داعية سعودية تسعى للعالمية في الدعوة
هي السيدة رويدة خوج الداعية الإسلامية التي لها في سلك الدعوة السبع سنوات فقد تعلمت وأخذت من مناهل العرفان ومن مجالس الذكر وبطون الكتب وبين يدي أشهر الداعيات لتكمل طريقهن ومشوارهن الطويل ،فحينما شعرت على مدى الثماني سنوات منذ تخرجها من الجامعة أنها قد صقلت موهبتها وتمكنت قدرتها على إلقاء كلمة الله ونشرها في أصداء المعمورة ليكون لها صدى واسع ينفع به الإسلام والمسلمون اتخذت مجالس الذكر منارها و جلاء القلوب همها وتوثيق الصلة بين العبد وربه مسارها ومسلكها فكانت العصرية معها في أحد مجالس الذكر وأقمنا هذا الحوار :
v ما هي بداياتك وما هي الأسباب التي جعلتك تسلكين طريق الدعوة ؟
من المدينة المنورة ولدت ونشأت بها حتى حصلت على شهادة الثانوية العامة ثم أتيت إلى مدينة جدة لإكمال دراستي الجامعية في كلية العلوم قسم علوم الأحياء بجامعة الملك عبد العزيز بجدة .
وبينما كنت أقيم في السكن الجامعي المخصص لطالبات قيض الله لي صحبة صالحة كانت السبب في انتشالي من غيابات الجهل والجهالة التي كنت أسبح بل أغرق بها على يد وسائل الأعلام من التلفزيون والفيديو والأفلام والأغاني فكنا متتلمذين على أيدي الفنانين والمفنين ونشأنا كجيل كل همه ينصب على ماذا نلبس وماذا نشتري وماذا نأكل وأين نقضي إجازاتنا ونهتم بآخر الصيحات في عالم الموضة والأزياء والماكياج ،وكنا ننظر إلى أخواتنا الملتزمات في الجامعة نظرة استغراب وتعجب ونقول هؤلاء كيف يعيشن! كما قال الشاعر / ذو العقل يشقى في النعيم وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
وقال تعالي (أنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ).
والحمدلله أن هذا الوضع لم يستمر طويلاً حيث كان معنا في السكن الذي أسكن به بعض من الطالبات الملتزمات ولكن معظمهن من كلية الطب ،فذات يوم طرقت غرفتي إحداهن ودعتني إلى الصلاة معهن في المسجد المخصص للسكن فاعتذرت لها بسبب أن لدي امتحان وهو صعب جداً وكان في مادة الميكروبولجي وهذه المادة صعبة جداً فاعتذرت فلم تستسلم وأصرت بإلحاح شديد جزاها الله كل خير حتى اضطررت للذهاب معها وأدينا الفريضة وبعد الصلاة شعرت براحة وانشراح غريب ثم عدت للمذاكرة وفي اليوم التالي حصلت على أعلى علامة في المجموعة فذهلت لهذه النتيجة إضافة إلى انشراح صدري الذي لم أعهده من قبل أبداً هذا الشعور فداومت معهن على صلاة المغرب والعشاء في المسجد وكانت إحدى الأخوات تقوم بشرح أحد الكتب من المكتبة العامة وكانت أغلبها لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وتشرحها بطريقة تختلف تماماً عن الشرح الذي تعودناه في المدارس وفي اليوم الذي كانت تقرأ فيه حديث الرسول عليه الصلاة والسلام سبعاً يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله فبدأت فقالت شاب نشأ في طاعة الله فشعرت بألم وحسرة شديدة أنه قد يكون فاتني أن أكون من أهل هـذه الفئة فقلت معقبة عليها (راحت علينا) فردت قائله لا تقولي هـذا بل هـو سنك وهذا هـو وقتك فإن التزمت بأمر الله وطبقت هذا الإسلام كما يجب وعملت عملاً يرضي الله ورسوله لسوف تكونين منهـم بإذن الله.
فأعطتني بادرة أمل وشعرت بشعور لا يمكن وصفه فقلت ما الذي يجب علي أن أفعل ومن أين أبدأ قالت لا بد من العلم ولنبدأ بالحجاب وهـذه كانت بدية الخط الذي قدره الله لي للأبد رحلتي من الشقاء إلى السعادة .
فعدت إلى المدينة ظناً مني إن الحجاب هـو كل شئ كان ينقصني ودعتني إحدى الأخوات إلى مجلس ذكر كانت تحاضر فيه الأستاذة / ليلى الأنصاري فرددت عليهـا قائله: إن كل الكلام الذي يقولوه أنا أعرفــه ( وما أقلها من معرفة ) فعادت مرة أخرى تعرض علي الذهاب معهـا وكنت يومهـا صائمة فذهـبت إرضاءً لهـا ويا لهـول ما وجدت ، اكتشفت عندهـا أنى لا أعرف شئ عن ديني ....أي نعم نحن نصلي ولكن صلاتنا لا خشوع لهـا ونصوم وصومنا فقط انقطاع عن الماء والطعام نعلم كم زكاة البقر وكم زكاة الغنم ولا نعلم كيف نزكي أنفسنا والله عز وجل يقول ( قد أفلح من زكاهـا وقد خاب من دسهـا) وقتهـا حمدت الله كثيرا ً إنني لم أمت على تلك الحال وذلك الجهـل الذي كنت فيه أصبحت بعدهـا لا أضيع مجلساً من مجالس الذكر إلا وحضرت فيه ودونته وبدأت أستعين بالكتب التي كانت تزودني بهـا الأستاذة/ ليلى الأنصاري جزاه الله خير الدنيا والآخرة وفي يوم كنت أقرأ فيه كتاب الله فقرأت قوله تعالى( أفمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ) فبكيت كثيراًُ وقلت الحمد لله الذي أحيانا بالعلم بعد أن كنا أمواتاً في الجهـل ولكننا لم نكن نعرف أننا نجهـل فحقاً كما قيل فليل من العلم يضيء صاحبه فيظن أنه يعلم وهذا من أعظم البلاء ثم كانت المرحلة الأخرى وهي انتقالي إلى مدينة جدة وكانت نصيحة أستاذتي جزاها الله خيراً إلا أدع مجالس الذكر وخاصة مجلس الدكتورة فاطمة نصيف حفظها الله فكنت أداوم الحضور فيها حتى افتتحت مركز تقام فيه دورات لإعداد الدعاة ويدرس فيه الفقه والعقيدة وطرق الدعوة فالتحقت به جزاها الله خيراً وأنا الآن أقوم بتحضير رسالة الماجستير في الدراسات الإسلامية نسأل الله التوفيق .
v يعتبر الالتزام نقطة تحول وانطلاق للإنسان فما هي المتغيرات التي حدثت في شخصيتك بعد الالتزام ؟
المتغيرات لا يمكن بأي حال من الأحوال حصرها فأننا لو بقينا على حالنا الذي كنا عليه في الجاهلية وأنا أسميها جاهلية لأنها حقبة يكتنفها الجهل الكثير حتى أننا لم نكن مؤهلين للوقوف على أبواب المساجد ولكن يمكن حصر السؤال بقولك ما الذي لم يتغير
وأريد أن أقف على جانب واحد من الجوانب الذاتية لشخصيتي فلم يكن هناك شيئاً يهمني سوى ما يهمني لنفسي ولا أكترث بأحد أما الآن حين أسمع عن مسلم ولد في أقصى الأرض لا أعرفه ولا أراه ولكن بلغني أنه مظلوم أو أنه جائع يعتصر قلبي ألماً وتذرف عيناي ادعوا له بالنصر والرزق من الله .
v كيف ترين طريق الدعوة والداعيات في مدينة جدة ؟
نحتاج مزيداً من الداعيات وتحتاج الدعايات إلى أن يكن أكثر تضحية وأكثر تواضعاً وأكثر علماً وفقهـاً.
v هل هدفك الأساسي الدعوة فقط على النطاق المحلي أم هناك تطلعات لك خارج الوطن ؟
نعم هناك آمال واسعة لي للدعوة خارج الوطن وقد بدأتها بالفعل في القاهرة في مركز الحصري حيث تم استدعائي العديد من المرات لإلقاء بعض المحاضرات والدروس بالإضافة إلى دعوة بعض الممثلات التائبات في بيوتهن ومعرفة قصص خروجهن من الجهل إلى النور .
v ما هـي الصفات التي يجب أن تتحلى بهـا الداعية في نظرك؟
هـي كثيرة جداً ولكن أذكر شيئاً من أهـمهـا:
1. العلم: فلا يمكنك أن تدعين إلى شئ أنت جاهـلة به ( قل هـذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن تبعني )
2. الإخلاص والصدق: وإذا ظل الإنسان يدعوا إلى شئ هـو لا يؤمن به وليس مخلصاً له فلا يتوقع إلا أنه سيعود إلى أدراجه خاسراً، خاسراً الدعوة التي يدعوا إليهـا وخاسراً المدعوا نفسه فالربح كل الربح في الإخلاص.
3. حسن الخلق وسعت الصدر وأسأل الله أن يمن علينا جميعاً بهـا والداعي والمدعو.
4. التواضع لمن ندعوه: النصيحة مذاقها مر للبعض فلا بد من تطعيمها من شئ من الأسلوب المنمق والكلام الحلو فلست( عليهـم بمسيطر ) وليست لك السلطة على أحد إلا بالحق ومن الحق أن ندعوا الناس بالحسنى قال تعالى (ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك)
5. الواقعية والموضوعية: فليس كل ما يعرف يقال ولكل مقام مقال ولا يمكن تصحيح أخطاء الناس كلهـا في يوم وليله ( رفقاً بالقوارير ).
v هل تعتقدين أن بعض الداعيات هدفهن الأساسي هو الظهور أمام الناس وإظهار شخصيتهن لسيادة المجالس ؟
أبداً أنا لا أعتقد ذلك أبداً فالجلوس في وسط الناس ليس بالأمر اليسير وقد تدربنا عليه سنوات فالثبات في الأسلوب والطلاقة والعلم واستذكار الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وإلقاء الدروس والمحاضرات ذات الأهداف والمواضيع المختلفة أمراً لا يستطيعه ما لم يتمكن منه ولا ننسى أنه في حال السؤال عن بعض الأحكام الشرعية وخاصة الدقيقة للمرأة لابد للداعية أن تجيبها وإلا اتصفت بالجهل وعدم العلم والتي لا تعلم الأجدر بها أن تكون من ضمن المدعوات .
v هناك بعض الداعيات يسلكن مسلكاً استفزازيا لدعوة إحداهن لتعزف عن خطأ ما ترتكبه ؟ فما رأيك بهذا الأسلوب ؟
أنا ضد هذه الفكرة إطلاقاً فالنتيجة ستكون سلبية جداً وليست بها أي جوانب إيجابية فالدعوة وقتها لن تنفذ في مداركها ولن تقع في قلبها بل سوف تزداد ثقة وعناداً بما هي عليه وقد صادف يوماً وأنا أدعو في أحد المجالس أخت تلبس القصير جداً فأكملت درسي وبعد الانتهاء خاطبتها في زاوية منفردة عن الناس وبأسلوب رقيق جداً فاستقبلت تلك النصيحة بكل صدر رحب ، فواجبي وقتها أن لا أكتم هذا النصح لأني سأسأل عنه يوم القيامة ولا أستفزها أمام الناس وأوبخها فهذا ليس مسلك الداعين إلى الله .
ينحصر تفكير البعض في الألتزام بممارسة طقوس شكلية من لبس الثوب القصير وغير ذلك مما نشاهده في الأوان الأخيرة جاهلين بالأصول والممارسة الفعلية للدين فما رأيكم ؟
في الحقيقة نعم هناك الكثير من يظن أن الالتزام ينحصر في الشكل وإنما هو في الجوهر فكيف يتركون الأصول ويتمسكون في الفروع فأن تربية النفس والخلق وتثبيت العقيدة هو الأساس الذي يبني به المسلم نفسه لذلك نجد هؤلاء سرعان ما يعودون إلى منوالهم القديم وبدون أدنى شك .
v ما هـي آمالك المستقبلية؟
أحاول بإذن الله جاهـدة تقوية اللغة الإنجليزية لخروج لدعوة إلى الله وعندي رغبة حقيقية في الدعوة في إسرائيل والكثير من البلاد الأجنبية وخاصة اليابان حيث الناس هـاك أحوج ما يكون بمعرفة هـذا الدين الحنيف فكثيراً ما يطرق قلبي حديث رسول الله محمد صلى الله علية وسلم ( من أعتفق رقبة من النار أعتق الله بكل عضو منهـا عضو منه من النار ).
v هـل هناك هيئة إسلامية تعملين لهـا؟
نعم أنا عضوا في المركز الإسلامي النسائي العالمي الذي مقره في جنوب أفريقيا ويحتوي هـذا المركز مسجداً كبيرا بالإضافة إلى مراكز تحفيظ القرآن ومركزاً لإعداد الدعاة ولخر لكفالة الأيتام نسأل الله أن يبارك وأن يكون للقائمين عليه عون ومعيناً.
v ما هـي الصعوبات التي تواجهـينهـا في الدعوة إلى الله.
فالحقيقة لا يمكن اعتبارها صعوبات لا يمكن تخطيهـا ولله الحمد والمنه فجميع الناس في مجتمعنا يحبون الله ورسوله وكذلك في معظم المجتمعات العربية الإسلامية الأخرى وهـذه نعمة عظيمة والذي فقط ينقصنا المعرفة الصحيحة للطريقة التي يريدها الله ورسوله لنا ، فالبعض بجهـله يظن أن الإسلام فقط صلاة وصوم وزكاة وحج ولا اعتبار لحدود أوامر الله فهـو ينتهـك هـذه الحدود ة ويظن بجهـله سينجو رغم أن رسول الله أخبرنا ( أن امرأة دخلت النار في هـرة حبستهـا فلم تطعمهـا ولم تدعهـا تأكل من خشائش الأرض) .
والله عز وجل يقول( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قل أطيعوا الله ورسوله فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ) ووبخ عليه الصلاة والسلام من قام ببعض أوامر الله وضيع وترك بعضهـا بقوله ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم ألاخزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون ) .
فالإسلام الذي يجب أن يعرفة كل مؤمن أنه دين كامل مكمل يجب على حامله أن يطبق جميع ما فيه ولا ينجوا ولا يرجوا النجاة إلا إذا فعل هـذا فكل من عرف هـذا فعليه أن يعّرف غيرة فيستجيب كم استجاب غيره.
ومن الصعوبات اختلاف وتباين مستويات المدعوات تبايناً كبيراً ثقافياً وعلمياً ولابد عند إلقاء المحاضرات من مراعاة جميع المستويات وهذا يصعب معه التركيز على نقطة معينة والاستفاضة فيها .
ومن الصعوبات أيضاً أنني أشعر أنني بحاجة إلى الاستزادة من العلم ولا أجد وسيلة بالحصول عليه إلا بالسفر والترحال ومن أقوال السلف الصالح ( لو أن أحدكم سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن من أجل كلمة يتعلمها لا أرى أن سفره هذا يذهب ) .
v ما هو أكثر ما نحتاج إليه ونفتقده في الفترة الحالية كمسلمين ؟
في الحقيقة نحتاج إلى تعلم الأدب والالتزام بالأخلاق الحميدة لأنها في تدني مستمر وللأسف الشديد . v ما هي أمنيتك التي تتمنينها ؟ أن ألقى الله على الشهادة في سبيله عز وجل هذا كل ما أتمناه .
جنة الوادى @gn_aload
عضوة جديدة
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️