الورد 44 : الإنفاق +الجهاد +القتال في الأشهر الحرم
الآيات من 215- 218 وتقع في الجزء الثاني من القرآن الكريم
{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } * { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلۤـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلۤـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلۤـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
التقييم حتى مساء الثلاثاء
إجابة على سؤال حول الإنفاق
ماذا ينفقون ولمن يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم لقد وردت آيات كثيرة في الإنفاق سابقة على هذا السؤال فالإنفاق في مثل الظروف التي نشأ فيها الإسلام ضرورة لقيام الجماعة المسلمة في وجه تلك الصعاب والمشاق والحرب التي كانت تواجهها وتكتنفها ; ثم هو ضرورة من ناحية أخرى من ناحية التضامن والتكافل بين أفراد الجماعة ; وإزالة الفوارق الشعورية بحيث لا يحس أحد إلا أنه عضو في ذلك الجسد لا يحتجن دونه شيئا ولا يحتجز عنه شيئا وهو أمر له قيمته الكبرى في قيام الجماعة شعوريا إذا كان سد الحاجة له قيمته في قيامها عمليا وهنا يسأل بعض المسلمين ماذا ينفقون وهو سؤال عن نوع ما ينفقون فجاءهم الجواب يبين صفة الإنفاق ; ويحدد كذلك أولى مصارفه وأقربها قل ما أنفقتم من خير ولهذا التعبير إيحاءان الأول إن الذي ينفق خير خير للمعطي وخير للآخذ وخير للجماعة وخير في ذاته فهو عمل طيب وتقدمة طيبة وشيء طيب والإيحاء الثاني أن يتحرى المنفق أفضل ما عنده فينفق منه ; وخير ما لديه فيشارك الآخرين فيه فالإنفاق تطهير للقلب وتزكية للنفس ثم منفعة للآخرين وعون وتحري الطيب والنزول عنه للآخرين هو الذي يحقق للقلب الطهارة وللنفس التزكية وللإيثار معناه الكريم على أن هذا الإيحاء ليس إلزاما فالإلزام كما ورد في آية أخرى أن ينفق المنفق من الوسط لا أردأ ما عنده ولا أغلى ما عنده ولكن الإيحاء هنا يعالج تطويع النفس لبذل ما هو خير والتحبيب فيه على طريقة القرآن الكريم في تربية النفوس وإعداد القلوب أما طريق الإنفاق ومصرفه فيجيء بعد تقرير نوعه فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وهو يربط بين طوائف من الناس بعضهم تربطه بالمنفق رابطة العصب وبعضهم رابطة الرحم وبعضهم رابطة الرحمة وبعضهم رابطة الإنسانية الكبرى في إطار العقيدة وكلهم يتجاوزون في الآية الواحدة الوالدون والأقربون واليتامى والمساكين وابن السبيل وكلهم يتضامنون في رباط التكافل الاجتماعي الوثيق بين بني الإنسان في إطار العقيدة المتين ولكن هذا الترتيب في الآية وفي الآيات الأخرى والذي تزيده بعض الأحاديث النبوية تحديدا ووضوحا كالذي جاء في صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله ص قال لرجل < ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا > هذا الترتيب يشي بمنهج الإسلام الحكيم البسيط في تربية النفس الإنسانية وقيادتها إنه يأخذ الإنسان كما هو بفطرته وميوله الطبيعية واستعداداته ; ثم يسير به من حيث هو كائن ومن حيث هو واقف يسير به خطوة خطوة صعدا في المرتقى العالي على هينة وفي يسر ; فيصعد وهو مستريح هو يلبي فطرته وميوله واستعداداته وهو ينمي الحياة معه ويرقيها لا يحس بالجهد والرهق ولا يكبل بالسلاسل والأغلال ليجر في المرتقى ولا تكبت طاقاته وميوله الفطرية ليحلق ويرف ولا يعتسف به الطريق اعتسافا ولا يطير به طيرانا من فوق الآكام إنما يصعدها به صعودا هينا لينا وقدماه على الأرض وبصره معلق بالسماء وقلبه يتطلع إلى الأفق الأعلى وروحه موصولة بالله في علاه ولقد علم الله أن الإنسان يحب ذاته ; فأمره أولا بكفايتها قبل أن يأمره بالإنفاق على من سواها ; وأباح له الطيبات من الرزق وحثه على تمتيع ذاته بها في غير ترف ولا مخيلة فالصدقة لا تبدأ إلا بعد الكفاية والرسول ص يقول < خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول > وعن جابر رضي الله عنه قال جاء رجل بمثل بيضة من ذهب فقال يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها فأعرض عنه رسول الله ص ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن فقال مثل ذلك فأعرض عنه فأتاه من قبل ركنه الأيسر فقال مثل ذلك فأعرض عنه ثم أتاه من خلفه فقال مثل ذلك فأخذها ص فحذفه بها فلو أصابته لأوجعته وقال < يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يتكفف الناس خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى > ولقد علم الله أن الإنسان يحب أول ما يحب أفراد أسرته الأقربين عياله ووالديه فسار به خطوة في الإنفاق وراء ذاته إلى هؤلاء الذين يحبهم ; ليعطيهم من ماله وهو راض ; فيرضي ميله الفطري الذي لا ضير منه بل فيه حكمة وخير ; وفي الوقت ذاته يعول ويكفل ناسا هم أقرباؤه الأدنون نعم ولكنهم فريق من الأمة إن لم يعطوا احتاجوا وأخذهم من القريب أكرم لهم من أخذهم من البعيد وفيه في الوقت ذاته إشاعة للحب والسلام في المحضن الأول ; وتوثيق لروابط الأسرة التي شاء الله أن تكون اللبنة الأولى في بناء الإنسانية الكبير ولقد علم الله أن الإنسان يمد حبه وحميته بعد ذلك إلى أهله كافة بدرجاتهم منه وصلتهم به ولا ضير في هذا فهم أفراد من جسم الأمة وأعضاء في المجتمع فسار به خطوة أخرى في الإنفاق وراء أهله الأقربين تساير عواطفه وميوله الفطرية وتقضي حاجة هؤلاء وتقوي أواصر الأسرة البعيدة وتضمن وحدة قوية من وحدات الجماعة المسلمة مترابطة العرى وثيقة الصلات وعندما يفيض ما في يده عن هؤلاء وهؤلاء بعد ذاته فإن الإسلام يأخذ بيده لينفق على طوائف من المجموع البشري يثيرون بضعفهم أو حرج موقفهم عاطفة النخوة وعاطفة الرحمة وعاطفة المشاركة وفي أولهم اليتامى الصغار الضعاف ; ثم المساكين الذين لا يجدون ما ينفقون ولكنهم يسكتون فلا يسألون الناس كرامة وتجملا ; ثم أبناء السبيل الذين قد يكون لهم مال ولكنهم انقطعوا عنه وحالت بينهم وبينه الحوائل وقد كانوا كثيرين في الجماعة المسلمة هاجروا من مكة تاركين وراءهم كل شيء وهؤلاء جميعا أعضاء في المجتمع ; والإسلام يقود الواجدين إلى الإنفاق عليهم يقودهم بمشاعرهم الطيبة الطبيعية التي يستجيشها ويزكيها فيبلغ إلى أهدافه كلها في هوادة ولين يبلغ أولا إلى تزكية نفوس المنفقين فقد أنفقت طيبة بما أعطت راضية بما بذلت متجهة إلى الله في غير ضيق ولا تبرم ويبلغ ثانيا إلى إعطاء هؤلاء المحتاجين وكفالتهم ويبلغ ثالثا إلى حشد النفوس كلها متضامنة متكافلة في غير ما تضرر ولا تبرم قيادة لطيفة مريحة بالغة ما تريد محققة كل الخير بلا اعتساف ولا افتعال ولا تشديد ثم يربط هذا كله بالأفق الأعلى فيستجيش في القلب صلته بالله فيما يعطي وفيما يفعل وفيما يضمر من نية أو شعور وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم عليم به وعليم بباعثه وعليم بالنية المصاحبة له وهو إذن لا يضيع فهو في حساب الله الذي لا يضيع عنده شيء والذي لا يبخس الناس شيئا ولا يظلمهم والذي لا يجوز عليه كذلك الرياء والتمويه بهذا يصل بالقلوب إلى الأفق الأعلى وإلى درجة الصفاء والتجرد والخلوص لله في رفق وفي هوادة وفي غير معسفة ولا اصطناع وهذا هو المنهج التربوي الذي يضعه العليم الخبير ويقيم عليه النظام الذي يأخذ بيد الإنسان كما هو ويبدأ به من حيث هو ; ثم ينتهي به إلى آماد وآفاق لا تصل إليها البشرية قط بغير هذه الوسيلة ولم تبلغ إليها قط إلا حين سارت على هذا المنهج في هذا الطريق
الجهاد تلك الفريضة الشاقة
وعلى هذا المنهج ذاته يجري الأمر في فريضة الجهاد التي تأتي تالية في السياق للحديث عن الإنفاق كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ; وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون إن القتال في سبيل الله فريضة شاقة ولكنها فريضة واجبة الأداء واجبة الأداء لأن فيها خيرا كثيرا للفرد المسلم وللجماعة المسلمة وللبشرية كلها وللحق والخير والصلاح والإسلام يحسب حساب الفطرة ; فلا ينكر مشقة هذه الفريضة ولا يهون من أمرها ولا ينكر على النفس البشرية إحساسها الفطري بكراهيتها وثقلها فالإسلام لا يماري في الفطرة ولا يصادمها ولا يحرم عليها المشاعر الفطرية التي ليس إلى إنكارها من سبيل ولكنه يعالج الأمر من جانب آخر ويسلط عليه نورا جديدا إنه يقرر أن من الفرائض ما هو شاق مرير كريه المذاق ; ولكن وراءه حكمة تهون مشقته وتسيغ مرارته وتحقق به خيرا مخبوءا قد لا يراه النظر الإنساني القصير عندئذ يفتح للنفس البشرية نافذة جديدة تطل منها على الأمر ; ويكشف لها عن زاوية أخرى غير التي تراه منها نافذة تهب منها ريح رخية عندما تحيط الكروب بالنفس وتشق عليها الأمور إنه من يدري فلعل وراء المكروه خيرا ووراء المحبوب شرا إن العليم بالغايات البعيدة المطلع على العواقب المستورة هو الذي يعلم وحده حيث لا يعلم الناس شيئا من الحقيقة وعندما تنسم تلك النسمة الرخية على النفس البشرية تهون المشقة وتتفتح منافذ الرجاء ويستروح القلب في الهاجرة ويجنح إلى الطاعة والأداء في يقين وفي رضاء هكذا يواجه الإسلام الفطرة لا منكرا عليها ما يطوف من المشاعر الطبيعية ولا مريدا لها على الأمر الصعب بمجرد التكليف ولكن مربيا لها على الطاعة ومفسحا لها في الرجاء لتبذل الذي هو أدنى في سبيل الذي هو خير ; ولترتفع على ذاتها متطوعة لا مجبرة ولتحس بالعطف الإلهي الذي يعرف مواضع ضعفها ويعترف بمشقة ما كتب عليها ويعذرها ويقدرها ; ويحدو لها بالتسامي والتطلع والرجاء
وهكذا يربي الإسلام الفطرة فلا تمل التكليف ولا تجزع عند الصدمة الأولى ولا تخور عند المشقة البادية ولا تخجل وتتهاوى عند انكشاف ضعفها أمام الشدة ولكن تثبت وهي تعلم أن الله يعذرها ويمدها بعونه ويقويها وتصمم على المضي في وجه المحنة فقد يكمن فيها الخير بعد الضر واليسر بعد العسر والراحة الكبرى بعد الضنى والعناء ولا تتهالك على ما تحب وتلتذ فقد تكون الحسرة كامنة وراء المتعة وقد يكون المكروه مختبئا خلف المحبوب وقد يكون الهلاك متربصا وراء المطمع البراق إنه منهج في التربية عجيب منهج عميق بسيط منهج يعرف طريقه إلى مسارب النفس الإنسانية وحناياها ودروبها الكثيرة بالحق وبالصدق لا بالإيحاء الكاذب والتمويه الخادع فهو حق أن تكره النفس الإنسانية القاصرة الضعيفة أمرا ويكون فيه الخير كل الخير وهو حق كذلك أن تحب النفس أمرا وتتهالك عليه وفيه الشر كل الشر وهو الحق كل الحق أن الله يعلم والناس لا يعلمون وماذا يعلم الناس من أمر العواقب وماذا يعلم الناس مما وراء الستر المسدل وماذا يعلم الناس من الحقائق التي لا تخضع للهوى والجهل والقصور إن هذه اللمسة الربانية للقلب البشري لتفتح أمامه عالما آخر غير العالم المحدود الذي تبصره عيناه وتبرز أمامه عوامل أخرى تعمل في صميم الكون وتقلب الأمور وترتب العواقب على غير ما كان يظنه ويتمناه وإنها لتتركه حين يستجيب لها طيعا في يد القدر يعمل ويرجو ويطمع ويخاف ولكن يرد الأمر كله لليد الحكيمة والعلم الشامل وهو راض قرير إنه الدخول في السلم من بابه الواسع فما تستشعر النفس حقيقة السلام إلا حين تستيقن أن الخيرة فيما اختاره الله وأن الخير في طاعة الله دون محاولة منها أن تجرب ربها وأن تطلب منه البرهان إن الإذعان الواثق والرجاء الهاديء والسعي المطمئن هي أبواب السلم الذي يدعو الله عباده الذين آمنوا ليدخلوا فيه كافة وهو يقودهم إليه بهذا المنهج العجيب العميق البسيط في يسر وفي هوادة وفي رخاء يقودهم بهذا المنهج إلى السلم حتى وهو يكلفهم فريضة القتال فالسلم الحقيقي هو سلم الروح والضمير حتى في ساحة القتال وإن هذا الإيحاء الذي يحمله ذلك النص القرآني لا يقف عند حد القتال فالقتال ليس إلا مثلا لما تكرهه النفس ويكون من ورائه الخير إن هذا الإيحاء ينطلق في حياة المؤمن كلها ويلقي ظلاله على أحداث الحياة جميعها إن الإنسان لا يدري أين يكون الخير وأين يكون الشر لقد كان المؤمنون الذين خرجوا يوم بدر يطلبون عير قريش وتجارتها ويرجون أن تكون الفئة التي وعدهم الله إياها هي فئة العير والتجارة لا فئة الحامية المقاتلة من قريش ولكن الله جعل القافلة تفلت ولقاهم المقاتلة من قريش وكان النصر الذي دوى في الجزيرة العربية ورفع راية الإسلام فأين تكون القافلة من هذا الخير الضخم الذي أراده الله للمسلمين وأين يكون اختيار المسلمين لأنفسهم من اختيار الله لهم والله يعلم والناس لا يعلمون ولقد نسي فتى موسى ما كانا قد أعداه لطعامهما وهو الحوت فتسرب في البحر عند الصخرة فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا عبدا من عبادنا وكان هذا هو الذي خرج له موسى ولو لم يقع حادث الحوت ما ارتدا ولفاتهما ما خرجا لأجله في الرحلة كلها وكل إنسان في تجاربه الخاصة يستطيع حين يتأمل أن يجد في حياته مكروهات كثيرة كان من ورائها الخير العميم ولذات كثيرة كان من ورائها الشر العظيم وكم من مطلوب كاد الإنسان يذهب نفسه حسرات على فوته ; ثم تبين له بعد فترة أنه كان إنقاذا من الله أن فوت عليه هذا المطلوب في حينه وكم من محنة تجرعها الإنسان لاهثا يكاد يتقطع لفظاعتها ثم ينظر بعد فترة فإذا هي تنشيء له في حياته من الخير ما لم ينشئه الرخاء الطويل إن الإنسان لا يعلم والله وحده يعلم فماذا على الإنسان لو يستسلم إن هذا هو المنهج التربوي الذي يأخذ القرآن به النفس البشرية لتؤمن وتسلم وتستلم في أمر الغيب المخبوء بعد أن تعمل ما تستطيع في محيط السعي المكشوف
القتال في الشهر الحرام وسرية عبدالله بن جحش ومن قيادة الجماعة إلى السلم كانت الفتوى التالية في أمر القتال في الشهر الحرام يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام ; وإخراج أهله منه أكبر عند الله ; والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم وقد جاء في روايات متعددة أنها نزلت في سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه وكان رسول الله ص قد بعثه مع ثمانية من المهاجرين ليس فيهم أحد من الأنصار ومعه كتاب مغلق وكلفه ألا يفتحه حتى يمضي ليلتين فلما فتحه وجد به < إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل بطن نخلة بين مكة والطائف ترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم ولا تكرهن أحدا على المسير معك من أصحابك > وكان هذا قبل غزوة بدر الكبرى فلما نظر عبد الله بن جحش في الكتاب قال سمعا وطاعة ثم قال لأصحابه قد أمرني رسول الله ص أن أمضي إلى بطن نخلة أرصد بها قريشا حتى آتيه منها بخبر وقد نهى أن استكره أحدا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع فأنا ماض لأمر رسول الله ص فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف أحد منهم فسلك الطريق على الحجاز حتى إذا كان ببعض الطريق ضل بعير لسعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان رضي الله عنهما فتخلفا عن رهط عبد الله بن جحش ليبحثا عن البعير ومضى الستة الباقون حتى إذا كانت السرية ببطن نخلة مرت عير لقريش تحمل تجارة فيها عمرو بن الحضرمي وثلاثة آخرون فقتلت السرية عمرا ابن الحضرمي وأسرت اثنين وفر الرابع وغنمت العير وكانت تحسب أنها في اليوم الأخير من جمادى الآخرة فإذا هي في اليوم الأول من رجب وقد دخلت الأشهر الحرم التي تعظمها العرب وقد عظمها الإسلام وأقر حرمتها فلما قدمت السرية بالعير والأسيرين على رسول الله ص قال < ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام > فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا فلما قال ذلك رسول الله ص سقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا ; وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا وقالت قريش قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال وقالت اليهود تفاءلوا بذلك على محمد عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله عمرو عمرت الحرب والحضرمي حضرت الحرب وواقد بن عبد الله وقدت الحرب وانطلقت الدعاية المضللة على هذا النحو بشتى الأساليب الماكرة التي تروج في البيئة العربية وتظهر محمدا وأصحابه بمظهر المعتدي الذي يدوس مقدسات العرب وينكر مقدساته هو كذلك عند بروز المصلحة حتى نزلت هذه النصوص القرآنية فقطعت كل قول وفصلت في الموقف بالحق فقبض الرسول ص الأسيرين والغنيمة يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير نزلت تقرر حرمة الشهر الحرام وتقرر أن القتال فيه كبيرة نعم ولكن وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل إن المسلمين لم يبدأوا القتال ولم يبدأوا العدوان إنما هم المشركون هم الذين وقع منهم الصد عن سبيل الله والكفر به وبالمسجد الحرام لقد صنعوا كل كبيرة لصد الناس عن سبيل الله ولقد كفروا بالله وجعلوا الناس يكفرون ولقد كفروا بالمسجد الحرام انتهكوا حرمته ; فآذوا المسلمين فيه وفتنوهم عن دينهم طوال ثلاثة عشر عاما قبل الهجرة وأخرجوا أهله منه وهو الحرم الذي جعله الله آمنا فلم يأخذوا بحرمته ولم يحترموا قدسيته وإخراج أهله منه أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام وفتنة الناس عن دينهم أكبر عند الله من القتل وقد ارتكب المشركون هاتين الكبيرتين فسقطت حجتهم في التحرز بحرمة البيت الحرام وحرمة الشهر الحرام ووضح موقف المسلمين في دفع هؤلاء المعتدين على الحرمات ; الذي يتخذون منها ستارا حين يريدون وينتهكون قداستها حين يريدون وكان على المسلمين أن يقاتلوهم أنى وجدوهم لأنهم عادون باغون أشرار لا يرقبون حرمة ولا يتحرجون أمام قداسة وكان على المسلمين ألا يدعوهم يحتمون بستار زائف من الحرمات التي لا احترام لها في نفوسهم ولا قداسة لقد كانت كلمة حق يراد بها باطل وكان التلويح بحرمة الشهر الحرام مجرد ستار يحتمون خلفه لتشويه موقف الجماعة المسلمة وإظهارها بمظهر المعتدي وهم المعتدون ابتداء وهم الذين انتهكوا حرمة البيت ابتداء إن الإسلام منهج واقعي للحياة لا يقوم على مثاليات خيالية جامدة في قوالب نظرية إنه يواجه الحياة البشرية كما هي بعوائقها وجواذبها وملابساتها الواقعية يواجهها ليقودها قيادة واقعية إلى السير وإلى الارتقاء في آن واحد يواجهها بحلول عملية تكافىء واقعياتها ولا ترفرف في خيال حالم ورؤى مجنحة لا تجدي على واقع الحياة شيئا هؤلاء قوم طغاة بغاة معتدون لا يقيمون للمقدسات وزنا ولا يتحرجون أمام الحرمات ويدوسون كل ما تواضع المجتمع على احترامه من خلق ودين وعقيدة يقفون دون الحق فيصدون الناس عنه ويفتنون المؤمنين ويؤذونهم أشد الإيذاء ويخرجونهم من البلد الحرام الذي يأمن فيه كل حي حتى الهوام ثم بعد ذلك كله يتسترون وراء الشهر الحرام ويقيمون الدنيا ويقعدونها باسم الحرمات والمقدسات ويرفعون أصواتهم انظروا ها هو ذا محمد ومن معه ينتهكون حرمة الشهر الحرام فكيف يواجههم الإسلام يواجههم بحلول مثالية نظرية طائرة إنه إن يفعل يجرد المسلمين الأخيار من
السلاح بينما خصومهم البغاة الأشرار يستخدمون كل سلاح ولا يتورعون عن سلاح كلا إن الإسلام لا يصنع هذا لأنه يريد مواجهة الواقع لدفعه ورفعه يريد أن يزيل البغي والشر وأن يقلم أظافر الباطل والضلال ويريد أن يسلم الأرض للقوة الخيرة ويسلم القيادة للجماعة الطيبة ومن ثم لا يجعل الحرمات متاريس يقف خلفها المفسدون البغاة الطغاة ليرموا الطيبين الصالحين البناة وهم في مأمن من رد الهجمات ومن نبل الرماة إن الإسلام يرعى حرمات من يرعون الحرمات ويشدد في هذا المبدأ ويصونه ولكنه لا يسمح بأن تتخذ الحرمات متاريس لمن ينتهكون الحرمات ويؤذون الطيبين ويقتلون الصالحين ويفتنون المؤمنين ويرتكبون كل منكر وهم في منجاة من القصاص تحت ستار الحرمات التي يجب أن تصان وهو يمضي في هذا المبدأ على اطراد إنه يحرم الغيبة ولكن لا غيبة لفاسق فالفاسق الذي يشتهر بفسقه لا حرمة له يعف عنها الذين يكتوون بفسقه وهو يحرم الجهر بالسوء من القول ولكنه يستثني إلا من ظلم فله أن يجهر في حق ظالمه بالسوء من القول لأنه حق ولأن السكوت عن الجهر به يطمع الظالم في الاحتماء بالمبدأ الكريم الذي لا يستحقه ومع هذا يبقى الإسلام في مستواه الرفيع لا يتدنى إلا مستوى الأشرار البغاة ولا إلى أسلحتهم الخبيثة ووسائلهم الخسيسة إنه فقط يدفع الجماعة المسلمة إلى الضرب على أيديهم وإلى قتالهم وقتلهم وإلى تطهير جو الحياة منهم هكذا جهرة وفي وضح النهار وحين تكون القيادة في الأيدي النظيفة الطيبة المؤمنة المستقيمة وحين يتطهر وجه الأرض ممن ينتهكون الحرمات ويدوسون المقدسات حينئذ تصان للمقدسات حرمتها كاملة كما أرادها الله هذا هو الإسلام صريحا واضحا قويا دامغا لا يلف ولا يدور ; ولا يدع الفرصة كذلك لمن يريد أن يلف من حوله وأن يدور وهذا هو القرآن يقف المسلمين على أرض صلبة لا تتأرجح فيها أقدامهم وهم يمضون في سبيل الله لتطهير الأرض من الشر والفساد ولا يدع ضمائرهم قلقة متحرجة تأكلها الهواجس وتؤذيها الوساوس هذا شر وفساد وبغي وباطل فلا حرمة له إذن ولا يجوز أن يتترس بالحرمات ليضرب من ورائها الحرمات وعلى المسلمين أن يمضوا في طريقهم في يقين وثقة ; في سلام مع ضمائرهم وفي سلام من الله ويمضي السياق بعد بيان هذه الحقيقة وتمكين هذه القاعدة وإقرار قلوب المسلمين وأقدامهم يمضي فيكشف لهم عن عمق الشر في نفوس أعدائهم وأصالة العدوان في نيتهم وخطتهم ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا وهذا التقرير الصادق من العليم الخبير يكشف عن الإصرار الخبيث على الشر ; وعلى فتنة المسلمين عن دينهم ; بوصفها الهدف الثابت المستقر لأعدائهم وهو الهدف الذي لا يتغير لأعداء الجماعة المسلمة في كل أرض وفي كل جيل إن وجود الإسلام في الأرض هو بذاته غيظ ورعب لأعداء هذا الدين ; ولأعداء الجماعة المسلمة في كل حين إن الإسلام بذاته يؤذيهم ويغيظهم ويخيفهم فهو من القوة ومن المتانة بحيث يخشاه كل مبطل ويرهبه كل باغ ويكرهه كل مفسد إنه حرب بذاته وبما فيه من حق أبلج ومن منهج قويم ومن نظام سليم إنه بهذا كله حرب على الباطل والبغي والفساد ومن ثم لا يطيقه المبطلون البغاة المفسدون
ومن ثم يرصدون لأهله ليفتنوهم عنه ويردوهم كفارا في صورة من صور الكفر الكثيرة ذلك أنهم لا يأمنون على باطلهم وبغيهم وفسادهم وفي الأرض جماعة مسلمة تؤمن بهذا الدين وتتبع هذا المنهج وتعيش بهذا النظام وتتنوع وسائل قتال هؤلاء الأعداء للمسلمين وأدواته ولكن الهدف يظل ثابتا أن يردوا المسلمين الصادقين عن دينهم إن استطاعوا وكلما انكسر في يدهم سلاح انتضوا سلاحا غيره وكلما كلت في أيديهم أداة شحذوا أداة غيرها والخبر الصادق من العليم الخبير قائم يحذر الجماعة المسلمة من الاستسلام وينبهها إلى الخطر ; ويدعوها إلى الصبر على الكيد والصبر على الحرب وإلا فهي خسارة الدنيا والآخرة ; والعذاب الذي لا يدفعه عذر ولا مبرر ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيه خالدون والحبوط مأخوذ من حبطت الناقة إذا رعت مرعى خبيثا فانتفخت ثم نفقت والقرآن يعبر بهذا عن حبوط العمل فيتطابق المدلول الحسي والمدلول المعنوي يتطابق تضخم العمل الباطل وانتفاخ مظهره وهلاكه في النهاية وبواره مع تضخم حجم الناقة وانتفاخها ثم هلاكها في النهاية بهذا الانتفاخ ّ ومن يرتدد عن الإسلام وقد ذاقه وعرفه ; تحت مطارق الأذى والفتنة مهما بلغت هذا مصيره الذي قرره الله له حبوط العمل في الدنيا والآخرة ثم ملازمة العذاب في النار خلودا إن القلب الذي يذوق الإسلام ويعرفه لا يمكن أن يرتد عنه ارتدادا حقيقيا أبدا إلا إذا فسد فسادا لا صلاح له وهذا أمر غير التقية من الأذى البالغ الذي يتجاوز الطاقة فالله رحيم رخص للمسلم حين يتجاوز العذاب طاقته أن يقي نفسه بالتظاهر مع بقاء قلبه ثابتا على الإسلام مطمئنا بالإيمان ولكنه لم يرخص له في الكفر الحقيقي وفي الارتداد الحقيقي بحيث يموت وهو كافر والعياذ بالله وهذا التحذير من الله قائم إلى آخر الزمان ليس لمسلم عذر في أن يخنع للعذاب والفتنة فيترك دينه ويقينه ويرتد عن إيمانه وإسلامه ويرجع عن الحق الذي ذاقه وعرفه وهناك المجاهدة والمجالدة والصبر والثبات حتى يأذن الله والله لا يترك عباده الذين يؤمنون به ويصبرون على الأذى في سبيله فهو معوضهم خيرا إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة وهناك رحمته التي يرجوها من يؤذون في سبيله ; لا ييئس منها مؤمن عامر القلب بالإيمان إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم ورجاء المؤمن في رحمة الله لا يخيبه الله أبدا ولقد سمع أولئك النفر المخلص من المؤمنين المهاجرين هذا الوعد الحق فجاهدوا وصبروا حتى حقق الله لهم وعده بالنصر أو الشهادة وكلاهما خير وكلاهما رحمة وفازوا بمغفرة الله ورحمته والله غفور رحيم وهو هو طريق المؤمنين
هذا الموضوع مغلق.
الخلخال
•
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
يسألونك ماذا ينفقون قل ما انفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم @
كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون @
يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخره وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون @
إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم @
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
( يسألونك ماذا ينفقون قل ماانفقتم من خير فللوالدين والاقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وماتفعلوا من خير
فإن الله به عليم * كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو
شر لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون * يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر
به والمسجد الحرام واخراج أهله منه اكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم
إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عند دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والاخره وأولئك أصحاب النار
هم فيها خالدون * إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم )
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(( يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فاللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم
كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا ولآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم ))
(( يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فاللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم
كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا ولآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم ))
الخلخال :أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يسألونك ماذا ينفقون قل ما انفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم @ كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون @ يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخره وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون @ إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم @أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يسألونك ماذا ينفقون قل ما انفقتم من خير فللوالدين والأقربين...
بارك الله فيكي
الصفحة الأخيرة
ثم قال تعالى: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ } أي يسألونك يا محمد ماذا ينفقون وعلى من ينفقون؟ وقد نزلت لمّا قال بعض الصحابة يا رسول الله: ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها؟ { قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } أي قل لهم يا محمد اصرفوها في هذه الوجوه { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } أي وكل معروف تفعلونه يعلمه الله وسيجزيكم عليه أوفر الجزاء، ثم قال تعالى مبيناً حكمة مشروعية القتال في الإِسلام { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ } أي فرض عليكم قتال الكفار أيها المؤمنون وهو شاق ومكروه على نفوسكم لما فيه من بذل المال وخطر هلاك النفس { وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي ولكن قد تكره نفوسكم شيئاً وفيه كل النفع والخير { وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ } أي وقد تحب نفوسكم شيئاً وفيه كل الخطر والضرر عليكم، فلعل لكم في القتال - وإِن كرهتموه - خيراً لأن فيه إِما الظفر والغنيمة أو الشهادة والأجر، ولعل لكم في تركه - وإِن أحببتموه - شراً لأن فيه الذل والفقر وحرمان الأجر { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } أي الله أعلم بعواقب الأمور منكم وأدرى بما فيه صلاحكم في دنياكم وآخرتكم فبادروا إِلى ما يأمركم به { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ } أي يسألك أصحابك يا محمد عن القتال في الشهر الحرام أيحل لهم القتال فيه؟ { قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } أي قل لهم القتال فيه أمره كبير ووزره عظيم ولكن هناك ما هو أعظم وأخطر وهو { وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ } أي ومنع المؤمنين عن دين الله وكفرهُم بالله وصدُّهم عن المسجد الحرام - يعني مكة - وإِخراجكم من البلد الحرام وأنتم أهله وحماته، كلُّ ذلك أعظم وزراً وذنباً عند الله من قتل من قتلتم من المشركين، فإِذا استعظموا قتالكم لهم في الشهر الحرام فليعلموا أنَّ ما ارتكبوه في حق النبي والمؤمنين أعظم وأشنع { وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ } أي فتنة المسلم عن دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه أكبر عند الله من القتل { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ } أي ولا يزالون جاهدين في قتالكم حتى يعيدوكم إِلى الكفر والضلال إِن قدروا فهم غير نازعين عن كفرهم وعدوانهم { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلۤـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } أي ومن يستجب لهم منكم فيرجع عن دينه ويرتد عن الإِسلام ثم يموت على الكفر فقد بطل عمله الصالح في الدارين وذهب ثوابه { وَأُوْلۤـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } أي وهم مخلدون في جهنم لا يخرجون منها أبداً { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي إِن المؤمنين الذين فارقوا الأهل والأوطان وجاهدوا الأعداء لإِعلاء دين الله { أُوْلۤـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي أولئك الموصوفون بما ذكرهم الجديرون بأن ينالوا رحمة الله والله عظيم المغفرة، واسع الرحمة.