دفنت وهي في وضع راقص

ملتقى الإيمان

الساعة الرابعة عصرا ً، الوقت يمضي ، والسائق في الخارج ينتظر ..


ألقت العباءة على كتفيها ، وألقت بالغطاء على رأسها .. لا بأس سوف أصلحها في السيارة .. ركبت السيارة ، كشفت الغطاء عن وجهها ، أصلحت من حال عباءتها ، تأكدت من حقيبتها ، الهاتف النقال ، المال ، عطرها .. لم تنس شيئا ً ... وقفت السيارة ، ارجع إلينا الساعة الثانية عشرة ... النساء كثير في الداخل ، لا بأس فأنا عميلة دائمة ومميزة ، لابد أن تراعي صاحبة الصالون هذا الأمر وإلا .. استقبال حافل ، تبادلن الابتسامات ، ذهب الخوف ، لن تتأخر كثيراً

هذا حمام زيتي ، انتظري ساعة .. مجلة أزياء ، عرض لبعض التسريحات ، قلبت الصفحات تنقلت بين المجلات المختلفة ..مضت الساعة ، ارتفع أذان المغرب ، أسلمت نفسها لمصففة الشعر ، جففت شعرها ، غاب الأذان ، ومضت الصلاة .

إزالة للشعر وتنظيف للبشرة ، أنصتت لموسيقى هادئة ، تحولت لأخذ حمام مائي .. ارتفع الأذان ، إنها صلاة العشاء ، لم يتبق على الفرح سوى بضع ساعات .. وضعت رأسها بين يدي المصففة ، اختارت التسريحة ، تناثر الشعر بين يديها ، يودعها وداعا ً حزينا ً ، ألقت نظرة إلى المرآة لم تعرف نفسها ، ارتسمت ابتسامة على شفتيها ، لن يسبقني أحد .. تغيرت ملامحها ، نظرت إلى الساعة إنها الواحدة ، ألقت العباءة على كتفيها ، وبحذر شديد وضعت الغطاء على رأسها .. ركبت السيارة ،، على المنزل بسرعة لقد تأخرت ..

لبست فستانها ، تعرت من حياءها ، بدت بطنها ، وسائر ظهرها ، انكمش الفستان عن ركبتيها ، دارت حول نفسها ، لن يغلبني أحد العيون ترقبها ، الكل يتأملها ، نظرات الإعجاب تحيط بها ، تقترب منها ..

نظرات السخط تنفر منها ، تغمض عينيها تقززاً من حالها .. السفيهات يلاحقنها بالتعليقات الساخرة ... رقصت على أنغام الموسيقى ، الكل يتابعها .. الكل يتحدث عنها ، من أين أتت بكل هذا ؟ كيف تعلمت كل هذا ؟ وكيف حفظت كل هذه الأغاني ؟ الكل يعرف الإجابة .. توقفت عن الرقص ، سقطت على الأرض ، ارتفع الصراخ ، تدافع النساء إلى المسرح ، نادوها فلم تجب ، حركوها فلم تتحرك ، ارتفع الصياح ، حملوها ، أحضروا الماء ، مسحوا وجهها ، بكت الأم والأخوات ، ارتفع العويل ، علا النحيب ، تدخل الأب والأخ ، اختطلت الأمور ، تحول الفرح إلى الحزن ، والضحكات إلى بكاء ، توقف كل شيء ...


ألبسوها .. غطوا ما ظهر من جسدها .. حضر الطبيب ، أمسك بيدها ، وضع سماعته على صدرها ، أرخى رأسه قليلا ً ، انطلقت الكلمات من شفتيه...

لقد ماتت .. لقد ماتت ..ارتفع النحيب ، جرت الدموع .. ألقت الأم بجسدها على صغيرتها الجميلة ، أخفى الأب وجهه بين يديه ، الأخ يدافع عبراته ، انتهى يا أمي انتهى .. قامت الأم مذهولة ، صرخت ، لقد تحركت ، تحولت الأنظار نحوها ، لقد جنت ، لقد ماتت هكذا قال الطبيب ، أسرع الأب و الأخ والأخوات نحو الأم ... المشهد رهيب ، والمنظر مؤلم .. سقطت الأم على الأرض ... الأخوات فقدن السيطرة على مشاعرهن .. والأخ يصرخ .. لا .. لا .. مستحيل تجلد الأب ، أمسك بالأخ ، وبلهجة حازمة أخرج الأخوات ، وهن يحملن أمهن .. حضر بعض النسوة من الأسرة ... نظرن إلى الميتة ، ترقرقت الدموع، وضعت الكبيرة منهن يدها على رأسها ، انطلقت منها كلمة : فضيحة .. فضيحة ..

أسرعت نحو الأب ، يجب أن تستر عليها ، أحضروا المغسلة هنا ، ادفنوها بين الصلوات ، إنها فضيحة ، ماذا يقول الناس عنا .. أرخى الأب رأسه ، نعم ،نعم .. إنا لله وإنا إليه راجعون ..جاءت المغسلة ، جهزت سرير الغسل ، وضعت الأكفان والطيب ، جهزت الماء .. أين جثة المتوفاة ؟

سارت العمة أمامها ، فتحت الباب .. الفتاة على السرير مغطاة بغطاء سميك .. وبجانب السرير وقفت الأم تكفكف دموعها .. أمسكت بورقة الوفاة ، الاسم .... العمر : ثمانية عشرة عاما ً ، سبب الوفاة : سكتة قلبية ... شعرت بالحزن ، نطقت بكلمات المواساة للجميع ... كشفت الغطاء ، تحول الحزن إلى غضب ، لماذا تركتموها على هذا الوضع ، لقد تصلبت أعضاؤها ، كيف نكفنها ..


الحاضرات لم يستطعن الإجابة ، سكتن قليلاً ... زاد حنق المغسلة ، انبعث صوت الأم ممزوجا ً بالبكاء .. لم تكن هكذا حينما ماتت ، لقد اتخذت هذا الوضع بعد لحظات من موتها ..لقد سقطت على المسرح وهي ترقص ، حملناها جثة هامدة ، حضر الطبيب ، كتب التقرير أيقنت حينها بأنني قد فارقت ابنتي ألقيت بجسدي عليها ، انطرحت أقبلها ، وأبكي

شعرت بيدها اليمنى ترتفع ، ويدها اليسرى تعود وراء ظهرها ، أما قدمها اليسرى فقد تراجعت للوراء ، أرعبني الموقف ، صرخت حينها ثم سقطت على الأرض ، لأجد نفسي في غرفتي ومن حولي بناتي يبكين أختهن ، ويبكين نهايتها المؤلمة ..

انتحبت بالبكاء ، أنا السبب أنا من فرط في تربيتها ، أنا من غشها ، يا ويلي ويا ويلها من عذاب الله يا ويل أباها ويا ويلنا جميعا ً .. كانت تحب الرقص والغناء ، فماتت .. وستدفن في قبرها .. يا رب ارحمها يا رب ارحمني يا رب اغفر لها .. محاولات لإعادة جسدها إلى وضعه الطبيعي ، الفشل كان النتيجة ..بذلت المغسلة مجهودا ً جباراً في تكفينها ... وفي لحظة هدوء وبعيدا ً عن العيون ، نقلت الجنازة إلى المقبرة .. وهناك صلى عليها الأب و الأخ وبعض المقربين .. نعم لقد دفنت وهي في وضع راقص..


قصص وعبرات – فهد بن عبدالرحمن الحميد -
منقول
http://www.denana.com/articles.php?ID=2022
28
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أمونة القمورة
لا حول ولا قوة إلا بالله

بارك الله فيك أختي

وننتظر جديدج دائما
الحب مره
الحب مره
لاحول ولا قوة إلا بالله
اللهم نسأل حسن الخاتمة.
mfsmfs
mfsmfs
لاحول ولا قوة إلا بالله
اللهم نسأل حسن الخاتمة.
دلع العالم
دلع العالم
لا حو ل ولا قو ة الابالله
بل الصدى
بل الصدى
لا حو ل ولا قو ة الابالله
لا حو ل ولا قو ة الابالله
الأخت العزيزة
أولا جزاك الله خيرا على النقل الهادف
ثانيا لقد نشرت هذه القصة في المنتدى مرتين من قبل ............. لا بأس باعادتها لأن الذكرى تنفع المؤمنين ............ ولكن سياق القصة ومعظم ردود الأخوات تركز على لبس الفتاة ورقصها ............ لم يستنكر أحد تركها للصلاة ......... وهذه هي المصيبة الحقيقية .......... ان الكثيرين يتأولون في مسألة العورة أمام المرأة تأويلات خاطئة تصل الى قصرها على ما بين السرة الى الركبة -وهو ينافي حتى الفطرة السليمة ......... والكثيرون يستحلون -خطأ- الرقص أمام النساء أي أن الأخوات يعترضن أساسا على مسائل جدلية وأنا معهن في هذا الاعتراض ولكن ترك الصلاة اثم عظيم لا جدال فيه ومع هذا لم يتوقف أمامه أحد
النقطة الثانية أن أهل هذه الفتاة شركاء لها في كل اثم ارتكبته ومع ذلك لم يلمهم أحد .......... اشتروا لها الثوب وتركوها تضيع الصلاة وشجعوها وهي ترقص ......... ثم زادوا على ذلك أنهم سعوا للافلات من عواقب ما فعلوا وأضافوا الى أخطائهم في حقها خطأ جديدا .......... حرموها من أن يصلي عليها جمع من الناس لعلها ترحم بدعاء الصالحين منهم
أغاظني كذلك أنهم سموا موتها بهذه الطريقة فضيحة ......... مع أنها كانت ترقص أمام نساء وبعلم أهلها ومباركتهم وتشجيع الجميع
اما عن تصلب جسدها بعد الموت فهو أمر عادي يحدث كثيرا بأشكال مختلفة وهو تصلب في العضلات لا علاقة له بكونها كانت ترقص
لو كانت خاصية البحث متاحة في المنتدى لوجدت أنني كتبت نفس الكلام تقريبا مرتين ولكن كما قلت لك الذكرى تنفع المؤمنين
أطلت عليك كثيرا ........... أشكرك على سعة صدرك
والسلام