faia

faia @faia

محررة فضية

خطة دينية لحل الأزمة الاقتصادي

ملتقى الإيمان


خطة دينية لحل الأزمة الاقتصادية

بقلم الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا
تطبيقا لأول مادة فى دستور الحياة البشرية الذى وضعه الله لآدم حين أهبطه على الأرض " فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى ، ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى " ، وإيمانا بأن القرآن يهدى للتى هى أقوم ، وثقة بوعد الله فى قوله " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " وتجاوبا مع الأصوات التى تنادى بحل الأزمة الاقتصادية عن طريق العمل والعمل وحده ، وقياما بواجب الدعوة إلى الخير كلون من ألوان الضريبة الاجتماعية التى فرضها الرسول صلى الله عليه وسلم على كل مسلم .
أتقدم بخطة رباعية لا ترتبط بالسنوات والاعتمادات بقدر ما ترتبط بالقيم والأخلاق ، تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها دون التقيد بمواسم أو قرارات تصدر بها ، خطة جاءت فى الآية العاشرة من سورة الجمعة ضمن آيات تتحدث عن ربط النشاط الاقتصادى بذكر الله وطاعته ، هى قوله سبحانه : " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " اربع فقرات تبين أن العمل فى المنظور الإسلامى لا يثمر إلا إذا انطلق من عقيدة صحيحة ، والتزم بخطة مشروعة ، وتحرك فى ظل قيم شريفة . لابد أن ينطلق العامل فى عمله عن إيمان بالله الذى خلقه ، مستلهما العون ممن أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة ، ويقتضى ذلك دوام الصلة به عن طريق عبادته وعلى رأسها الصلاة ، التى جعلها الله على فترات يجدد بها إيمانه ونشاطه الروحى كلما أثرت عليه شواغل الحياة ، وتجىء الفقرة الثانية من الآية فتصحح له مفهوم الإيمان بأنه لا يعنى التواكل والكسل ، ومفهوم العبادة بأن ميدانها أوسع وأشمل ، فتأمره بالانطلاق بعد الصلاة لطلب الرزق الذى تكفل الله به لكل دابة فى الأرض ، والتماسه من خباياها فى المناكب المنتشرة ، التى تتعدد بها المنابع وتستغل كل الموارد ، لتكون فى تعاونها كالأوانى المستطرقة ، تواجه بها الاحتمالات ، وتتفادى الأزمات .
وفى غمرة النشاط الدءوب تجىء الفقرة الثالثة من الآية لتنزع من الإنسان غروره بقوته وجهده ، ولتوجه الجميع إلى العمل بروح الفريق الواحد ليتوارى التنافس المسعور والحسد الباغى والأنانية القاتلة ، فتقرر أن ما يبتغونه من رزق هو فضل من الله وحده ، خلق الثمرة التى يأكلونها ولو شاء لجعل ما يزرعون حطاما ، وخلق الماء الذى يشربون ولو شاء لجعله أجاجا ، وخلق الطاقة التى يستخدمونها فجعل من الشجر الأخضر نارا ، وضمانا لعدم انحراف المسيرة الجماعية قررت الفقرة الرابعة من الآية مبدأ المسؤولية بما فيها من رقابة ومتابعة ومساءلة ومجازاة ، فأمرت بذكر الله كثيرا ، أى بتذكره على الدوام ، فهو يسمع ويرى ، ويعلم السر وأخفى ، ورسله يكتبون ويحصون ، وكأن هناك بالتعبير الحديث آلات خفية على أدق ما تكون من الحساسية ، تسجل بالصوت والصورة كل ما يصدر عن الإنسان حتى ما يكنه صدره ، وسيعرض التسجيل ليقرأه ويشاهده بنفسه يوم القيامة ، ثم يكون الحساب الدقيق الذى لا تظلم فيه نفس شيئا . وفى ظل الإحساس بالمسؤولية على هذه الصورة سيكون إتقان العمل وزيادة الإنتاج ويختفى التسيب والإهمال والرشوة والاختلاس ، والغش والتزوير والنهب والاحتيال ، ويتحقق العدل ويستتب الأمن ويوفر الجو لكل عوامل التقدم والازدهار .
وبعد ، أفرأيتم بعد هذا الإيجاز البالغ لخطة التنمية التى تنتهى إلى الفلاح بأوسع معانيه أن الحل الأمثل الذى يقضى على المعيشة الضنك ولا يضل به المجتمع ولا يشقى ، هو فى اتباع منهج الله العليم بما خلق ، الحكيم فيما شرع ، الصادق فيما وعد ؟ إن الأمر لا يحتاج منا إلا إلى إيمان صادق ، وفهم دقيق ، وتطبيق صحيح ، وبالله التوفق
منقول
0
333

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️