دورة حفظ سورة البقرةالورد(55)

حلقات تحفيظ القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم
الورد 55: الإيمان والكفر والبعث
الآيات من 256-258 وتقع في الجزء الثاني من القرآن الكريم


{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } *

التقييم حتى مساء الإثنين

الإيمان والكفر والمؤمنون والكافرون

وعندما يصل السياق بهذه الآية إلى إيضاح قواعد التصور الإيماني في أدق جوانبها وبيان صفة الله وعلاقة الخلق به هذا البيان المنير ينتقل إلى إيضاح طريق المؤمنين وهم يحملون هذا التصور ; ويقومون بهذه الدعوة ; وينهضون بواجب القيادة للبشرية الضالة الضائعة لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ; والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون إن قضية العقيدة كما جاء بها هذا الدين قضية اقتناع بعد البيان والإدراك ; وليست قضية إكراه وغصب وإجبار ولقد جاء هذا الدين يخاطب الإدراك البشري بكل قواه وطاقاته يخاطب العقل المفكر والبداهة الناطقة ويخاطب الوجدان المنفعل كما يخاطب الفطرة المستكنة يخاطب الكيان البشري كله والإدراك البشري بكل جوانبه ; في غير قهر حتى بالخارقة المادية التي قد تلجيء مشاهدها الجاء إلى الإذعان ولكن وعيه لا يتدبرها وإدراكه لا يتعقلها لأنها فوق الوعي والإدراك وإذا كان هذا الدين لا يواجه الحس البشري بالخارقة المادية القاهرة فهو من باب أولى لا يواجهه بالقوة والإكراه ليعتنق هذا الدين تحت تأثير التهديد أو مزاولة الضغط القاهر والإكراه بلا بيان ولا إقناع ولا اقتناع وكانت المسيحية آخر الديانات قبل الإسلام قد فرضت فرضا بالحديد والنار ووسائل التعذيب والقمع التي زاولتها الدولة الرومانية بمجرد دخول الإمبراطور قسطنطين في المسيحية بنفس الوحشية والقسوة التي زاولتها الدولة الرومانية من قبل ضد المسيحيين القلائل من رعاياها الذين اعتنقوا المسيحية اقتناعا وحبا ولم تقتصر وسائل القمع والقهر على الذين لم يدخلوا في المسيحية ; بل إنها ظلت تتناول في ضراوة المسيحيين أنفسهم الذين لم يدخلوا في مذهب الدولة ; وخالفوها في بعض الاعتقاد بطبيعة المسيح فلما جاء الإسلام عقب ذلك جاء يعلن في أول ما يعلن هذا المبدأ العظيم الكبير لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان ; واحترام إرادته وفكره ومشاعره ; وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه وهذه هي أخص خصائص التحرر الإنساني التحرر الذي تنكره على الإنسان في القرن العشرين مذاهب معتسفة ونظم مذلة ; لا تسمح لهذا الكائن الذي كرمه الله باختياره لعقيدته أن ينطوي ضميره على تصور للحياة ونظمها غير ما تمليه عليه الدولة بشتى أجهزتها التوجيهية وما تمليه عليه بعد ذلك بقوانينها وأوضاعها ; فإما أن يعتنق مذهب الدولة هذا وهو يحرمه من الإيمان باله للكون يصرف هذا الكون وإما أن يتعرض للموت بشتى الوسائل والأسباب إن حرية الاعتقاد هي أول حقوق الإنسان التي يثبت له بها وصف إنسان فالذي يسلب إنسانا حرية الاعتقاد إنما يسلبه إنسانيته ابتداء ومع حرية الاعتقاد حرية الدعوة للعقيدة والأمن من الأذى والفتنة وإلا فهي حرية بالاسم لا مدلول لها في واقع الحياة والإسلام وهو أرقى تصور للوجود وللحياة وأقوم منهج للمجتمع الإنساني بلا مراء هو الذي ينادي بأن لا إكراه في الدين ; وهو الذي يبين لأصحابه قبل سواهم أنهم ممنوعون من إكراه الناس على هذا الدين فكيف بالمذاهب والنظم الأرضية القاصرة المعتسفة وهي تفرض فرضا بسلطان الدولة ; ولا يسمح لمن يخالفها بالحياة والتعبير هنا يرد في صورة النفي المطلق لا إكراه في الدين نفي الجنس كما يقول النحويون أي نفي جنس الإكراه نفي كونه ابتداء فهو يستبعده من عالم الوجود والوقوع وليس مجرد نهي عن مزاولته والنهي في صورة النفي والنفي للجنس أعمق إيقاعا وآكد دلالة ولا يزيد السياق على أن يلمس الضمير البشري لمسة توقظه وتشوقه إلى الهدى وتهديه إلى الطريق
وتبين حقيقة الإيمان التي اعلن أنها أصبحت واضحة وهو يقول قد تبين الرشد من الغي فالإيمان هو الرشد الذي ينبغي للإنسان أن يتوخاه ويحرص عليه والكفر هو الغي الذي ينبغي للإنسان أن ينفر منه ويتقي أن يوصم به والأمر كذلك فعلا فما يتدبر الإنسان نعمة الإيمان وما تمنحه للإدراك البشري من تصور ناصع واضح وما تمنحه للقلب البشري من طمأنينة وسلام وما تثيره في النفس البشرية من اهتمامات رفيعة ومشاعر نظيفة وما تحققه في المجتمع الإنساني من نظام سليم قويم دافع إلى تنمية الحياة وترقية الحياة ما يتدبر الإنسان نعمة الإيمان على هذا النحو حتى يجد فيها الرشد الذي لا يرفضه إلا سفيه يترك الرشد إلى الغي ويدع الهدى إلى الضلال ويؤثر التخبط والقلق والهبوط والضآلة على الطمأنينة والسلام والرفعة والاستعلاء ثم يزيد حقيقة الإيمان إيضاحا وتحديدا وبيانا فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها إن الكفر ينبغي أن يوجه إلى ما يستحق الكفر وهو الطاغوت وإن الإيمان يجب أن يتجه إلى من يجدر الإيمان به وهو الله والطاغوت صيغة من الطغيان تفيد كل ما يطغى على الوعي ويجور على الحق ويتجاوز الحدود التي رسمها الله للعباد ولا يكون له ضابط من العقيدة في الله ومن الشريعة التي يسنها الله ومنه كل منهج غير مستمد من الله وكل تصور أو وضع أو أدب أو تقليد لا يستمد من الله فمن يكفر بهذا كله في كل صورة من صوره ويؤمن بالله وحده ويستمد من الله وحده فقد نجا وتتمثل نجاته في استمساكه بالعروة الوثقى لا انفصام لها وهنا نجدنا أمام صورة حسية لحقيقة شعورية ولحقيقة معنوية إن الإيمان بالله عروة وثيقة لا تنفصم أبدا إنها متينة لا تنقطع ولا يضل الممسك بها طريق النجاة إنها موصولة بمالك الهلاك والنجاة والإيمان في حقيقته اهتداء إلى الحقيقة الأولى التي تقوم بها سائر الحقائق في هذا الوجود حقيقة الله واهتداء إلى حقيقة الناموس الذي سنه الله لهذا الوجود وقام به هذا الوجود والذي يمسك بعروته يمضي على هدى إلى ربه ; فلا يرتطم ولا يتخلف ولا تتفرق به السبل ولا يذهب به الشرود والضلال والله سميع عليم يسمع منطق الألسنة ويعلم مكنون القلوب فالمؤمن الموصول به لا يبخس ولا يظلم ولا يخيب ثم يمضي السياق يصور في مشهد حسي حي متحرك طريق الهدى وطريق الضلال ; وكيف يكون الهدى وكيف يكون الضلال يصور كيف يأخذ الله ولي الذين آمنوا بأيديهم فيخرجهم من الظلمات إلى النور بينما الطواغيت أولياء الذين كفروا تأخذ بأيدهم فتخرجهم من النور إلى الظلمات إنه مشهد عجيب حي موح والخيال يتبع هؤلاء وهؤلاء جيئة من هنا وذهابا من هناك بدلا من التعبير الذهني المجرد الذي لا يحرك خيالا ولا يلمس حسا ولا يستجيش وجدانا ولا يخاطب إلا الذهن بالمعاني والألفاظ فإذا أردنا أن ندرك فضل طريقة التصوير القرآنية فلنحاول أن نضع في مكان هذا المشهد الحي تعبيرا
ذهنيا أيا كان لنقل مثلا الله ولي الذين آمنوا يهديهم إلى الإيمان والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يقودونهم إلى الكفران إن التعبير يموت بين أيدينا ويفقد ما فيه من حرارة وحركة وإيقاع وإلى جانب التعبير المصور الحي الموحي نلتقي بدقة التعبير عن الحقيقة الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات إن الإيمان نور نور واحد في طبيعته وحقيقته وإن الكفر ظلمات ظلمات متعددة متنوعة ولكنها كلها ظلمات وما من حقيقة أصدق ولا أدق من التعبير عن الإيمان بالنور والتعبير عن الكفر بالظلمة إن الإيمان نور يشرق به كيان المؤمن أول ما ينبثق في ضميره تشرق به روحه فتشف وتصفو وتشع من حولها نورا ووضاءة ووضوحا نور يكشف حقائق الأشياء وحقائق القيم وحقائق التصورات فيراها قلب المؤمن واضحة بغير غبش بينة بغير لبس مستقرة في مواضعها بغير أرجحة ; فيأخذ منها ما يأخذ ويدع منها ما يدع في هوادة وطمأنينة وثقة وقرار لا أرجحة فيه نور يكشف الطريق إلى الناموس الكوني فيطابق المؤمن بين حركته وحركة الناموس الكوني من حوله ومن خلاله ; ويمضي في طريقه إلى الله هينا لينا لا يعتسف ولا يصطدم بالنتوءات ولا يخبط هنا وهناك فالطريق في فطرته مكشوف معروف وهو نور واحد يهدي إلى طريق واحد فأما ضلال الكفر فظلمات شتى منوعة ظلمة الهوى والشهوة وظلمة الشرود والتيه وظلمة الكبر والطغيان وظلمة الضعف والذلة وظلمة الرياء والنفاق وظلمة الطمع والسعر وظلمة الشك والقلق وظلمات شتى لا يأخذها الحصر تتجمع كلها عند الشرود عن طريق الله والتلقي من غير الله والاحتكام لغير منهج الله وما يترك الإنسان نور الله الواحد الذي لا يتعدد نور الحق الواحد الذي لا يتلبس حتى يدخل في الظلمات من شتى الأنواع وشتى الأصناف وكلها ظلمات والعاقبة هي اللائقة بأصحاب الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وإذ لم يهتدوا بالنور فليخلدوا إذن في النار إن الحق واحد لا يتعدد والضلال ألوان وأنماط فماذا بعد الحق إلا الضلال وقبل أن ننتقل من هذا الدرس يحسن أن نقول كلمة عن قاعدة لا إكراه في الدين إلى جوار فرضية الجهاد في الإسلام والمواقع التي خاضها الإسلام وقوله تعالى في آية سابقة وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله إن بعض المغرضين من أعداء الإسلام يرمونه بالتناقض ; فيزعمون أنه فرض بالسيف في الوقت الذي قرر فيه أن لا إكراه في الدين أما بعضهم الآخر فيتظاهر بأنه يدفع عن الإسلام هذه التهمة ; وهو يحاول في خبث أن يخمد في حس المسلم روح الجهاد ; ويهون من شأن هذه الأداة في تاريخ الإسلام وفي قيامه وانتشاره ويوحي إلى المسلمين بطريق ملتوية ناعمة ماكرة أن لا ضرورة اليوم أو غدا للاستعانة بهذه الأداة وذلك كله في صورة من يدفع التهمة الجارحة عن الإسلام وهؤلاء وهؤلاء كلاهما من المستشرقين الذين يعملون في حقل واحد في حرب الإسلام وتحريف منهجه وقتل إيحاءاته الموحية في حس المسلمين كي يأمنوا انبعاث هذا الروح الذي لم يقفوا له مرة في ميدان والذي آمنوا واطمأنوا منذ أن خدروه وكبلوه بشتى الوسائل وكالوا له الضربات الساحقة الوحشية في كل مكان وألقوا في خلد المسلمين أن الحرب بين الاستعمار وبين وطنهم ليست حرب عقيدة أبدا تقتضي الجهاد إنما هي فقط حرب أسواق وخامات ومراكز وقواعد ومن ثم فلا داعي للجهاد لقد انتضى الإسلام السيف وناضل وجاهد في تاريخه الطويل لا ليكره أحدا على الإسلام ولكن ليكفل عدة أهداف كلها تقتضي الجهاد جاهد الإسلام أولا ليدفع عن المؤمنين الأذى والفتنة التي كانوا يسامونها ; وليكفل لهم الأمن على أنفسهم وأموالهم وعقيدتهم وقرر ذلك المبدأ العظيم الذي سلف تقريره في هذه السورة في الجزء الثاني والفتنة أشد من القتل فاعتبر الاعتداء على العقيدة والإيذاء بسببها وفتنة أهلها عنها أشد من الاعتداء على الحياة ذاتها فالعقيدة أعظم قيمة من الحياة وفق هذا المبدأ العظيم وإذا كان المؤمن مأذونا في القتال ليدفع عن حياته وعن ماله فهو من باب أولى مأذون في القتال ليدفع عن عقيدته ودينه وقد كان المسلمون يسامون الفتنة عن عقيدتهم ويؤذون ولم يكن لهم بد أن يدفعوا هذه الفتنة عن أعز ما يملكون يسامون الفتنة عن عقيدتهم ويؤذون فيها في مواطن من الأرض شتى وقد شهدت الأندلس من بشاعة التعذيب الوحشي والتقتيل الجماعي لفتنة المسلمين عن دينهم وفتنة أصحاب المذاهب المسيحية الأخرى ليرتدوا إلى الكثلكة ما ترك أسبانيا اليوم ولا ظل فيها للإسلام ولا للمذاهب المسيحية الأخرى ذاتها كما شهد بيت المقدس وما حوله بشاعة الهجمات الصليبية التي لم تكن موجهة إلا للعقيدة والإجهاز عليها ; والتي خاضها المسلمون في هذه المنطقة تحت لواء العقيدة وحدها فانتصروا فيها ; وحموا هذه البقعة من مصير الأندلس الأليم وما يزال المسلمون يسامون الفتنة في أرجاء المناطق الشيوعية والوثنية والصهيونية والمسيحية في أنحاء من الأرض شتى وما يزال الجهاد مفروضا عليهم لرد الفتنة إن كانوا حقا مسلمين وجاهد الإسلام ثانيا لتقرير حرية الدعوة بعد تقرير حرية العقيدة فقد جاء الإسلام بأكمل تصور للوجود والحياة وبأرقى نظام لتطوير الحياة جاء بهذا الخير ليهديه إلى البشرية كلها ; ويبلغه إلى أسماعها وإلى قلوبها فمن شاء بعد البيان والبلاغ فليؤمن ومن شاء فليكفر ولا إكراه في الدين ولكن ينبغي قبل ذلك أن تزول العقبات من طريق إبلاغ هذا الخير للناس كافة ; كما جاء من عند الله للناس كافة وأن تزول الحواجز التي تمنع الناس أن يسمعوا وأن يقتنعوا وأن ينضموا إلى موكب الهدى إذا أرادوا ومن هذه الحواجز أن تكون هناك نظم طاغية في الأرض تصد الناس عن الاستماع إلى الهدى وتفتن المهتدين أيضا فجاهد الإسلام ليحطم هذه النظم الطاغية ; وليقيم مكانها نظاما عادلا يكفل حرية الدعوة إلى الحق في كل مكان وحرية الدعاة وما يزال هذا الهدف قائما وما يزال الجهاد مفروضا على المسلمين ليبلغوه إن كانوا مسلمين وجاهد الإسلام ثالثا ليقيم في الأرض نظامه الخاص ويقرره ويحميه وهو وحده النظام الذي يحقق حرية الإنسان تجاه أخيه الإنسان ; حينما يقرر أن هناك عبودية واحدة لله الكبير المتعال ; ويلغي من الأرض عبودية البشر للبشر في جميع أشكالها وصورها فليس هنالك فرد ولا طبقة ولا أمة تشرع الأحكام للناس وتستذلهم عن طريق التشريع إنما هنالك رب واحد للناس جميعا هو الذي يشرع لهم على السواء وإليه وحده يتجهون بالطاعة والخضوع كما يتجهون إليه وحده بالإيمان والعبادة سواء فلا طاعة في هذا النظام لبشر إلا أن يكون منفذا لشريعة الله موكلا عن الجماعة للقيام بهذا التنفيذ حيث لا يملك أن يشرع هو ابتداء لأن التشريع من شأن الألوهية وحدها وهو مظهر الألوهية في حياة البشر فلا يجوز أن يزاوله إنسان فيدعي لنفسه مقام الألوهية وهو واحد من العبيد هذه هي قاعدة النظام الرباني الذي جاء به الإسلام وعلى هذه القاعدة يقوم نظام أخلاقي نظيف تكفل فيه الحرية لكل إنسان حتى لمن لا يعتنق عقيدة الإسلام وتصان فيه حرمات كل أحد حتى الذين لا يعتنقون الإسلام وتحفظ فيه حقوق كل مواطن في الوطن الإسلامي أيا كانت عقيدته ولا يكره فيه أحد على اعتناق عقيدة الإسلام ولا إكراه فيه على الدين إنما هو البلاغ جاهد الإسلام ليقيم هذا النظام الرفيع في الأرض ويقرره ويحميه وكان من حقه أن يجاهد ليحطم النظم الباغية التي تقوم على عبودية البشر للبشر والتي يدعي فيها العبيد مقام الألوهية ويزاولون فيها وظيفة الألوهية بغير حق ولم يكن بد أن تقاومه تلك النظم الباغية في الأرض كلها وتناصبه العداء ولم يكن بد كذلك أن يسحقها الإسلام سحقا ليعلن نظامه الرفيع في الأرض ثم يدع الناس في ظله أحرارا في عقائدهم الخاصة لا يلزمهم إلا بالطاعة لشرائعه الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والدولية أما عقيدة القلب فهم فيها أحرار وأما أحوالهم الشخصية فهم فيها أحرار يزاولونها وفق عقائدهم ; والإسلام يقوم عليهم يحميهم ويحمي حريتهم في العقيدة ويكفل لهم حقوقهم ويصون لهم حرماتهم في حدود ذلك النظام وما يزال هذا الجهاد لإقامة هذا النظام الرفيع مفروضا على المسلمين حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فلا تكون هناك ألوهة للعبيد في الأرض ولا دينونة لغير الله لم يحمل الإسلام السيف إذن ليكره الناس على اعتناقه عقيدة ; ولم ينتشر السيف على هذا المعنى كما يريد بعض أعدائه أن يتهموه إنما جاهد ليقيم نظاما آمنا يأمن في ظله أصحاب العقائد جميعا ويعيشون في إطاره خاضعين له وإن لم يعتنقوا عقيدته وكانت قوة الإسلام ضرورية لوجوده وانتشاره واطمئنان أهله على عقيدتهم واطمئنان من يريدون اعتناقه على أنفسهم وإقامة هذا النظام الصالح وحمايته ولم يكن الجهاد أداة قليلة الأهمية ولا معدومة الضرورة في حاضره ومستقبله كما يريد أخبث أعدائه أن يوحوا للمسلمين لا بد للإسلام من نظام ولا بد للإسلام من قوة ولا بد للإسلام من جهاد فهذه طبيعته التي لا يقوم بدونها إسلام يعيش ويقود لا إكراه في الدين نعم ولكن وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وهذا هو قوام الأمر في نظر الإسلام وهكذا ينبغي أن يعرف المسلمون حقيقة دينهم وحقيقة تاريخهم ; فلا يقفوا بدينهم موقف المتهم الذي يحاول الدفاع ; إنما يقفون به دائما موقف المطمئن الواثق المستعلي على تصورات الأرض جميعا وعلى نظم الأرض جميعا وعلى مذاهب الأرض جميعا ولا ينخدعوا بمن يتظاهر بالدفاع عن دينهم بتجريده في حسهم من حقه في الجهاد لتأمين أهله ; والجهاد لكسر شوكة الباطل المعتدي ; والجهاد لتمتيع البشرية كلها بالخير الذي جاء به ; والذي لا يجني أحد على البشرية جناية من يحرمها منه ويحول بينها وبينه فهذا هو أعدى أعداء البشرية الذي ينبغي أن تطارده البشرية لو رشدت وعقلت وإلى أن ترشد البشرية وتعقل يجب أن يطارده المؤمنون الذين اختارهم الله وحباهم بنعمة الإيمان فذلك واجبهم لأنفسهم وللبشرية كلها وهم مطالبون بهذا الواجب أمام الله

جدال إبراهيم مع الملك الكافر
والآية الأولى تحكي حوارا بين إبراهيم عليه السلام وملك في أيامه يجادله في الله لا يذكر السياق اسمه لأن ذكر اسمه لا يزيد من العبرة التي تمثلها الآية شيئا وهذا الحوار يعرض على النبي ص وعلى الجماعة المسلمة في أسلوب التعجيب من هذا المجادل الذي حاج إبراهيم في ربه ; وكأنما مشهد الحوار يعاد عرضه من ثنايا التعبير القرآني العجيب ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين إن هذا الملك الذي حاج إبراهيم في ربه لم يكن منكرا لوجود الله أصلا إنما كان منكرا لوحدانيته في الألوهية والربوبية ولتصريفه للكون وتدبيره لما يجري فيه وحده كما كان بعض المنحرفين في الجاهلية يعترفون بوجود الله ولكنهم يجعلون له اندادا ينسبون إليها فاعلية وعملا في حياتهم وكذلك كان منكرا أن الحاكمية لله وحده فلا حكم إلا حكمه في شؤون الأرض وشريعة المجتمع إن هذا الملك المنكر المتعنت إنما ينكر ويتعنت للسبب الذي كان ينبغي من أجله أن يؤمن ويشكر هذا السبب هو أن آتاه الله الملك وجعل في يده السلطان لقد كان ينبغي أن يشكر ويعترف لولا أن الملك يطغي ويبطر من لا يقدرون نعمة الله ولا يدركون مصدر الإنعام ومن ثم يضعون الكفر في موضع الشكر ; ويضلون بالسبب الذي كان ينبغي أن يكونوا به مهتدين فهم حاكمون لأن الله حكمهم وهو لم يخولهم استعباد الناس بقسرهم على شرائع من عندهم فهم كالناس عبيد لله يتلقون مثلهم الشريعة من الله ولا يستقلون دونه بحكم ولا تشريع فهم خلفاء لا أصلاء ومن ثم يعجب الله من أمره وهو يعرضه على نبيه ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك ألم تر إنه تعبير التشنيع والتفظيع ; وإن الإنكار والاستنكار لينطلقان من بنائه اللفظي وبنائه المعنوي سواء فالفعلة منكرة حقا أن يأتي الحجاج والجدال بسبب النعمة والعطاء وأن يدعي عبد لنفسه ما هو من اختصاص الرب وأن يستقل حاكم بحكم الناس بهواه دون أن يستمد قانونه من الله قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت والإحياء والإماتة هما الظاهرتان المكرورتان في كل لحظة المعروضتان لحس الإنسان وعقله وهما في الوقت نفسه السر الذي يحير والذي يلجيء الإدراك البشري الجاء إلى مصدر آخر غير بشري وإلى أمر آخر غير أمر المخاليق ولا بد من الالتجاء إلى الألوهية القادرة على ال***** والإفناء لحل هذا اللغز الذي يعجز عنه كل الأحياء إننا لا نعرف شيئا عن حقيقة الحياة وحقيقة الموت حتى اللحظة الحاضرة ولكننا ندرك مظاهرهما في الأحياء والأموات ونحن ملزمون أن نكل مصدر الحياة والموت إلى قوة ليست من جنس القوى التي نعرفها على الإطلاق قوة الله ومن ثم عرف إبراهيم عليه السلام ربه بالصفة التي لا يمكن أن يشاركه فيها أحد ولا يمكن أن يزعمها أحد وقال وهذا الملك يسأله عمن يدين له بالربوبية ويراه مصدر الحكم والتشريع غيره قال ربي الذي يحيى ويميت فهو من ثم الذي يحكم ويشرع وما كان إبراهيم عليه السلام وهو رسول موهوب تلك الموهبة اللدنية التي أشرنا إليها في مطلع هذا الجزء ليعني من الأحياء والإماتة إلا ***** هاتين الحقيقتين ***** فذلك عمل الرب المتفرد الذي لا يشاركه فيه أحد من خلقه ولكن الذي حاج إبراهيم في ربه رأى في كونه حاكما لقومه وقادرا على إنفاذ أمره فيهم بالحياة والموت مظهرا من مظاهر الربوبية فقال لإبراهيم أنا سيد هؤلاء القوم وأنا المتصرف في شأنهم فأنا إذن الرب الذي يجب عليك أن تخضع له وتسلم بحاكميته قال أنا أحيي وأميت عند ذلك لم يرد إبراهيم عليه السلام أن يسترسل في جدل حول معنى الإحياء والإماتة مع رجل يماري ويداور في تلك الحقيقة الهائلة حقيقة منح الحياة وسلبها هذا السر الذي لم تدرك منه البشرية حتى اليوم شيئا وعندئذ عدل عن هذه السنة الكونية الخفية إلى سنة أخرى ظاهرة مرئية ; وعدل عن طريقة العرض المجرد للسنة الكونية والصفة الإلهية في قوله ربي الذي يحيي ويميت إلى طريقة التحدي وطلب تغيير سنة الله لمن ينكر ويتعنت ويجادل في الله ; ليريه أن الرب ليس حاكم قوم في ركن من الأرض إنما هو مصرف هذا الكون كله ومن ربوبيته هذه للكون يتعين أن يكون هو رب الناس المشرع لهم قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب وهي حقيقة كونية مكرورة كذلك ; تطالع الأنظار والمدارك كل يوم ; ولا تتخلف مرة ولا تتأخر وهي شاهد يخاطب الفطرة حتى ولو لم يعرف الإنسان شيئا عن تركيب هذا الكون ولم يتعلم شيئا من حقائق الفلك ونظرياته والرسالات تخاطب فطرة الكائن البشري في أية مرحلة من مراحل نموه العقلي والثقافي والاجتماعي لتأخذ بيده من الموضع الذي هو فيه ومن ثم كان هذا التحدي الذي يخاطب الفطرة كما يتحدث بلسان الواقع الذي لا يقبل الجدل فبهت الذي كفر فالتحدي قائم والأمر ظاهر ولا سبيل إلى سوء الفهم أو الجدال والمراء وكان التسليم أولى والإيمان أجدر ولكن الكبر عن الرجوع إلى الحق يمسك بالذي كفر فيبهت ويبلس ويتحير ولا يهديه الله إلى الحق لأنه لم يتلمس الهداية ولم يرغب في الحق ; ولم يلتزم القصد والعدل والله لا يهدي القوم الظالمين ويمضي هذا الجدل الذي عرضه الله على نبيه ص وعلى الجماعة المسلمة مثلا للضلال والعناد ; وتجربة يتزود بها أصحاب الدعوة الجدد في مواجهة المنكرين ; وفي ترويض النفوس على تعنت المنكرين كذلك يمضي بتقرير تلك الحقائق التي تؤلف قاعدة التصور الإيماني الناصع ربي الذي يحيي ويميت فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب حقيقة في الأنفس وحقيقة في الآفاق حقيقتان كونيتان هائلتان ; وهما مع ذلك مكرورتان معروضتان للبصائر والأبصار آناء الليل وأطراف النهار لا تحتاجان إلى علم غزير ولا إلى تفكير طويل فالله أرحم بعباده أن يكلهم في مسألة الإيمان به والاهتداء إليه إلى العلم الذي قد يتأخر وقد يتعثر وإلى التفكير الذي قد لا يتهيأ للبدائيين إنما يكلهم في هذا الأمر الحيوي الذي لا تستغني عنه فطرتهم ولا تستقيم بدونه حياتهم ولا ينتظم مع فقدانه مجتمعهم ولا يعرف الناس بدونه من أين يتلقون شريعتهم وقيمهم وآدابهم يكلهم في هذا الأمر إلى مجرد التقاء الفطرة بالحقائق الكونية المعروضة على الجميع والتي تفرض نفسها فرضا على الفطرة فلا يحيد الإنسان عن إيحائها الملجيء إلا بعسر ومشقة ومحاولة ومحال وتعنت وعناد والشأن في مسألة الاعتقاد هو الشأن في كل أمر حيوي تتوقف عليه حياة الكائن البشري فالكائن الحي يبحث عن الطعام والشراب والهواء كما يبحث عن التناسل والتكاثر بحثا فطريا ولا يترك الأمر في هذه الحيويات حتى يكمل التفكير وينضج أو حتى ينمو العلم ويغزر وإلا تعرضت حياة الكائن الحي إلى الدمار والبوار والإيمان حيوي للإنسان حيوية الطعام والشراب والهواء سواء بسواء ومن ثم يكله الله فيه إلى تلاقي الفطرة بآياته المبثوثة في صفحات الكون كله في الأنفس والآفاق
25
2K

هذا الموضوع مغلق.

شهيدة فلسطين
شهيدة فلسطين
تفسير الصابوني

{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ } أي لا إِجبار ولا إِكراه لأحد على الدخول في دين الإِسلام، فقد بان ووضح الحق من الباطل والهدى من الضلال { فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } أي من كفر بما يعبد من غير الله كالشيطان والأوثان وآمن بالله تمسك من الدين بأقوى سبب { لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا } أي لا انقطاع لها ولا زوال { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي سميع لأقوال عباده عليم بأفعالهم { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } أي الله ناصر المؤمنين وحافظهم ومتولي أمورهم، يخرجهم من ظلمات الكفر والضلالة إِلى نور الإِيمان والهداية { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ } أي وأما الكافرون فأولياؤهم الشياطين يخرجونهم من نور الإِيمان إِلى ظلمات الشك والضلال { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } أي ماكثون في نار جهنم لا يخرجون منها أبداً.
التفسِير: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ } تعجيب للسامع من أمر هذا الكافر، المجادل في قدرة الله أي ألم ينته علمك إِلى ذلك المارد وهو " النمروذ بن كنعان " الذي جادل إِبراهيم في وجود الله؟ { أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ } أي لأن آتاه الله الملك حيث حمله بطره بنعم الله على إِنكار وجود الله، فقابل الجود والإِحسان بالكفر والطغيان { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي حين قال له إِبراهيم مستدلاً على وجود الله إِن ربي هو الذي يخلق الحياة والموت في الأجساد فهو وحده ربُّ العالمين { قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ } أي قال ذلك الطاغية وأنا أيضاً أحيي وأميت، روي أنه دعا برجلين حكم عليهما بالإِعدام فأمر بقتل أحدهما فقال: هذا قتلتُه، وأمر بإِطلاق الآخر وقال: هذا أحييتُه، ولما رأى الخليل حماقته ومشاغبته في الدليل عدل إِلى دليل آخر أجدى وأروع وأشد إِفحاماً { قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ } أي إِذا كنت تدعي الألوهية وأنك تحيي وتميت كما يفعل رب العالمين جل جلاله فهذه الشمس تطلع كل يوم من المشرق بأمر الله ومشيئته فأطلعها من المغرب بقدرتك وسلطانك ولو مرة واحدة { فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } أي أُخرس ذلك الفاجر بالحجة القاطعة، وأصبح مبهوتاً دهشاً لا يستطيع الجواب { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } أي لا يلهمهم الحجة والبيان في مقام المناظرة والبرهان بخلاف أوليائه المتقين
شهيدة فلسطين
شهيدة فلسطين
تفسير الصابوني { لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ } أي لا إِجبار ولا إِكراه لأحد على الدخول في دين الإِسلام، فقد بان ووضح الحق من الباطل والهدى من الضلال { فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } أي من كفر بما يعبد من غير الله كالشيطان والأوثان وآمن بالله تمسك من الدين بأقوى سبب { لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا } أي لا انقطاع لها ولا زوال { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي سميع لأقوال عباده عليم بأفعالهم { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } أي الله ناصر المؤمنين وحافظهم ومتولي أمورهم، يخرجهم من ظلمات الكفر والضلالة إِلى نور الإِيمان والهداية { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ } أي وأما الكافرون فأولياؤهم الشياطين يخرجونهم من نور الإِيمان إِلى ظلمات الشك والضلال { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } أي ماكثون في نار جهنم لا يخرجون منها أبداً. التفسِير: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ } تعجيب للسامع من أمر هذا الكافر، المجادل في قدرة الله أي ألم ينته علمك إِلى ذلك المارد وهو " النمروذ بن كنعان " الذي جادل إِبراهيم في وجود الله؟ { أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ } أي لأن آتاه الله الملك حيث حمله بطره بنعم الله على إِنكار وجود الله، فقابل الجود والإِحسان بالكفر والطغيان { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي حين قال له إِبراهيم مستدلاً على وجود الله إِن ربي هو الذي يخلق الحياة والموت في الأجساد فهو وحده ربُّ العالمين { قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ } أي قال ذلك الطاغية وأنا أيضاً أحيي وأميت، روي أنه دعا برجلين حكم عليهما بالإِعدام فأمر بقتل أحدهما فقال: هذا قتلتُه، وأمر بإِطلاق الآخر وقال: هذا أحييتُه، ولما رأى الخليل حماقته ومشاغبته في الدليل عدل إِلى دليل آخر أجدى وأروع وأشد إِفحاماً { قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ } أي إِذا كنت تدعي الألوهية وأنك تحيي وتميت كما يفعل رب العالمين جل جلاله فهذه الشمس تطلع كل يوم من المشرق بأمر الله ومشيئته فأطلعها من المغرب بقدرتك وسلطانك ولو مرة واحدة { فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } أي أُخرس ذلك الفاجر بالحجة القاطعة، وأصبح مبهوتاً دهشاً لا يستطيع الجواب { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } أي لا يلهمهم الحجة والبيان في مقام المناظرة والبرهان بخلاف أوليائه المتقين
تفسير الصابوني { لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ } أي لا...
يوم الخميس إن شاء الله
اختبار في الآيات من 204- 252
الخلخال
الخلخال


لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم @

الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات الى النور والذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون @

ألم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ان اتاه الله الملك اذا قال ابراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال انا احيي وأميت قال ابراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين @

زهرة الفـل
زهرة الفـل
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

(( لا إكره في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لانفصام

لها والله سميع عليم

الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات

أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون

ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال

إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لايهدي القوم الظالمين ))
إيمي1
إيمي1
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم