دورة حفظ سورة البقرة الورد(47)

حلقات تحفيظ القرآن

الورد 47 : الطلاق
الآيات من 227- 230 وتقع في الجزء الثاني من القرآن الكريم



{ وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلاَقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ } * { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } *

التقييم حتى مساء الجمعة

عدة المطلقة ومراجعتها
والآن وقد انتهى السياق إلى الطلاق فإنه يأخذ في تفصيل أحكام الطلاق ; وما يتبعه من العدة والفدية والنفقة والمتعة إلى آخر الآثار المترتبة على الطلاق ويبدأ بحكم العدة والرجعة والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء أي ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهار من الحيضات على خلاف يتربصن بأنفسهن لقد وقفت أمام هذا التعبير اللطيف التصوير لحالة نفسية دقيقة إن المعنى الذهني المقصود هو أن ينتظرن دون زواج جديد حتى تنقضي ثلاث حيضات أو حتى يطهرن منها ولكن التعبير القرآني يلقي ظلالا أخرى بجانب ذلك المعنى الذهني إنه يلقي ظلال الرغبة الدافعة إلى استئناف حياة زوجية جديدة رغبة الأنفس التي يدعوهن إلى التربص بها والإمساك بزمامها مع التحفز والتوفز الذي يصاحب صورة التربص وهي حالة طبيعية تدفع إليها رغبة المرأة في أن تثبت لنفسها ولغيرها أن إخفاقها في حياة الزوجية لم يكن لعجز فيها أو نقص وأنها قادرة على أن تجتذب رجلا آخر وأن تنشىء حياة جديدة هذا الدافع لا يوجد بطبيعته في نفس الرجل لأنه هو الذي طلق ; بينما يوجد بعنف في نفس المرأة لأنها هي
التي وقع عليها الطلاق وهكذا يصور القرآن الحالة النفسية من خلال التعبير ; كما يلحظ هذه الحالة ويحسب لها حسابا يتربصن بأنفسهن هذه الفترة كي يتبين براءة أرحامهن من آثار الزوجية السابقة ; قبل أن يصرن إلى زيجات جديدة ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن من حمل أو من حيض ويلمس قلوبهن بذكر الله الذي يخلق ما في أرحامهن ويستجيش كذلك شعور الإيمان بالله واليوم الآخر فشرط هذا الإيمان ألا يكتمن ما خلق الله في أرحامهن وذكر اليوم الآخر بصفة خاصة له وزنه هنا فهناك الجزاء هناك العوض عما قد يفوت بالتربص وهناك العقاب لو كتمن ما خلق الله في أرحامهن وهو يعلمه لأنه هو الذي خلقه فلا يخفى عليه شيء منه فلا يجوز كتمانه عليه سبحانه تحت تأثير أي رغبة أو هوى أو غرض من شتى الأغراض التي تعرض لنفوسهن هذا من جهة ومن الجهة الأخرى فإنه لا بد من فترة معقولة يختبر فيها الزوجان عواطفهما بعد الفرقة فقد يكون في قلوبهما رمق من ود يستعاد وعواطف تستجاش ومعان غلبت عليها نزوة أو غلطة أو كبرياء فإذا سكن الغضب وهدأت الشرة واطمأنت النفس استصغرت تلك الأسباب التي دفعت إلى الفراق وبرزت معان أخرى واعتبارات جديدة وعاودها الحنين إلى استئناف الحياة أو عاودها التجمل رعاية لواجب من الواجبات والطلاق أبغض الحلال إلى الله وهو عملية بتر لا يلجأ إليها إلا حين يخيب كل علاج وفي مواضع أخرى من القرآن تذكر المحاولات التي ينبغي أن تسبق إيقاع الطلاق كما أن إيقاع الطلاق ينبغي أن يكون في فترة طهر لم يقع فيها وطء وهذا من شأنه أن يوجد مهلة بين اعتزام الطلاق وإيقاعه في أغلب الحالات إذ ينتظر الزوج حتى تجيء فترة الطهر ثم يوقع الطلاق إلى آخر تلك المحاولات والطلقة الأولى تجربة يعلم منها الزوجان حقيقة مشاعرهما فإذا اتضح لهما في أثناء العدة أن استئناف الحياة مستطاع فالطريق مفتوح وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا في ذلك أي في فترة الانتظار والتربص وهي فترة العدة إن أرادوا إصلاحا بهذا الرد ; ولم يكن القصد هو اعنات الزوجة وإعادة تقييدها في حياة محفوفة بالأشواك انتقاما منها أو استكبارا واستنكافا أن تنكح زوجا آخر ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللمطلقات من الحقوق في هذه الحالة مثل الذي عليهن من الواجبات فهن مكلفات أن يتربصن وألا يكتمن ما خلق الله في أرحامهن وأزواجهن مكلفون بأن تكون نيتهم في الرجعة طيبة لا ضرر فيها عليهن ولا ضرار وذلك إلى ما سيأتي من أمر النفقة في مقابل الاحتباس للعدة وللرجال عليهن درجة أحسب أنها مقيدة في هذا السياق بحق الرجال في ردهن إلى عصمتهم في فترة العدة وقد جعل هذا الحق في يد الرجل لأنه هو الذي طلق ; وليس من المعقول أن يطلق هو فيعطي حق المراجعة لها هي فتذهب إليه
وترده إلى عصمتها فهو حق تفرضه طبيعة الموقف وهي درجة مقيدة في هذا الموضع وليست مطلقة الدلالة كما يفهمها الكثيرون ويستشهدون بها في غير موضعها ثم يجيء التعقيب والله عزيز حكيم مشعرا بقوة الله الذي يفرض هذه الأحكام وحكمته في فرضها على الناس وفيه ما يرد القلوب عن الزيغ والانحراف تحت شتى المؤثرات والملابسات
عدد الطلقات وصداق المطلقة
والحكم التالي يختص بعدد الطلقات وحق المطلقة في تملك الصداق وحرمة استرداد شيء منه عند الطلاق إلا في حالة واحدة حالة المرأة الكارهة التي تخشى أن ترتكب معصية لو بقيت مقيدة بهذا الزواج المكروه وهي حالة الخلع التي تشتري فيها المرأة حريتها بفدية تدفعها الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تاخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون الطلاق الذي يجوز بعده استئناف الحياة مرتان فإذا تجاوزهما المتجاوز لم يكن إلى العودة من سبيل إلا بشرط تنص عليه الآية التالية في السياق وهو أن تنكح زوجا غيره ثم يطلقها الزوج الآخر طلاقا طبيعيا لسبب من الأسباب ولا يراجعها فتبين منه وعندئذ فقط يجوز لزوجها الأول أن ينكحها من جديد إذا ارتضته زوجا من جديد وقد ورد في سبب نزول هذا القيد أنه في أول العهد بالإسلام كان الطلاق غير محدد بعدد من المرات فكان للرجل أن يراجع مطلقته في عدتها ثم يطلقها ويراجعها هكذا ما شاء ثم إن رجلا من الأنصار اختلف مع زوجته فوجد عليها في نفسه فقال والله لا آويك ولا أفارقك قالت وكيف ذلك قال أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك فذكرت ذلك للرسول ص فأنزل الله عز وجل الطلاق مرتان وحكمة المنهج الرباني الذي أخذ به الجماعة المسلمة مطردة في تنزيل الأحكام عند بروز الحاجة إليها حتى استوفى المنهج أصوله كلها على هذا النحو ولم يبق إلا التفريعات التي تلاحق الحالات الطارئة وتنشىء حلولا مستمدة من تلك الأصول الشاملة وهذا التقييد جعل الطلاق محصورا مقيدا ; لا سبيل إلى العبث باستخدامه طويلا فإذا وقعت الطلقة الأولى كان للزوج في فترة العدة أن يراجع زوجه بدون حاجة إلى أي إجراء آخر فأما إذا ترك العدة تمضي فإنها تبين منه ; ولا يملك ردها إلا بعقد ومهر جديدين فإذا هو راجعها في العدة أو إذا هو أعاد زواجها في حالة البينونة الصغرى كانت له عليها طلقة أخرى كالطلقة الأولى بجميع أحكامها فأما إذا طلقها الثالثة فقد بانت منه بينونة كبرى بمجرد إيقاعها فلا رجعة فيها في عدة ولا عودة بعدها إلا أن ينكحها زوجا آخر ثم يقع لسبب طبيعي أن يطلقها فتبين منه لأنه لم يراجعها أو لأنه استوفى عليها عدد مرات الطلاق فحينئذ فقط يمكن أن تعود إلى زوجها الأول إن الطلقة الأولى محك وتجربة كما بينا فأما الثانية فهي تجربة أخرى وامتحان أخير فإن صلحت الحياة بعدها فذاك وإلا فالطلقة الثالثة دليل على فساد أصيل في حياة الزوجية لا تصلح معه حياة وعلى أية حال فما يجوز أن يكون الطلاق إلا علاجا أخيرا لعلة لا يجدي فيها سواه فإذا وقعت الطلقتان فإما إمساك للزوجة بالمعروف واستئناف حياة رضية رخية ; وإما تسريح لها بإحسان لا عنت فيه ولا إيذاء وهو الطلقة الثالثة التي تمضي بعدها الزوجة إلى خط في الحياة جديد وهذا هو التشريع الواقعي الذي يواجه الحالات الواقعة بالحلول العملية ; ولا يستنكرها حيث لا يجدي الاستنكار ولا يعيد خلق بني الإنسان على نحو آخر غير الذي فطرهم الله عليه ولا يهملها كذلك حيث لا يجدي الإهمال ولا يحل للرجل أن يسترد شيئا من صداق أو نفقة أنفقها في أثناء الحياة الزوجية في مقابل تسريح المرأة إذا لم تصلح حياته معها ما لم تجد هي أنها كارهة لا تطيق عشرته لسبب يخص مشاعرها الشخصية ; وتحس أن كراهيتها له أو نفورها منه سيقودها إلى الخروج عن حدود الله في حسن العشرة أو العفة أو الأدب فهنا يجوز لها أن تطلب الطلاق منه ; وأن تعوضه عن تحطيم عشه بلا سبب متعمد منه ; برد الصداق الذي أمهرها إياه أو بنفقاته عليها كلها أو بعضها لتعصم نفسها من معصية الله وتعدي حدوده وظلم نفسها وغيرها في هذه الحال وهكذا يراعي الإسلام جميع الحالات الواقعية التي تعرض للناس ; ويراعي مشاعر القلوب الجادة التي لا حيلة للإنسان فيها ; ولا يقسر الزوجة على حياة تنفر منها ; وفي الوقت ذاته لا يضيع على الرجل ما أنفق بلا ذنب جناه ولكي نتصور حيوية هذا النص ومداه يحسن أن نراجع سابقة واقعية من تطبيقه على عهد رسول الله ص تكشف عن مدى الجد والتقدير والقصد والعدل في هذا المنهج الرباني القويم روى الإمام مالك في كتابه الموطأ أن حبيبة بنت سهل الأنصاري كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وأن رسول الله ص خرج في الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال رسول الله ص < من هذه > قالت أنا حبيبة بنت سهل فقال < ما شأنك > فقالت لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله ص < هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر > فقالت حبيبة يا رسول الله كل ما أعطاني عندي فقال رسول الله ص < خذ منها > فأخذ منها وجلست في أهلها وروى البخاري بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي ص فقالت يا رسول الله ما اعيب عليه في خلق ولا دين ولكن أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله ص < أتردين عليه حديقته > وكان قد أمهرها حديقة قالت نعم قال رسول الله ص < أقبل الحديقة وطلقها تطليقة > وفي رواية أكثر تفصيلا رواها ابن جرير بإسناد عن أبي جرير أنه سأل عكرمة هل كان للخلع أصل قال كان ابن عباس يقول إن أول خلع كان في الإسلام في أخت عبد الله بن أبي إنها أتت رسول الله ص فقالت يا رسول الله لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبدا إني رفعت جانب الخباء فرأيته قد أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها فقال زوجها يا رسول الله
إني قد أعطيتها أفضل مالي حديقة لي فإن ردت علي حديقتي قال ما تقولين قالت نعم وإن شاء زدته قال ففرق بينهما ومجموعة هذه الروايات تصور الحالة النفسية التي قبلها رسول الله ص وواجهها مواجهة من يدرك أنها حالة قاهرة لا جدوى من استنكارها وقسر المرأة على العشرة ; وأن لا خير في عشرة هذه المشاعر تسودها فاختار لها الحل من المنهج الرباني الذي يواجه الفطرة البشرية مواجهة صريحة عملية واقعية ; ويعامل النفس الإنسانية معاملة المدرك لما يعتمل فيها من مشاعر حقيقية ولما كان مرد الجد أو العبث والصدق أو الاحتيال في هذه الأحوال هو تقوى الله وخوف عقابه جاء التعقيب يحذر من اعتداء حدود الله تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ونقف هنا وقفة عابرة أمام اختلاف لطيف في تعبيرين قرآنيين في معنى واحد حسب اختلاف الملابستين في مناسبة سبقت في هذه السورة عند الحديث عن الصوم ورد تعقيب تلك حدود الله فلا تقربوها وهنا في هذه المناسبة ورد تعقيب تلك حدود الله فلا تعتدوها في الأولى تحذير من القرب وفي الثانية تحذير من الاعتداء فلماذا كان الاختلاف في المناسبة الأولى كان الحديث عن محظورات مشتهاة أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالأن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها والمحظورات المشتهاة شديدة الجاذبية فمن الخير أن يكون التحذير من مجرد الاقتراب من حدود الله فيها اتقاء لضعف الإرادة أمام جاذبيتها إذا اقترب الإنسان من مجالها ووقع في نطاق حبائلها أما هنا فالمجال مجال مكروهات واصطدامات وخلافات فالخشية هنا هي الخشية من تعدي الحدود في دفعة من دفعات الخلاف ; وتجاوزها وعدم الوقوف عندها فجاء التحذير من التعدي لا من المقاربة بسبب اختلاف المناسبة وهي دقة في التعبير عن المقتضيات المختلفة عجيبة
ما بعد الطلقة الثالثة ومتى تعود للأول
ثم نمضي مع السياق في أحكام الطلاق فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون إن الطلقة الثالثة كما تبين دليل على فساد أصيل في هذه الحياة لا سبيل إلى إصلاحه من قريب إن كان الزوج جادا عامدا في الطلاق وفي هذه الحالة يحسن أن ينصرف كلاهما إلى التماس شريك جديد فأما إن كانت تلك الطلقات عبثا أو تسرعا أو رعونة فالأمر إذن يستوجب وضع حد للعبث بهذا الحق الذي قرر ليكون صمام آمن وليكون علاجا اضطراريا لعلة مستعصية لا ليكون موضعا للعبث والتسرع والسفاهة ويجب حينئذ أن تنتهي هذه الحياة التي لا تجد من الزوج احتراما لها واحتراسا من المساس بها وقد يقول قائل وما ذنب المرأة تهدد حياتها وأمنها واستقرارها بسبب كلمة تخرج من فم رجل عابث ولكننا نواجه واقعا في حياة البشر فكيف يا ترى يكون العلاج إن لم نأخذ بهذا العلاج تراه يكون بأن نرغم مثل هذا الرجل على معاشرة زوجة لا يحترم علاقته بها ولا يوقرها فنقول له مثلا إننا لا نعتمد طلاقك هذا ولا نعترف به ولا نقره وهذه هي امرأتك على ذمتك فهيا وأمسكها كلا إن في هذا من المهانة للزوجة وللعلاقة الزوجية ما لا يرضاه الإسلام الذي يحترم المرأة ويحترم علاقة الزوجية ويرفعها إلى درجة العبادة لله إنما تكون عقوبته أن نحرمه زوجه التي عبث بحرمة علاقاتها معه ; وأن نكلفه مهرا وعقدا جديدين أن تركها تبين منه في الطلقتين الأوليين ; وأن نحرمها عليه في الطلقة الثالثة تحريما كاملا إلا أن تنكح زوجا غيره وقد خسر صداقها وخسر نفقته عليها ; ونكلفه بعد ذلك نفقة عدة في جميع الحالات والمهم أن ننظر إلى واقع النفس البشرية ; وواقع الحياة العملية ; لا أن نهوم في رؤى مجنحة ليست لها أقدام تثبت بها على الأرض في عالم الحياة فإذا سارت الحياة في طريقها فتزوجت بعد الطلقة الثالثة زوجا آخر ثم طلقها هذا الزوج الآخر فلا جناح عليها وعلى زوجها الأول أن يتراجعا ولكن بشرط إن ظنا أن يقيما حدود الله فليست المسألة هوى يطاع وشهوة تستجاب وليسا متروكين لأنفسهما وشهواتهما ونزواتهما في تجمع أو افتراق إنما هي حدود الله تقام وهي إطار الحياة الذي إن أفلتت منه لم تعد الحياة التي يريدها ويرضى عنها الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون فمن رحمته بالعباد أنه لم يترك حدوده غامضة ولا مجهولة إنما هو يبينها في هذا القرآن يبينها لقوم يعلمون فالذين يعلمون حق العلم هم الذين يعلمونها ويقفون عندها ; وإلا فهو الجهل الذميم وهي الجاهلية العمياء
24
2K

هذا الموضوع مغلق.

شهيدة فلسطين
شهيدة فلسطين
تفسير الصابوني

دَرَجَةٌ } الدرجة: المنزلة الرفيعة. { ٱلطَّلاَقُ } مصدر طلقتُ المرأة ومعنى الطلاق: حلُّ عقد النكاح وأصله الانطلاق والتخلية يقال: ناقة طالق أي مهملة تركت في المرعى بلا قيد ولا راعي، فسميت المرأة المخلَّى سبيلها طالقاً لهذا المعنى. { تَسْرِيحٌ } التسريح: إِرسال الشيء ومنه تسريح الشعر ليخلص البعض من البعض، وسرَّح الماشية أرسلها، قال الراغب: والتسريح في الطلاق مستعارٌ من تسريح الإِبل كالطلاق مستعار من إِطلاق الإِبل.

سَبَبُ النّزول: كان الرجل في الجاهلية يطلق امرأته ما شاء من الطلاق ثم يراجعها قبل أن تنقضي عدتها ولو طلقها ألف مرة كان له الحق في مراجعتها، فعمد رجل لامرأته فقال لها: لا آويك ولا أدعك تحلّين قالت: وكيف؟ قال أطلّقك فإِذا دنا مضِيُّ عدتك راجعتك، فشكت المرأة أمرها للنبيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله { ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ.. } الآية.
ثم قال تعالى مبيناً أحكام العدّة والطلاق الشرعي { وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ } أي الواجب على المطلقات الحرائر المدخول بهن أن ينتظرن مدة ثلاثة أطهار - على قول الشافعي ومالك - أو ثلاث حِيَض على قول أبي حنيفة وأحمد ثم تتزوج إِن شاءت بعد انتهاء عدتها، وهذا في المدخول بها أما غير المدخول بها فلا عدة عليها لقوله تعالى:
{ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ }
{ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ } أي لا يباح للمطلقات أن يخفين ما في أرحامهن من حبلٍ أو حيض استعجالاً في العدة وإِبطالاً لحق الزوج في الرجعة { إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي إِن كنَّ حقاً مؤمنات بالله ويخشين من عقابه، وهذا تهديد لهنَّ حتى يخبرن بالحق من غير زيادة ولا نقصان لأنه أمر لا يُعلم إِلاّ من جهتهنَّ { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً } أي وأزواجهن أحقُّ بهنَّ في الرجعة من التزويج للأجانب إِذا لم تنقض عدتهن وكان الغرض من الرجعة الإِصلاح لا الإِضرار، وهذا في الطلاق الرجعي { وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } أي ولهنَّ على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، بالمعروف الذي أمر تعالى به من حسن العشرة وترك الضرار ونحوه { وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } أي وللرجال على النساء ميزةٌ وهي فيما أمر تعالى به من القوامة والإِنفاق والإِمرة ووجوب الطاعة فهي درجة تكليفٍ لا تشريف لقوله تعالى:
{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ }
{ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي غالب ينتقم ممن عصاه حكيم في أمره وتشريعه ثم بيّن تعالى طريقة الطلاق الشرعية فقال: { ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } أي الطلاق المشروع الذي يملك به الزوج الرجعة مرتان وليس بعدهما إِلا المعاشرة بالمعروف مع حسن المعاملة أو التسريح بإِحسان بألا يظلمها من حقها شيئاً ولا يذكرها بسوء ولا ينفّر الناس عنها { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً } أي لا يحل لكم أيها الأزواج أن تأخذوا مما دفعتم إِليهن من المهور شيئاً ولو قليلاً { إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } أي إِلا أن يخاف الزوجان سوء العشرة وألا يرعيا حقوق الزوجية التي أمر الله تعالى بها { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ } أي فإِن خفتم سوء العشرة بينهما وأرادت الزوجة أن تختلع بالنزول عن مهرها أو بدفع شيء من المال لزوجها حتى يطلقها فلا إِثم على الزوج في أخذه ولا على الزوجة في بذله { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا } أي هذه الأحكام العظيمة من الطلاق والرجعة والخلع وغيرها هي شرائع الله وأحكامه فلا تخالفوها ولا تتجاوزوها إِلى غيرها ممّا لم يشرعه الله { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } أي من خالف أحكام الله فقد عرَّض نفسه لسخط الله وهو من الظالمين المستحقين للعقاب الشديد { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } أي فإِن طلّق الرجل المرأة ثالث مرة فلا تحل له بعد ذلك حتى تتزوج غيره وتطلق منه، بعد أن يذوق عسيلتها وتذوق عسيلته كما صرّح به الحديث الشريف، وفي ذلك زجر عن طلاق المرأة ثلاثاً لمن له رغبة في زوجته لأن كل شيء مروءة يكره أن يفترش امرأته آخر { فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } أي إِن طلقها الزوج الثاني فلا بأس أن تعود إِلى زوجها الأول بعد انقضاء العدّة إِن كان ثمة دلائل تشير إِلى الوفاق وحسن العشرة { وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي تلك شرائع الله وأحكامه يوضحها ويبينها لذوي العلم والفهم الذين ينظرون في عواقب الأمور.
زدني تقى
زدني تقى
بسم الله الرحمن الرحيم

((وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم * والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم * الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما ءاتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون * فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون )) صدق الله العظيم
شهيدة فلسطين
شهيدة فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم ((وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم * والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم * الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما ءاتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون * فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون )) صدق الله العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم ((وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم * والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة...
بارك الله فيكي
عتاب قلم
عتاب قلم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

( فإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم *

والمطلقات يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر ولايحل لهن أن يكتمن ماخلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله

واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال

عليهن درجة والله عزيزحكيم *

الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولايحل لكم أن تأخذوا ممآ ءاتيتموهن شيئا إلآ أن يخافآ

ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلاتعتدوها

ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون *

فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهمآ أن يتراجعآ إن ظنآ

أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون )
دموع التائبة
دموع التائبة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

" و إن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم *

و المطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء و لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله فى أرحامهن إن كن يؤمن بالله و اليوم الأخر و بعولتهن أحق بردهن فى ذلك إذا أرادوا إصلاحا و لهن مثل الذى عليهن بالمعروف و للرجال عليهن درجة و الله عزيز حكيم *

الطلاق مرتان فأمساك بمعروف أو تسريح بإحسان و لا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافآ ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناج عليهما فما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها و من يتعد حدود الله فأولآئك هم الظالمون*

فإن طلقها فلا تحل له من بعد أن تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعآ إن ظنآ أن يقيما حدود الله و تلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون "