

كان فيما يحكى قديماً أن رجلاً غريباً مر ببلدةٍ في طريقِ سفرة ،؛ وعندما كان يسير وجد امرأةً جميلة بل أجمل من رأت
عيناه ، ولم يستطع أن يرفع بصره عنها ومشى خلفها ووجدها تذهبُ الي السوق ،؛ وهناك سأل الناسَ عنها وهل في هذه
البلدة من هي أجمل منها، فأجابه الجميعُ بأنها أجمل من في البلدة .
فلما كان هذا الغريبُ غنياً قرّر بينه وبين نفسِه أن يبحثَ عن أصلها لكي يتقدم لها للزواج ، فسأل مرةً أخرى عنها فإذا به
يُصدَم بأنها متزوجة ...!!
ولكن الشيطان لم يدعه فقرّر أن يرى هذا الزوج الذي منَّ اللهُ عليه بهذه الحسناء ، فسارَ وراءها حتى وجدَها تدخلُ في
كوخٍ صغيرٍ فقير، وظلّ متوارياً عن الأنظار حتى يرى زوجها فإذا به يجدُ رجلاً دميمَ الخلقة،
فقيراً ليس به ما يجذبُ النساءِ ....!!
انتظر مرةً اخرى حتى خرجت المرأةُ من بيتِها وظلّ يتبعها حتى وصلت إلى مكانٍ ليس به أحدٌ غيرهما
فاستوقفها قائلا : يا أختاهـ هل لي أن أتحدث معك في شيء ؟!
أجابت : إن كنتَ تريد خيراً فقل وإلا فلا.
قال : كيف لجميلةٍ مثلك أن تتزوج مثل هذا الرجل الفقير دميم الخلقة ....؟!!
نظرت إليه المراة وقالت في ثبات : يا عبد الله إنني وزوجي سعداء بما أنعم الله علينا من تقارب ورحمة ومودة
فانا لا أراه كما تقول ،؛ أما اذا سلّمتُ بما تقوله فلعله قد قام يوماً بعمل خيرٍ كثير وأراد الله سبحانة أن يكافئه على خيره وكنتُ
أنا المكافأة ... ولعلي قد قمتُ بعملٍ سيءٍ فأراد الله أن يعاقبني فكان هو العقاب
ثم سكتت وأكملت : يا عبد الله دعِ الخلق للخالق ولا تسال لمَ أنعم الله على أحدٍ أو ابتلى أحداً فإن الله أعلم بخلقه
■––––••––––■
دعِ الخلقَ للخالق
جملة كثيراً مانسمعها عند الحديث عن المنكرات
إن تحدث أحدٌ عن الفساد أو أراد أن ينصح قيل له : دع الخلق للخالق
المكان الفلاني يكثر فيه الفساد ولابد من وجود الهيئة ... دعوا الخلق للخالق
كثر التبرج والسفور علينا بالمناصحة ... دعوا الخلق للخالق
التحذير من مخالفات شرعية ... دعوا الخلق للخالق
والحقيقة أن الجملة مُستخدمة في غير محلها
فترك الخلق للخالق بعدم التطفل على حياتهم والتجسس عليهم أو البحث عن ما أنعم الله به عليهم
ولماذا أنعم عليهم ...؟؟ ( مثلما وَرَد في القصة السابقة )
أما إن كانت المسألة تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر العلم وتثقيف الناس بأمور دينهم التي
ربما يجهلونها أو نسوها فـ يجب النصح وتغيير المنكر
لا ترك الخلق للخالق حتى لا تنتشر المعاصي أكثر وأكثر

سُئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله
يا شيخ ما رأيك فيمن يقول: دع الخلق للخالق؟
الجواب : معناه أنه يقول: لا تهتم بأمر الناس ، لا تنصح ولا تعلم ، ولا تأمر بالمعروف
ولا تنه عن المنكر .... هذا خطأ
نحن نعرف أن الخالق هو الذي يتكفل برزقهم
ولكن ابتلانا ، ابتلانا بأن نأمر وننهى ، وابتلانا بأن نعلم ونفهم، وابتلانا -أيضا- بأن
نساعدهم ، ونمدهم بما نستطيع به.
هذا من جملة الابتلاء ومن جملة العبادات التي نتقرب بها إلى الله ، كما أمرنا بالصلاة والصيام ،
أمرنا بالأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، فكونه يقول: دع الخلق للخالق معناه لا تهتم بالناس واتركهم ولا تعلّم، ولا تفهم ولا تدعُ، ولا تتصدق على أحد ، فلا شك أن هذا من الخطأ
>> المصدر <<

لمـــاذا .... ألا يفيد صلاحنا ...؟؟
سؤال للشيخ الحوالي:
عندما سُئل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث
وقال الله تعالى: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } هود:117
فهل الذي ينجي الأمة هو أن يكونوا من المصلحين الصالحين ؟
وما هو الدور الذي يجب أن يقوم به المسلم تجاه نفسه ليكون من الصالحين، وتجاه الأمة ليكون من المصلحين ؟
الجواب: هذا سؤال عظيم، وما ذكره الأخ السائل هو حق ، فما جاء عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
{ نعم إذا كثر الخبث } وكان ذلك لما سألته أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها : أيهلكنا الله وفينا الصالحون ؟
قال: نعم ، إذا كثر الخبث.
فالمانع والحائل من نزول العذاب هو الإصلاح لا مجرد الصلاح ، فيجب أن يكون الإنسان صالحاً في نفسه
مصلحاً لغيره ، واعلموا أنه إن لم يكن مصلحاً ، فإنه لا يكون صالحاً ؛ لأن حقيقة الصلاح وتمامه إنما تكون بالإصلاح ؛
ولذلك فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو قدوة المصلحين وإمامهم صلوات الله وسلامه عليه وهكذا كان أصحابه من
بعده يدعون إلى الله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
>> المصدر <<
■––––••––––■
إذن .. علينا أن نصحح مفهومنا لقول ( دعوا الخلق للخالق )
وأنها لاتتنافى مع ما أمر الله به من النصح والإرشاد
فوجود الصالحين لايمنع عنا العذاب ... بل لابد من اقتران الصلاح بالإصلاح
أجمل تحية
:26: