السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احداهم تحكي ما جرى لها في أول حروب غزة:
بعد أيام قليلة تحلّ ذكرى الحرب على غزة؛ هذه الحرب ملتصقة في ذاكرتي كوَشم، عالقة في قلبي كغصّة، أهذي بها في يقظتي ومنامي!
الحادية عشرة والنصف ظهر السبت 27/12/2008
في أذنيّ إلى الآن وإلى أن أموت صوتُ الصواريخ المفجعة التي اخترقت ضحكاتنا حين كنّا نُشاكس مدرّسة الرياضيات!
أذكرها إلى الآن وهي تغطي رأسها بيديها فزَعًا، ولا أدري أي شجاعة قذفت في قلبي جعلتني أقول لها: يا مس لا تخافي، شكله قصف بعيد عنّا.. عجيب!
يومها تفجّر زجاج نوافذ المدرسة فوق رؤوسنا وجُرحنا، لم ندر ما يجري ولا ما نصنع، زجاج وشظايا تتطاير، صواريخ وقذائف تنتَثر كأنها القيامة!
صرخاتٌ تتعالى وبكاء يختلط بصوت الصواريخ، سُجّرت السماء واستحالت سوادًا ودخانًا حتى ما عدنا نرى شيئًا، علقنا ساعات في المدرسة -حتى أن أهلي حسبوني قد استشهدت- .
ثم عدت إلى البيت في طريق مفجِعة مفروش بالجثث والزجاج والشظايا والأشلاء، أذكر ولن أنسى مَن رأيتهم بعيني يُلقّنون الشهادة ويلفظون آخر أنفاسهم، ومن تناثرت أشلاؤهم على الجدران والطرقات، ومن قد خرجوا من تحت الأنقاض تغطيهم الدماء -أحدهم متشبث شكله بعقلي إلى اليوم- ممزّق الثياب من القصف مكسو بالدماء وغبار القصف يهيم على وجهه ويمسك بيده مصحفًا-!
عدتُ إلى البيت وقد اختُلعت الشبابيك والأبواب من أماكنها..
أخي الصغير عمره 5 أعوام يُخبرنا بأمر أقرب للخيال، يقول: قبل الضربة بدقيقة ربما كانت أختي الصغيرة تجلس قرب النافذة، بغير ما سبب حملها وابتعد بها عن النافذة، ثوان معدودة وكانت الضربة! لكنهما جُرحا من الزجاج!
يومها نجّى الله أخي الأكبر من موتٍ محقق؛ كان نائمًا قبل الضربة بدقائق..
استيقظ يتوضأ لصلاة الظهر قام من فراشه، قصفنا سقطت نوافذ غرفته وزجاجها على سريره وغطّاه!
بقينا يومًا كاملًا نجمع الزجاج والشظايا من البيت، لم نكن نعلم أنها الحرب، ساعتها سمعت فوزي برهوم ناطق حماس يقول عبر الإذاعة: إن مصر أبلغتنا أن غزة ستشهد في الأيام القادمة هدوء لم تشهده من قبل!
فكانت الحرب، ويا لمصر!
كان والداي يتشاغلان بجمع الزجاج، وأنا أُلح بالسؤال: ما مصير فلان وفلان من أقاربنا، هل استشهدوا أم جرحوا؟ وهما يُشيحان بوجههما خوفًا مما خفتُه أنا.. حاولنا الاتصال بهم كل هواتفهم مغلقة لا أحد يجيب! حتى سلّمنا بما كنا نفكر فيه! نجوا يومها من الموت بأعجوبة.!
لكن بعضهم جُرح فيما بعد، واغتيل آخرون واستشهدوا، ويا الله ما أفجع أنباء أن فلانا قد اغتيل، وآخر جُرح، وثالثا قصف بيته!
قطعت إسرائيل منطقتنا عن باقي مناطق غزة حتى صارت مدينة أشباح، حوصرنا 22 يومًا؛ كانت البيوت تنخلع، والقلوب ثابتة، والسكينة تتنزل كالمطر وسط القذائف/الموت المنهمر..
انقطعت الكهرباء منذ أول ساعة ولم تعد إلا آخر يوم في الحرب؛ فسد كل ما كان في الثلاجة من طعام وخبز، حينها كان الحصار في أوجِه، لم يكن ثمة غاز للطهي، لم يكن هناك أي ماركت نشتري منه شيئًا ومحاصرون تمامًا، لا أعلم إلى اليوم من أين تحصّلنا على بعض معلّبات قليلة ربما كانت عندنا من قبل..
كنتُ وأبواي وإخوتي نصنع ما صنع الصحابة يوم اليرموك؛ يرفض أحدنا أن يأكل شيئًا ليسْتبقيه لمن يصغرُه، لم يكن ثمة انترنت أو شبكة اتصالات، نفدت حتى بطاريات الراديو الذي كنا نتابع الأخبار عبره، مرِض أخي ومرضت ولم نستطع أن نحضر دواءً أو طبيبًا!
كنا مهدّدين بالاجتياح البري في أي لحظة..
لم نكن نملك ترف أن ننام، لكنّ أحدنا برهةً كان ينام على نفسه قاعدًا من شدة تعبه، لم نخلع الحجاب أبدًا حتى لو قصفنا فقُتلنا أو جرحنا نظلّ مستورين!
هذا بعض حالنا مدة 22 يوم متتابعة، قصف من الجو وقذائف فسفور أبيض ويورانيوم مخفّف، صواريخ زوارق لا أخاله إلا نفخة إسرافيل في صوره أو أشد
"مليون كغم" من المتفجرات والصواريخ مليون! على 360 كم!
ثمّ اجتاحتنا الدبابات وحاصرتنا ونفذت قذائفهم ورصاصهم إلى البيوت؛ كانت ليلة مجنونة لم يتوقف القصف ثانية واحدة..
ثم أجبرتهم المقاومة على الانسحاب يجرون دباباتهم المحترقة بالكورنيت ويجرون أذيال الخيبة،ثم أعلن وقف إطلاق النار مساء
لم نكن نعلم أن هذه هي الحرب الأولى فقط، وأننا سنعيش بعدها ثلاثة حروب متالية وما لا يحصى من ليالي القصف والله ما ظننا طرفة عين أننا ننجو ونعيش يومًا بعد تلك الأيام المجنونة! ففي هذه الأرض التي مُذ ولدنا عليها لم نعرف كيف نحيا بكامل قلوبنا؛ ذاك أن القلب تشتت ما بين فقد، وحزن، وحرب.
وقد شوّهت الحرب كل ملامح الأشياء، تماماً كما تفعل بالأحبّة، والمنازل، والشهداء.
وليس بوسعنا نحن الفلسطينين أن ننسلخ عن أحزاننا طرفة عين، ليس بأيدينا أنّ مآسينا لا تبرحُ ذاكرتنا، وأن الأسى معلق بقلوبنا لا ينفك كبندول ساعة يذكرنا كلما سلونا أننا فلسطينيون معجونون بطين الحزن والشجن
تحتشد في ذاكرتنا ذكريات الحرب والقصف والفقد والجَرْح والنزف والوجع وجنازات الشهداء ودموع الأمهات وصرخات المسعفين على ركام البيوت المقصوفة: فيكم حدا عاايش، لا تبرح هذه الصرخة عقلي، ترن في أذني إلى اليوم وإلى الأبد.. فيكم حدا عااايش؟!
عِشنا؛ لكن أشياء كثيرة فينا قد ماتت إلى الأبد .!

نجلاء . @najlaa_
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

همس هموسة
•
الله ينصرهم نصرا عزيزا


يا غزة يا حبيبة قلبي
يا صبابة صدري
أرض ميلاد فجري
بتُ أدعو لربي أن
يواسي ويجير....🍂🍂
اللهم أنت الذي لا يعجزك شيئاً في الأرض ولا في السماء احفظهم بعينك التي لاتنام وارحمهم وأرحم شهدائهم الابرار.
يا صبابة صدري
أرض ميلاد فجري
بتُ أدعو لربي أن
يواسي ويجير....🍂🍂
اللهم أنت الذي لا يعجزك شيئاً في الأرض ولا في السماء احفظهم بعينك التي لاتنام وارحمهم وأرحم شهدائهم الابرار.

SMAWY ألحان :
يا غزة يا حبيبة قلبي يا صبابة صدري أرض ميلاد فجري بتُ أدعو لربي أن يواسي ويجير....🍂🍂 اللهم أنت الذي لا يعجزك شيئاً في الأرض ولا في السماء احفظهم بعينك التي لاتنام وارحمهم وأرحم شهدائهم الابرار.يا غزة يا حبيبة قلبي يا صبابة صدري أرض ميلاد فجري بتُ أدعو لربي أن يواسي ويجير....🍂🍂 اللهم أنت...
اللهم اااامين ،اللهم كن لهم ناصرا ومعينا، اللهم كن لأهل فلسطين عامة ولاهل غزة العزة خاصة ،اللهم وانصرهم على عدوك وعدوهم يارب العالمين

الصفحة الأخيرة