بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الله شفاء القلوب
بقلم الداعية الإسلامية الدكتورة غنى حمود
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سنتحدث اليوم إن شاء الله عن القلب. يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". هناك قلوب فيها نفاق وقلوب فيها نور وقلوب فيها غفلة وقلوب فيها ظلمة وقلوب فيها قساوة. يقول الله تعالى في كتابه الكريم : " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ". هناك أناس في قلوبهم مرض فما هو الشفاء؟ ذكر الله تعالى هو شفاء للقلوب فالذي يذكر الله سبحانه وتعالى يشفي الله له قلبه. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن ننتبه ويقول: "إذا أخطأ العبد خطيئة نكتت في قلبه نكتة فإن نزع واستغفر صقلت وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فذلك الرين الذي قال الله تعالى فيه " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون".
أيضاً الإنسان كلما عمل الذنوب كلما امتلأ قلبه بحجاب يمنع نور الله أن يدخل قلبه. وإن مجالس العلم وقراءة القرآن والأعمال الخيرة تعطي القلب نوراً. إن الإنسان الذي دخل قلبه النور يكون في قلبه ربيع. أوصى سيدنا علي ابنه الحسن رضي الله عنهما فقال له: "لقاء أهل الخير عمارة القلوب". أي عندما نتلاقى مع أهل الخير تتكون عمارة في القلب. فإننا كما نعمّر بيوتنا بالأثاث كذلك فلنعمّر قلوبنا وصحائفنا بالنور.
وقد كتب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسالة إلى أبي موسى الأشعري قال له فيها: "تعلموا كتاب الله فإنه ينابيع العلم وربيع القلوب". فهنالك إنسان مختوم على قلبه بالظلام كما قال الله تعالى: "ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة". فعندما يكون على قلوبهم ختم لم يعودوا يحبون الله ولا الأنبياء ولا أعمال الخير والطاعة، كذلك إن أعطيناهم موعظة لم يتعظوا، فقال الله في القرآن الكريم: " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب". والإنسان لا يتعظ إلا إذا كان صاحب قلب. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أصحاب القلوب. قال صلى الله عليه وسلم لأحد صحابته: " يا ابن مسعود إن من إشراط الساعة أن تزين المحاريب وتخرب القلوب". أي من علامات الساعة أن نزين المساجد والأماكن التي نعبد الله فيها ونترك قلوبنا فلا نزينها بنور الله ولا بالطهارة.
فإن شاء الله تطمئن قلوبنا بذكر الله. قال الله تعالى :" ألا بذكر الله تطمئن القلوب". أحد الصحابة، معاذ بن جبل، قال : "إن المؤمن لا يطمئن قلبه حتى يعبر الجسر وراءه". بالدنيا قد يطمئن قلب المؤمن لكن بالآخرة لا يطمئن قلبه حتى يعبر جسر جهنم. فإن شاء الله يكون عندنا قلوب مطمئنة بذكر الله في الدنيا ونكون من أولياء الله لأن يوم القيامة الله يعد أولياءه فيقول: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ". فالذي يحب الله تعالى لن يكون يوم القيامة حزيناً ولا خائفاً. كان سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه خائفاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كانا معاً في الغار فقال له الرسول :"لا تحزن إن الله معنا" فأنزل الله سكينته عليه، فالإنسان عندما يكون مع الله لا يحزن بعد ذلك أبداً. ويقول الله تعالى:"هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم"، فالسكينة والطمأنينة تزيدان الإيمان والإيمان نور فبذلك يزيد النور وإننا غداً يوم القيامة نكون بحاجة إلى هذا النور الذي هو حسنات تدخلنا الجنة.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب السكينة فكان يردد قول أحد الصحابة :" اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فانزل سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا". فهنا يطلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الله السكينة، فالسكينة طمأنينة ولا يحصل الإنسان عليهما إلا بمجالس العلم ومجالس الذكر ومجالس التقرب إلى الله سبحانه وتعالى. فالحمد لله على نعمة الإيمان وكفى بها من نعمة. كذلك كان سيدنا عثمان بن عفان يقول: " لو طهرت القلوب ما شبعت من تلاوة كلام الله، وإني والله ما أحب أن تمر علي ليلة ولا يوم إلا وأنظر في كتاب الله". كان لا يحب أن يمر عليه يوم إلا ويقرأ في كتاب الله لأن فيه السكينة والطمأنينة والراحة النفسية. وقد طلب سيدنا إبراهيم عليه السلام من الله سبحانه وتعالى أن لا يخزيه يوم القيامة فقد قال سيدنا إبراهيم كما ذكر في القرآن الكريم: " ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ".
فإن كان سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي هو خليل الرحمن يطلب ذلك من الله وهو صاحب القلب السليم فماذا يجب أن نطلب نحن ؟ فهنالك أناس قلوبهم مرضى وآخرون في قلوبهم نفاق أو قساوة أو جبر أو ظلم أو رياء. يذكر أن سيدنا عمر بن الخطاب دخل المسجد فوجد أحدهم يصلي وهو حاني رأسه فقال له: " يا صاحب الرقبة ارفع رقبتك فإن الخشوع في القلب وليس في الرقاب". فالخشوع مصدره القلب وكذلك التقوى والتواضع. فقد قال : " التقوى ها هنا" وأشار إلى قلبه. فالإنسان يجب أن يبحث عن التقوى كي يفقه عن الله تعالى ما يريد. يقول الله تعالى: "لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها". أي أن هناك أناساً لهم قلوب لكن لا تفقه، ولهم أعين ولكن لا ترى الحق ولا الخير هذه أعين القلب. ولهم آذان لا يسمعون بها الخير فلا يتعظون.
الإيمان ليس فقط في القلب لكن يجب أن يظهر على الجوارح فالإيمان تطبيق وعمل. والإيمان كذلك بمعاملتنا للآخرين لأن الدين المعاملة. نحن من خلال معاملتنا الطيبة للآخرين نكون بذلك نمثل الإيمان والإسلام الحقيقيين. جاء رجل إلى رسول الله فقال : " يا رسول الله أنا أشكو إليك قسوة قلبي". فيجيب الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً:" أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك". فقال :"نعم يا رسول الله". فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلين قلبك وتدرك حاجتك". ونحن كذلك نقول للرسول يا رسول الله نشكو إليك قسوة قلوبنا. فهذا حبيبنا الذي جبلت قلوبنا على محبته، فهو الذي دلنا على الخير وفدانا وقدم لنا الكثير وهاجر من أجلنا وحارب وتأذى من أجلنا وطرد من وطنه كل ذلك كي يصل إلينا الإيمان ويعلمنا كيف نقف بين يدي الله. كذلك يقول عليه الصلاة والسلام:"البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب". فالقلب يدل صاحبه على عمل الخير أو عمل الحرام. ونسأل الله تعالى أن يلهمنا الخير. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
lalune10101 @lalune10101
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
الا بذكر الله تطمئن له القلوب
جزاك الله خيرا
وكل عام وانتم الى الله اقرب