sh-- mo
sh-- mo
كملي وناسه الموضوع
^_^ تومي!
^_^ تومي!
مو كانها روايه ممكن اسال حقيقيه والا من نسج الخيااال .. كملي انتظررك حبيبتي
مو كانها روايه ممكن اسال حقيقيه والا من نسج الخيااال .. كملي انتظررك حبيبتي
ايه ياعمري رواية :27:
^_^ تومي!
^_^ تومي!
مو كانها روايه ممكن اسال حقيقيه والا من نسج الخيااال .. كملي انتظررك حبيبتي
مو كانها روايه ممكن اسال حقيقيه والا من نسج الخيااال .. كملي انتظررك حبيبتي
وهذي التكملة لعيونكم :)

/

/

/

/
^_^ تومي!
^_^ تومي!
الجزء الأول

الفصل الثالث




إنه الخبير .. خاطف القلوب .. إنه قصي ..

بارع هو .. ويعرف ما يفعل دوماً ..



قد وضع خطة كي يأسر قلب حنان المغرورة الفاتنة .. ولكي يختصر الزمن من شهر ويختزله إلى يوم .. وإن كانت الخطة في الحقيقة .. لا تعتمد على خطوات واضحة بعينها .. إلا أن مسارها مرسوم بعناية .. وليوظف ما يستطيع توظيفه من الفرص .. وليرتجل بعد أن يقوم ببضع خطوات على ما يستجد على الساحة ..





كان قد مضى على قصي بضعة أيام من حضوره ..

كان المساء لطيفاً ذاك اليوم .. كان يلقي بنسمات رقراقة .. تداعب الوجنات الناعمات .. وتبعث قشعريرة خفيفة في الجسد .. وتحرك الشعيرات على أسنمة البخت المائلة في قرية الورود ..

والازدحام كعادته على أوجهه .. ذلك أن المطاردات لا تحلو إلا عند توفر الطرائد .. ذلك أن جنساً من الإناث .. يروق لهن .. أن يكن لقمة سائغة في أفواه التماسيح .. ويرضين أن يكن في مهب ريح الفضيحة .. ثمناً باهظاً .. لاهتمام مزعوم .. وكلمة رقيقة تُداعب بها فتاة محرومة من الحنان الأسري .. تحت عزف الأغاني العاطفية التي تضج بالحب وبتصويره النهاية السعيدة لكل القصص الرومانسية ..





وكعادة اعتادها نزار وشلة البنات تلك .. كان اللقاء الليلة .. إلا أن قصي طلب من نزار .. أن يدعوهن إلى العشاء .. على حساب قصي .. في مطعم على الطراز الأمريكي داخل قرية الورود .. والحق يقال .. أن ما كان سيدفعه قصي .. باهظ الثمن .. إلا أنه ما كان يهتم كثيراً .. إذ أن كسب القلوب وفي مدة قياسية .. ليس له طريق أسهل من الكرم ..

وعلى الرغم من أن هؤلاء الفتيات .. ينتمين إلى الطبقة المخملية من المجتمع .. إلا أن دعوة مثل هذه لها طابع خاص .. يفرض جو الدور الرجولي .. على ما ترتضيه الأنوثة في داخل المرأة ..

وكما توقع قصي تماماً .. قبلت معظم الفتيات .. إلا حنان .. لأنه كان يدرك أن هذه النوعية من البشر .. لا تحب أن يكون عليها "جميلة " أو دين كرم .. تحمله تجاه شخص ما .. خصوصاً إن ما كان شخصاً مثل قصي .. وهن في أول الطريق ..

وعلى هذا المحك كان قصي يلعب ..



كان نزار والفتيات موجودين في المطعم .. ونزار يتحدث معهن .. ولا تكاد تمر دقيقة .. إلا والضحكات تتوالى هنا وهناك ..

كم تروق مثل هذه الشخصيات للبنات .. التي تضحك .. والتي تتمتع بحس الفكاهة !

ولم تمضي أكثر من دقائق حتى جاء قصي ..

كان يرتدي جينزاً أزرقاً سماوياً .. واللون الأبيض الباهت يحتل مساحة كبيرة منه .. بطريقة الموضة التي تنتشر هذه الأيام .. وكان يرتدي قميصاً أبيضاً تجري خطوطه مائلة إلى اليمين .. وكرافتة زرقاء تناسب لون الجينز .. وجلس في أناقة يحبها قصي .. وهو يحيهن ..

جاء ليحتل مكان الاهتمام بدلاً من نزار .. وليكون محط الأنظار .. وتحت دائرة الضوء .. بل تعلقت كل القلوب به .. وأمسى نزار كان في خبر كان ..



راح الجميع يتبادل الكلام في بساطة .. وكان أول ما ابتدر به قصي الكلام عند جلوسه بتساؤل أجاد فيه تصنع الاهتمام : أين حنان ؟ ..

فقالت عهود : لم تأتي .. فضلت البقاء في المنزل

ارتسمت بمهارة على وجه قصي .. أمارات خيبة الأمل .. وضم شفتيه في إحباط مفتعل ..

ولكنه في لحظة عاد كأن لم يكن شيء .. وعاد للحديث .. وكان قصي .. يقوم بسؤال كل بنت .. ويترك لها حرية الكلام والتعبير .. حتى إنه كان يطلب من الجميع الإصغاء .. وتحس وقتها كل بنت بالارتباك .. أن كل العيون تحدق فيها .. لأن الله صبغ على البنات صبغة الخجل .. ولأن العادة جرت في مجتمعاتنا .. أننا لا نستطيع أن نعبر عن آرائنا بالشكل الكافي .. وخصوصاً البنات ..



جاءت الطلبات .. وكانت الأطباق شهية للغاية .. ما بين ستيك سيرليون .. وفاهيتا .. وتشكن كايجن .. وأصابع الموزيرلا .. والكسدايا ..

وراحت أصوات الشوك .. تدق في الأطباق البيضاء الثقيلة .. وكأنما موسيقى لها وقعها الخاص .. في مناسبات الطعام الشهي ..



ثم راح قصي يقول وهو يتناول الطعام : حنان لها شخصية غريبة .. أم أن هذا يبدو لي ؟

راحت عهود مرة أخرى تتحدث : فيها كبرياء .. وأنفة .. وفي أحيان أكثر من اللازم .. ولكنها فتاة طيبة .. رغم قسوتها في أحيان عدة ..

وراح قصي يقطع قطع الدجاج أمامه المغمورة بصلصة الباربيكيو وهو يعقب : ولكني أجد هوة كبيرة .. وأحسها في شخصيتها .. ولا أدري لماذا ..

كانت سمر .. تنظر في قصي دوماً .. حين كان يتكلم عن حنان .. وسمر هذه هي ذات الفتاة التي طلبت من قصي في اليوم الأول أن يعزف بالبيانو .. وهي ذاتها أكثر فتاة تسير حنان برفقتها .. ولكنها لم تتكلم بكلمة عن حنان طوال وقت العشاء ..

فقالت عهود : دعك منها .. إنها معقدة .. ثم راحت تضحك ..

إلا أن قصي قال لها : لا .. إنها ليست معقدة .. إنها مميزة ..

ثم تابع طعامه بهدوء ..

وبعد قليل .. نهض قصي .. ليعيد ملء كأسه من البيبسي .. وهو يفكر في نفسه ويقول : يبدو أنهن لا يحببنها كثيراً ..

"قصي " التفت قصي وراءه .. ليجد سمر وهي تحمل كأسها أيضاً .. فابتسم لها .. فقالت : هل تريد أن أحدثك عن حنان ؟

فقال قصي : بالطبع .. هذا مؤكد ..

كان واضحاً للفتيات اهتمام قصي بحنان إلى حد ما .. وهو الأمر الذي كان قصي يعمد إليه .. ولكن في حدود قوة الشخصية ..



وبعد العشاء .. دفع قصي ببطاقة الائتمان .. ثم خرج الجميع شاكرين له هذه الدعوة .. ثم خرج قصي ليسير مع سمر .. وجلس معها غير بعيد عن الشلة أمام كشك صغير .. يبيع بعض الحلويات وألعاب الصغار ..

أحست سمر أنها مرتبكة وهي تتكلم .. ولكنها في النهاية .. يبدو أنها تغلبت على مخاوفها وقالت : يبدو أن حنان معجبة بك ..

ابتسم قصي .. وإن كانت هذه الابتسامة لها أكثر من معنى ..

فتابعت سمر : أنا لم أقل هذا الكلام .. إلا لأني لاحظت أنك معجب بها .. وأنك تريد أن تعرف عنها ..



من الجميل أن تثمر خططه بهذه الطريقة القوية .. وأن يتحصل على الشيء الذي يريده قصي .. وإنه شيء محدد هذه المرة ..

ولكن من الواضح .. أن هذه الفتاة .. هي أيضاً مهتمة به إلى حد ما .. أحس قصي بهذا .. في أول مرة حين طلبت منه العزف .. وفي نظراتها الدائمة له .. وفي إنصاتها الواضح دوماً لما يقول .. وفي خجلها أن تلتقي عينها بعينيه .. بل وفي لهيب يلتمع في كلمتها حين كانت تحدثه عن حنان ..

فسألها قصي :

من قال لك ؟

هنا أحس قصي .. بالفتاة تتميز من الألم .. وإن مثل هذه الأمور لا تمر على واحد مثل قصي .. أحس أنها تود لو كانت محل حنان .. أحس أنها تتمنى حقاً لو تتعرف عليه أكثر ..



ولكن حقاً لبعض البنات طبيعة غريبة جداً .. عندهن حب الإيثار في بعض اللحظات بطريقة عجيبة .. وهي ليست من باب الإيثار الحقيقي .. بل ليشعرن في أعماقهن بأنهن يتمنين للحبيب السعادة الأبدية .. ذلك النوع من الحب الذي يرضى بان يضحي بنفسه من أجل من يحب .. صورة أفلاطونية للحب العذري .. بعيداً عن حب التملك والتفرد ..

أخبرته سمر أن حنان معجبة به .. لتقول له بطريقة غير مباشرة أنها مهتمة لأمره كثيراً .. سيكولوجية غريبة ..

ولكنه تصرف يحدث لأصحاب الحظوظ القليلة .. حين تعرف الفتاة .. أن مجال المنافسة غير وارد .. خصوصاً حين تكون حنان بجمالها هي الخصم .. وحين يكون الطرف الآخر .. معجباً بهذا الخصم ..



فقالت سمر وهي تنظر في يديها : لقد كتبت ذلك في دفتر خواطرها إلى .. امممممم .. لقد كتبته في دفتر خواطرها ..

قال قصي وهو يجلس مسترخياً في الكرسي مشبكاً بين أصابعه : إلى من ؟

ابتسمت سمر وقالت : أفضل ألا أقول لك ..

فقال قصي بحذر : هل هو صديق ؟

فقالت سمر بسرعة مستدركة : لا لا .. أبداً .. إنه ليس صديقاً .. ليس في قلب حنان أي رجل .. ولكن .. إنها .. اسمع سوف أقول لك .. ولكن أرجوك لا تقل لها أني قد أخبرتك .. ستغضب مني كثيراً ..

فقال لها قصي : كلي آذان صاغية يا سمر ..

فقالت : إنها صديقتها المتخيلة ..

ضحك قصي وقال : قولي هذا من البداية .. لا عليك .. أفهم هذا الأمر جيداً .. إن الأطفال في أمريكا يقمن بهذا أيضاً ..

ابتسمت سمر كأنها أزاحت عن كاهلها هماً ..

جاء النادل وقال : هل تريدون أن تطلبوا شيئاً ..

قال قصي وهو يلتفت لها : هل تودين أن تشربي شيئاً ..

فقالت : لا شكراً ..

فقال : هيا .. ما رأيك في عصير البرتقال ؟

فابتسمت سمر في جذل وقالت : لا بأس ..

فالتفت إلى النادل وقال : عصير برتقال .. وقهوة تركية سكر زيادة ..

هز الرجل الممتليء رأسه ومضى ..

فترة من الصمت مضت .. قبل أن يقول قصي وهو ينظر في عينيها وكأنما يسبر أغوارها : سمر .. هل لك أن تحدثيني عن حنان ؟

فقالت سمر باستحياء : ماذا تريد أن تعرف بالضبط ؟

فقال : لم هي هكذا ؟ لم الجمود يملأ قسماتها ؟ لم هذه الشخصية القاسية ؟ هل هناك أمر ما ؟



فأخذت تتكلم عنها بإسهاب .. كانت تتكلم .. وتتكلم .. وأخبرته ملخصاً سريعاً عن حياة حنان :

فتاة من أسرة انفصل فيها أبويها بعد فترة قصيرة من الزواج .. لتكون بذلك البنت الوحيدة .. عاشت حياة قاسية .. خالية من الحنان الأسري .. والاستقرار العاطفي .. تربت في كنف والدتها .. التي علمتها أن تأخذ حقها بذراعها .. وأن البقاء في الحياة للأقوى .. وأن قوة الشخصية .. والقدرة على إبقائها تحت السيطرة .. هي الوسيلة الوحيدة للعيش في هذه الحياة البائسة .. تعلمت أن تكون قوية ..

وعلى الرغم من طبقة والدتها التي تعتبر فوق المتوسط بكثير إلا أن شيئاً من هذا لم يعوضها عن دور أبيها الذي كان من المفترض أن يكون مهماً في حياتها .. لتعيش هذه الحياة .. بأم تعمل عمل الأبوين .. والكبينة التي تجمع حنان وصديقاتها هي ملك لوالدتها ..

تعلمت كيف تكون باردة المشاعر .. لأنها مقتنعة أن المشاعر في هذه الحياة .. لا تؤكل الخبز .. بدأت بعض المشاريع الصغيرة بمساعدة والدتها .. ومنها تحصلت ربح يعزز ثقتها في نفسها .. وساهم ذلك في بناء شخصية قوية ..

كان هذا مجمل الكلام ..

ثم قالت سمر : ولكنها يبدو أنها أعجبت بك حقا ..



صمت قصي .. وراح يفكر وهو يحتسي قهوته في هدوء : كما توقع تماماً .. هذه الفتاة .. ليست قاسية بطبيعتها .. بل الظروف قامت بعملها على أتم وجه .. وصنعت هذا الحائط الصلب .. لا بأس .. أستطيع أن أتعامل معها جيداً ..

التفت إلى سمر وقال لها : لا تعلمين مدى الفضول الذي يتملكني .. مذ سمعت بموضوع الرسالة .. ياه كم أود أن أعرف ما برسالتها .. ولكن ..

ثم لوى شفتيه وابتسم لها ورفع يده فاتحاً أصابعه : ماذا أفعل .. أظن أن الفضول سيقتلني ..



إنه بارع بحق .. لم يطلب منها أن تأتيه بالرسالة .. و لكنه يدرك أنها ستحاول أن تفعل المستحيل من أجله .. وقد استغل هذا الأمر لصالحه بشكل جيد ..

فكرت سمر قليلاً ثم قالت : اسمع .. سأحاول أن آتي لك بها .. ولكن لا أدري .. اممممممم .. سأحاول .. انتظرني قليلاً ..

ابتسم قصي وقال : خذي وقتك ..

وذهبت سمر ..



أما هو فأخذ يتطلع في البحر .. وهو يمسك في يديه قهوته باستمتاع ..

سمر هذه تفكره بحكاية قديمة .. بل إنها تفكره بتلك الحكاية تحديداً .. نظر هناك في الأفق .. وتذكر نغمة حزينة .. وبسرعة البرق راحت الصور تجري في مخيلته بسرعة فائقة .. وأحس بسفح دمعة تملأ عيونه .. وراح يعتصر كوب القهوة الورقي .. ليسمع صرير الورق المتحطم .. أغلق عينيه في صمت .. وابتلع ريقه .. وأطلق زفرة حارة من صدره .. وقال : ما كان ينبغي أن أفعل ذلك .. تباً لي .. ليس سمر ..

فتح عينيه .. وأخذت عينيه تطالع الأرض .. والأصوات تخبو قليلاً قليلاً .. وأخذ يتذكر كأنما خرج من الصورة :

هنالك في الحديقة .. صوت بكاء .. قصي والذهول يرتسم على وجهه .. " لقد كنت أنا .. " وبدأ .. .



"قصي "

قطع عليه حبل تفكيره صوت سمر .. وهي تمسك في يدها ورقة دفتراً صغيراً أنيقاً .. وقالت وهي في منتهى الانفعال .. والدماء في أوداجها تضخ الدم بقوة .. وقالت : هذه رسالتها ..

مد قصي يده .. وأخذ الدفتر .. وفتح على صفحة أشارت له بها سمر .. وراح يقرأ .. وبصراحة .. هو لم يكن أبداً في حالة تسمح له بالقراءة .. ولكن لا يهم كثيراً :



من حنان إلى مادلين



إنه هو يا مادلين .. إنه هو .. لم يبارح مخيلتي إلا لثوان فقط .. كم هو أنيق .. كم هو لبق وساحر ..

تلك النظرات التي لا تبارح عينيه .. تلك النبرات الهادئة .. تلك الابتسامة الواثقة ..

لازال يشرب قهوته في الصباح كل يوم .. ويجلس هنالك ليكتب .. كم أتمنى أن أقرأ ما يكتب ..

أحس أني حين أراه .. أراه بهالات بيضاء تغمره .. فتجعله شمساً صغيرة ..

مادلين .. لا أستطيع أن أفكر في شيء غيره ..

صدقي أنه لم يكلمني كثيراً .. سوى تلك الجمل الرقيقة التي اعتاد أن يسحر بها كل من حوله ..

رغم ذلك قرأت في عينيه أشياء أخرى ..

ولكن هل تكون مجرد نظرات عادية ؟!

أنا في حيرة شديدة .. ساعديني يا مادلين ..

إنها المرة الأولى التي أحس فيها بمثل هذا الشعور تجاه رجل ..



لست أنا فقط من تحس به هنا .. بل كل فتاة هاهنا ..

إنه ببساطة يأسر قلوبهن جميعاً ..

فلم يمشي يوماً إلا نظرت له البنات ..

وهو يسير أنيقاً .. واثقاً كعادته .. وفي فمه ابتسامة هادئة .. ويوزع عباراته الساخرة ..

صدقي يا مادلين ما فتاة نظرت إليه إلا ارتبكت ..

وما من جريئة حاولت أن تتحدث إليه إلا احمرت وجنتيها خجلاً ..

لأول مرة أحس أني مفتونة في شخص لم يحاول حتى التودد لي ..

لم يتكلم بشيء .. لا أدري .. ربما هذا ما جذبني إليه .. أيكون ذلك ؟



إنه يتكلم فينصت الجميع .. إنه يمشي .. فتتعلق به كل الأنظار .. الجميع يحبه والكل يحترمه ..

مادلين إن انسب كلمة يمكن أن أقولها أني معجبة به ..

ولكني سأنتظر ما تحمله الأيام ..

وسأكون حذرة بالتأكيد ..

ماذا أخبرك ؟

ليس لديه صاحبات ..

لقد نفذ الكلام ..



لا تنسي أن تسلمي لي على كل الأصحاب .. سآتي بعد بضعة أيام ..





وبعد أن قرأ الرسالة قصي .. أدرك أنه فعل ما يريده .. كل ما يحصل يسير بحسب ما يشتهي .. وكل ما فعله قد أثمرت نتائجه أخيراً ..



ولكنه قطع على نفسه حبل أفكاره وقطع هذا الانتصار وقال : سمر ..

نظر لها هذه المرة بجدية مختلفة .. وكأنه ليس قصي الذي كان قبل قليل .. يلاطف ويتحدث برقة .. حتى نبرة صوته تغيرت وقال : سمر أنت إنسانة جيدة .. وأنا أدرك أشياءً عنك قد فضحتها عينيك ..

أما سمر فتجمدت في مكانها .. وأحست بزرقة تسري في أوصالها .. وتطلعت إليه وهي ترتجف ..

فقال وهو يقطب حاجبيه .. وبدأت حبات العرق تلمع في جبينه :اسمعي يا سمر .. أنا لست ذلك الرجل الذي تتمنينه حقاً .. وربما أقول هذه الكلمات لأول مرة في حياتي .. ولكن .. إن أحببت يوماً فقولي لمن تحبينه بأني قد أحببتك .. ولا تتظاهري بشيء آخر .. لا تدعي فرصة أن تمر من عينيك .. وإلا ستندمين طوال عمرك .. وأنا أعرف كل ما يدور في قلبك .. ولكن طريقي مؤلم يا سمر .. فلا تقتربي منه ..

سمر تجمدت في مكانها ولم تستطع أن تقول كلمة واحدة .. إذا هو يعرف أنني معجبة به .. وماذا يقصد قصي بهذه الكلمات ؟



أما قصي بنفسه أحس بآلام لا حصر لها في معدته .. ودوار رهيب .. وحرقة في صدرة .. وراح يقول : تباً .. ليس الآن!

وفجأة .. بدأ يكح .. وضع يده على فمه بعصبية .. وعندما رفع يده .. صرخة سمر صرخة صغيرة وهي تضع يديها على فمها .. فقد كانت يد قصي وهي مخضبة بالدم ..

اقتربت منه في خوف ..

ولكنه قال لها : سمر ..

تسمرت في مكانها لا تعرف ما تفعل ..

ولكنه قال : عديني ألا تخبري أحداً بما حصل .. ألا تخبري أحداً بأي كلمة قلتها لك ..

فلم تعرف ما تقول .. ولكنها راحت تنادي على الباقين بصوت عالي .. وما هي إلا لحظات إلا ونزار كان قد وصل إليه وبقية الفتيات .. وتجمهر بعض الناس .. ولكن قصي قال : أنا بخير .. وراح يمسح الدم من شفتيه .. وراح نزار يساعده في المشي ..



أما سمر فلم تتمالك نفسها من البكاء .. سألتها عهود : ما الموضوع ؟

فقالت سمر بهستيرية : لا أدري لقد كان يقرأ كلام حنان .. ثم بدأ يكح .. لا أدري ..



كان هناك الكثير من الغموض الذي يكتنف حياة قصي ..

ولكنها المرة الأولى التي يحذر بنتاً منه ..



وبعد هذا بثلاث ساعات كان قصي استعاد عافيته وجلس ليرتاح في أسفل كبينة نزار .. أما حنان فقد سمعت ما حصل .. وعلى الرغم من قلقها على قصي .. إلا أن أول ما فعلته أنها وبخت سمر توبيخاً قاسياً للغاية .. على أخذها ما ليس من شأنها .. ألا وهي دفترها الخاص .. وأنزلت بها من الكلمات .. ما أبكى سمر للمرة الثانية .. ولكنها لم تكن حتى تهتم ..

وسمع بذلك قصي .. بعد أن اتصلت سمر لتطمأن على حال قصي ..

فقال في نفسه : كنت أتمنى أن تكون الأمور أكثر سلاسة .. وأني لا أضطر إلى فعل هذا .. كنت أتمناه بالطريقة السهلة .. ولكنك لم تتركي لي مجالاً يا حنان ..

توجه إلى حنان مسرعاً وغاضباً .. وكان حانقاً بالفعل .. كانت تجلس مع باقي الفتيات .. قال لها بدون مقدمات : أريد أكلمك على انفراد ؟

نظرت له بدهشة .. وقالت : ما تريد أن تقوله .. قله هنـ .. .

قاطعها دون أن يترك لها مجالاً للنقاش وبعنف قائلاً : لا بل أنت ستأتي ..

ذهلت حنان من العبارة .. لم تتوقع منه أن يكون بكل هذه القسوة .. لم تكن تتوقع أن تختفي خلف هذه الملامح الهادئة .. كل هذا الغضب .. قامت معه وهي بانصياع تحس بخوف حقيقي ..





راح يمشي وهي تسير خلفه .. دون أن تتفوه بكلمة .. وصوت ضربات قلبها تسمعه إيقاعاً بين صوت خطواتها ..

ولما كانا بعيداً عن الناس إلى حد ما ..

نظر فيها بقوة وراحت يتكلم بصوت صارم : ألا تملكين قلباً ؟

أحست حنان .. أن الكلمة تنطلق من فمه كالرصاص ..

وراح قصي يقذف حمماً من الكلمات الجارحة .. فقال :

أنت لست بآدمية على الإطلاق .. أتقومين وتشتمين صديقتك لأنها فقط أخذت دفترك .. ولا تهتمي لحالتها ولا لبكائها ؟ أي بشر أنت؟

فقط لأنك ترين في شخصك قليلاً من الجمال تعاملين الكل ها هنا بكل هذه الوقاحة وكل هذه الأنانية .. تعاملين الجميع بكل برود وغطرسة .. كما لو كنت أميرة .. مازلت تعيشي في دوامة أنا بنت سعودية الكل يريد أن ينال رضاي .. أنت مغرورة ..

ثم طرق بأصابعه طرقة قوية .. كان لها صدى وهو يقول :

استيقظي .. لست أول بنت ينفصل والداها .. لست أول من تفقد الحنان .. ولست أول من تمتلك مشروعاً تداري به ضعفها ..



وطوال الكلام .. كانت الدموع تتجمع في عيني حنان .. واحمرت عيناها من قسوة الكلام ..

ولكن قصي حين وصل إلى موضع طلاق والدتها راحت دموعها تنزل .. ثم قالت وهي تبكي : كفي .. كفي .. حرام عليك ..

وراحت تخبئ وجهها في يديها .. وقد أطلقت لقلبها العنان .. بكت كما لو أنها اختزنت كل هذه الدموع سنيناً طويلة من حياتها .. كأن هذه الكلمات .. كانت تعرفها طوال حياتها .. ولكنها كانت تفضل أن تخفيه .. وأن تدفنه .. حتى لا تحس بعجزها ونقصها .. وحرمانها ..

لم تستطع أن تتحمل .. جلست على الأرض .. وراحت تجهش بالبكاء ..

اقترب منها قصي .. وقال لها بصوت دفيء: حنان .. لم أقصد أن أقول هذا الكلام ..

ولكن حنان دفعته بيدها النحيلة وهي تقول : دعني وشأني ..

فقال : حنان .. لقد قلت لك هذا الكلام لأني أحببتك .. لم أكن أريد من احد أن يسخر منك .. أو أن يقول كلمة واحدة عليك ..

وكأنما تلقت حنان الصدمة الثانية في حياتها .. نظرت إليه مندهشة بمحمر المدامع .. لقد فقدت اتزان مشاعرها حقاً ..

فلم تعرف ما تفعل غير أن تكمل بكاؤها .. وهي تقول : ربي .. سأموت والله ..

بكت كثيراً وطويلاً .. بكت ما يقارب ربع ساعة كاملة .. وهي لا تعي الدنيا بمن فيها .. لا تعي شيئاً من هذا الوجود .. أحست أن الحياة قد توقفت عندها ..

لم تهتم للناس ..

لم تهتم لقصي .. ذلك الذي فتح عليها أبواب الجحيم كلها .. فتح عليها كل أبواب أحزانها .. وجعلها تبكي .. ومن الجهة الأخرى فتح عليها أبواب السعادة الأبدية .. والأحلام الحالمة .. ونسائم الورود الشرقية ..





"حنان" .. نظرت وكأنها بدت تذكر أنها في الطريق .. نظرت إليه ووجها مغرق بدموعه .. ونزل الكحل على وجناتها مساراً لدموعها ..

أما هو فقد كان ينظر لها بنظرات لم تعدتها منه قبلاً .. فيها رقة وحنان .. وشاعرية .. وقال لها : أنت مرهقة .. هيا بنا ..

لم تعرف حنان ما تفعل .. أحست بمغناطيس قوي وصداع يكاد يفجر رأسها .. وراحت مع قصي وهي لا تدرك الدنيا بمن فيها .. تمشي بانصياع .. حتى أوصلها إلى كبينتها .. وقال لها : ارتاحي قليلاً .. أومأت حنان برأسها .. ودخلت الكبينة .. ثم مشى قصي ..





وهناك بجوار السقالة في نهاية البحر .. كان قصي يفكر .. وأتحداك أن تخمن فيم كان يفكر !! كان يرمي الحصاة الواحدة تلو الأخرى .. وهو يتأمل السواد البهيم .. كان يفكر في .. سمر!

مسكينة هذه الفتاة .. مسكينة .. تحبه حقاً .. وحنان ؟ للأسف كان قصي لا يفكر فيها البتة !

جلس لساعة يفكر في سمر ..

ثم تناهى إلى مسامعه صوت الأطفال .. فعاد من بحر تفكيره .. وتذكر أمر حنان ..



فابتسم ابتسامة كبيرة وضحك عالياً .. حتى سمعه الأطفال واستغربوا من ضحكاته .. أما هو فتحولت نظراته .. وصارت أكثر بريقاً ولمعاناً ..

لقد حقق ما يصبو إليه .. والحقيقة أن الظروف خدمته كثيراً .. ولكن كل ما حصل كان مخططاً له مسبقاً .. إلا موضوع سمر ..

الفكرة .. كانت كيف يعرض حنان لهذه الصدمة القوية .. التي تسحقها ؟ كيف يعرضها لصدمة يفقدها اتزانها ؟

كيف يعرضها لصدمة يلغي عقلها .. وقوتها ؟ وبصراحة لم يتوقع أن تكون هشة لهذه الدرجة .. لقد احتاج إلى مكمن ضعف .. ليقول لها احبك .. حتى تستقر في قلبها من الداخل .. وتسير الأمور كما يشتهي .. وهذا ما فعله حين كان يسأل عن حنان .. كان يبحث عن الحلقة الأضعف .. ليجتاح منها حنان

إن حنان من النوع الذي إن قلت له أحبك وهي تملك الزمام .. استغلته .. ولتريثت قليلاً .. وأطالت الموضوع .. وراحت العلاقة تستمر في كر وفر .. وهو يجلس هنا فقط لخمسة أيام .. وبعدها يعود ..

كان ببساطة سيثير مشكلة ببساطة .. أي مشكلة .. ولو حتى لنظرة منه لم تهتم لها .. ويقول لها ما قال ..

لقد كان سعيداً لأنه غضب حقاً من تصرف حنان مع سمر .. فقال ما قال .. وجرح بما جرح بدون إن يحتاج إلى جهد كي يتصنع الغضب ..

تلك هي لعبة المشاعر .. وذلك هو قصي ..







وفي الصباح ..

عندما استيقظت حنان .. كانت الشمس قد أشرقت .. وتبعث وهجها في أراكن الغرفة .. كانت تحس بصداع في رأسها .. تثاءبت .. ثم نظرت إلى الطاولة إلى جوارها .. وجدت باقة من الورد الطبيعي .. في تناسق فريد .. وفي ألق خلاب .. ابتسمت حنان لجمال الورود .. ووجدت عليه كرتاً أنيقاً .. فتحته :



صباحك سكر ..

قصي ..



ابتسمت .. كان البارحة يوماً مرهقا .. ولكن قصي .. آه .. قال أحبك .. هذا يكفي .. لا يهم أي شيء آخر .. ابتسمت عندما تذكرت كل هذا .. ونست الدنيا كلها .. وغطت نفسها بالفراش ..



وبعد دقائق دخلت عليها سمر .. وقالت لها : صباح الخير ..

رفعت حنان فراشها وابتسمت وقالت : صباح النور ..

فقالت سمر: طبعاً يحق لك أن تبتسمي مع هذه الباقة ..

احمرت وجنتا حنان ..

فقالت سمر بجذل : يا الله لأول مرة يا حنان أرى خديك يتوردا في خجل .. لا .. يجب أن أصورك ..

وهنا نهضت حنان من فراشها وراحت تجري نحو سمر والابتسامة في محياها كبيرة .. وأخذت الفتاتان تجريان .. حتى وصلا إلى قاعة الطعام .. وراحا يلعبان حولها .. فقالت سمر: إن أخبرتك ما لدي ماذا ستفعلين وقتها ؟

فتوقفت حنان عن مطاردتها وقالت : قولي لي ..

قالت سمر وهي تبتسم : لقد دعانا قصي كلنا إلى رحلة بحرية قصيرة تستغرق ساعتين ..

حنان لم تعرف بم ترد وكأنها تحولت إلى دمية صغيرة حمراء .. فقالت سمر : تجهزي في الليل ..

فقالت حنان بجذل .. وهي تلعب في خصلات شعرها بحركة لا إرادية : بالتأكيد ..

فقالت سمر : سأذهب مع عهود والأخريات لنشتري بعض الآيس كريم هل تريدن بعضاً ..

حينما قالت حنان : سمر .. ثم صمتت قليلاً وقالت : أنا آسفة ..

التفتت سمر لها .. صمتت قليلاً ثم بادلتها الابتسام وقالت : لأول مرة يا حنان مذ تعرفنا تقولي لي هذه الكلمة ..

قالت حنان : وستسمعينها مني دائماً يا سمر إن أخطأت عليك ..

فقالت سمر وهي تبتسم : أين كنت يا قصي ؟ لقد احتجنا إليك من وقت طويل ..

تبسمت حنان وتوجهت إلى غرفتها تنتقي ثوبها ..







ما الذي سيحدث ؟

بعد أن وقعت حنان في حبال قصي ..

قصي ذلك الخبير ..

الذي يخبأ لنا من أسراره الكثير والكثير ..

قصي الذي لم تعرفوا بعد فيم يفكر ..

قصي الذي كان يفكر بسمر ..

بعد أن أبكى حنان وقال لها أحبك ..

وكيف سينهي موضوع حنان ؟








بس أقدر بكمل لكم ... أنتظروني :)
تابطت خيرا
تابطت خيرا
كملي
متابعه