الهمة

الهمة @alhm_1

عضوة نشيطة

ذات النطاقين

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم



''سيدتنا أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما''

صحابية جليلة، نموذج فذ من نماذج الطالبات للكمال الديني تشرئب إليه أعناق المومنين والمومنات.

إنها ذات النطاقين، أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة، ولدت سنة سبع وعشرين قبل الهجرة، وهي أخت أمنا عائشة رضي الله عنهما من أبيها.

أسماء: الابنة البارة للصديق صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم
في هجرته.

نستحضر اللحظات الأولى التي جاء فيها الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربنا الكريم بالهجرة، فكان قدر أبيها أن يصحب النبي في هجرته، طارت فرحا بصحبة أبيها لخير الأنام، فأعدت لهما ما يأخذانه معهما من طعام وسقاء، قالت: ''فلم أجد لسُفرته صلى الله عليه وسلم ولا لسقائه ما أربطهما به، فقالت لأبي بكر: والله ما أجد شيئا أربط به إلا نطاقي، قال: فشقيه فاربطي بواحد السقاء، وبالآخر السفرة، ففعلت'' فلذلك سميت بذات النطاقين، وقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم ''إن لك بهما نطاقين في الجنة''.

كان أبوها قد حمل معه كل ماله، فأتاها جدها أبو قحافة، وقد ذهب بصره، فقال لها: إن هذا والله قد فجعكم بماله مع نفسه، فقالت: ''لا يا أبت، قد ترك لنا خيرا كثيرا''، فعمدت إلى أحجار وغطتهم بثوب، وجاءته، فأخذت بيده ووضعتها على الثوب فقالت: ''ترك لنا هذا'' فقال: ''أما إن ترك لكم هذا فنعم''، وهو رضي الله عنه ما ترك قليلا ولا كثيرا.

أسماء المهاجرة :
حان وقت هجرتها، فقطعت أسماء الصحراء اللاهبة مغادرة مكة إلى المدينة وهي حامل في شهرها التاسع من زوجها الزبير بن العوام، وما كادت أن اقتربت من مشارف المدينة حتى جاءها المخاض، ونزل المهاجر الجنين أرض المدينة، وحُمل أول مولود في الهجرة إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم في داره بالمدينة، فقبَّله وحنّكه، وكان أول ما دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فرح المسلمون به فرحا شديدا وخرجوا يطوفون به شوارع المدينة، ذلك لأن اليهود أشاعوا بين المسلمين أنهم سحروهم كي يصابوا بالعقم فلا يولد لهم أبدا.

أسماء المحسنة في تبعلها لزوجها الخادمة لبيتها
عاشت أسماء في دار الهجرة مع زوجها عيشة شظف، فأتت أباها تشكو إليه ذلك فقال: ''يا بنية، اصبري فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات فلم تزوج بعده جمع بينهما في الجنة'' وصية هي أشبه بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم لابنته الزهراء، نساؤنا اليوم أحوج إليها من الأمس.

قالت تصف مهنتها في بيتها: ''تزوجني الزبير وماله في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤونته وأسوسه، وأدق النوى لناضحه فأعلفه، وأستقي الماء، وأفرز غربَه (أي ترفع الدلو)، وأعجن، ولم أكن أحسن الخبز، فكانت تخبز لي جارات من الأنصار، وكنت أنقل النوى''.

وروى الشيخان أنها تنقل النوى من أرض الزبير وهي تبعد منها بنحو ثلثي فرسخ (نحو كيلومترين) قالت ''فجئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته فعرف الرسول أني قد استحييت فمضى''.

منعها الحياء، ولم يمنعها الشرع.

أسماء الحريصة على طلب العلم
حرصت على طلب العلم حرصها على جمع النوى لعلف فرس الجهاد، قالت الصديقية: ''قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا (بعد صلاة الكسوف) فذكر فتنة القبر الذي يفتتن به المرء، فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة حالت بيني وبين أن أفهم آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سكت ضجيجهم قلت لرجل قريب مني: أي بارك الله فيك، ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر كلامه؟ قال الرجل: قال: قد أوحي إلي أنكم في القبور قريبا من فتنة الدجال...''.

أسماء الشاعرة:
كانت أسماء شاعرة ذات منطق وبيان، قالت في زوجها الزبير لما قتله عمرو بن جرموز المجاشعي بوادي السباع وهو منصرف من موقعة الجمل:

عــد ابن جرموز بفارس همــه
يوم الصياح وكان غير معربـد
يـــا عمرو لو بهتــه لوجدتــــه
لا طائشا رعش الجنان ولا اليد
ثكلتــك أمــك أن قتـلت مسلما
حـلت عليــك عقــوبة المتعمـــد

أسماء الصبورة الحريصة على رضى الله تعالى كانت ذات النطاقين تصدع فتضع يدها على رأسها وتقول: ''بذنبي، وما يغفره الله أكثر''. وقد عرف عنها أنها كانت إذا مرضت تعتق مملوكا لها.

قدمت عليها أمها التي طلقها أبو بكر في الجاهلية، ذات يوم، وهي تحمل معها هدايا، فأبت أسماء قبول الهدايا ولم تدخلها على بيتها وأرسلت إلى عائشة: ''سلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ''، فقال: ''لتدخلها ولتقبل هديتها''، فأنزل الله تعالى ... لقد وضح لها الرسول أن برها بوالدتها لا يحمل معنى الموالاة المنهي عنها ، بل هو من باب الاعتراف بالفضل، .

أسماء الأم المربية للمجاهد الشهيد
تنبؤنا عنها كلماتها لابنها عبد الله لما دخل عليها وهي عمياء وقد بلغت مائة سنين وقال لها: يا أماه ما ترين قد خذلني الناس وخذلني أهل بيتي، فقالت: ''لا يلعبن بك صبيان بني أمية، عش كريما، والله إني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسنا..'' ثم قالت: ''اللهم إني قد سلمت فيه لأمرك، ورضيت فيه بقضائك فأثبني في عبد الله ثواب الشاكرين''.

لما قتل ابن الزبير وصُلب من قبل الحجاج قالت: ''والله ما كان منافقا، إن كان لصواما قواما برا..''

تقدم منها ابن عمرو رضي الله عنهما معزيا وداعيا إياها بالصبر، فأجابته قائلة: ''وماذا يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكرياء إلى بغي من بغايا بني إسرائيل''.

أهناك أروع من هذه الكلمات، تقال للذين فصلوا رأس ابن الزبير عن جسده قبل أن يصلبوه؟!

بعد ذلك أمر ابن مروان بإنزال جثة ابن الزبير، فأتت به أسماء فغسلته وكفنته وحنطته ثم دفنته، فما عاشت بعد ذلك إلا ثلاثة أيام ثم ماتت قبل يوم الثلاثاء 17 جمادى الأولى 73 هـ.

فسلام على أسماء وسلام على ابنها عبد الله

ورضي الله عن الصحابية..

صحبت خير البرية فكانت نعم الصاحبة

محسنة في عبادتها وطاعتها لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم

محسنة في تبعلها لزوجها

محسنة في تربيتها لخير النشئ

مشتغلة بلا عطلة.. فسلام على ذات النطاقين وسلام على من اقتدى بسلوكها.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته



منقولة عن جريدة "رسالة الفتوة" بالمغرب
1
513

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أمونة المصونة
موضوع رائع جدا ً ..

ونوموذج أروع عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ..

:26::26:

بارك الله فيك ِ ..

وجزاك الله كل خير ..