د.مشبب القحطاني

د.مشبب القحطاني @dmshbb_alkhtany

إمام وخطيب مفكرة المجلس عضو في جماعة التوعية الإسلامية

خمس فوائد من الهجمة الأخيرة على الاسلام ..ودورنا تجاه تلك الهجمة خطبة الجمعة 16/2

الملتقى العام

أيها المسلمون :يقول الله تعالى في محكم التنزيل ..


( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ، وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ(112)

ومن هذه الآية نفهم أن العداوة والصراع سنَّة من سنن الله تواجه المؤمنين الصادقين على مدار التاريخ ،..

فهي معركة تتجمع فيها قوى الشر من الإنس والجن وتتعاون وتتحد لحرب المؤمنين الصادقين ، الذين يقفون في وجه الباطل ويصدعون بالحق ..

أيها الأخوة في الله : ان هذا التحالف على مر التاريخ لا يخرج عن دائرة علم الله وحكمته ، فهو بالتالي خير للإسلام والمسلمين قال تعالى ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ، فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ )
ولذلك فالمسلم إذا علم هذا ، أيقن أن تحالف قوى الشر في العصر الحاضر على بلاد المسلمين ناتج عن حكمة الله تعالى وتحت سمعه وبصره ، وهو سبحانه بالمؤمنين رؤوف رحيم ..
كما يوقن أن وراء هذا المر خير كثير للإسلام والمسلمين ..

أيها الاخوة : وحول فوائد الهجمة الأخيرة على المسلمين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ونهاية بالحرب على العراق سيكون مدار خطبتنا هذا اليوم بإذنه تعالى ..

أيها المسلمون :
بداية قد يتضايق كثير من المسلمين لما يحل بإخوانهم في جميع أنحاء العالم ، خصوصا ما حصل في أفغانستان والشيشان وفلسطين وأخيرا بالعراق ..
وربما يسأل فيقول:
هل وراء هذه المحن والمصائب التي تحل بالمسلمين, منفعة وفائدة؟ المسلمون يُقتّلون، يُطاردون، ويُحاصرون ،يسجنون وتُلفّق عليهم التّهم العظام ، تصادر خيراتهم ، وتسلب حقوقهم .. ثم يقال هناك فائدة ..

وهذا السائل يقال له نعم ، ليست هناك فائدة واحدة، بل فوائد عظيمة ، علمها البعض ، والكثير قد غفل عنها ..
واسمع يا من يحزنك ما ترى وما تسمع من أحوال المسلمين إلى شيء فوائد الابتلاءات واربطها بالواقع ..

أولاً: قد يكون الابتلاء سببا ليراجعَ الإنسان نفسه، ويحاسبَها على ما اقترفت من الذنوب، يقول الله عز وجل: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ(42)فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(43)

لقد أخذهم الله بالبأساء والضراء ليرجعوا إلى أنفسهم، لعلهم تحت وطأة الشدة يعرفوا ضعفهم وحاجتهم إلى الله تعالى فيتوبون إليه ، ويعودوا إلى دينهم ..

وكم من الناس ـ ممن نعرف ـ تاب إلى الله ورجع إليه بعد حادث أصابه، أو بعد فقد عزيز عليه ، فكان في ذلك البلاء الخير العظيم ..قال تعالى ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا(19)
.
والشدائد والصعاب تُربِّي الرجال، وتُصلح فاسدهم ، والمؤمن قد يشغله الرخاء وهناءُ العيش , فينسيه ضعفه وحاجته إلى ربه، والشدائد تُذكره بربه وخالقه جل وعلا ؟؟

وفي الفترة الأخيرة شاهدنا كثير من المسلمين في مختلف أنحاء العالم عادوا إلى ربهم ، وظهرت عليهم علامات الاستقامة ، خصوصا الذين شنت على بلادهم الحروب الظالمة ..فلله الحمد والمنة.


الثاني من فوائد الابتلاء : أنه تهيئة لمن أصابه البلاء لمقامات رفيعة في الدنيا والآخرة, لا يمكنه الوصول إليها إلا على جسر من التعب والبلاء.

وهذا الأمر مُشاهد معروف, فكم من داعية لم ينتشر علمه ودعوته وكتبه إلا بعد ابتلائه أو سجنه أو قتله ..

وهذا هو الإسلام يحارب، ويُضيق عليه، وتُشن عليه الدعايات الكاذبة, وما دروا أنهم بذلك ينشرونه في الدنيا، ليصل الإسلام إلى أماكن لا يمكن أن يصل إليها بهذه السرعة، وليعرف أقوام الإسلام, وقد كانوا أكثر الناس جهلاً به.

ولعل المتتبع لمجريات الأمور يجد ان الذين دخلوا في الإسلام بعد هدم الأبراج آلافا مؤلفة يصعب حصرهم ،( بغض النظر عمن كان وراءها ) خصوصا في الولايات المتحدة...وانتشر الإسلام في العالم بشكل لم يسبق له مثيل ..فلا تكاد تجد بيتا في العالم إلا وسمع بالإسلام ، بينما كانت هناك الملايين من البشر لم تسمع ..مجرد سماع بالإسلام ؟؟

فلله الأمر من قبل ومن بعد ..

ثالثاً: بالابتلاء يعرف المسلم عدوه من صديقه، فتتميّز الصفوف، وتسقط الأقنعة ..
، صحيح أن الأمة ستخسر أعداداً كبيرة من أفرادها ، ولكن في هذا التمييز خير كثير للدين وأهله ؛ لأن في ذلك فضح للمنافقين والذين في قلوبهم مرض، حتى نأخذ الحذر منهم، ولا نخدع بهم، يقول الحق سبحانه:
( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ )

فلا يكافح ولا يناضل، ولا يحتمل الأذى والتضحيات إلا أصحاب دعوةِ الحق، الذين يؤثِرون دعوتهم على راحتهم، بل يضحون بالحياة كلها في سبيل نشر دين الله .
وفي أثناء الحرب وبعدها ظهر العملاء والخونة والمرتزقة والجبناء على حقيقتهم ، وانكشفوا أمام اقل أفراد المجتمع تفكيرا .. وهذا مكسب ليس بالهين لأصحاب الدعوات الصادقين .

الرابع من فوائد الابتلاء, رجوعُ كثيرٍ من المسلمين في بلاد الكفر إلى إسلامهم الصحيح, بعد ما رأوا وعاشوا الرعب في بلاد الحرية والديمقراطية بعد الأحداث الأخيرة ، وبعد ما كشرت الصليبية عن أنيابها في وجوه المسلمين السذج الذين يظنون الكفر خيرا ..

فمهما تخلى المسلمون عن إسلامهم، ومهما ذابوا في حضارة الكفر، يبقى الغرب ينظر للمسلم أنه مسلم ، فعندها يعرف المسلم أنه لا التقاء بين الإسلام والكفر ، ليس هناك إلا البراء من الكفر والكافرين .

وهذا لا شك مكسب كبير للدين .. ونصر للمسلمين ..

أيها الأخوة الخامس من فوائد الابتلاءات
معرفة قدرِ عداوة الكفار للمسلمين ، وحقدِهم الشديد على الإسلام ، فالحرب التي يشعلونها حرب دينية عقدية ، وإن لُبّست بلبوس العدل أو نشر الحرية،
لقد ظهرت أمريكا على حقيقتها أمام العالم ، في أفغانستان آلاف القتلى وعشرات الألوف من الجرحى ..مئات القرى دمرت لا لشيء سوى الحقد الدفين على الإسلام .
وفي العراق آلاف القذائف تقصف بها البلاد ليليا .. دون تفريق بين مقاتل أو مدني .. إفساد متعمد ، وحقد أسود ، وعداوة شديدة ، ليس لصدام فهو عميلهم ..وانما حقد وعداوة لشيء اسمه إسلام ..

لقد اتضح لك عاقل مدى قبح وبشاعة وجه الحضارة الأمريكية المفلسة.

وبعد هذا لا يسمى ما حصل إرهابا .. بل سمه كذبا وزورا ..تحرير
العراق ..أي تحرير زعموا ..
أليس هذا الإرهاب بعينه ً؟! بلى انه قمة الإرهاب ..
ولكن لا نقول إلا قدر الله وما شاء فعل ، , ولا يضيع شيء عند الله، (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا(19)

عباد الله
ولعل فيما ذُكر من الحِكَمِ دافعاً لنا للعمل لهذا الدين وعدم اليأس، خصوصا أننا نقرأ في كتاب ربنا قوله تعالى : قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ

فرحمة الله بعباده هي الأصل حتى في ابتلائه لهم أحياناً بالضراء، فهو يبتليهم ليُعِدَّ طائفة منهم بهذا الابتلاء لحمل أمانته، وليَمِيْز الخبيث من الطيب في صفوف المسلمين، وليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيّ عن بينة.

إن الشعور بهذه الحقيقة على هذا النحو ليُكسب المؤمن الطمأنينة بما قدّر له ربه؛ حتى وهو يمر بفترات الابتلاء التي تزيغ فيها القلوب والأبصار, إلا أنه يعلم أن ربه معه بنصره وتأييده، فتنقلب المحنة إلى منحة، وينقلب الخوف إلى رجاء، وينقلب القلق إلى طمأنينة.

اخوة الايمان : أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية
الحمد لله حمد الشاكرين ، والشكر له شكرا الصابرين ، واشهد ألا اله إلا الله وحده لاشريك له ، وان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله واصحابه أجمعين ..

أما بعد أيها المسلمون
إن ما يجري اليوم من الابتلاءات والمحن، وما يتعرض له المسلمون في أكثر البلدان من تسلط الأعداء، والكيد للمسلمين, إن كل ذلك يتم بعلم الله وحكمته سبحانه، ونجزم أن وراءه الخير الكثير، وأن العاقبة للمتقين.

وهذه الصحوة ـ التي يشهدها العالم ـ من أبناء المسلمين لهي أكبر الإرهاصات والبشائر بعودة هذا الدين، والتمكين لأهله في الأرض، وإن كل هذه الابتلاءات

وكل هذا التسلط من الأعداء لم تزد هذه الصحوة إلا نماء وثباتاً ووعياً بطبيعة هذا الدين وحقيقة المعركة، ولو أن هذه الحروب الشرسة تعرّض لها غُير المسلمين, لانتهى أمرهم منذ زمن بعيد،

ولكنه دين الله الذي تكفل بحفظه وحفظ أتباعه، وتكفل بنصرتهم، يقول تبارك وتعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا لْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ لْمَنصُورُونَ .. وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَـالِبُونَ .

ولقد مرت بالمسلمين ـ في تاريخهم ـ فتراتٌ تسلّط فيها الأعداء من التتار والصليبيين وأهل البدع، وبلغ التفرق بين المسلمين مداه، وذاق المسلمون حياة الذل والمهانة؛ حتى خُيّل لبعض من عاش في ذلك الزمان أنه لن تقوم للإسلام والمسلمين قائمة،

ومع ذلك جاء نصر الله، وقامت دولة الإسلام قوية كما كانت، وخرج الأعداء من ديار المسلمين صاغرين.

فلا يأس ولا قنوط إذاً من عودة الإسلام في هذا الزمان، ولكن ذلك
1. يتطلّب التضحيات من المسلمين, والصبر والثبات والالتزام بهذا الدين ظاهراً وباطناً.

2. يتطلب ان نعود إلى ربنا عودة صادقة .. ننبذ الخلافات الشخصية والحزبية والقبلية ..
3. ننذر أنفسنا لخدمة هذا الدين بأموالنا وأنفسنا وأقلامنا وتفكيرنا ..
4. نصحوا وهمنا الوحيد خدمة هذا الدين ..وننام وهمنا الوحيد خدمة هذا الدين ..
5. ننصر دين الله في أنفسنا ومنازلنا وشوارعنا ومكاتبنا ..
6. نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ..وندعوا إلى الله ..
7. نقف في وجه التغريب والمستغربين ، ونمنع أهل الفساد من نشر فسادهم بين صفوفنا..
8. نطلع على خطط أعدائنا ونحاول فضحها وإفسادها ومنع تنفيذها في الواقع ..
9. ولا نحاول ان نشارك في تنفيذها أو تمريرها في بلاد المسلمين .
01. نخاطب المسوؤلين ونناصحهم كل بحسبه ، بالكلمة المباشرة بالهاتف بالبريد العادي والإلكتروني بالرسالة بالفاكس ..
11. ندعم نصيحتنا بالحقائق ، بعيدا ان التخرصات والاتهامات بدون دليل
21. ندعو ونكثر من الدعاء الهداية والصلاح لجميع المسلمين ، كما ندعو على جنود الكفار والمعتدين ..
31. المهم ان يرى الله منا ما يحب ويرضى .. المهم ان يرانا الله نسعى لخدمة ونصرة دينه ..
إذا علم ذلك منا أيدنا ونضرنا ووفقنا لما يحب ويرضى..

أسال الله تعالى ان ينصر عباده المسلمين في كل مكان، وبصِّرهم بدينهم، وثبتهم على الحق والهدى يا رب العالمين.

هذه الخطبة مقتبسة من خطبة ( لا تحسبوه شر لكم ) موقع المنبر..
2
630

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

Nidaa
Nidaa
السلام عليكم
جزاك الله خيرا على هذا التوضيح الجيد
نفع الله بة أمة الإسلام
االحائرة
االحائرة
جزاك الله خير