من هذا المنبر الإعلامي وبهذا الشهر الكريم أنادي وأتوسل وأستنجد بأبينا الرحيم الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - أن ينهي المعاناة المستمرة في كل أرجاء المملكة وعلى الرغم من أنني ولله الحمد والمنة لست واحدة منهم إلا أن طبيعة عملي واحتكاكي المباشر معهم في مرحلة معينة من حياتي المهنية اشعرتني بالمسؤولية بأن أكون لسانهم وأوصل رسائلهم ومعاناتهم لأبيهم الملك عبدالله.. لكن ما شجعني على الكتابة بعد الأجر والمثوبة من الله سبحانه وتعالى فلقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الدال على الخير كفاعله" هو ثقتي التامة بأهداف ودوافع ملكنا الحبيب.
فالمراقب لمسيرته يؤمن بأن الملك عبدالله رجلٌ يخشى الله في كل أمره ويدرك عظم مسؤولية ولاية أمة لهذا فلقد وضع نصب عينيه سعادة ورخاء وأمن شعبه وخصوصاً ضعيفهم قبل قويهم وفقيرهم قبل غنيهم.
فأنا والكثير مثلي لن ينسى زيارة الملك عبدالله المفاجئة لأفقر أحياء الرياض والتي ذكرتنا بسير وأفعال النماذج الرائعة للسلف الصالح، ليقوم بوضع قضية الفقر أمام العالم أجمع معارفاً بوجودها وضخامتها وضرورة علاجها ولينبثق من تلك الزيارة التاريخية عدة مشاريع تهدف لمساعدة الفقراء والقضاء على معاناتهم.. فبدأ - أطال الله في عمره - بتأسيس صندوق مكافحة الفقر ومن ثمَّ صدور الأمر السامي ببناء وحدات سكن مجانية في مختلف أرجاء المملكة وأيضاً رفع قيمة الإعانة السنوية المقدمة من وزارة الشؤون الاجتماعية، وأخيراً تأسيس صندوق استثماري خاص بذوي الدخل المحدود يضمن الربح دون الخسارة.
إذا لا يكفي كل ما سبق ليثبت للجميع حرص الملك عبدالله على تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للفقراء فيكفينا قوله بأن لا يحب نطق كلمة "فقراء" عند الحديث عن هذه الفئة، فبمجرد ذكر الكلمة تثقل على قلبه الرحيم.. أسأل الله العظيم أن يبسط عليه رحمته ويظله في يوم لا ظل إلا ظله.
فكما ذكرت سابقاً بحكم عملي في مركز متخصص في تقديم الإرشاد الاجتماعي والأسري مجاناً، تعاملت مع العديد من الأسر الفقيرة والتي يعولها نساء أرامل ومطلقات أو رجل طاعن بالسن أو مريض جسدياً أو نفسياً ولاحظت بأن أكثر المشاكل إرهاقاً واستمراراً تواجه تلك الأسر بعد الشح المستمر للغذاء والمال هو شبح المبالغ المالية التي يتعين عليهم دفعها شهرياً مقابل خدمات الماء والكهرباء والهاتف. وعلى الرغم من أن معظم تلك المبالغ تكون ضئيلة، مقارنة بمعدل استهلاك العائلة السعودية متوسطة الدخل للكهرباء والماء وخصوصاً في فصل الصيف، إلا أنه يعتبر مبلغاً ضخماً لديهم ويتعذر على معظم تلك الأسر سداده في الوقت المحدد مما يترتب عليه فصل هذه الخدمات لأشهر متتالية من قبل الشركات المعنية. لتبدأ تلك الأسر برحلة مضنية وطويلة ومستنزفة لميزانيتهم الضئيلة في البحث عن جهة خيرية أو فاعل خير لسداد تلك الفواتير المتأخرة.
فأنا ومثلي الكثيرون وقفنا بشكل مباشر مع عائلات بأطفال ومرضى ومسنين قضوا معظم أشهر فصل الصيف اللاهب من دون كهرباء وبالتالي من دون مكيفات أو ماء بارد أو ثلاجات أو إضاءة بسبب فصل التيار الكهربائي من قبل شركة الكهرباء لعدم السداد.
وشهدنا أرامل تعيش أشهراً على جلب الماء بأوعية بلاستيكية من المسجد المجاور بسبب فصل شركة المياه وقطع الخدمة بسبب عدم السداد.
هذا كله لمئات الأسر في مختلف مدن وقرى المملكة وفي وقت لو أن انقطعت الكهرباء لساعات في بيت أحدنا لفر هارباً إلى مكان ينعم به ببرودة المكيفات سواء كان هذا المكان أقرب فندق أو حتى مركز تسوق. فكيف بعجائز وأطفال ونساء مريضات ورجال يقضون معظم فصل الصيف بدون كهرباء، بدون ماء بارد، بدون إنارة؟؟
وهنا أتساءل: هل شركة المياه والكهرباء وشركة الاتصالات بحاجة لبضع عشرات الريالات التي تغتصبها من أيدي الفقراء والمساكين، هل يعقل ألا يكون هناك فرق في تسعيرة الخدمة للكهرباء والماء والتلفونات بين مستفيد تاجر يملك ملايين الريالات وبين مستفيد فقير يعيش على إعانات الدولة.
أليس من المفترض أن تكون شركة الكهرباء والماء وشركة الاتصالات جزء من مؤسسات الدولة فتشارك بدعم حملة الدولة في القضاء على الفقر، لهذا ولعلمي كالجميع حرص الملك عبدالله - حفظه الله - على تشجيع ودعم كل ما يساعد الفقراء ويقلل من معاناتهم.. أتقدم لمقامه السامي ونيابة عن كل فقراء المملكة ولإحساسي العظيم بالمسؤولية والوطنية بالمقترحات التالية:
1- جعل خدمات الكهرباء مجاناً لكل المنتسبين لوزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية أو كل من يتم إثبات استحقاقه عن طريق الجهات السابقة وبشروط محددة، على أن يكون هناك حد ائتماني.
2- 150شهرياً لمنع سوء استغلال لهذه الهبة.
3- توفير خدمات الهاتف الثابت مجاناً على أن يوضع حد ائتماني 60ريالاً شهرياً.
4- توفير حافلات نقل عام تحتوي على قسم خاص بالعوائل بحيث يكون خط سيرها يشمل جميع أحياء الرياض وخصوصاً الأحياء الفقيرة وأيضاً جميع المؤسسات الحكومية، الصحية والخيرية.. فمعظم العوائل الفقيرة لا تملك سيارة خاصة بها، لهذا فالتنقل للحصول على إعانات حكومية أو خيرية أو حتى خدمات صحية تكون مرهقة مادياً لمعظمهم بسبب أسعار الأجرة المرتفعة. خصوصاً وأن المستفيد الوحيد من باصات النقل العام داخل الرياض (خط البلدة) هم العمالة الوافدة في وقت الكثير من الأرامل والعجائز والمطلقات لا يستطيعون الذهاب للمستشفى أو جمعية خيرية لأخذه مساعدة عينية لأن المطلوب لاستخدام الأجرة ذهاباً وإياباً عالية جداً بالنسبة لهم.
5- أن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع أصحاب المحلات التجارية كل في مجاله بإصدار كوبونات شراء مجانية للفقراء خصوصاً في مناسبات معينة مثل بداية العام الدراسي فتقوم كبرى شركات الأدوات الدراسية بتقديم كوبونات شراء مجانية على حسب عدد الطلاب في العائلة، وشركات الأغذية بحلول شهر رمضان وفي عيد الأضحى وبشكل دوري، وشركة الملابس مع بداية فصل الصيف وفصل الشتاء وكذلك الأعياد.
6- الاقتراح الأخير، أن يكون لكل مستحق وملتحق بإعانات وزارة الشؤون الاجتماعية أو الجمعيات الخيرية بطاقة خاصة تمكنه من الحصول على أسعار مخفضة بنسب تصل إلى 70% مقابل كل خدمة يحتاجها من القطاع الخاص سواء كانت هذه الخدمة مشوار بالأجرة أو زيارة لطبيب أو شراء أدوية أو طعام أو ملابس أو حتى مستلزمات دراسية. وأن يكون هذا نظام يلتزم به جميع التجار والشركات ويعاقب من يتقاعس لو يتلاعب.
الفقر موجود ومنتشر ولن يجدي نفعاً أن ندعي بأننا جميعاً برخاء ونعمة، فهناك العديد من الأسر لا تجد قوت يومها وعلى الرغم من المجهودات الجبارة والمبالغ الضخمة التي تصرفها الدولة والجهود المسخرة للقضاء على مشكلة الفقر إلا أنها لن تستطيع وحدها النجاح بل نحن بحاجة لتكاتف جميع قطاعاتها ومؤسساتها وتجارها وشركاتها للقضاء على الفقر واضعين نصب أعيننا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" صدق الرسول العظيم.
وأعتقد هذا أقل ما يستطيع القطاع الخاص تقديمه في خدمة لهذا البلد العظيم ورد جزء من جميله علينا.
http://www.alriyadh.com/2006/10/20/article195580.html
نوره بنت محمد الصفيري
@ اخصائية نفسية واستشارية أسرية بمركز دار الإبداع بالرياض
4555348/4545498
فرح222 @frh222
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️