دلائل النبوة

الملتقى العام

إن من دلائل النبوة ما أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يكون بين يدي الساعة، ونراه أو نرى بعضه في حياتنا اليوم، وهو ما يسميه العلماء بأشراط الساعة الصغرى، وهذا الحاضر - الذي نراه اليوم - كان غيباً أطلع الله عليه نبيه ، ليكون شاهداً على نبوته ورسالته.



ومن الأخبار المتعلقة باقتراب الساعة

1\ ما يحدثنا عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: ((من أشراط الساعة أن يقِلَّ العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقِلَّ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد)

2\و في رواية في الصحيحين: ((ويُشربَ الخمر، ويَظهرَ الزنا)).، والمراد من الحديث استحكامُ ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر .. فلا يبقى إلا الجهل الصِرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم؛ لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك"

ولئن كان ذلك في زمن ابن بطال ثم ابن حجر فإنه في زماننا أظهر وأبْيَن، ولا يخفى هذا على عاقل يرى ما رُزئنا به اليوم من موت العلماء، وتصدر الأدعياء.
وأما العلامة الثانية من علامات النبوة التي أخبر بها صلى الله عليه وسلم فهي شيوع شرب الخمر بين المسلمين، وقد أنبأ صلى الله عليه وسلم أن الذين سيشربونها؛ يسمونها بغير اسمها، وأنهم يستحلونها، ولا يرون أنها الخمر التي حرمها الله، قال صلى الله عليه وسلم: (( يشرب ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها))، وزارد في رواية الدارمي: ((فيستحلونها))

وبيانُه فيما أخرجه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف)).

وقد كان هذا - وللأسف - عند بعض جهال المسلمين، غفلة منهم وجهلاً، فتعاطوا هذه المحرمات، لما رأوها سميت بالمنشطات أو المخدِّرات أو المشروبات الروحية، والحق أنها جميعاً خمر حرمها الله ولعن شاربها وبائعها وصانعها، وقد قال عمر رضي الله عنه على المنبر وهو يخطب في المسلمين: (أما بعد، نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل)

قال القرطبي: " في هذا الحديث عَلم من أعلام النبوة، إذ أخبر عن أمور ستقع؛ فوقعت، خصوصاً في هذه الأزمان

ما ثالث أشراط الساعة المذكورة في الأحاديث آنفاً؛ فهو انتشارُ الزنا وشيوعُه بين الناس، وهو أمر يكثر - عياذاً بالله – عند غير المسلمين، وهذه الشناعة استقبحتها الأمم طوال تاريخ الإنسانية، وأصبحت الآن تعرض في وسائل التقنية الحديثة، وعمدت بعض الدول إلى تقنينها، وأجازتها قوانينها وتشريعاتها، بل جعلها بعضهم ضرباً من ضروب التجارة والكسب.
ورابع الأشراط التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كثرة الفتن وما يستتبعها من كثرة الهرج الذي هو القتل، وقد أبانه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قَتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قُتِل))

ونجد مصداق هذه النبوءة النبوية في كثرة الحروب والفتن التي يقتل فيها الأبرياء، فلا يدري القاتل من يقتُل، ولا لماذا يقتُل، ومثلُه المقتول. أجارنا الله من الفتن.
وهذا يفسر لنا العلامة الخامسة من علامات النبوة، الواردة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وتكثرَ النساء ويقلَ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد))، فإن الرجال هم وقود الحروب والفتن دون غيرهم.

قال ابن حجر: "قيل سببه أن الفتن تكثر، فيكثر القتل في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء ... والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر، بل يُقدِّر الله في آخر الزمان أن يقِلَ من يولد من الذكور، ويكثر من يولد من الإناث ".
وإلى صدق هذه النبوءة وقرب تحققها تشير الإحصاءات العالمية، حيث وصلت نسبة الذكور حسب إحصاءات الأمم المتحدة عام 2002م إلى 48%، وتتوقع دائرة الإحصاءات الأمريكية أن تصل نسبة الذكور عام 2100م إلى 38% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤكد أن ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى التحقق.

وأما العلامة السادسة مما يكون بين يدي الساعة فهي تقارب الزمان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يُقبضَ العلم، وتكثُرَ الزلازل، ويتقاربَ الزمان..)).


وقال: ((يتقاربُ الزمان، ويَنقصُ العمل، ويُلقى الشح)).

قال التوربشتيُ: "يُحمل ذلك على قلة بركة الزمان، وذهابِ فائدته في كل مكان، أو على أن الناس لكثرة اهتمامهم بما دهمهم من النوازل والشدائد وشُغْلِ قلبهم بالفتن العظام؛ لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم"


وقال الخطابي: "معناه قِصَر زمان الأعمار وقلة البركة فيها .. وقيل: قِصر مدة هذه الأيام والليالي؛ على ما روي أن الزمان يتقارب حتى يكون السنة كالشهر، والشهرُ كالجمعة، والجمعةُ كاليوم، واليومُ كالساعة، والساعةُ كاحتراق السَعَفَة".


وهكذا فقد حمل العلماء الحديث على ثلاثة معانٍ

1\قصرُ الأعمار
2\أو ذَهابُ بركتها
3\ أو تقاربُ الزمان حقيقة.

فأما المعنيان الأولان فهما مشاهدان بكثرة بين الناس اليوم، وبخاصة ذَهاب بركة العمر، حيث تنقضي السنة، والواحد منا يظنها شهراً، وينقضي الشهر، ولا نحسبه إلا أسبوعاً.
وأما المعنى الثالث الذي يقضي بتناقص الزمان حقيقة، فلعله يكون قبيل الساعة، حين يختل الكثير مما نعهده من نواميس الكون التي جعلها الله، فتشرقُ الشمس من مغربها، وتتكلمُ السباع، إلى غيره مما هو خارج عن مألوفنا في سنن الله الكونية.

وسابع أشراط الساعة التي تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون؛ كثرةُ الزلازل ونقارب أوقاتها، وهو أمر يعجب المرء لكثرته في هذه الأيام، وهو في ازدياد مستمر، حتى لا يكاد يمضي الشهر إلا وتهتز الأرض هنا أو هناك، فمن الذي أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الغيب قبل ألف وأربعِ مائةٍ سنة؟ إنه الله علام الغيوب.


وأما ثامن علامات الساعة ودلائل النبوة فهو إخباره عن كثرة الشح بين الناس لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ويُلقى الشح)).
قال ابن حجر: " فالمراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم، حتى يبخل العالم بعلمه، فيترك التعليم والفتوى، ويبخل الصانع بصناعته حتى يترك تعليم غيره، ويبخل الغني بماله حتى يهلك الفقير، وليس المراد وجود أصل الشح؛ لأنه لم يزل موجوداً"


وهذا كله قد كثر في أهل الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وروى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يكثُر المال، ويفيضَ حتى يَخرجَ الرجلُ بزكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه، وحتى تعودَ أرض العرب مروجاً وأنهاراً))
0
318

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️