دعوة إلى مقاطعة اقتصادية ..بقلم الشاعر عبد الرحمن العشماوي

الملتقى العام



رسائل متكررة تتناقلها الهواتف المحمولة يتنادى فيها الناس إلى مقاطعة شركات إنتاج الألبان ومستشقاتها في المملكة، وهي رسائل ذات دلالة مهمة على وجود مشكلة كبيرة في الساحة التجارية في بلادنا، لأنها تعبر عن رفض الناس لهذه الزيادات التي تثقل كواهلهم في أسعار المواد التجارية المختلفة، ولأنها تصور لنا حجم المشكلة ومدى أثرها السلبي في حياة الناس وهو أثر واضح لا يخفى علينا جميعاً ونحن نعيش في مجتمع واحد نعرف حالة أهله الاقتصادية، ومشكلاتهم المالية.

الرسائل الجوالية تؤكد تقصير الجهات الرسمية المعنية بهذا الجانب ممثلة في وزارة التجارة التي يرى الناس أنها لم تقم بواجبها في حل هذه المشكلة، ولم تشعر الشعب السعودي بوقوفها بجانبه في مواجهة أطماع التجار و(جشعهم) كما تقول تلك الرسائل.

لماذا لا تكون الضوابط واضحة في هذا الجانب المهم؟ ولماذا لا يكون الضمير حياً في نفوس كثير من التجار الذين يبادرون إلى زيادة الأسعار على المستهلك بحجج مختلفة قد يكون بعضها صحيحاً؟

إن الجلوس مع عدد من أفراد المجتمع السعودي مختلفي المستويات المالية والاجتماعية يؤكد أنهم جميعاً يعانون من ضائقة اقتصادية تعجز رواتبهم عن مواجهتها، ويعجز دخل أصحاب الأعمال الحرة منهم عن استيعابها، إنها مشكلة موجودة لاشك في وجودها فلماذا لا نرى لوزارة التجارة حضوراً واضحاً فيها، حتى ولو كان حضوراً شكلياً يشعر الناس بأنها تهتم بهم، وتتعاطف معهم، ولماذا يظل حضور حماية المستهلك روتينياً لا يتجاوز مطالبة الناس بإبلاغها - عبر هاتف مجاني - عن تجاوزات التجار.

الناس يتحدثون بصوت مرتفع عن أن زيادة في الأسعار بصفة عامة نسفت مظاهر فرحتهم بتلك القرارات الملكية الكريمة التي دعمتهم مادياً قبل شهور، وينادون بوقف طوفان غلاء الأسعار، ويستمطرون عطف ورحمة المسؤولين، ويرجون من الذين يجلسون في مواقع المسؤولية أن يشعروا بهم، ويهتموا بمعاناتهم، وهذا حق للناس لا يصح إهماله أو التهاون به.

بقي أن نخاطب التجار الذين يسارعون إلى زيادة الأسعار - خاصة في المواد الغذائية - والخدمات الضرورية التي لا يستطيع الناس أن يستغنوا عنها نقول لأولئك التجار: ألا يمكن أن تكون لكم وقفة إنسانية خيرية مع الناس؟ ألا يمكن أن تبادروا إلى القيام بواجب المرحلة، وتفتحوا للناس أبواب الأمل في تحقيق حالة الأمن الاقتصادي والاستقرار الأسري؟

من المؤكد أن الأرباح متحققة لكم قبل زيادة الأسعار، وأن الزيادة في الأسعار ليست لدفع خسارة منتظرة وإنما هي - غالباً - للحفاظ على مستوى معين من الربح، وربما لزيادة الربح، فهل يمكن أن تتنازلوا عن تلك الزيادات رحمة بالناس، ودعماً للمحتاجين منهم، وتحقيقاً للبركة التي ستحظون بها من الله عز وجل الذي يرحم الراحمين ويبارك أهل الخير في أموالهم وأنفسهم وأهليهم.

شيء محزن أن تعلموا بحالة معظم الناس الاقتصادية، وبما يعيشونه من صراع مع متطلبات الحياة ومصروفاتها الكبيرة من إيجارات منازل واستهلاك كهرباء، ومياه، وغاز، ومواد غذائية تزداد أسعارها، ومتطلبات عائلية مختلفة تنهك معظم الناس مادياً، وتقلقهم وتقض مضاجعهم، ومع ذلك تعمدون إلى زيادة الأسعار عليهم.

إنها مسؤولية مشتركة لابد من القيام بالواجب فيها، حتى نسهم في تحقيق حياة مستقرة للناس في بلادنا.

أما (جمعية حماية المستهلك) فليتها تعيد النظر في طرق تعاملها مع هذه المشكلة، فتتحول من موقع انتظار وصول المعلومات إليها من الناس إلى الوصول إلى المعلومات مباشرة وليس ذلك أمراً صعباً مع وجود الوسائل التي تحقق ذلك.

بقي أن نقول للناس: أنتم أيضاً استعينوا بطاعة الله سبحانه وتعالى واللجوء الصادق إليه دعاء وذكراً واستغفاراً وتحقيقاً لتعاليم الشرع في أنفسكم وأهليكم فإن في ذلك فرجاً، ومن هذه المشكلات مخرجاً.

إشارة:

ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب.


1
494

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

وجونه
وجونه
جزاك الله خيرا
استغفر الله العظيم واتوب إليه