دنيا ..!؟ (قصة قصيرة)

الأدب النبطي والفصيح

مع رنين جرس الحصة السادسة..كنا قد انتهينا للتو.. من إعداد الحفل الختامي للعام الدراسي..
القينا نظرة شاملة.. فبدا كل شيء يسر الناظرين..

الكعكتان.. الكبيرتان.. المغطاة أحداهما بالكريمة البيضاء.. والأخرى بالشوكولاته ، احتلتا مكان الصدارة ..

الأطباق الأخرى، قوالب الحلوى، المرطبات المنعشة، نسقت بشكل جذاب، فوق مناضد الدراسة، المتراصة، والمحاذية للجدار، والمكسوة بمفرش كحلي، ذو حواف موشاة، بخيوط فضية..


الزينة طوقت ارجاء القاعة..وتدلت من سقفها..البالونات الملونة..
المقاعد الشاغرة..تنتظر من يشغلها.. بعد أن حشرنا أنفسنا في ركن القاعة القصي..
ومع اشتعال فتيل الترقب..وارتفاع اللغط..بدأ توافد بعض المعلمات ..
كان برنامج الحفل بسيطا للغاية، يتضمن.. بعض الفقرات المرحة.. مشهد تمثيلي، إلقاء قصيدة طريفة
، تقديم البطاقات، والزهور للمعلمات..

لم يكن ثمة شيء مميز في البرنامج.. خلا مسابقة، أعددتها مع بعض الزميلات،
وتكتمنا أمرها عن البقية، بغية تحقيق هدف وغاية..؟؟


بدأت مراسم الحفل وازداد تدفق المعلمات..

الأستاذة سناء معلمة الرياضيات جاءت تتهادى بأناقتها المعهودة، وكبريائها الزائف...

الأستاذة رفعة، معلمة اللغة العربية.. قدمت بخطواتها الوئيدة..ووقع حذاؤها الرتيب..
الأستاذة جواهر، معلمة الفيزياء.. بملامحها الجادة ونظرتها الثاقبة...

وتواصل سيل الأخريات على التوالي مع انتهاء حصصهن..
أما الحضور الأقوى فكان لمديرة المدرسة..
وهكذا اكتظت قاعة الدرس..وتلاحقت الفقرات..مسلية ،خفيفة ، إلى أن وصلنا إلى فقرة المسابقة..!؟

وجاء دوري في الوقوف في الحشد، وشرح فكرتها..التي استقيناها من ذهن، زميلتنا عهود..
وقفت لأقول بجرأة غير معهودة: إن فكرة المسابقة..تقوم على عدم الاحتكار، وأنها قصر على المعلمات فقط..
وعند إجابة إحداهن عن سؤال..ستظفر بجائزة..ولكن لن يطول أمد احتفاظها بها..!؟
فما أن تجيب أخرى عن السؤال التالي..حتى تنتقل إليها الجائزة..
بدأت أمارات الجد.. تسلك طريقها.. إلى بعضهن، ووشت نظرات البعض منهن بالاهتمام. و أخذن يعدلن من جلستهن المرتخية..وهززن رؤوسهن إيذاناً بالموافقة..وكأنهن على أهبة الاستعداد، لخوض غمار معركة حاسمة..!!

طرحت عليهن السؤال الأول.. وكان متداولاً..
فتلقفته معلمة الكيمياء.. وسرعان ما كانت علبة الهدية الجميلة.. ذات الغلاف الزهري.. المخملية الملمس

، المزينة بشرائط حمراء فاقعة، تقبع في حضنها..وقد أشرق وجهها الصبوح.. وشمخت برأسها.. وخيل إلي أنها ترمقني بنظرة ممتنة.


ومع الإجابة عن السؤال الثاني..اختطفتها من بين أحضانها كما يختطف النسر فريسته..
معلمة الحاسب الآلي بروحها المرحة...لتخلف على صفحة وجهها الوديع.. طيفاً من شحوب.. وبقايا ذهول..!
وضمتها إلى صدرها..وهي تقهقه إمعاناً في المرح..وتمادياً في الدعابة..

ومع تلاحق بقية الأسئلة..وسرعة الإجابة عليها من قبل المعلمات..
تنقلت الهدية الساحرة من يد..إلى أخرى مخلفة وراءها مشاعر متباينة.. تختلف من وجه لآخر
. ..فكانت ترسم الفرحة على وجه.. وما تلبث أن تسلبها من جديد..

.ولشد ما رثيت لحال المعلمة سناء..! فقد أصطبغت وجنتيها القمحيتين.. بحمرة خجل وغضب..
لم تستطع مواراتها.. وتجلى ذلك بشكل فاضح..في حركاتها المتململة.. ونظراتها الساخطة..ووجهها
المكفهر..!

ومع الإجابة عن السؤال الأخير.. استقرت الهدية بين كفي المعلمة رفعة التي اكتست سحنتها الطيبة.. بحلة النصر..
وران على الأخريات خيبة أمل.. لم تفلح طبقات الماكياج في إخفائها..
ولأن الوقت قد أدركنا..وأزف موعد الانصراف..طلبت منها على عجل.. فض غلاف الهدية..أمام الجميع..
وبحركة الفاتح المنتصر، شدت ظهرها.. وأعملت أناملها الرقيقة..وأظافرها المطلية.. في أربطة الهدية..التي سرعان ما ارتخت عقدتها..وألحقتها..بإزالةغلافها بتروي، وحرص شديدين.. كمن تخلع الملابس عن وليدها الصغير..
وما أن استقرت يدها على غطاء العلبة الكرتوني..لتزيحه.. حتى اشرأبت الأعناق..وتطاولت الرقاب..
وخيم على القاعة.. سكون عميق.. مزقته شهقة جماعية ذاهلة..!! ونظرات تشفي من البعض..!؟

أعقبتها تنهيدة.. خيبة أمل.. ندت عن المعلمة رفعة: التي ُصعقت !!
فقد كانت العلبة الفاخرة،الجذابة،خاوية إلا من بعض الحصى الزهيد..وحفنة من تراب..!؟

تمت
9
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عمـــــ الحلوين ـــــــة
:26:
بارك الله لك أختي همس البيان

يبدو أن لك نصيب من أسمك ..!!

أسلوب رائع وسلس .. ومعنى أروع ...



نعم ماأصلك أنت أيها الإنسان .. أي كنت !!

حياك الله وبياك
بحور 217
بحور 217
أولا حياك الله يا همس البيان

كلنا نشترك في هذه المسابقة من حيث نعلم ولا نعلم

نسأل الله أن لايجعلها أكبر همنا ولا مبلغ علمنا

بارك الله في قلمك يا همس
كلمة سر
كلمة سر
جميل جدا ياهمس البيان..
فكرة رائعة جدا ..
حياك الله في واحتنا ..

قلمك يبشرنا بالخير

ننتظر جديدك
:26:
أمة السلام
أمة السلام
قصة جميلة وهادفة أسأل الله العظيم ألا يجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا
فيض المحبة
فيض المحبة
قصة جميلة وفكرتها مبدعة بوركت أختي