بسم الله الرحمن الرحيم
الورد التاسع والعشرون
الآيات من 145-150 وتقع في الجزء الثاني من القرآن الكريم
{ وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } * { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }
سيد قطب رحمه الله
كتمان أهل الكتاب للحق وعدم الإنشغال بهم
ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك فهم في عناد يقوده الهوى وتؤرثه المصلحة ويحدوه الغرض وإن كثيرا من طيبي القلوب ليظنون أن الذي يصد اليهود والنصارى عن الإسلام أنهم لا يعرفونه أو لأنه لم يقدم إليهم في صورة مقنعة وهذا وهم إنهم لا يريدون الإسلام لأنهم يعرفونه يعرفونه فهم يخشونه على مصالحهم وعلى سلطانهم ; ومن ثم يكيدون له ذلك الكيد الناصب الذي لا يفتر بشتى الطرق وشتى الوسائل عن طريق مباشر وعن طرق أخرى غير مباشرة يحاربونه وجها لوجه ويحاربونه من وراء ستار ويحاربونه بأنفسهم ويستهوون من أهله من يحاربه لهم تحت أي ستار وهم دائما عند قول الله تعالى لنبيه الكريم ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وفي مواجهة هذا الإصرار من أهل الكتاب على الاعراض عن قبلة الإسلام ومنهجه الذي ترمز هذه القبلة
له يقرر حقيقة شأن النبي ص وموقفه الطبيعي وما أنت بتابع قبلتهم ليس من شأنك أن تتبع قبلتهم أصلا واستخدام الجملة الأسمية المنفية هنا أبلغ في بيان الشأن الثابت الدائم للرسول ص تجاه هذا الأمر وفيه إيحاء قوي للجماعة المسلمة من ورائه فلن تختار قبلة غير قبلة رسولها التي اختارها له ربه ورضيها له ليرضيه ; ولن ترفع راية غير رايتها التي تنسبها إلى ربها ; ولن تتبع منهجا إلا المنهج الإلهي الذي ترمز له هذه القبلة المختارة هذا شأنها ما دامت مسلمة ; فإذا لم تفعل فليست من الإسلام في شيء إنما هي دعوى ويستطرد فيكشف عن حقيقة الموقف بين أهل الكتاب بعضهم وبعض ; فهم ليسوا على وفاق لأن الأهواء تفرقهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض والعداء بين اليهود والنصارى والعداء بين الفرق اليهودية المختلفة والعداء بين الفرق النصرانية المختلفة أشد عداء وما كان للنبي ص وهذا شأنه وهذا شأن أهل الكتاب وقد علم الحق في الأمر أن يتبع أهواءهم بعدما جاءه من العلم ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ونقف لحظة أمام هذا الجد الصارم في هذا الخطاب الإلهي من الله سبحانه إلى نبيه الكريم الذي حدثه منذ لحظة ذلك الحديث الرفيق الودود إن الأمر هنا يتعلق بالاستقامة على هدي الله وتوجيهه ; ويتعلق بقاعدة التميز والتجرد إلا من طاعة الله ونهجه ومن ثم يجيء الخطاب فيه بهذا الحزم والجزم وبهذه المواجهة والتحذير إنك إذا لمن الظالمين إن الطريق واضح والصراط مستقيم فإما العلم الذي جاء من عند الله وإما الهوى في كل ما عداه وليس للمسلم أن يتلقى إلا من الله وليس له أن يدع العلم المستيقن إلى الهوى المتقلب وما ليس من عند الله فهو الهوى بلا تردد وإلى جانب هذا الإيحاء الدائم نلمح كذلك أنه كانت هناك حالة واقعة من بعض المسلمين في غمرة الدسائس اليهودية وحملة التضليل الماكرة تستدعي هذه الشدة في التحذير وهذا الجزم في التعبير
وبعد هذه الوقفة العابرة نعود إلى السياق ; فنجده لا يزال يقرر معرفة أهل الكتاب الجازمة بأن الحق في هذا الشأن وفي غيره هو ما جاء به القرآن وما أمر به الرسول ولكنهم يكتمون الحق الذي يعلمونه للهوى الذي يضمرونه الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ومعرفة الناس بأبنائهم هي قمة المعرفة وهي مثل يضرب في لغة العرب على اليقين الذي لا شبهة فيه فإذا كان أهل الكتاب على يقين من الحق الذي جاء به النبي ص ومنه هذا الذي جاء به في شأن القبلة وكان فريق منهم يكتمون الحق الذي يعلمونه علم اليقين فليس سبيل المؤمنين إذن أن يتأثروا
بما يلقيه أهل الكتاب هؤلاء من أباطيل وأكاذيب وليس سبيل المؤمنين أن يأخذوا من هؤلاء الذين يستيقنون الحق ثم يكتمونه شيئا في أمر دينهم الذي يأتيهم به رسولهم الصادق الأمين وهنا يوجه الخطاب إلى النبي ص بعد هذا البيان بشأن أهل الكتاب الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ورسول الله ص ما امترى يوما ولا شك وحينما قال له ربه في آية أخرى فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذي يقرأون الكتاب من قبلك قال < لا أشك ولا أسأل > ولكن توجيه الخطاب هكذا إلى شخصه ص يحمل إيحاء قويا إلى من وراءه من المسلمين سواء منهم من كان في ذلك الحين يتأثر بأباطيل اليهود وأحابيلهم ومن يأتي بعدهم ممن تؤثر فيهم أباطيل اليهود وغير اليهود في أمر دينهم وما أجدرنا نحن اليوم أن نستمع إلى هذا التحذير ; ونحن في بلاهة منقطعة النظير نروح نستفتي المستشرقين من اليهود والنصارى والشيوعيين الكفار في أمر ديننا ونتلقى عنهم تاريخنا ونأمنهم على القول في تراثنا ونسمع لما يدسونه من شكوك في دراساتهم لقرآننا وحديث نبينا وسيرة أوائلنا ; ونرسل إليهم بعثات من طلابنا يتلقون عنهم علوم الإسلام ويتخرجون في جامعاتهم ثم يعودون الينا مدخولي العقل والضمير إن هذا القرآن قرآننا قرآن الأمة المسلمة وهو كتابها الخالد الذي يخاطبها فيه ربها بما تعمله وما تحذره وأهل الكتاب هم أهل الكتاب والكفار هم الكفار والدين هو الدين ونعود إلى السياق فنراه يصرف المسلمين عن الاستماع لأهل الكتاب والانشغال بتوجيهاتهم ويوحي إليهم بالاستقامة على طريقهم الخاص ووجهتهم الخاصة فلكل فريق وجهته وليستبق المسلمون إلى الخير لا يشغلهم عنه شاغل ومصيرهم جميعا إلى الله القادر على جمعهم وعلى مجازاتهم في نهاية المطاف ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير وبهذا يصرف الله المسلمين عن الإنشغال بما يبثه أهل الكتاب من دسائس وفتن وتأويلات وأقاويل يصرفهم إلى العمل والاستباق إلى الخيرات مع تذكر أن مرجعهم إلى الله وأن الله قدير على كل شيء لا يعجزه أمر ولا يفوته شيء إنه الجد الذي تصغر إلى جواره الأقاويل والأباطيل
استقبال القبلة الجديدة من أي مكان وإهمال أهل الكتاب
ثم يعود فيؤكد الأمر بالاتجاه إلى القبلة الجديدة المختارة مع تنويع التعقيب ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون والأمر في هذه المرة يخلو من الحديث عن أهل الكتاب وموقفهم ويتضمن الاتجاه إلى المسجد الحرام حيثما خرج النبي ص وحيثما كان مع توكيد أنه الحق من ربه ومع التحذير الخفي من الميل عن هذا الحق التحذير الذي يتضمنه قوله وما الله بغافل عما تعملون وهو الذي يشي بأنه كانت هناك حالة واقعة وراءه في قلوب بعض المسلمين تقتضي هذا التوكيد وهذا التحذير الشديد
ثم توكيد للمرة الثالثة بمناسبة غرض آخر جديد وهو إبطال حجة أهل الكتاب وحجة غيرهم من كانوا يرون المسلمين يتوجهون إلى قبلة اليهود فيميلون إلى الاقتناع بما يذيعه اليهود من فضل دينهم على دين محمد وأصالة قبلتهم ومن ثم منهجهم أو من مشركي العرب الذين كانوا يجدون في هذا التوجيه وسيلة لصد العرب الذي يقدسون مسجدهم وتنفيرهم من الإسلام الذي يتجه أهله شطر قبلة بني إسرائيل ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون وهو أمر للرسول ص أن يولي وجهه شطر المسجد من حيث خرج وإلى المسلمين أن يولوا وجوههم شطره حيثما كانوا وبيان لعلة هذا التوجيه لئلا يكون للناس عليكم حجة وتهوين لما بعد ذلك من أقاويل الظالمين الذين لا يقفون عند الحجة والنطق إنما ينساقون مع العناد واللجاج فهؤلاء لا سبيل إلى إسكاتهم فسيظلون إذن في لجاجهم فلا على المسلمين منهم فلا تخشوهم واخشوني فلا سلطان لهم عليكم ولا يملكون شيئا من أمركم ولا ينبغي أن تحفلوهم فتميلوا عما جاءكم من عندي فأنا الذي استحق الخشية بما أملك من أمركم في الدنيا والآخرة ومع التهوين من شأن الذين ظلموا والتحذير من بأس الله يجيء التذكير بنعمة الله والإطماع في اتمامها على الأمة المسلمة حين تستجيب وتستقيم ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون وهو تذكير موح وإطماع دافع وتلويح بفضل عظيم بعد فضل عظيم ولقد كانت النعمة التي يذكرهم بها حاضرة بين أيديهم يدركونها في أنفسهم ويدركونها في حياتهم ويدركونها في مجتمعهم وموقفهم في الأرض ومكانهم في الوجود كانوا هم أنفسهم الذين عاشوا في الجاهلية بظلامها ورجسها وجهالتها ثم انتقلوا هم أنفسهم إلى نور الإيمان وطهارته ومعرفته فهم يجدون في أنفسهم أثر النعمة جديدا واضحا عميقا وكانوا هم أنفسهم الذين عاشوا في الجاهلية قبائل متناحرة ذات أهداف صغيرة واهتمامات محدودة ثم انتقلوا هم أنفسهم إلى الوحدة تحت راية العقيدة وإلى القوة والمنعة وإلى الغايات الرفيعة والاهتمامات الكبيرة التي تتعلق بشأن البشرية كلها لا بشأن ثأر في قبيلة فهم يجدون أثر النعمة من حولهم كما وجدوه في أنفسهم وكانوا هم أنفسهم الذين عاشوا في الجاهلية في مجتمع هابط دنس مشوش التصورات مضطرب القيم ثم انتقلوا هم أنفسهم إلى مجتمع الإسلام النظيف الرفيع الواضح التصور والاعتقاد المستقيم القيم والموازين فهم يجدون أثر النعمة في حياتهم العامة كما وجدوه في قلوبهم وفي مكانهم من الأمم حولهم فإذا قال الله لهم ولأتم نعمتي عليكم كان في هذا القول تذكير موح وإطماع دافع وتلويح بفضل عظيم بعد فضل عظيم ونجد في تكرار الأمر بشأن القبلة الجديدة معنى جديدا في كل مرة في المرة الأولى كان الأمر بالتوجه إلى المسجد الحرام استجابة لرغبة الرسول ص بعد تقلب وجهه في السماء وضراعته الصامتة إلى ربه وفي الثانية كان لإثبات أنه الحق من ربه يوافق الرغبة والضراعة وفي الثالثة كان لقطع حجة الناس والتهوين من شأن من لا يقف عند الحق والحجة ولكننا مع هذا نلمح وراء التكرار أنه كانت هناك حالة واقعة في الصف الإسلامي تستدعي هذا التكرار وهذا التوكيد وهذا البيان وهذا التعليل مما يشي بضخامة حملة الأضاليل والأباطيل وأثرها في بعض القلوب والنفوس هذا الأثر الذي كان يعالجه القرآن الكريم ; ثم تبقى النصوص بعد ذلك على مدى الزمان تعالج مثل هذه الحالة في شتى صورها ; في المعركة الدائبة التي لا تهدأ ولا تفتر ولا تلين
هذا الموضوع مغلق.

شهيدة فلسطين :
تفسير الصابوني المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى ما قاله السفهاء من اليهود عند تحويل القبلة من بيت المقدس إِلى الكعبة المعظمة، وأمر رسوله بأن يتوجه في صلاته نحو البيت العتيق، ذكر في هذه الآيات أن أهل الكتاب قد انتهوا في العناد والمكابرة إِلى درجة اليأس من إِسلامهم، فإِنهم ما تركوا قبلتك لشبهة عارضة تزيلها الحجة، وإنما خالفوك عناداً واستكباراً، وفي ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم من جحود وتكذيب أهل الكتاب. اللغَة: { آيَةٍ } الآية: الحجة والعلامة { أَهْوَاءَهُم } جمع هوى مقصور، وهوى النفس: ما تحبه وتميل إليه { ٱلْمُمْتَرِينَ } الامتراء: الشك، امترى في الشيء شك فيه ومنه المراء والمرْية { وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } [الحج: 55] أي شك { وِجْهَةٌ } قال الفراء: وِجهة وجِهَة ووجه بمعنى واحد والمراد بها القِبلة { هُوَ مُوَلِّيهَا } أي هو مولّيها وجهه فاستغنى عن ذكر الوجه قال الفراء: أي مستقبلها { فَٱسْتَبِقُواْ } أي بادروا وسارعوا { ٱلْخَيْرَاتِ } الأعمال الصالحة جمع خيْرة { تَخْشَوْهُمْ } تخافوهم والخشية: الخوف. التفسِير: { وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ } أي والله لئن جئت اليهود والنصارى بكل معجزة على صدقك في أمر القبلة ما اتبعوك يا محمد ولا صلّوا إِلى قبلتك { وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ } أي ولست أنت بمتبع قبلتهم بعد أن حوّلك الله عنها، وهذا لقطع أطماعهم الفارغة حيث قالت اليهود: لو ثبتَّ على قبلتنا لكنا نرجو أن تكون صاحبنا الذي ننتظره تغريراً له عليه السلام { وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ } أي إِن النصارى لا يتبعون قبلة اليهود، كما أن اليهود لا يتبعون قبلة النصارى، لما بينهم من العداوة والخلاف الشديد مع أن الكل من بني إِسرائيل { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } أي ولئن فرض وقدّر أنك سايرتهم على أهوائهم، واتبعت ما يهوونه ويحبونه بعد وضوح البرهان الذي جاءك بطريق الوحي { إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } أي تكون ممن ارتكب أفحش الظلم، والكلام وارد على سبيل الفرض والتقدير وإِلا فحاشاه صلى الله عليه وسلم من أتباع أهواء الكفرة المجرمين، وهو من باب التهييج للثبات على الحق. { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } أي اليهود والنصارى { يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } أي يعرفون محمداً معرفة لا امتراء فيها كما يعرف الواحد منهم ولده معرفة يقين { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أي وإِن جماعة منهم - وهم رؤساؤهم وأحبارهم - ليخفون الحق ولا يعلنونه ويخفون صفة النبي مع أنه منعوت لديهم بأظهر النعوت { ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ } [الأعراف: 157] فهم يكتمون أوصافه عن علم وعرفان { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } أي ما أوحاه الله إِليك يا محمد من أمر القبلة والدين هو الحق فلا تكوننَّ من الشاكّين، والخطاب للرسول والمراد أمته { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ } أي لكل أمة من الأمم قبلةٌ هو مولّيها وجهه أي مائل إِليها بوجهه فبادروا وسارعوا أيها المؤمنون إِلى فعل الخيرات { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً } أي في أي موضع تكونوا من أعماق الأرض أو قمم الجبال يجمعكم الله للحساب فيفصل بين المحق والمبطل { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي هو قادر على جمعكم من الأرض وإِن تفرقت أجسامكم وأبدانكم { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي من أيّ مكان خرجت إِليه للسفر فتوجه بوجهك في صلاتك جهة الكعبة { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } تقدم تفسيره وكرّره لبيان تساوي حكم السفر والحضر { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } هذا أمر ثالث باستقبال الكعبة المشرفة، وفائدة هذا التكرار أن القبلة كان أول ما نسخ من الأحكام الشرعية، فدعت الحاجة إِلى التكرار لأجل التأكيد والتقرير وإِزالة الشبهة قال تعالى { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ } أي عرّفكم أمر القبلة لئلا يحتج عليكم اليهود فيقولوا: يجحد ديننا ويتبع قبلتنا فتكون لهم حجة عليكم أو كقول المشركين: يدعى محمد ملة إِبراهيم ويخالف قبلته { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِي } أي إِلا الظلمة المعاندين الذين لا يقبلون أيّ تعليل فلا تخافوهم وخافوني { وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي أتمّ فضلي عليكم بالهداية إِلى قبلة أبيكم إبراهيم والتوفيق لسعادة الدارين.تفسير الصابوني المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى ما قاله السفهاء من اليهود عند تحويل القبلة من بيت...
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
( ولئن أتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية ماتبعوا قبلتك وما انت بتابع قبلتهم ومابعضهم بتابع قبلة بعض ولئن أتبعت
اهواءهم من بعد ماجاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين * الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم
وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون * الحق من ربك فلا تكونن من الممترين * ولكل وجهة هو موليها
فأستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميها إن الله على كل شي قدير * ومن حيث خرجت فول وجهك شطر
المسجد الحرام وإنه للحق من ربك ومالله بغافل عما تعلمون * ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام
وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشونى
ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون )

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ماتبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم
ومابعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت اهوائهم من بعد ماجاءك من
العلم إنك إذاًلمن الظالمين*الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون
ابناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون*الحق من ربك فلا
تكونن من الممترين*ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما
تكونوا يأت بكم الله جميعاً إن الله على كل شيئ قدير*ومن حيث خرجت
فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وماالله بغافل عما
تعملون*ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما
كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا
منهم فلاتخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون)
(ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ماتبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم
ومابعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت اهوائهم من بعد ماجاءك من
العلم إنك إذاًلمن الظالمين*الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون
ابناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون*الحق من ربك فلا
تكونن من الممترين*ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما
تكونوا يأت بكم الله جميعاً إن الله على كل شيئ قدير*ومن حيث خرجت
فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وماالله بغافل عما
تعملون*ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما
كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا
منهم فلاتخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون)

عتاب قلم
•
السلام عليكم ورحـــمـــ الله وبركاته ــــــــــــة:26:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ماتبعوا قبلتك و ما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئنِ اتبعت أهوائهم من بعد ماجائك من العلم إنك إذاً لمن الظالمين *
الذين ءاتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون*
الحق من ربك فلاتكونن من الممترين *
ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيراتِ أين ماتكونوا يأتِ بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير *
ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربكم وما الله بغافلٍ عما تعلمون *
ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ومن حيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون )
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ماتبعوا قبلتك و ما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئنِ اتبعت أهوائهم من بعد ماجائك من العلم إنك إذاً لمن الظالمين *
الذين ءاتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون*
الحق من ربك فلاتكونن من الممترين *
ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيراتِ أين ماتكونوا يأتِ بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير *
ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربكم وما الله بغافلٍ عما تعلمون *
ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ومن حيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون )

ورده ذهبية :
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ولئن أتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية ماتبعوا قبلتك وما انت بتابع قبلتهم ومابعضهم بتابع قبلة بعض ولئن أتبعت اهواءهم من بعد ماجاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين * الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون * الحق من ربك فلا تكونن من الممترين * ولكل وجهة هو موليها فأستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميها إن الله على كل شي قدير * ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك ومالله بغافل عما تعلمون * ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشونى ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون )اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ولئن أتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية ماتبعوا قبلتك وما انت...
جميعا
الصفحة الأخيرة
المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى ما قاله السفهاء من اليهود عند تحويل القبلة من بيت المقدس إِلى الكعبة المعظمة، وأمر رسوله بأن يتوجه في صلاته نحو البيت العتيق، ذكر في هذه الآيات أن أهل الكتاب قد انتهوا في العناد والمكابرة إِلى درجة اليأس من إِسلامهم، فإِنهم ما تركوا قبلتك لشبهة عارضة تزيلها الحجة، وإنما خالفوك عناداً واستكباراً، وفي ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم من جحود وتكذيب أهل الكتاب.
اللغَة: { آيَةٍ } الآية: الحجة والعلامة { أَهْوَاءَهُم } جمع هوى مقصور، وهوى النفس: ما تحبه وتميل إليه { ٱلْمُمْتَرِينَ } الامتراء: الشك، امترى في الشيء شك فيه ومنه المراء والمرْية
{ وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ }
أي شك { وِجْهَةٌ } قال الفراء: وِجهة وجِهَة ووجه بمعنى واحد والمراد بها القِبلة { هُوَ مُوَلِّيهَا } أي هو مولّيها وجهه فاستغنى عن ذكر الوجه قال الفراء: أي مستقبلها { فَٱسْتَبِقُواْ } أي بادروا وسارعوا { ٱلْخَيْرَاتِ } الأعمال الصالحة جمع خيْرة { تَخْشَوْهُمْ } تخافوهم والخشية: الخوف.
التفسِير: { وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ } أي والله لئن جئت اليهود والنصارى بكل معجزة على صدقك في أمر القبلة ما اتبعوك يا محمد ولا صلّوا إِلى قبلتك { وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ } أي ولست أنت بمتبع قبلتهم بعد أن حوّلك الله عنها، وهذا لقطع أطماعهم الفارغة حيث قالت اليهود: لو ثبتَّ على قبلتنا لكنا نرجو أن تكون صاحبنا الذي ننتظره تغريراً له عليه السلام { وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ } أي إِن النصارى لا يتبعون قبلة اليهود، كما أن اليهود لا يتبعون قبلة النصارى، لما بينهم من العداوة والخلاف الشديد مع أن الكل من بني إِسرائيل { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } أي ولئن فرض وقدّر أنك سايرتهم على أهوائهم، واتبعت ما يهوونه ويحبونه بعد وضوح البرهان الذي جاءك بطريق الوحي { إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } أي تكون ممن ارتكب أفحش الظلم، والكلام وارد على سبيل الفرض والتقدير وإِلا فحاشاه صلى الله عليه وسلم من أتباع أهواء الكفرة المجرمين، وهو من باب التهييج للثبات على الحق. { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } أي اليهود والنصارى { يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } أي يعرفون محمداً معرفة لا امتراء فيها كما يعرف الواحد منهم ولده معرفة يقين { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أي وإِن جماعة منهم - وهم رؤساؤهم وأحبارهم - ليخفون الحق ولا يعلنونه ويخفون صفة النبي مع أنه منعوت لديهم بأظهر النعوت
{ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ }
فهم يكتمون أوصافه عن علم وعرفان { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } أي ما أوحاه الله إِليك يا محمد من أمر القبلة والدين هو الحق فلا تكوننَّ من الشاكّين، والخطاب للرسول والمراد أمته { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ } أي لكل أمة من الأمم قبلةٌ هو مولّيها وجهه أي مائل إِليها بوجهه فبادروا وسارعوا أيها المؤمنون إِلى فعل الخيرات { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً } أي في أي موضع تكونوا من أعماق الأرض أو قمم الجبال يجمعكم الله للحساب فيفصل بين المحق والمبطل { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي هو قادر على جمعكم من الأرض وإِن تفرقت أجسامكم وأبدانكم { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي من أيّ مكان خرجت إِليه للسفر فتوجه بوجهك في صلاتك جهة الكعبة { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } تقدم تفسيره وكرّره لبيان تساوي حكم السفر والحضر { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } هذا أمر ثالث باستقبال الكعبة المشرفة، وفائدة هذا التكرار أن القبلة كان أول ما نسخ من الأحكام الشرعية، فدعت الحاجة إِلى التكرار لأجل التأكيد والتقرير وإِزالة الشبهة قال تعالى { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ } أي عرّفكم أمر القبلة لئلا يحتج عليكم اليهود فيقولوا: يجحد ديننا ويتبع قبلتنا فتكون لهم حجة عليكم أو كقول المشركين: يدعى محمد ملة إِبراهيم ويخالف قبلته { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِي } أي إِلا الظلمة المعاندين الذين لا يقبلون أيّ تعليل فلا تخافوهم وخافوني { وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي أتمّ فضلي عليكم بالهداية إِلى قبلة أبيكم إبراهيم والتوفيق لسعادة الدارين.