\~. دقـيـقـة واحـدة تـكـفـي لـلـتـربـيـة .~ /

الأمومة والطفل

//دقيقة واحدة تكفي للتربية//



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يحار الناس في تربية أولادهم: كيف يرشدونهم إلى الصواب دون أن تكون الوسيلة خاطئة، فإذا كنت تعاني تمرُّد أبنائك، أو كنت تشعرين بوجود مشكلة في تربيتك لأولادك فحاول تطبيق أسلوبالدقيقة الواحدة في تربيتهم، وهو أسلوب حديث في تربية الأبناء يعتمد على جعل الأبناء يشعرون بعدم الرضا عن تصرُّفهم الخاطئ، ولكن بالرضا عن أنفسهم، فكيف يتمُّذلك في دقيقة واحدة؟



وبِّخه في دقيقة
يقول الدكتور "سبنسر جونسون" في كتابه "أب الدقيقة الواحدة": ربَّما تشعر في بداية تطبيقه بأنَّه أسلوب غريب، ولكنكسترتاح بعد ذلك وتمارسه بشكل طبيعي".



أخبر أبناءك أولاً بأنَّك لا تريد أنتحكمهم أو يحكموك، ولا تريد أن تكون دكتاتوراً في البيت، وأنَّه ستكون هناك بدايةجديدة لطريق التأديب، دع أبناءك يشعرون بعدم الرضا عن تصرفهم الخاطئ، ولكن بالرضاعن أنفسهم.


إذا ارتكب ابنك خطأ ما انظر في عينيه مباشرة، وأعد عليه ما فعلهباختصار دون أن يأخذ من وقتك إلا ثوان معدودات، أشعره بعدها أنَّك غاضب من فعله ودعه يشعر بما تحسُّ به في النصف الأول من الدقيقة، فلا يكفى أن يتلقّى الإبن أوالإبنة التأنيب، ولكن المهم جداً أن يشعروا بهذا التأنيب، دعه يشعر بأنَّه لا يحبما فعل، وقد يرافق ذلك إحساس بالانزعاج منك، فما من أحد يريد أن يؤنَّب أو يوبَّخ،خذ نَفَساً عميقاً بعد ذلك،
واشعر بالهدوء النفسي، ثم انظر إلى وجهه في نصف الدقيقةالثاني، بطريقة تجعله يشعر أنَّك إلى جانبه وليس ضدَّه، وأنَّك تحبُّه ولكنك لاتحبُّ سلوكه فقط، أخبره أنَّه ولد طيِّب، وأنّك راض عنه، ولكنّك لست راضٍ عن سلوكه،وأنّك ما أنَّبته إلاّ لأنَّك تحبه، ضم ابنك إلى صدرك بقوة حتى تشعره بأنَّ التأنيبقد انتهى.



سيشعر أبناؤك بعد حين، أولاً أنَّ تصرفاتهم السيئة لن تمرَّ دونمحاسبة، وثانياً أنهم أبناء طيبون، وثالثاً أنّهم محبوبون من قبل أبويهم.




وهكذا يشعر الأطفال أنَّ عليهم أن يكونوا صادقين مع آبائهم، يأتون إليهم يعبِّرون عنمشاعرهم وأحاسيسهم، يشعرون بالغضب من أنفسهم عندما يسيئون التصرف، ثمّ يعبِّرون عنحبهم لأبويهم.وإذا عاد ابنك متأخراً إلى البيت، وكان قد كرَّر تأخره خلال الاسبوع،انظر إلى عينيه مباشراً، وقل له: "لقد عدت متأخراً، وكرَّرت ذلك للمرَّة الثانيةهذا الاسبوع". ثمّ ينبغي أن تعبِّر عن حقيقة شعورك بالغضب بقولك: "أنا غاضب منكوحزين أنَّك كررت ذلك مرتين".





سيشعر ابنك بعد كلامك المختصر معه، والمعبِّر بصدقعن شعورك نحو تصرفه أنَّه لا يحب ما فعل، إذ لا يرغب أحد منَّا أن يؤنبه أحد، وهذابالضبط ما تريده في النصف الأول من الدقيقة: تريد ابنك أن يشعر بأنَّه غير مرتاح.






ولكن ماذا تفعل إذا شعرك ابنك بالضيق، وأخذ يدافع عن نفسه؟ هنا ينبغي أنتكمل النصف الآخر من الدقيقة، فهو مفتاح النجاح لعملية التأنيب التي تقوم بها.




انظر إلى وجهه واجعله يشعر بأنَّك لست ضدّه، وقل له ما يريد سماعه منك، منأنه شخص طيب، ولكنك غير راض عن سلوكه الليلة، وأنَّ هذا الأمر يزعجك ، ثم ضمّه إلىصدرك بقوة حتى تعلمه أنَّ التأنيب قد انتهى دون أن تذكر له ذلك.




وهكذا؛ ففيالنصف الأول من الدقيقة قمت بتوبيخ طفلك بأسرع وقت ممكن، وحدَّدت له ما فعل،وعبَّرت عن شعورك بالغضب تجاه ما قام به. أمَّا النصف الآخر من الدقيقة ففيه لحظاتهدوء ومحبَّة ومنح للثقة.


وبهذه الطريقة يشعر ابنك أن الأمر أشد إيلاماً منأسلوب العنف والضرب، وأنَّ تصرفاته السيئة لن تمرَّ دون حساب .




والحقيقة أنَّ الإمام الغزالي ـ رحمه الله تعالى ـ قد تنبَّه إلى هذا الأسلوب قبل ذلك بقرونعديدة، فقال في معالجة خطأ الطفل: " ينبغي أن يعاتب الولد سرَّاً، ويعظم الأمر فيه،ويقال له: إيَّاك أن تعود بعد ذلك لمثل هذا. ولا تكثر القول عليه بالعتاب في كلّحين، فإنَّه يهون عليه سماع الملامة وركوب القبائح، ويسقط وقع الكلام منقلبه".






امدحه في دقيقة


إذا قام ابنك بعمل يستحق المدح، فاجعله يشعر بالسعادةحينما يحسن مثلما أنّك وبَّخته حين أساء، لاحظ أبناءك حينما يحسنون التصرف، وحددلهم السلوك الحسن الذي استحقوا عليه المدح .




وأخبرهم ـ في نصف الدقيقة الأولى ـبما فعلوه، وأنَّ هذا الأمر قد جعلك سعيداً. توقَّف بعدها عن الكلام لثوان معدودات،فصمتك يشعرهم بالرضا عن أنفسهم، ثمّ أخبرهم أنَّك تحبهم، واختم مديحك بالاحتضان أوبلمسة حانية على الرأس، وكلّ ذلك لن يأخذ منك أكثر من دقيقة ، ولكن شعورهم بالرضاعن أنفسهم سيواكبهم طيلة حياتهم، وربما كان مديح الدقيقة الواحدة أجمل هديةيقدِّمها الأبوان للأبناء.





قراءة الأهداف في دقيقة


رغبة الأطفال في تحسينسلوكهم تتولَّد من رضاهم عن أنفسهم، وحين يشعر الطفل بذلك الرضا يزداد رغبة فيتطوير نفسه وتهذيب سلوكه.





وما من أحد منَّا إلا ويريد أن يكون أبناؤه أقوياء،واثقين بالله ، ثم بأنفسهم، قادرين على تحقيق غاياتهم، ولكن هل حقّاً نشارك أبناءنافي التخطيط لتطوير أنفسهم؟



حاول أن تجلس مع أبنائك قبل عطلة نهاية الأسبوع،اسألهم كيف يريدون قضاءها، دعهم يضعون خطَّة يحددون فيها أهدافهم، وما سيفعلونه فيتلك العطلة.



اجمع تلك الأهداف، ودعهم ينظرون إليها خلال دقيقة واحدة، ثمّ يرىكلّ واحد فيما إذا كانت تلك الأهداف تتوافق مع سلوكهم، فواحد يضع خطة يضبط فيهاطريقة تحدُّثه مع الآخرين مثلاً، فلا يتحدَّث بصوت مرتفع يزعج من حوله، وآخر يضعهدفه تصحيح طريقة مشيه إذا كانت مشيته غير مألوفة خلال فترة معينة، وهكذا.




وينظر كلّ فرد إلى أهدافه الخاصة، ويلاحظ فيما إذا كان سلوكه ينسجم مع أهدافه، ولن يستغرق ذلك أكثر من دقيقة واحدة، وهكذا يشعر الأبناء بالثقة بالنفس، والقدرة على إدارة شؤون الحياة، فتصبح حياتهم أكثر إشراقاً وحيوية.




لقد جرَّب هذه الطريقة عدد كبيرمن الآباء، ووجدوا فيها حلولاً لمشاكلهم في تربية أبنائهم، وحصلوا على نتائج أفضلفي وقت قليل، لقد تعلَّم أطفالهم كيف يحبُّون أنفسهم، ويسعون لتطوير سلوكهم نحوالأفضل، وعرفوا متعة الحياة الهنيئة في بيت متكافل خال من البغض والشحناء.












كاتب المقال: د.حسان شمسي باشا

المصدر: ناصح للسعادةالأسرية






دعواتكم
0
371

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️