[روحٌ مُحَلّقة] @roh_mhlk
عضوة جديدة
ذكرياتي .. ( أسرار لا بئر لها ! ) ..
كلما أردت الخلود إلى النوم أجد شريط حياتي يتمثل أمامي بكل عجائبه وغرائبه ومفاجآته ..
حتى أخذت قراري مستعينة بالله أن أسطرها على أكثر من سِفْر ، أكتبها كنوع من الاعتبار بما جرى لي في هذه الحياة !
أعلم أن أسوأ شيء في الحياة أن يتحدث الإنسان عن نفسه كأنه هو البطل ! ..
لكن لأني متخفية تحت قناع مستعار لن ترجع هذه الكتابات على واقعي ومعاشي بإذن الله ..
وهذه الميزة تجعلني أكتب كل شيء بلا خوف من الرقيب ، إلا من الله تعالى ..
أبدأ السِفْر الأول من ذكرياتي التي سمّيتها (أسرار لا بئر لها !) .. وفيه (8) أجزاء سأسطرها إن شاء الله .. وعناوينها هي :
(1) شهد والمرأة الفرعونية .
(2) متعة الطفولة سوّدته غباوة أيام الدراسة .
(3) كلام قتلني .. وكلام أحيا الأمل في نفسي .. دنيا العجائب !
(4) اتهموها في شرفها .. ثم حاسبوني أنا ؟!
(5) نقلة جسدية ونفسية في حياتي لن أنساها .
(6) عالية والسر الخطير .
(7) تعدد الزوجات والنقاش العنيف .
(8) الذكرى الأخيرة /عندما تزوجت !
حتى هنا .. فلتتسع صدوركم بما أكتب .. ولن أكتب إلا ما أراه جديرا بالكتابة بإذن الله ..
فإن نجح سفري الأول فسأعقبه بسفر آخر مكمّلاً له إن شاء الله وبنفس العنوان وعدد الأجزاء ..
سأتكلم عن نشأتي المختلفة بين أخوتي .. وعن بعض المواقف الخطيرة التي مررت بها ..
وعن قصة زواجي التي تكاد أن تكون أغرب من الخيال ..
لست أقول هذا من باب التشويق وإنما فعلا أشعر بغرابة الأيام التي عشتها ..
سأسطرها هنا لعلها تكون خفيفة على القلوب ، ومليئة بالاعتبار ..
وأسأل الله تعالى أن يجعل ما أكتبه شاهدا لي لا علي .. اللهم آمين ..
أختكم / روح محلّقة !
لأي ملاحظات أو تعليقات سرّية هذا بريدي ..
Roooo7.m@gmail.com
127
11K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
(2)
متعة الطفولة سوّدته غباوة أيام الدراسة !
عادت مديرتنا لفصلنا الصغير لتكمل رسم المشهد الدرامي الذي أرادت أن تطبعه في أذهاننا الصغيرة بكل شناعة !
بدأت بالجهة اليمنى لتغرس فينا حب الإقتداء برسول الأمّة صلى الله عليه وسلم ثم ما لبثت أن شوّهت جمال الموقف بمسطرة عريضة صفعت بها كفوف فتيات الصف الأول الابتدائي كلهن !
والله لا أنسى كيف أن المسطرة عجزت عن الصمود أمام هذه الغطرسة بل تكسّرت بفعل تكرر الضربات في أيدينا لتستبدلها بمسطرة أقوى منها حتى ننال عقابنا المزعوم !
يااااه .. موقف مازلت أتذوق مرارته حتى اللحظة !
فوالدي لم يمد يده علي طيلة حياتي ..
ووالدتي كذلك ! .. وإن كانت تطبع بعض القرصات الزرقاء في معضدي بين حين وآخر إن تمرّدت عليها بإصرار !
لكن أن تتكسر مسطرة بسبب أننا مارسنا حق البراءة هذا شيء لا يطاق تصوره !
ذكريات الطفولة لذيذة جداً .. لكن مدرستي التي درست بها طبعت لي مواقف سوداء شوّهت متعة الطفولة !
إذ كنت أحب المشاركة في احتفالات المدرسة والإذاعات والبرامج الثقافية فيها كثيرا .. بل وأبدع فيها بشهادة الكثيرين !
لكن مديرتي الفرعونية وبعض حاشيتها كانوا لي بالمرصاد ..
إذ أن حق المشاركات بكل أشكالها هو مشروع لكل طالبة تُدرّس والدتها في ذات المدرسة .. فقط !
أتذكر في ظهيرة أحد الأيام ذهبت لوالدتي أشكوها بهم بلغ مبلغه معي قائلة لها :
- أمي أريد أن أشارك معهم .. تخيلي يا أماه أنهم اختاروا مها .. ودينا .. ورحاب .. وأنا لا !
رفعت أمي سماعة الهاتف ليدور نقاشا شديد اللهجة بينها وبين مديرة المدرسة بسبب العنجهية التي يمارسونها على طالبات المدرسة .. حتى وافقت المديرة على مشاركتي في الحفل على مضض ..
تأملوا معي هذا الموقف الأقبح من القبيح في وأد الفرحة من مهدها ..
كنت أنتظر الغد بفارغ الصبر .. لأقف شادية مع نخبة الفتيات المختارات واللاتي لا يتغيّرن مهما كانت فقره الحفل !
لمّا نادت المعلمة على اسمي لأخرج معها للتدريب .. كدت أن أطير بذلك فرحا وبهجة ..
دخلت غرفة بها بعض الطالبات ..
لما رأيت إحدى زميلاتي بالفصل ركضت إليه بفرح شديد ولم يكن لي بُدّا لأن أعبّر عن فرحتي الشديدة سوى أن ضممت صديقتي والبسمة تملأ محيّاي ..
لكن يبدو أن زميلتي لم يعجبها تصرفي في التعبير عن الفرحة ولكي تعبّر عن امتعاضها توجهت للمعلمة لتخبرها شاكية لها بأني قد ضممتها!
يا لشناعة وقباحة موقفي الذي لست أقصد فيه شيئا !
وقفت معلمتي لتصرخ علي بأشد أنواع التأنيب ثم تختم كلامها قائلة :
- عودي لفصلك أنت لا تستحقين المشاركة !
كنت خائفة جدا وصدّقت كلام معلمتي في أني فعلت خطأً شنيعاً أستحق بسببه العقاب ..
إذ لا بد أن أغدو كالآلة لا أضحك ولا أتحرّك .. فقط أحمد ربي أنهم سمحوا لي بالمشاركة!
فكل هذا هو حق مشروع لفئة محدده من فتيات المدرسة وهن اللواتي يأتينَ كل صباح للمدرسة مع والداتهن المعلمات!
ولبراءتي الفائقة .. تكتمت عن موضوعي ولم أخبر والدتي عن ما حصل ..
لأني أخشى أن أنال قرصة زرقاء في معضدي كما في كل مرّه أخطئ بها من غير قصد ! ..
ولأن والدتي ستغضب بكل تأكيد لو علمت عن ذلك إذ أنها ستظن أن كل حوارها الحامي بالأمس مع المديرة قد هدمته أنا بيدي !
فطارت عنّي فرصتي هذه بكل معاني القهر .. هل تصدقوني رغم صغر سنّي إلا أني صرت أكره نفسي !
سأذكر لكم موقفا صار لي لن أنساه ..
كنت في الصف الرابع الابتدائي ..
وأردت أن أذهب لبنت خالتي ألهو معها في بيتهم لكن أمي حالت دون تحقيق مطلبي لاعتبارات لست أفقهها !
المهم في الموضوع .. أني وقفت أمام المرآة الكبيرة التي تقع في أحد ممرات منزلنا الكبير ..
وجلست أشكو همّي للمرآة .. وأنا أبكي ..
أتذكر بعضا مما كنت أقوله .. كنت أقول وأنا باكية:
- هذه ليست أمي .. أمي لا تحبني ..
ثم أشرق بدموعي المنهمرة .. وأكمل قائلة :
- يبدو أني لست جميله فكل الناس لا تحبني .. حتى المدرسة تكرهني !
كنت أتكلم بنفسيّة محطّمة للغاية ! ..
فكانت المفاجأة ..
أن والدتي سمعت كل الحوار الذي كان بيني وبين مرآتي بالصدفة ..حينما كادت أن تذهب لأخذ شيء ما ! ..
وإذا بها تنظر لعينيّ معاتبه لي على كلامي ..
وكدت حينها أن أموت خجلا لأن أمي سمعت بوحي الذي لا أريد أن يسمعه أحد ..
وبعد نظرات العتاب سمحت لي أن أذهب لبنت خالتي لتثبت لي أنها تحبني ..
فطرت فرحا من موافقتها ..
لكن العجيب أني لم أستمتع أبدا ذلك اليوم مع بنت الخالة وعدت منها بملل وضيق لسبب لا أريد أن أعرفه !
أعلم أنكم قد ضقتم ذرعاً من هذه الحياة البائسة ! ..
لكن هي فترة طفولتي التي لم تحرمني من متعتها سوى المدرسة المشؤومة ..
وإلا بمجرد ما غادرتها منتقلة للمرحلة المتوسطة تغيّرت حياتي ونفسيتي بشكل لم أحسب له أي حساب !
رغم كل مساوئ مدرستي إلا أني لا أدري لمَ أحمل روح الوفاء لها ...
بعد سنة كاملة درستها في مدرستي المتوسطة قررت أن أزور مدرستي الابتدائية بكل شوق لأسلّم على معلماتي ببعض الحنين ..
لكن تأبى مدرستي تلك إلا أن تختم مواقفي معها بموقف هو الأشنع على الإطلاق.. سيأخذ بكم العجب كل مأخذ ..
فبعد أن أنهيت اختباري في المتوسطة قررت أن أزور مدرستي مباشرة بعد استئذان من والديّ ..
فلما ذهبت دخلت فناء مدرستي الابتدائية وأنا أكاد أطير من الحنين لجنبات هذه المدرسة !
سلمت على من رأيتهم في هذه المدرسة وجلست قليلا قبل أن أغادر المدرسة ..
وإذا بالمستخدمة عاملة النظافة تناديني قائلة :
- مديرة المدرسة تريدك ..
ذهبت إلى هذه المديرة بكل ثقة تملأ كياني .. ولمّا رأيتها شققت شفتيّ بابتسامة لا منتهى لها !
وسلّمت عليها قائلة :
- هلا معلمة .. كيف حالك وشلونك ..
- ..... !
قرائي الأعزاء ..
والله ، والله ..
لو أخبركم بماذا ردّت علي وكيف استقبلتني أنا طالبة الصف الأول متوسط لربما ساوركم الشك في حقيقة القصّة ..
ولكن ليس لدي إثبات على أحداث القصّة إلا ذاكرتي المؤلمة ..
لن أسبق الأحداث وسأجعلكم تتصورون بأنفسكم أي رد يليق على زائر قد حنّ إليكم مهما كان عمره أو علاقته بكم !
والله حسبي لا إله إلا هو .. استراحة نفسية لثقل الموقف القادم .. سأتأهب له ثم أعود إليكم ...
أختكم/ روحُ محلّقة .
(3)
كلام قتلني .. وكلام أحيا الأمل في نفسي .. دنيا العجائب !
نظرت لي مديرتي نظرة قاسية جدا .. وكريهة للغاية .. ثم صرخت في وجهي بكل نشاز قائلة :
- من سمح لك بالحضور ؟! ..
قلت بكل براءة لأمتص موقفها الغاضب وأنا أدافع عبراتي بكل ذهول يغشاني :
- أأ.. أأ جئت أسلّم عليكم ..
ثم رحت في بكاء مرير لم أستطع كتمانه .. ومن شدّة نحيبي ما استطعت أن أفرغ بعض كلماتي المعاتبة لها ..
فأخذت عباءتي ورفعتها فوق رأسي .. وقبل أن أذهب عن وجهها .. أشارت لي بيدها ناحية الباب .. ثم صرخت قائلة :
- قفي هناك ولا تتحركي حتى يأتي ولي أمرك ليأخذك ..
وجّهت أنظاري باتجاه باب المدرسة ثم سابقت ساقي الريح خارج المدرسة وعباءتي تطير من خلفي في مشهد درامي لا أدري هل هو مضحك أم مثيراً للشفقة !
فخرجت أسارع الخطى بين الأحياء حتى وصلت لشارع عام قررت بكل شجاعتي أن أقطعه .. فنجحت !
ثم مضيت حتى ظهر بيتنا أمام عيني فتملّكني بعض الاطمئنان ..
لمّا طرقت الباب ثم فتح لي .. رأيت ملامح الذهول من والدتي وأخوتي في حضوري بنفسي على أقدامي وبدون مرافق معي ..
لكني لم أترك لهم فرصة نهري وعتابي إذ سارعت لغرفتي أبكي وأفرغ كل سخطي بين الجدران الأربعة ..
حتى غططت في نوم قلق !
كم هي حقيرة وسافلة مديرة مدرستي الابتدائية أكرهها من أعماق قلبي !
لما استيقظت من نومي لم أستطع أن أخطو خطوتين بعيدا عن فراشي وبدأت أصارع دواراً شديدا في رأسي !
فما أفقت بعدها إلا على سرير المستشفى الأبيض ..
وبعد استراق للسمع للحديث الدائر بين الطبيب ووالدي علمت أني قد أصبت بمرض السكّر !
لست أفقه ولم أثمّن عمق الأثر الذي سيلحقني بإصابتي لمرض السكر ..
سوى أني امتنعت عن أكثر الأشياء التي أحبها..
ومضت الأيام وبدأت التعايش مع هذا المرض ولم يكن شيئا مهما في حياتي .. فأنا أعيش كالأطفال وأصحو وأنام كالأصحاء .. فلم يكن مرضي بهذه الخطورة التي قد ألمحها من هؤلاء الذين تنبض عيونهم بالشفقة عندما يروني !
مدرستي المتوسطة عشت فيها على النقيض من مدرستي الابتدائية .. فرق شاسع بينهما كفرق الثرى عن الثريا !
منذ الأيام الأولى فيها وأنا أعيش في أحضانها باهتمام بالغ منهم..
أحببت معلماتها حبا يفوق كل حب في هذه الدنيا .. بل أحببت المدرسة أكثر من بيتنا !
بدا حبّي لأجواء هذه المدرسة على حديثي بشكل لا يوصف .. حتى أن أختي الكبرى كادت أن تموت ضجراً عندما أحشو رأسها بالحديث عن مواقفي المختلفة مع معلمات هذه المدرسة ..
معلمتي الحبيبة / نوال .. كانت تحيطني بهالة لمّاعة وتجعلني أتسلم المراكز القيادية في الأنشطة المدرسية ..
حتى بدأت ثقتي بنفسي تزداد يوما بعد يوم .. ولا أتضجر أبدا من خدمة مدرستي ولا أتأخر ولا ثانية واحدة ..
كنت أخدمها بكل ما تتمناه وتتطلع إليه .. أطبع لها التقارير .. والمجلات المدرسية .. والإعلانات .. و..و.. بل أجد غاية متعتي في ذلك .. وأقدمها لهم بابتسامة منبعها عمق قلبي !
بالطبع كل هذا لأني لم أتخيل أن أجد أناساً يحووني مثلهم !
أتذكر مديرة مدرستي الرائعة .. عندما دخلت عليها يوما في صباح أكثر من باسم ! .. بادرتني قائلة:
- شهد .. شيء فيك يثير انتباهي هل تدرين ما هو ؟!
نظرت إليها وزدت من رسم الابتسامة على شفتي وكنت أنتظرها تكمل بشغف لا منتهى له فإذا بها تقول :
- منذ دخلت المدرسة لم ألمحك إلا بابتسامة لا تفارق وجهك .. تعجبني روحك المتفائلة يا شهد !
يااااه .. كم فعل حديثها البسيط الأفاعيل في نفسي ! .. فقد غرس داخلي روح التفاؤل حقّا .. وإن كانت ابتسامتي قبل حديثها تعبر عن رضاي من تعايشي مع هذا الجو الدراسي الفائق المتعة فقط لا غير !
بعدها تبدلت نظرتي للحياة وعلمت أن منبع سعادة كل امرئ هي ابتسامة التفاؤل التي يغرسها في نفسه بقناعة لا شكوك فيها !
كانت مرحلتي المتوسطة مرحلة التأسيس لمستقبل زاهر مليء بالبهجة التي رسَمْتُها من رقي تعليمهم وتربيتهم المثالية لي ..
بالمناسبة ! .. أتذكرون الشيخ/ محمد صاحب الصوت الشجي الذي كنت أحب الاستماع له منذ صغري كأنه يملك مزمارا من مزامير آل داوود من جمال صوته .. هذا الشيخ كنت أحاول جاهدة أن أقلد ترتيله لأشعر بانسجام لا متناهي مع آي القرآن ..
وإن كانت محاولاتي في تقليده قد باءت كلها بالفشل!
المذهل في الموضوع أني لم أكن أعي أن الشيخ محمد له شأن في قصة حياتي بل قد ترك فيها أعمق البصمات في نفسي ..
فأنا من سكان ضاحية من ضواحي المدينة .. وهو ساكن عاصمتها .. ولا يربطني به لا نسب ولا قرابة ..
فهو أبعد من أن أتخيل قربه من محيطي ! .. كل هذا لأصوّر لكم مشهدا قادماً أقطع اليقين بالشك في أن إعجابي فيه لم يتعدّى إطار صوته الجميل في ترتيل القرآن كما أعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقراءة ابن مسعود للقرآن .ودعا الناس بان يقرأونه كقراءته رضي الله عنه ..
كان الشيخ محمد .. إماماً لأكبر الجوامع في العاصمة ويتوافد إليه أناس لا حصر لهم .. ويضيق المكان بكثرتهم الهائلة ..
فهو قارئ قد اتفق غالب الناس على حسن صوته .. بارك الله فيه وأطال الله في عمره على طاعة المولى عز وجل..
كنت في حصة القرآن أحاول أن أرتل مثله فما أن أبد بالآيتين الأوليتين حتى أقلع عن التقليد حفظا لماء وجهي فأنا بتقليدي له كمثل الشريط إذا علق بالمسجل ثم أصدر صوتا نشازاً غير مفهوما بسبب العطل !
فأعود وأتلو القرآن على سجيتي التي خلقني الله عليها .. حتى اقتنعت أن لكل إنسان موهبة يهبها الله له خاصّة ..
فأصبح الشيخ محمد مجرد شخص أحب السماع له .. لم يكن أبدا تهمني أخباره أو كان يجري على لساني بتاتاً بل ولم يكن يحتل في قلبي أي مكانه مميزه بل هو كأي شخص صالح مطيع لله وأنا أحب الصالحين ولست منهم .. فكما أحب الشيخ محمد فأنا أحب الشيخ إبراهيم وأحب الشيخ خالد و.. و.. وإن كنت أفضل هذا لصوته وهذا لخشوعه وهذا لخلقه ..
فلم يكن اهتمامي فيه اهتمام يزيد عن حده بل هو شخص عادي أميل لتراتيله فقط ..
هذا لأصوّر لكم أن وجوده في ذكرياتي قد حقق لي مسارا مختلفا قد غير مجرى كل أحداثي دون أن أعيره أي اهتمام إلا كاهتمامي التفضيلي العادي بين شخص وآخر .. خشيت من إسهابي هذا أن أحرق عليكم سير الأحداث القادمة ..
استراحة لطيفة سأقضيها ثم أعود لأحكي لكم عن موقفاً غريباً جدا حصل لي ! .. حتى الملتقى ... وداعاً ..
أختكم/ روح محلقة .
لطلب السفر الأول كاملاً بملف وورد ..
قوموا بمراسلتي مع الرجاء الإحتفاظ بالملف حتى أنتهي من إتمام إنزال الأجزاء كلها في أوقات متفرقة قبل نشرها دفعه واحده.. أتمنى لكم وقتاً ممتعاً ..
Roooo7.m@gmail.com
الصفحة الأخيرة
(1)
شهد والمرأة الفرعونية !
في جلسة ودّية مع والدي ووالدتي وأخوتي الخمسة .. على مائدة الغداء ..
كان والدي يمطرني بوابل من المديح والحب فكثيرا ما يقول :
- بنتي (شهد) أغلى ما عندي ..
ثم يلتف لإخوتي بدعابة ويقول ..
- من يؤذيها فسيعرف حسابه معي بعدها !
كنت البنت السادسة بعد أخت لي ثم أربع أخوة ..
كانت والدتي تحدثني بأنهم فرحوا كثيرا بمقدمي لهذه الحياة إذ كانوا في انتظار حار لقدوم فتاة كالشهد على قلوبهم!
كنت بالطبع سعيدة بهذا الإطراء وهذا الحب الذي يغمراني به ..
حتى المنزل الذي أسكن فيه كان يكبر معي .. إذ سكنت أسرتي فيه بعد أن جئت للحياة .. كأني جددت الحياة لهم !
سبحان الله !
كم للأولاد طعمً لذيذ في هذه الحياة ، رغم الشقاء الذي يأتي معهم لتهذيبهم وتربيتهم ليقوى عودهم ثم يعيشون حياتهم يبنون آمالاً أبعد ما تكون عمن تعبوا من أجلهم ! ..
أتذكّر بعض التفاصيل الصغيرة رغم صغر سنّي .. وإن كانت والدتي لا تصدقني وتظن أني واهمة !
ربما هي قد نستها !
لكني أكاد أجزم أن ما أتذكره من حياتي ليس من خيالي الذي صدّقته !
أتذكر في غرفة المعيشة التي تتربع وسط الدار كانت أمي إذا قامت بشؤون البيت تفتح مسجلا بأعلى صوته ..
يتلو القرآن بأجمل التراتيل .. أتذكر جيدا عندما أسمع لهذا المزمار الذي يطير بي إلى أحلام بعيده وتأملات تستريح بها نفسي الصغيرة ..
وأكثر السور التي أحب سماعها حينها هي سورة يوسف .. عندما يتلوها الشيخ/ محمد ! ..
كنت أتوسد بعض الوسائد وأقترب كثيرا للمسجل وأسمع تلاوته باهتمام شديد ..
منذ صغري وهو يحيط باهتمامي ! .. وأحب أن أسمع له كثيرا ..
وفي يوم ما .. رن هاتف بيتنا ورفعه أحد إخوتي .. وما لبث أن ناداني يخبرني أن الهاتف ما صرخ إلا من أجلي !
كان هذا الاتصال أول اتصال من أجلي .. كدت أن أطير فرحاً من ذلك !
أول تواصل بيني وبين صديقتي (منى) كان بسيطا وبريئا كبراءة تلك الأيام ..
بالطبع لم تتصل إلا تريدني أن آتيها لنلعب سويا .. أغلقت الهاتف ثم أسرعت ألبس أجمل ثيابي ..
سويعات قليلة وأنا عندها .. أتذكر بعض أحاديثنا ..
- من تتوقعين أحسن صوتاً إذا قرأ القرآن الشيخ محمد أم الشيخ خالد ؟!
- الشيخ خالد فرق أحسن ! ..
- لا بالعكس .. الشيخ محمد ..
ثم نتغالب معاً كل واحده منّا ناصره لمزمارها الخاص ! ..
لمّا عدت للبيت سألت والدتي بكل حماسه ..
- أمي الشيخ محمد حلو ترتيله ؟!
ردت أمي بزفرة حاااارة :
- هل في هذا شك .. ليته أب لكم !!!
لا تلوموا أمي عندما تمنته زوجا لها !!
رغم أن والدي حنونا معي ويحبني إلا أنه مفرّط بالصلاة ! ..
لا يصلي إلا من جمعة إلى جمعة .. كثير الغيبة .. سيء العشرة مع والدتي ..
وإذا تحدّث نعت الأشخاص بأقبح النعوت.. وكان مدخّناً وإن كان يحاول أن يقلع عنه بين حين وآخر !
أتذكر عندما حاول ضرب والدتي وتصدى له أخوتي ! .. وإلى هذه اللحظة لست أدري لماذا كان يريد ضربها ..
تمر في حياتي عواصف أثّرت في نفسي كثيرا .. ربما كان والدي هو المسبب لها !
فقد مرت أربع سنوات هجرنا مع والدتي إلا من المصروف ..
كنا نعيش في مدينة صغيرة .. وغادرنا إلى مدينة أكبر بعيداً عنا .. منشغلا بتجاراته !
أتذكر عندما قلت لأمي محاولة إرجاع المياه لمجاريها .. وعبرتي تسبق عبارتي ..
- أمي عودي لأبي .. أرجوك !
ثم غصصت بعبرتي ولم أستطع تمالك نفسي .. فهربت لغرفتي أبكي بنحيب شديد من واقعي الأسري العاصف !
دقائق ودخلت والدتي عليّ ووجهها يرسم أحلك معالم الكرب :
- شهد يا بنيتي .. والدك لا يصلي .. حرام لو عدت إليه !
أشحت بوجهي بعيدا عن هذا الواقع المؤلم .. وكنت أتسائل في نفسي ، لماذا تزوجت أمي أبي !
العمق البعيد الذي بين والدي ووالدتي دينيّا .. جعلني أتّخذ موقفا ونظرة بعيدة لمستقبلي !
رغم كل هذا إلا أن حياتي سارت بين مدّ وجزر ، ضيق وسعادة .. وهكذا خلق الإنسان في كبد ..
دخلت المدرسة الابتدائية القريبة من منزلنا ..
لا أستطيع أن أسمّيها مدرسه بقدر ما أسمّيها معسكرا أكرهه من أعماق قلبي حتى هذه اللحظة !
في الصف الأول الابتدائي دخلت علينا امرأة فارعة الطول شديدة السمرة..
شعرها متكدّس في هامة رأسها برباط يوحي لفرعونيتها !
فعلمت فيما بعد أنها مديرة لهذا المكان الذي أتلقى تعليمي فيه ..
ليس هذا المهم !
المؤلم في هذا الموضوع أنها دخلت بكل همجيّة وقسوة صارخة علينا لنقف أمامها بعد ضجيجنا الطفولي المليء ببهجة الحياة ..
بعد أن وقفنا أمامها .. طلبت منا جميعا بسط كفّينا لها ..
في هذه الأثناء لسنا ندري سبب هذا الطلب الغريب ..
وكانت لحظات وقوفنا لحظات مليئة بالرعب والخوف الشديد وعظامنا تتصادم ببعضها !
والأسوأ من ذلك أن لحظات هذا المشهد كانت تسير ببطء شديد وقاتل ونحن ننتظر سبب بسط كفوفنا الصغيرة لها ..
كنّا ننظر برهبة شديدة لعينيها المخيفتين المليئتين بالكحل الأسود .. والمرسومة بشكل مخيف للغاية ..
عندما همّت بإخبارنا عن سبب بسط كفوفنا لها .. دخلت امرأة ذو ملامح أهدأ من مرعبتنا الأولى !
لكن ملامحها لم تشفع لها بأن تغدق علينا بمشاعر الرحمة ..
إذ بعد دخولها طلبت من المديرة الخروج لها لسر ستخبرها به ..
فخرجت ونحن وقوف وبهيئتنا الرثّة من بسط الكفوف ..
وقلوبنا تنبض برعب شديد وكنّا بانتظار مُلحّ لإنهاء السيناريو المخيف لهذا المشهد ..
حتى تنتهي المديرة من حديثها مع المرأة صاحبة السر الإداري .. سأخبركم عن سبب بسط كفوفنا ! ..
فقط دعوا خيالكم يأخذ بكم لأشنع صوره تعذيب يمكن أن تفعلها تلك المديرة الفرعونية ثم استمتعوا بالمشهد حتى أعود ! ..
أختكم/ روحٌ محلّقة