دورة حفظ سورة البقرة الورد (36)

حلقات تحفيظ القرآن

الورد 36 : جانب من التنظيمات الاجتماعية للمجتمع المسلم تهدف الى بناء التقوى
الآيات من 186- 188وتقع في الجزء الثاني من القرآن الكريم


{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } * { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَٱلآنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ وَلاَ تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } * { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }


التقييم حتى مساء الخميس


الترغيب في الدعاء وشروط الإستجابة
وقبل أن يمضي السياق في بيان أحكام تفصيلية عن مواعيد الصيام وحدود المتاع فيه وحدود الإمساك نجد لفتة عجيبة إلى أعماق النفس وخفايا السريرة نجد العوض الكامل الحبيب المرغوب عن مشقة الصوم
والجزاء المعجل على الاستجابة لله نجد ذلك العوض وهذا الجزاء في القرب من الله وفي استجابته للدعاء تصوره الفاظ رفافة شفافة تكاد تنير وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان أية رقة وأي انعطاف وأية شفافية وأي إيناس وأين تقع مشقة الصوم ومشقة أي تكليف في ظل هذا الود وظل هذا القرب وظل هذا الإيناس وفي كل لفظ في التعبير في الآية كلها تلك النداوة الحبيبة وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان إضافة العباد إليه والرد المباشر عليهم منه لم يقل فقل لهم إني قريب إنما تولى بذاته العلية الجواب على عباده بمجرد السؤال قريب ولم يقل اسمع الدعاء إنما عجل بإجابة الدعاء أجيب دعوة الداع إذا دعان إنها آية عجيبة آية تسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة والود المؤنس والرضى المطمئن والثقة واليقين ويعيش منها المؤمن في جناب رضي وقربى ندية وملاذ أمين وقرار مكين وفي ظل هذا الأنس الحبيب وهذا القرب الودود وهذه الاستجابة الوحية يوجه الله عباده إلى الاستجابة له والإيمان به لعل هذا أن يقودهم إلى الرشد والهداية والصلاح فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون فالثمرة الأخيرة من الاستجابة والإيمان هي لهم كذلك وهي الرشد والهدى والصلاح فالله غني عن العالمين والرشد الذي ينشئه الإيمان وتنشئه الاستجابة لله هو الرشد فالمنهج الإلهي الذي اختاره الله للبشر هو المنهج الوحيد الراشد القاصد ; وما عداه جاهلية وسفه لا يرضاه راشد ولا ينتهي إلى رشاد واستجابة الله للعباد مرجوة حين يستجيبون له هم ويرشدون وعليهم أن يدعوه ولا يستعجلوه فهو يقدر الاستجابة في وقتها بتقديره الحكيم أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث ابن ميمون بإسناده عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي ص أنه قال < إن الله تعالى ليستحي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبين > وأخرج الترمذي عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي بإسناده عن ابن ثوبان ورواه عبد الله بن الإمام أحمد بإسناده عن عبادة بن الصامت أن النبي ص قال < ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة إلا آتاه الله إياها أو كف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم > وفي الصحيحين أن رسول الله ص قال < يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي > وفي صحيح مسلم عن النبي ص أنه قال < لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم
أو قطيعة رحم ما لم يستعجل > قيل يا رسول الله وما الاستعجال قال < يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء > والصائم أقرب الدعاة استجابة كما روى الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده بإسناده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله ص يقول < للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة > فكان عبد الله بن عمر إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا وروى ابن ماجه في سننه بإسناده عن عبد الله بن عمر كذلك قال قال النبي ص < إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد > وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ص < ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة وتفتح لها أبواب السماء ويقول بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين > ومن ثم جاء ذكر الدعاء في ثنايا الحديث عن الصيام

وقت الإمساك والإفطار والإعتكاف في المساجد
ثم يمضي السياق يبين للذين آمنوا بعض أحكام الصيام فيقرر لهم حل المباشرة للنساء في ليلة الصوم ما بين المغرب والفجر وحل الطعام والشراب كذلك كما يبين لهم مواعيد الصوم من الفجر إلى الغروب وحكم المباشرة في فترة الاعتكاف في المساجد أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ; علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم ; فالأن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون وفي أول فرض الصوم كانت المباشرة والطعام والشراب تمتنع لو نام الصائم بعد إفطاره فإذا صحا بعد نومه من الليل ولو كان قبل الفجر لم تحل له المباشرة ولم يحل له الطعام والشراب وقد وقع أن بعضهم لم يجد طعاما عند أهله وقت الإفطار فغلبه النوم ثم صحا فلم يحل له الطعام والشراب فواصل ثم جهد في النهار التالي وبلغ أمره إلى النبي ص كما وقع أن بعضهم نام بعد الإفطار أو نامت امرأته ثم وجد في نفسه دفعة للمباشرة ففعل وبلغ أمره إلى النبي ص وبدت المشقة في أخذ المسلمين بهذا التكليف فردهم الله إلى اليسر وتجربتهم حاضرة في نفوسهم ليحسوا بقيمة اليسر وبمدى الرحمة والاستجابة ونزلت هذه الآية نزلت تحل لهم المباشرة ما بين المغرب والفجر أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم والرفث مقدمات المباشرة أو المباشرة ذاتها وكلاهما مقصود هنا ومباح ولكن القرآن لا يمر على هذا المعنى دون لمسة حانية رفافة تمنح العلاقة الزوجية شفافية ورفقا ونداوة وتنأى بها عن غلظ المعنى الحيواني وعرامته وتوقظ معنى الستر في تيسير هذه العلاقة هن لباس لكم وأنتم لباس لهم واللباس ساتر وواق وكذلك هذه الصلة بين الزوجين تستر كلا منهما وتقيه والإسلام الذي يأخذ
هذا الكائن الإنساني بواقعه كله ويرتضي تكوينه وفطرته كما هي ويأخذ بيده إلى معارج الارتفاع بكليته الإسلام وهذه نظرته يلبي دفعة اللحم والدم وينسم عليها هذه النسمة اللطيفة ويدثرها بهذا الدثار اللطيف في آن ويكشف لهم عن خبيئة مشاعرهم وهو يكشف لهم عن رحمته بالاستجابة لهواتف فطرتهم علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم وهذه الخيانة لأنفسهم التي يحدثهم عنها تتمثل في الهواتف الحبيسة والرغبات المكبوتة ; أو تتمثل في الفعل ذاته وقد ورد أن بعضهم أتاه وفي كلتا الحالتين لقد تاب عليهم وعفا عنهم مذ ظهر ضعفهم وعلمه الله منهم فأباح لهم ما كانوا يختانون فيه أنفسهم فالأن باشروهن ولكن هذه الإباحة لا تمضي دون أن تربط بالله ودون توجيه النفوس في هذا النشاط لله أيضا وابتغو ما كتب الله لكم ابتغوا هذا الذي كتبه الله لكم من المتعة بالنساء ومن المتعة بالذرية ثمرة المباشرة فكلتاهما من أمر الله ومن المتاع الذي أعطاكم إياه ومن إباحتها وإتاحتها يباح لكم طلبها وابتغاؤها وهي موصولة بالله فهي من عطاياه ومن ورائها حكمة ولها في حسابه غاية فليست إذن مجرد اندفاع حيواني موصول بالجسد منفصل عن ذلك الأفق الأعلى الذي يتجه إليه كل نشاط بهذا ترتبط المباشرة بين الزوجين بغاية أكبر منهما وأفق أرفع من الأرض ومن لحظة اللذة بينهما وبهذا تنظف هذه العلاقة وترق وترقى ومن مراجعة مثل هذه الإيحاءات في التوجيه القرآني وفي التصور الإسلامي ندرك قيمة الجهد المثمر الحكيم الذي يبذل لترقية هذه البشرية وتطويرها في حدود فطرتها وطاقتها وطبيعة تكوينها وهذا هو المنهج الإسلامي للتربية والاستعلاء والنماء المنهج الخارج من يد الخالق وهو أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير وكما أباح المباشرة أباح الطعام والشراب في الفترة ذاتها وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر أي حتى ينتشر النور في الأفق وعلى قمم الجبال وليس هو ظهور الخيط الأبيض في السماء وهو ما يسمى بالفجر الكاذب وحسب الروايات التي وردت في تحديد وقت الإمساك نستطيع أن نقول إنه قبل طلوع الشمس بقليل وإننا نمسك الآن وفق المواعيد المعروفة في قطرنا هذا قبل أوان الإمساك الشرعي ببعض الوقت ربما زيادة في الاحتياط قال ابن جرير بإسناده عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله ص < لا يغرنكم نداء بلال وهذا البياض حتى ينفجر الفجر أو يطلع الفجر > ثم رواه من حديث شعبة وغيره عن سواد بن حنظلة عن سمرة قال قال رسول الله ص < لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكنه الفجر المستطير في الأفق > والفجر المستطير في الأفق يسبق طلوع الشمس بوقت قليل وكان بلال رضي الله عنه يبكر في الأذان لتنبيه النائم وكان ابن أم مكتوم يؤذن متأخرا للإمساك وإلى هذا كانت الإشارة إلى أذان بلال
ثم يذكر حكم المباشرة في فترة الاعتكاف في المساجد والاعتكاف بمعنى الخلوة إلى الله في المساجد وعدم دخول البيوت إلا لضرورة قضاء الحاجة أو ضرورة الطعام والشراب يستحب في رمضان في الأيام الأخيرة وكانت سنة رسول الله ص في العشر الأواخر منه وهي فترة تجرد لله ومن ثم امنتعت فيها المباشرة تحقيقا لهذا التجرد الكامل الذي تنسلخ فيه النفس من كل شيء ويخلص فيه القلب من كل شاغل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد سواء في ذلك فترة الإمساك وفترة الإفطار وفي النهاية يربط الأمر كله بالله على طريقة القرآن في توجيه كل نشاط وكل امتناع كل أمر وكل نهي كل حركة وكل سكون تلك حدود الله فلا تقربوها والنهي هنا عن القرب لتكون هناك منطقة أمان فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه والإنسان لا يملك نفسه في كل وقت ; فأحرى به ألا يعرض إرادته للامتحان بالقرب من المحظورات المشتهاة اعتمادا على أنه يمنع نفسه حين يريد ولأن المجال هنا مجال حدود للملاذ والشهوات كان الأمر فلا تقربوها والمقصود هو المواقعة لا القرب ولكن هذا التحذير على هذا النحو له إيحاؤه في التحرج والتقوى كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون وكذلك تلوح التقوى غاية يبين الله آياته للناس ليبلغوها وهي غاية كبيرة يدرك قيمتها الذين آمنوا المخاطبون بهذا القرآن في كل حين
تحريم أكل أموال الناس بالباطل

وفي ظل الصوم والامتناع عن المأكل والمشرب يرد تحذير من نوع آخر من الأكل أكل أموال الناس بالباطل عن طريق التقاضي بشأنها أمام الحكام اعتمادا على المغالطة في القرائن والأسانيد واللحن بالقول والحجة حيث يقضي الحاكم بما يظهر له وتكون الحقيقة غير ما بدا له ويجيء هذا التحذير عقب ذكر حدود الله والدعوة إلى تقواه ليظللها جو الخوف الرادع عن حرمات الله ولا تأكلو أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ذكر ابن كثير في تفسير الآية قال علي بن أبي طلحة وعن ابن عباس هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بينة فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام وهو يعرف أن الحق عليه وهو يعلم أنه آثم آكل الحرام وكذا روي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان وعبد الرحمان بن زيد بن أسلم أنهم قالوا لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم وقد ورد في الصحيحين عن أم سلمة أن رسول الله ص قال < إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليحملها أو ليذرها > وهكذا يتركهم لما يعلمونه من حقيقة دعواهم فحكم الحاكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا إنما هو ملزم في الظاهر وإثمه على المحتال فيه
وهكذا يربط الأمر في التقاضي وفي المال بتقوى الله كما ربط في القصاص وفي الوصية وفي الصيام فكلها قطاعات متناسقة في جسم المنهج الإلهي المتكامل وكلها مشدودة إلى تلك العروة التي تربط قطاعات المنهج كله ومن ثم يصبح المنهج الإلهي وحدة واحدة لا تتجزأ ولا تتفرق ويصبح ترك جانب منه وإعمال جانب إيمانا ببعض الكتاب وكفرا ببعض فهو الكفر في النهاية والعياذ بالله
45
3K

هذا الموضوع مغلق.

شهيدة فلسطين
شهيدة فلسطين
تفسير الصابوني


ثم بيّن تعالى أنه قريب يجيب دعوة الداعين ويقضي حوائج السائلين فقال { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ } أي أنا معهم أسمع دعاءهم، وأرى تضرعهم وأعلم حالهم كقوله
{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ }
{ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } أي أجيب دعوة من دعاني إِذا كان عن إِيمانٍ وخشوع قلب { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } أي إِذا كنت أنا ربكم الغني عنكم أجيب دعاءكم فاستجيبوا أنتم لدعوتي بالإِيمان بي وطاعتي ودوموا على الإِيمان لتكونوا من السعداء الراشدين.. ثم شرع تعالى في بيان تتمة أحكام الصيام بعد أن ذكر آية القرب والدعاء فقال { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ } أي أبيح لكم أيها الصائمون غشيان النساء في ليالي الصوم { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ } قال ابن عباس: هنَّ سكنٌ لكم وأنتم سكنٌ لهن { عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ } أي تخونونها بمقارفة الجماع ليلة الصيام وكان هذا محرماً في صدر الإِسلام ثم نسخ، روى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله { عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ } الآية { فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ } أي فقبل توبتكم وعفا عنكم لما فعلتموه قبل النسخ { فَٱلآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ } أي جامعوهن في ليالي الصوم واطلبوا بنكاحهن الولد ولا تباشروهن لقضاء الشهوة فقط { وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ } أي كلوا واشربوا إِلى طلوع الفجر { ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ } أي أمسكوا عن الطعام والشراب والنكاح إِلى غروب الشمس { وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي ٱلْمَسَاجِدِ } أي لا تقربوهن ليلاً أو نهاراً ما دمتم معتكفين في المساجد { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا } أي تلك أوامر الله وزواجره وأحكامه التي شرعها لكم فلا تخالفوها { كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي يتقون المحارم

المنَاسَبَة: ما بيّن تعالى في الآيات السابقة أحكام الصيام وأباح للمؤمنين الاستمتاع بالطعام والشراب والنكاح في ليالي رمضان عقّبه بالنهي عن أكل الأموال بغير حق لأن المسلم لا يصح له أن يستمتع بالمال الحرام لا في ليالي رمضان ولا غيره، ولما كان حديث الصيام يتصل برؤية الهلال وهذا ما يحرك في النفوس خاطر السؤال عن الأهلة جاءت الآيات الكريمة تبيّن أن الأهلة مواقيت لعبادات الناس في الصيام وسائر أنواع القربات.

اللغَة: { ٱلْبَاطِلِ } في اللغة: الزائل الذاهب يقال: بطل الشيء بطولاً فهو باطل وفي الشرع هو المال الحرام كالغصب والسرقة والقمار والربا { وَتُدْلُواْ } الإِدلاء في الأصل: إِرسال الدلو في البئر ثم جعل كل إِلقاء أو دفع لقول أو فعل إِدلاءً يقال: أدلى بحجته أي أرسلها والمراد بالإِدلاء هنا الدفع إِلى الحاكم بطريق الرشوة
شهيدة فلسطين
شهيدة فلسطين
تفسير الصابوني ثم بيّن تعالى أنه قريب يجيب دعوة الداعين ويقضي حوائج السائلين فقال { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ } أي أنا معهم أسمع دعاءهم، وأرى تضرعهم وأعلم حالهم كقوله { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } [ق: 16] { أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } أي أجيب دعوة من دعاني إِذا كان عن إِيمانٍ وخشوع قلب { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } أي إِذا كنت أنا ربكم الغني عنكم أجيب دعاءكم فاستجيبوا أنتم لدعوتي بالإِيمان بي وطاعتي ودوموا على الإِيمان لتكونوا من السعداء الراشدين.. ثم شرع تعالى في بيان تتمة أحكام الصيام بعد أن ذكر آية القرب والدعاء فقال { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ } أي أبيح لكم أيها الصائمون غشيان النساء في ليالي الصوم { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ } قال ابن عباس: هنَّ سكنٌ لكم وأنتم سكنٌ لهن { عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ } أي تخونونها بمقارفة الجماع ليلة الصيام وكان هذا محرماً في صدر الإِسلام ثم نسخ، روى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله { عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ } الآية { فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ } أي فقبل توبتكم وعفا عنكم لما فعلتموه قبل النسخ { فَٱلآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ } أي جامعوهن في ليالي الصوم واطلبوا بنكاحهن الولد ولا تباشروهن لقضاء الشهوة فقط { وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ } أي كلوا واشربوا إِلى طلوع الفجر { ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ } أي أمسكوا عن الطعام والشراب والنكاح إِلى غروب الشمس { وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي ٱلْمَسَاجِدِ } أي لا تقربوهن ليلاً أو نهاراً ما دمتم معتكفين في المساجد { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا } أي تلك أوامر الله وزواجره وأحكامه التي شرعها لكم فلا تخالفوها { كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي يتقون المحارم المنَاسَبَة: ما بيّن تعالى في الآيات السابقة أحكام الصيام وأباح للمؤمنين الاستمتاع بالطعام والشراب والنكاح في ليالي رمضان عقّبه بالنهي عن أكل الأموال بغير حق لأن المسلم لا يصح له أن يستمتع بالمال الحرام لا في ليالي رمضان ولا غيره، ولما كان حديث الصيام يتصل برؤية الهلال وهذا ما يحرك في النفوس خاطر السؤال عن الأهلة جاءت الآيات الكريمة تبيّن أن الأهلة مواقيت لعبادات الناس في الصيام وسائر أنواع القربات. اللغَة: { ٱلْبَاطِلِ } في اللغة: الزائل الذاهب يقال: بطل الشيء بطولاً فهو باطل وفي الشرع هو المال الحرام كالغصب والسرقة والقمار والربا { وَتُدْلُواْ } الإِدلاء في الأصل: إِرسال الدلو في البئر ثم جعل كل إِلقاء أو دفع لقول أو فعل إِدلاءً يقال: أدلى بحجته أي أرسلها والمراد بالإِدلاء هنا الدفع إِلى الحاكم بطريق الرشوة
تفسير الصابوني ثم بيّن تعالى أنه قريب يجيب دعوة الداعين ويقضي حوائج السائلين فقال { وَإِذَا...
يوم الخميس بإذن الله اختبار في الآيات من 142-179

ومدة التقييم ثلاثة أيام
زهرة الفـل
زهرة الفـل
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون

أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالأن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبن الله ءاياته للناس لعلهم يتقون

ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون .
زدني تقى
زدني تقى
بسم الله الرحمن الرحيم

((وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون * أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وانتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون * ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون)) صدق الله العظيم
شهيدة فلسطين
شهيدة فلسطين
زدني تقى ،زهرة الفل


بارك الله فيكما