بسم الله الرحمن الرحيم
الورد الثاني والثلاثون : تصحيح عدد من القواعد التي يقوم عليها الايمان الصحيح
الآيات من 165- 171وتقع في الجزء الثاني من القرآن الكريم
{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } * { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } *
التقييم حتى مساء الجمعةتفسير سيد قطب رحمه الله
من الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله من الناس من يتخذ من دون الله اندادا كانوا على عهد المخاطبين بهذا القرآن أحجارا وأشجارا أو نجوما وكواكب أو ملائكة وشياطين وهم في كل عهد من عهود الجاهلية أشياء أو أشخاص أو شارات أو اعتبارات وكلها شرك خفي أو ظاهر إذا ذكرت إلى جانب اسم الله وإذا أشركها المرء في قلبه مع حب الله فكيف إذا نزع حب الله من قلبه وأفرد هذه الأنداد بالحب الذي لا يكون إلا لله
إن المؤمنين لا يحبون شيئا حبهم لله لا أنفسهم ولا سواهم لا أشخاصا ولا اعتبارات ولا شارات ولا قيما من قيم هذه الأرض التي يجري وراءها الناس والذين آمنوا أشد حبا لله أشد حبا لله حبا مطلقا من كل موازنة ومن كل قيد أشد حبا لله من كل حب يتجهون به إلى سواه والتعبير هنا بالحب تعبير جميل فوق أنه تعبير صادق فالصلة بين المؤمن الحق وبين الله هي صلة الحب صلة الوشيجة القلبية والتجاذب الروحي صلة المودة والقربى صلة الوجدان المشدود بعاطفة الحب المشرق الودود ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منها كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار أولئك الذين اتخذوا من دون الله اندادا فظلموا الحق وظلموا أنفسهم لو مدوا بأبصارهم إلى يوم يقفون بين يدي الله الواحد لو تطلعوا ببصائرهم إلى يوم يرون العذاب الذي ينتظر الظالمين لو يرون لرأوا أن القوة لله جميعا فلا شركاء ولا انداد وأن الله شديد العذاب لو يرون إذ تبرأ المتبوعون من التابعين ورأوا العذاب فتقطعت بينهم الأواصر والعلاقات والأسباب وانشغل كل بنفسه تابعا كان أم متبوعا وسقطت الرياسات والقيادات التي كان المخدوعون يتبعونها وعجزت عن وقاية أنفسها فضلا عن وقاية تابعيها وظهرت حقيقة الألوهية الواحدة والقدرة الواحدة وكذب القيادات الضالة وضعفها وعجزها أمام الله وأمام العذاب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا وتبدى الحنق والغيظ من التابعين المخدوعين في القيادات الضالة وتمنوا لو يردون لهم الجميل لو يعودون إلى الأرض فيتبرأوا من تبعيتهم لتلك القيادات العاجزة الضعيفة في حقيقتها التي خدعتهم ثم تبرأت منهم أمام العذاب إنه مشهد مؤثر مشهد التبرؤ والتعادي والتخاصم بين التابعين والمتبوعين بين المحبين والمحبوبين وهنا يجيء التعقيب الممض المؤلم كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار
إباحة الطيبات والتحذير من متابعة الشيطان في الخبائث
بعد هذا يمضي السياق يدعو الناس إلى التمتع بطيبات الحياة والبعد عن خبائثها محذرا من اتباع الشيطان الذي يأمرهم بالخبائث والادعاء على الله في التحليل والتحريم بغير إذن منه ولا تشريع ; ويحذرهم من التقليد في شأن العقيدة بغير هدى من الله ويندد بالذين يدعون من دون الله ما لا يعقل ولا يسمع وبهذا يلتقي موضوع هذه الفقرة بموضوع الفقرة السابقة في السياق يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ومثل الذين كفروا كمثل الذي
ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون لما بين الله سبحانه أنه الإله الواحد وأنه الخالق الواحد في الفقرات السابقة وأن الذين يتخذون من دون الله أندادا سينالهم ما ينالهم شرع يبين هنا أنه الرازق لعباده وأنه هو الذي يشرع لهم الحلال والحرام وهذا فرع عن وحدانية الألوهية كما أسلفنا فالجهة التي تخلق وترزق هي التي تشرع فتحرم وتحلل وهكذا يرتبط التشريع بالعقيدة بلا فكاك وهنا يبيح الله للناس جميعا أن يأكلوا مما رزقهم في الأرض حلالا طيبا إلا ما شرع لهم حرمته وهو المبين فيما بعد وأن يتلقوا منه هو الأمر في الحل والحرمة وألا يتبعوا الشيطان في شيء من هذا لأنه عدوهم ; ومن ثم فهو لا يأمرهم بخير إنما يأمرهم بالسوء من التصور والفعل ; ويأمرهم بأن يحللوا ويحرموا من عند أنفسهم دون أمر من الله مع الزعم بأن هذا الذي يقولونه هو شريعة الله كما كان اليهود مثلا يصنعون وكما كان مشركو قريش يدعون يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون وهذا الأمر بالإباحة والحل لما في الأرض إلا المحظور القليل الذي ينص عليه القرآن نصا يمثل طلاقة هذه العقيدة وتجاوبها مع فطرة الكون وفطرة الناس فالله خلق ما في الأرض للإنسان ومن ثم جعله له حلالا لا يقيده إلا أمر خاص بالحظر وإلا تجاوز دائرة الاعتدال والقصد ولكن الأمر في عمومه أمر طلاقة واستمتاع بطيبات الحياة واستجابة للفطرة بلا كزازة ولا حرج ولا تضييق كل أولئك بشرط واحد هو أن يتلقى الناس ما يحل لهم وما يحرم عليهم من الجهة التي ترزقهم هذا الرزق لا من إيحاء الشيطان الذي لا يوحي بخير لأنه عدو للناس بين العداوة لا يأمرهم إلا بالسوء وبالفحشاء وإلا بالتجديف على الله والإفتراء عليه دون تثبت ولا يقين وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا وسواء كان هؤلاء الذين تعنيهم الآية هم المشركون الذين تكرر منهم هذا القول كلما دعوا إلى الإسلام وإلى تلقي شرائعهم وشعائرهم منه وهجر ما ألفوه في الجاهلية مما لا يقره الإسلام أو كانوا هم اليهود الذين كانوا يصرون على ما عندهم من مأثور آبائهم ويرفضون الاستجابة للدين الجديد جملة وتفصيلا سواء كانوا هؤلاء أم هؤلاء فالآية تندد بتلقي شيء في أمر العقيدة من غير الله ; وتندد بالتقليد في هذا الشأن والنقل بلا تعقل ولا إدراك أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون أولو كان الأمر كذلك يصرون على اتباع ما وجدوا عليه آباءهم فأي جمود هذا وأي تقليد ومن ثم يرسم لهم صورة زرية تليق بهذا التقليد وهذا الجمود صورة البهيمة السارحة التي لا تفقه ما يقال لها بل إذا صاح بها راعيها سمعت مجرد صوت لا تفقه ماذا تعني بل هم أضل من هذه البهيمة فالبهمية ترى وتسمع وتصيح وهم صم بكم عمي ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون صم بكم عمي ولو كانت لهم آذان والسنة وعيون ما داموا لا ينتفعون بها ولا يهتدون فكأنها لا تؤدي
وظيفتها التي خلقت لها وكأنهم إذن لم توهب لهم آذان وألسنة وعيون وهذه منتهى الزراية بمن يعطل تفكيره ويغلق منافذ المعرفة والهداية ويتلقى في أمر العقيدة والشريعة من غير الجهة التي ينبغي أن يتلقى منها أمر العقيدة والشريعة
هذا الموضوع مغلق.

زدني تقى
•
بسم الله الرحمن الرحيم
((ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار * يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلال طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون * وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون * ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون)) صدق الله العظيم
((ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار * يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلال طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون * وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون * ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون)) صدق الله العظيم

بيجي يوم :
لا يمكنك مشاهدة هذا التعليق لانتهاكه شروط الاستخدام.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب (165)
إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين أتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166)
وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (167)
يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين(168)
إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون (169)
وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءابآنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون (170)
ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون(171)
ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب (165)
إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين أتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166)
وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (167)
يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين(168)
إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون (169)
وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءابآنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون (170)
ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون(171)

الخلخال
•
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوه لله جميعا وأن الله شديد العذاب @
إذ تبرأ الذين اتـُبعوا من الذين اتـَبعوا ورأوا العذاب وتقطعن بهم الأسباب @
وقال الذين اتـَبعوا لو أن لنا كره فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وماهم بخارجين من النار @
يا أيها الذين الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين @
إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وان تقولوا على الله مالا تعلمون @
وإذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءاباءنا أولوا كان ءاباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون @
ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون @

زهرة الفـل :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب (165) إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين أتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (167) يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين(168) إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون (169) وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءابآنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون (170) ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون(171)أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين...
الله
الصفحة الأخيرة
فقال { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً } أي ومن الناس من تبلغ بهم الجهالة أن يتخذ من غير الله أنداداً أي رؤساء وأَصناماً { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ } أي يعظمونهم ويخضعون لهم كحب المؤمنين لله { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ } أي حب المؤمنين لله أشدُّ من حب المشركين للأنداد { وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } أي لو رأى الظالمون حين يشاهدون العذاب المعدّ لهم يوم القيامة أَن القدرة كلها لله وحده { وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } أي وأنَّ عذاب الله شديد أليم وجواب " لو " محذوف أي لرأوا ما لا يوصف من الهول والفظاعة { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } أي تبرأ الرؤساء من الأتباع
{ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } أي حين عاينوا العذاب وتقطعت بينهم الروابط وزالت المودّات
{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ } أي تمنّى الأتباع لو أنّ لهم رجعة إِلى الدنيا ليتبرءوا من هؤلاء الذين أضلوهم السبيل { كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا } أي كما تبرأ الرؤساء من الأتباع في ذلك اليوم العصيب
قال تعالى { كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ } أي أنه تعالى كما أراهم شدة عذابه كذلك يريهم أعمالهم القبيحة ندامات شديدة وحسرات تتردد في صدورهم كأنها شرر الجحيم { وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } أي ليس لهم سبيل إِلى الخروج من النار، بل هم في عذاب سرمدي وشقاء أبدي.
المنَاسَبَة: لمّا بيّن تعالى التوحيد ودلائله، وما للمؤمنين المتقين والكفرة العاصين، أتبع ذلك بذكر إِنعامه على الكافر والمؤمن، ليدل على أن الكفر لا يؤثر في قطع الإِنعام، لأنه تعالى رب العالمين، فإِحسانه عام لجميع الأنام دون تمييز بين مؤمن وكافر وبرٍّ وفاجر، ثم دعا المؤمنين إِلى شكر المنعم جلَّ وعلا والأكل من الطيبات التي أباحها الله، واجتناب ما حرّمه الله من أنواع الخبائث.
اللغَة: { خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } جمع خُطوة وهي في الأصل ما بين القدمين عند المشي وتستعمل مجازاً في تتبع الآثار { ٱلسُّوۤءِ } أصل السُّوء ما يسوء الإِنسان أي يحزنه ويطلق على المعصية قولاً أو فعلاً أو اعتقاداً لأنها تسوء صاحبها أي تحزنه في الحال أو المآل { ٱلْفَحْشَآءِ } ما يستعظم ويستفحش من المعاصي فهي أقبح أنواع المعاصي { أَلْفَيْنَا } وجدنا ومنه
{ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا }
{ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ }
أي وجدوا { يَنْعِقُ } يصيح يقال: نعق الراعي بغنمه ينعِق نعيقاً إِذا صاح بها وزجرها قال الأخطل:فانعِقْ بضأنك يا جريرُ فإِنما مَنَّتك نفسُك في الخلاء ضلالاً
{ أُهِلَّ } الإِهلال: رفع الصوت يقال: أهلَّ المحرم إِذا رفع صوته بالتلبية ومنه إِهلال الصبي وهو صياحه عند الولادة، وكان المشركون إِذا ذبحوا ذكروا اللات والعزَّى ورفعوا بذلك أصواتهم { ٱضْطُرَّ } أُلجئ أي ألجأته الضرورة إلى الأكل من المحرمات { بَاغٍ وَلاَ عَادٍ } الباغي من البغي والعادي من العدوان، وهما بمعنى الظلم وتجاوز الحدّ { يُزَكِّيهِمْ } يطهرهم من التزكية وهي التطهير { شِقَاقٍ } الشقاق: الخلاف والعداوة.
التفسِير: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً } الخطاب عام لجميع البشر أي كلوا ممّا أحله الله لكم من الطيبات حال كونه مستطاباً في نفسه غير ضار بالأبدان والعقول { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } أي لا تقتدوا بآثار الشيطان فيما يزينه لكم من المعاصي والفواحش { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي إِنه عظيم العداوة لكم وعداوته ظاهرة لا تخفى على عاقل { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ } أي لا يأمركم الشيطان بما فيه خير إِنما يأمركم بالمعاصي والمنكرات وما تناهى في القبح من الرذائل { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي وأن تفتروا على الله بتحريم ما أحل لكم وتحليل ما حرّم عليكم فتحلوا وتحرّموا من تلقاء أنفسكم { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } أي وإِذا قيل للمشركين اتبعوا ما أنزل الله على رسوله من الوحي والقرآن واتركوا ما أنتم عليه من الضلال والجهل { قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ } أي بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا، قال تعالى في الردّ عليهم { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } أي أيتّبعون آباءهم ولو كانوا سفهاء أغبياء ليس لهم عقل يردعهم عن الشر ولا بصيرة تنير لهم الطريق؟ والاستفهام للإِنكار والتوبيخ والتعجيب من حالهم في تقليدهم الأعمى للآباء، ثم ضرب تعالى مثلاً للكافرين في غاية الوضوح والجلاء فقال تعالى { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً } أي ومثل الكفار في عدم انتفاعهم بالقرآن وحججه الساطعة ومثل من يدعوهم إِلى الهدى كمثل الراعي الذي يصيح بغنمه ويزجرها فهي تسمع الصوت والنداء دون أن تفهم الكلام والمراد، أو تدرك المعنى الذي يقال لها، فهؤلاء الكفار كالدواب السارحة لا يفهمون ما تدعوهم إِليه ولا يفقهون، يسمعون القرآن ويصمّون عنه الآذان
{ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }
ولهذا قال تعالى { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } أي صمٌّ عن سماع الحق، بكم أي خرسٌ عن النطق به عميٌ عن رؤيته فهم لا يفقهون ما يقال لهم لأنهم أصبحوا كالدواب فهم في ضلالهم يتخبطون. وخلاصة المثل - والله أعلم - مثل الذين كفروا كالبهائم التي لا تفقه ما يقول الراعي أكثر من سماع الصوت دون أن تفهم المعنى وهو خلاصة قول ابن عباس