهرة طبيعية في المجتمع أم انه في غير هذا التوصيف؟
لا يمكن الاجابة بسهولة عن هذا السؤال، ذلك ان ظاهرة الخجل عند الصبايا والشباب ليست محصورة في اطار معين، انما هي ظاهرة قائمة في أغلب المجتمعات: الفنية والفقيرة، المثقفة وغير المثقفة، وسواها من طبقات وشرائح المجتمع.
ثمة خجل لافت يظهر عند بنات في اعمار مختلفة، واذا ما دققنا جيدا بالأمر، نجد ان نسبة الخجل قائمة عند فتيات في عمر صغير (تحت العشرين)، وثمة ظاهرة خجل، وهي اللافتة اكثر، عند نساء تجاوزن عمر الرشد بكثير، اذ نجد نساء متزوجات وأولادهن في عمر الشباب مازلن يعشن الخجل بكل خفره.
أنواع الخجل
الخجل ليس ظاهرة متشابهة عند الصبايا، انه خجل متفاوت وله خصوصية في كل نفس، فهناك صبايا يخجلن من التحدث الى الشباب في الأماكن العامة، وهناك صبايا يخجلن من القاء التحية على الآخرين وحتى على الأهل، وهناك صبايا يخجلن من ابراز مفاتنهن أو استعمال الماكياج والتعامل مع تسريحة الشعر، وهناك صبايا يخجلن من البوح للأهل بمشاكل قد تحصل معهن، وهناك صبايا يخجلن من أي ضيف يزور المنزل و...
علاماته
الصبايا اللواتي يعشن حالة الخجل يظهر عليهن الأمر بشكل واضح، اذ يتغير شكل الصبية ولونها حين تقع في الخجل: يميل وجهها الى الاحمرار وتقوم بتغطية وجهها بيدها ثم تنصرف (تهرب) من المكان الذي واجهت فيه الخجل. وهناك صبايا تبدو علامات الخجل قاسية في حركاتهن، اذ يتعثرن بخطواتهن ويترددن في اتخاذ أبسط القرارات كالتوقف أو المشي أو العودة الى المنزل، وهناك صبايا تبدو علامات الخجل غريبة في سلوكهن، كاللواتي يتخذن قرارات غريبة مفاجئة: ثمة صبايا لا يخرجن من المنزل خوفا من الالتقاء بأشخاص، مجرد الالتقاء بأشخاص تجعلهن في حالة ارباك ما بعده ارباك.
خجولات
يمكن للمرء ان يتقبل ويتفهم ظاهرة الخجل عند الأطفال، ولكن ما يمكن لا تفسيره هو ذلك الخجل الذي يسيطر على صبايا في عمر الشباب (العشرينات) وهذه ظاهرة لافتة وقائمة:
هنادي سنو (21 سنة) تعمل في احدى التعاونيات، على رغم ان عملها يفرض عليها التعامل مع الزبائن، الا انها تبدو خجولة دائما، وحين يتحدث اليها الزبون، لا تنظر الى وجهه انما تنظر الى الأسفل، وتكاد لا تتلفظ بالكلام، واذا تكلمت تقول كلاما سريعا وأحيانا لا يفهم.
هنادي تعمل في التعاونية منذ أكثر من سنتين، وحتى اليوم مازال الخجل مسيطرا على سلوكها، ويسمونها في العمل 'الخجولة هنادي'.
ليلى مزنر (16 سنة) تمثل ظاهرة لافتة في الحي الذي تسكنه على رغم ان خجلها يبعدها عن الناس، فهي حين تخرج الى المدرسة، من يراها خارجة بطريقة متخفية يظن انها فعلت فعلة سيئة، وتخاف ان يعرف بها الناس، وكذلك تفعل اذا ذهبت الى 'الدكان' لشراء بعض الحاجيات، وصاحب الدكان يخبرنا عن ليلى انها حين تأتي الى دكانه لتشتري يشعر بالحيرة لأنه لا يفهم عليها 'فتصرفاتها غريبة، حين تطلب شيئا تدل عليه ولا تنظر سوى باتجاه نفسها'.
ليلى فتاة خجولة جدا، فهي لا تخرج من منزلها الا للضرورة.
سناء فقيه (23 سنة) تخبرنا عنها شقيقتها سامية وهي الأكبر وتقول: شقيقتي فتاة خجولة جدا، على رغم انها فتاة عاطفية وشاعرة وتكتب أجمل القصائد، لكنها تخجل كثيرا، وأحيانا تخجل من التلفزيون اذا ما شاهدت امرأة تمثل دورا عاطفيا.
علامات الخجل تبدو كثيرة عند سناء ـ كما تقول شقيقتها ـ 'يحمر وجهها وترتجف كثيرا ويسيل عرقها بشكل لافت وتزداد دقات قلبها بشكل لافت'.
تخاف سامية على شقيقتها حين تراها وهي في أصعب حالات الخجل، وفكرت في احدى المرات ان تأخذها الى الطبيب'، وعندما علمت شقيقتي بالأمر زاد خجلها، وبدت كأنها مريضة وفي حالة صعبة، الأمر الذي جعلني اخاف عليها أكثر.
رأي علم النفس:
ثلاث مراحل للخجل
د.عادل صوايا (خبير علم نفس) يعتبر خجل البنات ظاهرة طبيعية اذا بقي هذا الخجل ضمن الاطار المعقول أي ألا تخرج الخجولة الى سلوك غرائبي (كما يحدث مع سناء فقيه).
يقول صوايا: الخجل له علاقة وثيقة بالمجتمع، وهو نتاج هذا المجتمع، ونلاحظ الخجل في أغلب المجتمعات، كما نلاحظ ما هو عكس الخجل مثل الفجور. وكل هذا عائد الى طبيعة المجتمع.
يقسم صوايا خجل البنات الى ثلاث حالات:
1 ـ الخجل الطبيعي
2 ـ الخجل شبه الطبيعي
3 ـ الخجل المرضي
الخجل الأول، أمر عادي تعيشه كل فتاة وهو قائم في كل نفس بشرية.
الخجل الثاني، يندرج في سياق مختلف أي انه يقع بين مفصلين، اذا تغلب احدهما على الآخر، فقد الانسان توازنه، فالخجل الزائد يفسد الشخصية، والخجل القليل غير المبرمج ايضا يفسد الشخصية.
اما الخجل الثالث، فيحتاج الى علاج نفسي، وأحيانا يتطلب الأمر تدخل الطبيب، فهناك غدد في الجسد الانثوي تفرز مادة تؤثر في سير العقل.

بارك الله فيك و جزاك كل خير