
د.مشبب القحطاني @dmshbb_alkhtany
إمام وخطيب مفكرة المجلس عضو في جماعة التوعية الإسلامية
خطبة عيد الفطر عام 1434هـ ( حصري لعالم حواء)
ملخص الخطبة
ــ ضرورة الاستفادة من رمضان.
ــ امور يستحب عملها في العيد
1. استغلال العيد للتواصل
2. استغلال العيد للاصلاح.
3. استغلال العيد لادخال السرور على الناس.
4. نداء للمرأة المسلمة
الخطبة الأولى
أيهاالمسلمون ! لقد خرجنامن رمضان ، بعد أن صمنا أيامه ، وقمنا لياليه ، وما ندري ماذا صُنع بصيامناوقيامنا . فنسأل الله تعالى ان يتقبله منا وألا يجعلنا من الخاسرين.
أيها الأحبة ! إن رمضان دورة تدريبية لرفعكفاءة المسلمين في جميع الميادين ، خصوصا في أدائهم العبادات ، فمن ارتفع مستوىأدائه للعبادات بعد رمضان ، فقد نجح في هذه الدورة ، وغُفرت ذنوبُه الماضية ، وعليهأن يكمل إحسانه فيصوم الستَ من شوال ، وأن يستمر على الطاعة التي كان يمارسها فيرمضان ، وأن يترك المعاصي التي تاب منها في رمضان.
وأما من لميستفد من رمضان واستمر على ما كان عليه من قبل ، من لهو وغفلة ، وتقصير فيالواجبات الشرعية ، و مقارفة للذنوب والسيئات ، فهذا بلا شك لم يستفد من دورة رمضان شيئا ، وهذا منالمحرومين والعياذ بالله ، قال صلى الله عليه وسلم (هذارمضانُ قد جاء تُفتَّحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ وتُغلَّقُ فيه أبوابُ النَّارِوتُغلُّ فيه الشَّياطينُ ، بُعدًا لمنأدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له ، إذا لم يُغفرْ له فمتى ؟ ) وهو حديث صحيح .. وعلىكل مقصر أن يستدرك ما فات ، وألا يستمر في تقصيره ، حتى لا يأتية الموت بغتة وهوعلى تقصيره .
فلا زال المجال مفتوحا للتوبة والإنابة ،فالمولى الكريم لا يغلق بابه ، فهو جل جلاله يبسط يده الليل ليتوبَ مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوبَ مسيء الليل..
أيها المسلمون:
انالعيد مناسبةٌ طيبةٌ ينبغي ان نستغلها ببعض الطاعات التي تقربنا من الله تعالى ،والتي قد تكون الفرصة مناسبةٌ للقيام بها أكثر من أي وقت آخر ..ومن ذلك:
الأولــ زيادة قوةِ الأواصر والتواصل بين المسلمين ، وتمتينُ الروابط الاجتماعيةبالتزاور ، وتبادل التهاني والدعوات .
وأفضل مايبدأٌ به الأرحام ، وعلى رأسهم الوالدان أو أحدُهما إن كانوا على قيد الحياة ، فصِلُوهموأحسنوا اليهم ، واجتهدوا في البر بهم ، فإن صلةَ الرحم سبب لرضى الرحمن تعالى ، فقد اشتق اسمها من اسمه ،وهي سبب في طول العمر وسعة الرزق . يدلعلى ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْأَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْرَحِمَهُ ) . رواه البخاري ومسلم.
والوالدانعلى رأس الأرحام ، ثم يأتي لإخوان والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالاتومن له علاقة بهما.
وبعد ان نصلأرحامنا نزورُ إخوانَنا المسلمين الذينلنا علاقة بهم ، فإن زيارة المسلمِ في الله من أسباب محبة الله تعالى للعبد ،خصوصا كبار السن والمرضى ، وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( مَن عادَ مريضًا ، أو زارَ أخًا لَهُ في اللَّهِ ناداهُمُنادٍ : أن طِبتَ وطابَ مَمشاكَ وتبوَّأتَ مِنَ الجنَّةِ منزلًا ) وفيحديث صحيح آخر يقول صلى الله عليه وسلم (ما مِنَامرئٍ مسلمٍ يَعُودُ مسلمًا إلَّا ابْتَعَثَ اللهُ سبعينَ ألفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَعليهِ في أَيِّ ساعَاتِ النَّهارِ حتى يُمْسِى ، وفي أَيِّ ساعَاتِ الليلِ حتىيُصبحَ ) ..
فاذا قصدنامسلما بزيارة ، فعلينا أن نتفقد قلوبنا ونياتنا ، وليكن هدفنا الأجر من الله ، وليسالمجاملة وحب المدح أو أي نية مادية.
2 ) الثاني مما يستحب فعله في هذه المناسبة اصلاح ذات البين، كما درج الصالحون من المؤمنين عليه ، يغتنمون مناسبات الأعياد وغيرها فيصلحونبين الأقارب وبين الازواج وبين الجيران وبين الارحام ، استجابة لأمر الله تعالىحيث يقول {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوابَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
فكم اطفئت بالإصلاحمن نيرانٍ للفتن ، وكم تقربت قلوب بعد ان تباعدت ، وكم التأم شملُ أسرة بعد انتمزقت .
وأول ما يبدأالانسان به نفسه ، فإذا كان بينه وبين أحد من المسلمين خصومة خصوصا أرحامه ، فليقمبزيارته أو الاتصال عليه ، وطلب المسامحة ، حتى لو كان أخطأ في حقه هو . فالعيد فرصة كبير للتسامح والتصافي وغسل مافي القلوب من أحقاد.
وإذا علمت أن هناك نزاع أو خصومة بين شخصين أو أكثرففرصتك ايها المسلم للإصلاح بينهما ، وهذا ما يحبه الله تعالى ويدعوا إليه قالتعالى { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّمَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ ، وَمَن يَفْعَلْذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }.
3) الثالث مما يتسحب في فعله في هذا المناسبة ادخال السرورعلى النفس وعلى من حولها ، فالرجل أو المرأة كل يحاول ان يَفرح ويستغل هذهالمناسبة لإسعاد نفسه ، حتى ولو كان مريضا أو عنده بعض المشكلات ، فالإنسان اذا لميسعد نفسه فلن يسعدَه الاخرين.
ثم من كانمسئولا عن عائلة فليحرص على ادخال السرور عليهم ، حتى ولو كان مغتربا بعيدا عنأهله ، فليتصل بهم فردا فردا ، حتى ولو كلفه ذلك بعض المال ، فهذه فرصة للتواصل .
فإدخال السرور على النفوس خصوصا النفوس المتعبةوالمحبطة يعتبر من أهم الاعمال التي يحبها الله تعالى ..ففي الحديث الصحيح يقولصلى الله عليه وسلم ( رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْلِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُعَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً , أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا ,أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ) .
ولنا في رسولصلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد عمل على ادخال السرور على زوجته أمنا عائشة رضياله عنها في أيام العيد وهي صغيرة آنذاك ، وقد شهدت بذلك رضي الله عنها ، فمن ذلك قولها في ما صح عنها ( أنَّ أبا بكرٍ رضيالله عنه دخل عليها ، وعندها جاريتان في أيامِ منى تدفِّفانِ وتضربانِ ، والنبيُّصلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ متغشٍّ بثوبه ، فانتهرهما أبو بكرٍ ، فكشف النبيُّصلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن وجهه ، فقال : ( دَعْهمايا أبا بكرٍ ! فإنها أيامُ عيدٍ ")
وتقول ايضارضي الله عنها ( واللهِ ! لقد رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّىاللهُ عليه وسلَّمَ يقوم على بابِ حُجرتي . والحبشةُ يلعبون بحِرابِهم . في مسجدِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . يستُرُني بردائِه . لكى أنظرَ إلى لعبِهم. ثم يقومُ من أجلى . حتى أكون أنا التي أنصرفُ . فاقدُروا قدرَ الجاريةِ الحديثةِالسِّنِّ ، حريصةٌ على اللَّهوِ )
والأمربالتوسعة على العيال وإدخال السرور عليهم لا يعني القيام بأعمال محرمة تغضب اللهتعالى وتخالف شرعه ، وخصوصا الملهيات التي تشغل عن الطاعة وتوقع في المعصية ، وهذهقد حذر الله تعالى منها بقوله { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّعَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً ، أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌمُّهِينٌ } فلا يجوز لمسلم أن يشتري أي لعبة فيها تبذير أو خطر على حياةاولاده وأهله كالألعاب النارية ، أو يشارك في برنامج أو مهرجان أو ملاهي فيهاموسيقى أو اختلاط الرجال بالنساء .
4 ) رابعاوأخير مما ينصح به ألا ننسى أناس قد غابوا عن أعيننا إما بالموت أو غيره ، فلاننسى أن ندعو لموتانا ولمن حق علينا ، فقد كانوا يوما يعيشون بيننا ومعناويشاركونا فرحتنا ، ندعو لهم بالمغفرة والرحمة ..
كما لا ننسىأن ندعو لإخواننا المجاهدين في الثغور ، الذين يدافعون عن بلاد المسلمين من الكفرةوالملحدين ، فهم لم يلبسوا الجديد ، ولم يفرحوا بالعيد مع اسرهم ، بل هم على خطالنار ، ينتظرون الموت في أي لحظة ، ندعو لهم بالنصر والتأييد ، والثبات على الحق.
كما لا ننسىالملايين من اخواننا اللاجئين والمشردين في جميع انحاء العالم ، خصوصا في سوريا وبورماوغيرها. فهم الآن يفترشون الارض ويلتحفون السماء ، لم يفرحوا بالعيد كم يفرحالاخرون ، ندعو لهم بالفرج والنصر والعودة إلى بلادهم ، ونحمد الله الذي أنعمنابنعمة الأمن والأمان وطاعة الرحمن.
الخطبة الثانية
أيهاالمسلمون:
وفي هذه الخطبة أوجه كلمة قصيرة إلى مربيةالأجيال ،وحاضنة الأبطال ..ومعقد الآمال..
أختي الملسمة:
· يامن أكرمك الإسلامُ منذ الولادة حتى الوفاة..وجعل الرجلَ خادما لكوهو لا يشعر...
· يامن جُعل الموتُ دفاعا عنك شهادة..
· يامن ضَربْت بعفافِك وجهادِك أروع الأمثلة وأعلاها،..
· يامن آنست وَحشتنا : أما وزوجة وبنتاً.
أحذري باركالله فيك من الانخداع بما يردده زعماءُ الرذيلة ، ودعاةُ الانحلال ، من دعوة إلىالتحرر من سيطرة الرجل ، والسعي خلف ما تنتجه دورِ الأزياء الكافرة ، وتقليدللداعرات المنحلات.
· إنهم يريدون من المرأة أن تصبح لعبة في أيدي السفهاء ، تنتقل من يدفاجر إلى آخر .
· يريدون من المسلمة ان تنزع لباس الحشمةِ والتقى والوقار.
· يريدونأن يجعلوها سلعة تباع وتشترى ، وتستخدم لترويج السلع والفساد ،على أغلفة المجلات،وكراتين البضائع ، كما تشاهدون.
· إنهم يريدون من خلالك أن يهدموا كيان المجتمع ، فيقضوا على دينه ،ويسيطروا على خيراته.
فكوني على حذر من حيلهم ، وانتبهي لألاعيبهم ، واقطعيالطريق عليهم كما هو مؤمل فيك..
وكما عرفناذلك من سلفك الصالح ، واللاتي ضرب الله بهن المثل فقال تعالى { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاًلِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاًفِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
وقبل أن أختمكلامي أحب ان ألفت نظرك إلى أشياء مهمة:
ــ فإذا كنت زوجة فعليك بحسن معاملتك لزوجك تقربا إلى الله تعالى، فرضاه إذ اكان طائعا لله من أسباب دخول الجنة .
وإذا حصلبينك وبين الزوج بعضَ المشكلات ، فحاولىأن تخفيها ، ولا ينبغي ان يعرف بها أحد من الناس ،خصوصا أبنائك.
وحاولي انتُنهي المشكلة بينك وبينه ، لأنه لا أحديستفيد من ذلك ، فصديقكم يتضايق ، وعدوكميفرح ويستبشر. واعلمي ان للشيطان دور كبير في الإفساد بين الزوجين كما ثبت فيالحديث الصحيح. وأذكرك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول..( إذا صلت المرأةُ خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ،وأطاعت زوجها .. قيل لها ادخلى الجنة من أي أبواب الجنة شئت) رواه بن حبانبإسناد صحيح..
ـــ واذا كنت أما فعليك تحرصي على تربية أبنائك تربية حسنة، وإعدادهم لخدمة الاسلام والمسلين ، فقديخرج منهم ابنا أو بنتا تنتفع به الأمة فيكون ذلك في ميزان حسناتك.
ـــ واذا كنت بنتا فعليك ببر والديك ان كانوا احياء ،وصلة اخوانك وأخواتك ، وأرحامك ولو بالهاتف ، اضافة إلى العمل على نصرة الاسلاموالمسلمين في المجال الذي تتميزين فيه.
وختاما: أيتها الغالية:إن الأمة تنظر إليك علىأنك حارسةً لقلعة الإسلام .. وصمام الأمان لهذا المجتمع
ــ فلا تخيبيالظن فيك ، لا تخيبي الظن فيك.. يا أمة الله .
كما أسألهتعالى أن يبارك لنا في يومنا هذا ، ويرزقنا فيه الشكر على النعم ،والسلامة من النقم..
اللهم اغفرلنا ولوالدينا ولوالدي والدينا ،ومن له حق علينا ...
اللهم أصلح رجالناونساءنا وأولادنا ، وأصلح أئمتنا وولاة امورنا وارزقهم البطانة الصالحة التيتعينهم على الحق ياحي ياقيوم..
10
2K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.




الصفحة الأخيرة
الله اكبرالله اكبرالله اكبرولله الحمد