﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾
هي ذات الإنسان .. وكينونته ..
هي الركيزة الأساسية للعقل
هي الذاكرة ..
وما أدراك ماالذاكرة ؟!
هي مدوّنتنا المخزونة في دهاليز عقولنا ...
نعود إليها في كل شؤون حياتنا ..
إن ضاعت منّا تلك المدوّنة .. نضيّع ذواتنا ..
لاندري عندها :
من نحن ؟ .. ومن نكون ؟ ...
كل مانحسه ،،، وكل ماندركه مدوّن هناك ... في الذاكرة ..
تتوارى عنّا أحياناً معلومات .. لكنها تظل محفوظة في الأعماق ..
أعماق الدماغ ... حيث تكمن هناك ذاكرتنا . .. ركن التعلّم ..!
تعريف الذاكرة ~
هي العملية التي تحفظ المعرفة على مرّ الزمن ..
وهناك من يقيّم الذاكرة كوعاء حي ، وتستقر المعلومة في ذلك الوعاء..
وقد تسمى ( الحافظة ) أيضاً .
أما العلماء فقد اتفقوا على تعريف بسيط للذاكرة فقالوا :
هي القدرة على تذكر التواريخ والوجوه والحقائق والمعلومات والأشكال والمعطيات .
ويشمل عمل الذاكرة إضافة إلى تحصيل المعلومات وحفظها ..
كل علاقاتنا الاجتماعية وكل مواقفنا في الحياة .
وليست هناك ذاكرة ضعيفة كما يعتقد البعض بذلك ..
لكن هناك مايسمى بالذاكرة غير المدرٌبة .
والذاكرة هي الركيزة الأساسية للعقل ، وهي شديدة الإلتصاق بالمخ الذي هو ..
أداة العقل ..
والفكر السائد الآن أن الذاكرة تتألف من مقوّمات عديدة ..
محمّلة على شبكة موزّعة من الخلايا العصبيّة .
حقائق تستدعي الوقوف ~
عندما تصبح الذاكرة فارغة أو مفقودة .. يتعذّر أن يعرف الإنسان من يكون ..
ويتلاشى عندها ذات الإنسان وتاريخ حياته وعلاقاته وأقرب الناس إليه ..
والحقيقة الأكثر دهشة أن حواسنا تتلقى أضعاف أضعاف مايعيه العقل
والرأي السائد مو أن كل مانحسه يُحفر ( يسجّل ) في الذاكرة بكيفية لانعرفها ..
والدليل أنه في بعض الأحيان يضيع منٌا اسم شيء ولكن في سياق الحديث
يطفو على السطح وكأن هذا الذي نسيناه جاء من سفر دون أن نستدعيه .
ومن الحقائق التي لاتنكر .. هي شعور الإنسان بالرضا لمجرد قدرته على التذكر
والشعور بشيء من الانزعاج حين يشعر بأن ذاكرته قد بدأت تضعف
رغم وجود المعلومة المطلوبة بالذاكرة .. ويقول حينها : سأتذكرها حتماً..!
والحقيقة الكبرى التي نستخرجها من غربلة الحقائق هي أن ..
المعلومات التي يتذكرها الإنسان لاتمحى لأنها شاهد له أو عليه يوم القيامة،
ومرتبطة بسجلّ عمله .. وسيجده حاضراً يوم القيامة :
( يوم يتذكّرُ الإنسانِ ماسعى ).
فالمعلومات التي يبدو أن النسيان قد طوى صفحاتها هي في الحقيقة ..
مازالت موجودة بالذاكرة، ولكن لكي تظهر يلزمها مساعدة ( استرجاع ).
ونستطيع أن نقول أن للذاكرة ثلاث وظائف رئيسيّة .. هي :
استقبال المعلومات - حفظ المعلومات - استرجاع المعلومات .
أشكال الذاكرة ~
إليكن بعض التقسيمات التي اعتمدها المتخصصون في هذا المجال ..
أولاً:
في كتاب (تحليل العقل ) قسّم ( برتراندرسل) الذاكرة إلى قسمين :
ذاكرة العادة : وهي المسؤولة عن الأعمال العادية : كالمشي والكتابة
وتناول الطعام .. و ذاكرة المعرفة ..
ويضيف علماء أخرون إلى هذا التقسيم نوعاً ثالثاً من الذاكرة هو
الذاكرة الوهميّة :
هذه الذاكرة تظهر للطفل عند بداية نشأته ..
وعند المريض في هذيان نومه .. وأحلام الهذيان هي مشاهد من الماضي
لكن صاحبها يراها واقعاً من الحاضر .. وقد يقوم هذا الحالم من فراشه
ويأتي بأعمال كثيرة ..
تقسيم أكثر شيوعاً للذاكرة ~
وقد صنّف هذا التقسيم الذاكرة الصريحة إلى ثلاثة أنواع ؛
- ذاكرة قصيرة المدى ~
وهي معنيّة بالأحداث التي تقع في المدن
من عدة ثواني إلى ساعات .. وهي تتفاعل مع الأحداث الجارية ..
وتلتقط فيها بعض الكلمات ... أو يحفظ رقم هاتف .
وهذه الأشياء تنسى بعد مدة قصيرة .
- ذاكرة متوسطة المدى ~
وتتضمن الوقائع الجارية حتى يتم تثبيتها وتحويلها إلى الذاكرة طويلة المدى
ـ ذاكرة طويلة المدى ~
وتتضمن المعلومات المتعلقة بالماضي والماضي البعيد .. وهي الأرسخ
وهي التي تقاوم وتعمل مع وجود تلفيات بالمخ .. وتستمر طوال الحياة ..
ثانياً :
تعالي معنا لنزور مكاناً في الدماغ يسمى :
الفص قبل الجبهي من القشرة المخيّة ..لنتعرف على ( الذاكرة العاملة)
هنا ذاكرة يحدث فيها تفاعل فوري بين ماتستقبله الآن ...
والمعلومات ذات الصلة التي تسترجع لحظياً..
للإستكمال .. أو المقارنة .. أو الربط ؛
لتوليد أفكار جديدة .. أو اتخاذ قرار فوري .
وهذه هي الذاكرة العاملة .. وهي ضرورية لفهم اللغة والتعلّم
فهي أشبه بالسبّورة للعقل ..!
ثالثاً:
الذاكرة البصريّة .. والذاكرة السمعية ~
وهي توجد عند بعض الأشخاص قويّة ، بحيث أنهم. يتذكروا جيداً
مايرونه بأعينهم من مرة واحدة .. أو يحفظون مايسمعونه ، فإذا قرأت
شيئاً بصوت مرتفع أمامهم تحفظ ذاكرتهم السمعية الكلام ، وتردده في أي وقت .
رابعاً:
الذاكرة الشمّيّة ~.. هناك من يملك ذاكرة شمية قوية للأشياء التي تصله رائحتها
ويستطيع مثلاً وهو جالس في غرفة المعيشة .. أن يحدّد نوع الطعام الذي يطهى
في المطبخ .. والمكونات التي تضاف إليه ..
وكمثل ( العطّار ) العجوز يستطيع أن يتعرف على مكونات أنواع البخور المختلفة
بمجرد أن يشم رائحتها .. حتى لو احتوت عشرة أصناف ...
فمثل هذه الذاكرة مرّت بتدريبات طويلة واكتسبت هذه الذاكرة .
والذاكرة الشميّة المتعلقة بالأنف عند بعض الكلاب أرقى منها عند الإنسان
وهذا مايحدث في استخدام كلب الشرطة بذاكرة الشم المدربة لديه .
ومن لطف الله تعالى بنا أن من يفقد إحدى حواسّه تقوى ذاكرة حواس أخرى لديه
فالأشخاص الذين فقدوا حاسة البصر .. لديهم حاسة لمس قوية جداً
يعتمدون عليها اعتماداً كبيراً في تحديد الأشياء والتعرف عليها .
سبحان الله ~
كل تلك المعلومات التي توصل لها العلم عن الذاكرة ..
وأسرار العقل وكيمائية الدماغ
ماهي إلا قطرة من بحر ..مما أفاء الله به علينا ..من إعجازه في الخلق..
وماهي إلا مرحلة تمهيدية في الوصول إلى الحقائق المتعلقة بمركز التميّز
الذي اختص الله به الإنسان عن سائر المخلوقات .. وكرمه بها ..
ومنحه نعمة التخيير .. وحمّله أمانة التكليف ..ألا وهي هبة العقل ..
فلنحسن استخدام عقولنا فيما يرضي الله ويوافق الفطرة السليمة . .
ومن لم يفعل ذلك يكون قد .. فقد أهم مايميّزه عن الحيوان ...
فلنحصل على حياة أنقى وأشمل في تنشيط مراكز العبادة
بالممارسة .. بالصلاة بالذكر .. بالطاعة .. لنسعد بعقول سليمة ..
وذاكرة نظيفة .. ونحظى بالسعادة والطمأنينة .
وتبقى إسرار الإعجاز الإلهي لاتنقضي .
( وما أوتيتم من العلم إلّا قليلاً )
ولنا عودة ...
موضوع قيم
جعله الله في ميزان حسناتك