ذكريات تنمر
توجه الرجل إلى المدرسة ممسكاً بيد طفله الناعمة ذو السبعة أعوام ؛ من أجل تسجيله في الصف الأول الابتدائي .فجأة توقف وهو يرمق ببصره زوايا وأرجاء المدرسة ،يبدأ قلبه بالخفقان ،ويداه ترتعشان ،فهو قد تذكر ذكريات له مؤرقة في هذه المدرسة وكيف كان زملائه يتنمرون عليه.ويسخرون منه ؛ لأنه ذو شفة أرنبية ،وكيف كانوا يقلدون بتهكم نبرة صوته المخنوقة التي لا تكاد تفهم.يتذكر تلك الزواية التي كان يلجأ إليها مختبئاً فيها هرباً منهم ومن تنمرهم،يتذكر حاله وهو واضعاً رأسه بين فخذيه مغطياً وجهه بكفيه والدموع تنهمر من عينيه .جالت في مخيلته مخاوف على إبنه ورأسه يكاد ينفجر من كثرة التساؤلات المقلقة ،هل سيتجرع ولدي مرارة التنمر مثلي ؟تحدثه نفسه بالتخلي عن إدخال إبنه المدرسةيعود خطوات إلى الوراء.وضميره يؤنبه ويدفعه إلى الأمام كيف ستترك ولدك دون تعليم ؟ترك المسكين نفسه فريسة تحت براثن ماضيه المؤلم ،ومستقبل إبنه المبهم.ونسي واقعه الجميل ،وبدأ يجتر ماضيه .وهو في صراعه المرير، يقطع حيرته صوت حارس المدرسة ينادي : أهلاً بك يامهندس.مهندس!!،ما إن سمع هذه الكلمة حتى عاد إلى رشده وبدأت روح الإجابية تسري في عروقهيحدث نفسه قائلاً :نعم أنا مهندس وشفتي الارنبية كما هيوصوتي المخنوق لم يتغير فالإعاقة الجسدية ليست حائلاً بين الإنسان وطموحه.ويجب على إبني أن يكافح مثلي .كل هذا يجري والإبن متشبث بيد أبيه المتعرقة وكأنها قد غمست لتوها في ماء،يهز يد أبيه قائلاً :أبي أبي...نظر الأب إلى ولده متسائلاً: ماذا تريد؟أبي خذ هذا وامسح به وجهك ، أعطاه منديلاً كانت أمه قد وضعته في جيبه صباحاً وهي تودعه. جثى الأب على ركبتيه وقبل جبين إبنه واستجمع قواه وتوجه إلى مكتب التسجيل .
#منقول
روح الحياة @ruh_alhayah
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
هدى الفرح :قصة معبرة وهادفة راقت لي كثيراً ربي يسعدك ويوفقك ♥قصة معبرة وهادفة راقت لي كثيراً ربي يسعدك ويوفقك ♥
تسلمي يا قلبي 😍❤️
الصفحة الأخيرة
ربي يسعدك ويوفقك ♥