ان من اجل و اشرف الاخلاق الاسلامية التي يجب على المسلمين التحلي بها هي : الحِلْمُ
و هي من الاخلاق التي تصعب على النفس تحملها لانها ضد الغضب و الانسان عندما يكون غضبان يصعب عليه التحكم في نفسه و يتصرف بطيش و دون تقدير للعواقب ، و قد كان حبيبنا المصطفى صلى الله عليه و سلم من احلم الناس مع اهله و اصحابه وقومه و حتى مع اعدائه قال الله تعالى:
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)﴾
سورة القلم
ولم يكن صلى الله عليه و سلم يتسرع في عقوبتهم او الدعاء عليهم و السنة النبوية الشريفة مليئة بالامثلة على ذلك و من اشهرها
ما تعرض له في رحلته الى الطائف من اذى فدعا ربه و بثه شكواه و ضعف حيلته
فبعث الله عز وجل اليه جبريل معه ملك الجبال يساله ان كان يريد ان يطبق عليهم الاخشبين "جبلين" فكان رده بابي هو و امي و روحي صلى الله عليه و سلم:
بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا
و الحلم من اسماء الله عز وجل فقد سم عز وجل نفسه ب: الحليم الذي يحلم عن عباده و لا يعجل لهم العقوبة و انما يمهلهم حتى يتوبوا :
قال تعالى: { واعلموا أن الله غفور حليم }
و قد ورد كذلك هذا الاسم في دعائه صلى الله عليه و سلم:
كان يقولُ عند الكربِ: لا إله إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله رَبُّ العرش العظيم، لا إله إلا الله رَبُّ السماوات وربُّ الأرضِ، لا إله إلا الله رَبُّ الْعَرشِ الكريم )) البخاري.
تعريف الحِلْمُ:
معنى الحِلْم لغةً:
الحِلْمُ -بالكسر-: الأَناةُ والعقل، وجمعه: أَحْلام وحُلُومٌ .
والحِلْم خلافُ الطَّيش. يقال: حَلُمْتُ عنه أحلُم، فأنا حليمٌ
معنى الحِلْم اصطلاحًا:
عُرِّف الحِلْم بعدَّة تعريفات منها:
الحِلْم: ضبط النَّفس والطَّبع عن هيجان الغضب
وقيل الحِلْم: اسم يقع على زمِّ النَّفس عن الخروج عند الورود عليها، ضدُّ ما تحبُّ إلى ما نهي عنه. فالحِلْم يشتمل على المعرفة والصَّبر والأَنَاة.
وقال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة يمتدح فيه صفة الحلم: { إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة } رواه مسلم
الحليم" هو الذي يرغب بالعفو، ولا يسارع بالعقوبة
و الحلم من اخلاق الانبياء عليهم السلام فقد قال عز وجلعن إبراهيم عليه السلام: {إن إبراهيم لأواه حليم}
من صور حلمه صلى الله عليه و سلم:
خروجه من مكة الى الطائف: عن عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها حدثته أنها قالت للنبى صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال: (لقيت من قومكِ ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يالِيل بن عبد كُلاَل، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت ـ وأنا مهموم ـ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقَرْنِ الثعالب ـ وهو المسمى بقَرْنِ المنازل ـ فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلم عليّ ثم قال: يا محمد، ذلك، فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ـ أي لفعلت، والأخشبان: هما جبلا مكة: أبو قُبَيْس والذي يقابله، وهو قُعَيْقِعَان ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا البخاري
نبي يسبق حلمه غضبه: روى الطبراني وابن حبان والحاكم والبيهقي عن زيد بن سعنة قال:
لم يبق من علامات النبوة إلا وقد عرفته في وجه محمدٍ صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه ، إلا اثنتين لم أخبرهما فيه هما : أنه يسبق حلمه جهله ، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً ، قال زيد بن سعنة: فكنت أتلطَّف له أي بمحمد صلى الله عليه وسلم لأن أخالطه ، فأعرف حلمه وجهله ، فابتعت منه تمراً ـ اشتريت منه تمراً ـ إلى أجلٍ ، فأعطيته الثمن ، فأعطاه . أي أن هذا زيد اشترى من رسول الله صلى الله عليه وسلم تمراً ، أعطاه الثمن ولم يقبض البضاعة ، طبعاً إلى أجل هكذا الشرط ـ فلما كان قبل مجيء الأجل بيومين أو ثلاثة أتيت محمداً صلى الله عليه وسلم، فأخذت بمجامع قميصه ، ورداؤه على عنقه ، ونظرت إليه بوجهٍ غليظٍ ثم قلت :
ألا تقضين يا محمد حقي ، فوالله إنكم يا بني عبد المطلب مطلٌ
كان سيدنا عمر موجود ، وهذا يهودي ، قال له :
أي عدو الله تقول هذا لرسول الله ، فوالله لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك
ماذا كان يحاذر سيدنا عمر ؟ كان هناك اتفاق مع اليهود ، فلو ضربه لانتهِك هذا الاتفاق ، كان عليه الصلاة والسلام ينظر إلى عمر بتؤدةٍ وسكونٍ وتبسم ، ثم قال عليه الصلاة والسلام :
أنا وهو ـ أي أنا وزيد ـ كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر ، أن تأمرني بحسن الأداء ، وأن تأمره بحسن المقاضاة ، ثم قال : اذهب يا عمر فاقضه حقه وزده عشرين صاعاً ، مكان ما رعته
أي خوفته ـ أي مقابل فزعه ، ففعل ذلك عمر .قال زيد : فقلت :
يا عمر كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله حين نظرت إليه ، إلا اثنتين لم أخبرهما هما : أنه يسبق حلمه جهله ، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً ـ يبدو أن هذه الصفات وردت في التوراة ـ فقد اختبرته بهما ، فاشهد يا عمر أني قد رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً
وفي غزوة احد: كسرت رباعيته ، وجرحت شفته ،وشج جبينه ، فلما قيل له : ادع عليهم قال :
اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون
و الحلم لا ينافي الغضب فانه صلى الله عليه وسلم كان يغضب لله : و لكنه مهما بلغت شدة غضبه لا تخرجه عن الحق
و اكتفي بهذه الامثلة عن حلمه صلى الله عليه و سلم ،لان قصص حلمه صلى الله عليه و سلم كثيرة ومن اراد الاستزادة فعليه بكتب السنة
واخيرا وليس اخرا ما احوجنا الى الاقتذاء به صلى الله عليه وسلم في هذا الخلق النبيل في عفوه و حلمه ورافته، بل في اخلاقه كلها لننعم بعيشنا في الدنيا و لاخرة :
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (الأحزاب: من الآية21
ما كان من كمال فهم من عند الله و ما كان من نقصان فهو من نفسي و الشيطان
وجزاك الله خيرا على مشاركاتك القيمة بالفعالية
وفقنا الله واياك الى التأسي بخلق الحلم والسير على نهج اخلاق النبي عليه افضل الصلاة والسلام