ذكرياتي في جارة القمر بتاتر !!

الملتقى العام

لسعات البرد اللذيذة اللي تهب هذه الأيام
ذكرتني بسفرة هي من أجمل سفرات العمر
وحبيت تشاركوني ا
لذكريات الجميلة
في دفء بتاتر جارة القمر ..

في الثامن والعشرين من شهر فبراير 2006
سافرت الى بيروت لمدة 4 ايام للعمل
كان هناك شخص أعرفه من زمااان بس بالهاتف
بعد يومين من وصولي
مر صاحبي علي الصبح لفندق فنيسيا
واتصل بالغرفة ونزلت له
كنت ابي اجلس انا وياه باللوبي
لكن ابوالشباب حلف يمين وطلق الا اروح معه للبيت<< بدوي لبناني
ومع اصراره ركبنا سيارته موديل 5000 قبل الميلاد
وبسلاسة وخبرة اجتاز زحمة بيروت
المهم شوي والا هو متجه للجبل باتجاه عاليه وحمدون
وكل ماطلعنا شوي احس اني ابرد اكثر واحس اننا نقرب للغيم
سألته وش اسم حارتهم او ضيعتهم
قال ((بتاتر))
بيني وبين نفسي قلت الله واعلم أن هذي منفوحتهم
بالطريق الى بتاتر
كنا لابد أن نحاذر بشكل كبير من بعض الإنهيارات في الطريق
حيث أن الأمطار تتواصل كل يوم وتذوب الثلوج من رؤوس الجبال
لازلنا نصعد الى اعلى وكنت أظن سيارتنا لاتقوى على فعل ذلك
بدأ المطر (الهتان) يستقبلنا على مشارف بتاتر
بالطريق كان لابد أن أشاهد سيدة مسنة
تحزم ثوبها الأسود العتيق على خصرها
وتحمل محش بعد أن أنهت نشاطها الصباحي في حقلها القريب
رجال يعملون في كل مكان تحت رذاذ المطر
وكأنهم عصافير تحتفل بهطوله
اجمل المناظر التي سحرتني
وجعلتني اعيد حساباتي
بل سرقتني من صاحبي حتى صرت لاأسمع مايقول
هومنظر الدخان المتصاعد من فوهات مداخن المنازل الريفية الغارقة في الجمال
وبقايا الثلوج تغطي رؤوس الجبال الضخمة
متمازجة بلونها الأبيض الناصع مع جمال غابات الصنوبر الخضراء
وبقايا الثلوج العالقة في أطراف أشجار الصنوبر
وهي تتساقط بعد أن ذوبها المطر الناعم برقة متناهية
شي خياااااااااااااااال
انا .. نسيت نفسي وأنا اتعقب كل ماجال حولي
وفجأة صحاني صوت صاحبي من انسجامي بقوله
فتح معي حتى تحفظ الطريق لما تجي مرة تانية
حسيت اني فزعت مثل سعيدان
المهم .. لم يطل المسير في بتاتر حتى أشار الى شجرة صنوبر معمرة
قائلاً .. شايف الشجرة الكبيره
قلت ايوه
قال .. البيت اللي حدا هيدا بيتي
شهقت .. هذا بيتك ؟!!
ياالله وش هالجمال
بيته هو عبارة عن منزل ريفي يقع على حرف جبل ضخم
والله وكأنه على سطح القمر
تحيطه اشجار الصنوبر والزيتون
ويطل على وادي تجري فيه الأنهار
وعلى جنباته تقف كروم العنب مثل الأطفال الضاحكة
والبيت مبني بالحجر الطبيعي بطريقة غير منتظمة
توقفت السيارة وبسرعة
دخل البيت وفتح الباب
وأذن لي بالدخول
حيث استقبلتنا زوجته المسنة
مرحبة بنا
طبعا درجة البرودة وصلت الى دون الصفر
وانا مكشخ بقميص نص كم
لأني ماكنت متوقع اني اطلع من الفندق اصلاً
دخلت المجلس البسيط بأثاثه
الجميل بدفئه ولفت انتباهي في وسط المجلس
موقد (صوبيا) من الحديد
ورائحة زكية تعبق المكان لم اصنفها
وبجانب الموقد سطل مليء بحراشيف أو اشياء تشبه الصدف
وبداخله شيء كالمغرفة
وبدون ماأسأل تناولت سيدة البيت المغرفة
وفتحت باب الصوبيا ثم غرفت مرتين وملأت الصوبيا بها
فسألت هل هذا حطب ؟!!
رد صاحبي .. ايه هيدا حطب بس مش زي اللي عنكم
هيدا قشر ثمر الصنوبر
يعني لما بنفتح الثمرة نخلع قشرها اللي بيكون زي الصدف ونستعملة للتدفئة
انا على طول تذكرت حطبنا
وريحته اللي تجيب المرض
وماعمري سهرت على شبة نار الا غير ابدل ملابسي
نرجع لموضوعنا ..
شربنا شاي و(متا) وقهوة
وجاء ابن صاحبي (حسام) بعمري تقريباً
ووالدته بلشانه بتجهيز الغداء
وبحلول الظهر بدأ ابناءه يعودون من المدارس
ظفائر بناته وملابسهن الطفولية
خلاني اتذكر اغنية فيروز

طيري ياطيارة طيري
ياورق وخيطان
بدي ظل بنت صغيرة على سطح الجيران
وينساني الزمان على سطح الجيران

ياالله يالروعة حياتهم وبساطتهم
ومع وصول المجموعة دبت الحياة بالمنزل
وتناول حسام طاولة وفتحها واذا بها تملأ ساحة المجلس
وبثواني كانت السفرة مليئة بمالذ وطاب من الفتوش والتبولة
والمشاوي حتى أنك تشبع من المشاهدة
وماأن بدانا بالأكل كلنا مع بعض وكأننا أسرة واحدة
حتى دخل زوج ابنتهم الكبرى
وشاركنا الغداء
ثم صديق ابنهم
في لمة لاتتكرر في العمر كثيراً
وبعد الغداء تناولنا الشاي بالنعناع
ثم طلبوا مني أن أشاهد منظر القرية من غرفة حسام وبلكونته
طبعا برررررد
فناولني حسام جاكيته
ووقفنا في الاطلالة الساحرة حيث تتناثر المنازل الحالمة
فوق الجبال والغيوم تلامسها وتغسلها برذاذها الحنون
وامام هذا المنظر الجنوني طلبت منهم أن اجلس هنا في البرد واشرب الشاي
كنت مستعد أن أمرض ولا افوت على أحاسيسي منظر مثل هذا السحر
ومر الوقت سريعاً
وكنت احلم أن يتوقف .. كنت أحلم أن ينساني الزمان في بتاتر
وبدأت خيوط الظلام تنسج عباءة من حنان
(واستحيت على وجهي) وقلت مشينا
كانوا يحاولون أن أبقى
وفي خاطري كان ودي أقول أعطوني أي زاوية لأنام ليلة بين احضان جارة القمر بتاتر
ولكن ((عذبات الأيام ماتمدي لياليها))
وركبنا السيارة وجاكيت حسام يغطي جسدي
حيث حلف أنه يطلق أمه من أبوه لو اشيله<<< والمين للطلاق
وحتى الرمق الأخير كانت بتاتر تحتضنني بجمالها
ففي ساعات الغروب زاد دخان المواقد
ورائحة الخبز المصنوع بالمنازل يتمازج مع عبير الصنوبر
ورائحة المطر
ورجعت تاركاً بتاتر تغرق بنعاس لذيذ قبل أن تعاود الإستيقاظ النشط
أما أنا فلم أكن أعلم أن حجم السعادة يبعث الحزن
أعترف أنني كنت حزييين أن أفارق هذه الضيعة الجميلة
وهذه الأسرة الكريمة
عدت الى فندقي وأنا لاأنام
وعدت الى الرياض وأنا لازلت هائم
ومرت سنة وأنا أبحث عن قلبي الضائع
في أحضان جارة القمر بتاتر
السعادة لاتحتاج الى مجهود ولكن ...
قبلة ساااااااخنة على جبين بتاتر
وأهلها الكرام
..
10
955

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

البدر_أقبلت
البدر_أقبلت
كلماتك اخذتنا الى بتاتر
مشاهد أقرب للخيال...

يعطيك العافيه
:26:
مناية 21
مناية 21
مالقيت الا لبنان تسويلها دعايه .........الله يهديك بس...

ماهي زينه منك انك تنقص من قدر بلدك ................

حتى الحطب في لبنان طلع غير عن حطب السعوديه .......سبحان الله

الله يهديك بس ........
ريح الأماكن
ريح الأماكن
كلماتك اخذتنا الى بتاتر مشاهد أقرب للخيال... يعطيك العافيه:26:
كلماتك اخذتنا الى بتاتر مشاهد أقرب للخيال... يعطيك العافيه:26:
اشكرك اختي على مرورك الجميل
ويعطيك العافية
ريح الأماكن
ريح الأماكن
مالقيت الا لبنان تسويلها دعايه .........الله يهديك بس... ماهي زينه منك انك تنقص من قدر بلدك ................ حتى الحطب في لبنان طلع غير عن حطب السعوديه .......سبحان الله الله يهديك بس ........
مالقيت الا لبنان تسويلها دعايه .........الله يهديك بس... ماهي زينه منك انك تنقص من قدر بلدك...
سبحان الله العظيم
انا يااختي مااسوي دعاية لا للبنان ولا لأفغانستان
الموضوع قصصي لموقف حدث دون ترتيب
وماادري وين الفقرة اللي نقصت من قدر بلدي وشفتيها ولاشفتها انا
واذا كان الحطب .. فلأن الحطب من قشور الصنوبر واكيد احسن من اي حطب آخر
على كل
اشكر مرورك
~بنت السلاطين~
فعلا لبنان جمالها ساحر...وسبق لي الذهاب إليها..

ذكرتني بأيام مضت..

في مغارة جعتّا...وتلفريك جونيه

وأنهارها وضياعها(قراها)وجبالها وسهولها الزراعيه..

ولكن...ياترى ماحالها بعد الحرب..