إذا اضطربت النفس فلم تطمئن
و حار القلب فلم يسكن
وأرقت العين فسهرت ولم تنم....
فما عسى المسلم حينذاك أن يفعل ؟
وإذا ما اشتدت الكروب
و أحاطت المصائب والخطوب
و تكاثرت الهموم والغموم...
فبأي عمل نقوم لتنقشع من سمائنا الغيوم
و ليرجع إلينا صفاء عيشنا..
أين الدواء المخلص من عضال هذا الداء داء القلق النفسي والاضطراب؟
إنه ذكر الله...
يصف لنا عز و جل في محكم كتابه حال طائفة من عباده فيقول :
{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } .
يكفيك أيها المهموم أن تقول ثلاثا :
{ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } . فيأتي الفرج سريعا.
إنها دعوة وذكره، أنقذ الله بها يونس ذا النون من بطن الحوت،
ولو لم يقلها للبث في بطنه إلى يوم يبعثون .
يكفيك أيها الخائف أن تقول :
{ حسبي الله ونعم الوكيل } ، فتنقلب بنعمة من الله وفضل منه لم يمسسك سوء .
و يكفيك يا من ضاق عليك رزقك أن تذكر الله فتقول :
" أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه " < أخرجه مسلم في صحيحه > فيتوسع رزقك وتقضى حاجتك .
و حسبك أيها المستوحش في وحدتك،
المكروب في غربتك،
البعيد عن أهلك وموطنك
أن تذكر الله تفوز بمعيته، قال صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : " أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " .
قال ابن عباس أي : بالليل والنهار، في البر والبحر، والسفر والحضر، والغنى والفقر، والمرض والصحة، والسر والعلانية .
ولقد ذم الله المنافقين فقال : { ولا يذكرون الله إلا قليلاً } .
و قال تعالى : { ولذكر الله أكبر } .
قال ابن عباس أيضا : له وجهان :
أحدهما : أن ذكر الله تعالى لكم أعظم من ذكركم إياه .
والآخر : أن ذكر الله تعالى أعظم من كل عبادة سواه،
وفرق كبير بين الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، إذ يقول الرسول صلى الله عليه و سلم :
" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت " رواه البخاري .
ويقول الحبيب أيضا صلى الله عليه و سلم يبين لنا أن الذكر مطردة للشيطان يقول :
" إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه " رواه البيهقي < الجامع لشعب الإيمان > .
و تعظُـم درجة الذكر لله
إذا كان ذكره لربه سبحانه بين قوم غافلين لاهين
كما يقول سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم : " ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين " أخرجه الطبراني في الكبير .
إن ذكر الله عبادة عظيمة تشمل عدة أنواع من العبادة و تدخل في الكثير منها...
فهل كانت الصلاة إلا ذكراً أو كانت إقامتها إلا ذكرا :
{ وأقم الصلاة لذكري } .
وهل قراءة القرآن إلا ذكر ؟ بل إن من أسماء القرآن اسم الذكر..
وهل يخلو الحج من ذكر الله : { فـإذا أفضتـم من عرفـات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم } .
ولا يخلو الصوم من الذكر...
والدعاء ذكر ...
و الاستغفار ذكر...
إن من الناس من لا يعرف ذكر الله إلا عند المناسبات كعقد قران أو عزاء في ميت،
وإن ذكرت الله في غير هذه المناسبات أمامه
استغرب ذلك منك ولربما رماك بالدروشة أو بالجنون .
إن ديننا يأمرنا أن نذكر الله في كل الأحوال كما سبق،
بل لقد عد الله من يذكره خاليا بعيداً عن الناس
فتفيض عيناه عده سبحانه وتعالى
فيمن يظلهم تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله سبحانه وتعالى .
أمر الله عباده فقال :
{ واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين } .
أخرج أحمد والترمذي والحاكم عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق (الفضة)، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم. قالوا: بلى. قال: ذكر الله " أخرجه مسلم في صحيحه .
ولما كان الأمر كذلك كانت مجالس الذكر أعظم المجالس بركة وأجراً بشهادته صلى الله عليه و سلم الذي يقول فيها :
" لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده " رواه مسلم .
بل شبه النبي صلى الله عليه و سلم حلق الذكر في الدنيا برياض الجنة إذ يحث المؤمنين قائلا :
" إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر " رواه الترمذي .
إن مجالس الغفلة هي التي لا يذكر فيها اسم الله و لا يصلى فيها على نبيه صلى الله عليه و سلم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" ما من قوم جلسوا مجلسا وتفرقوا منه لم يذكروا الله فيه إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة " أخرجه أبو داود والترمذي .
ويقول صلى الله عليه و سلم :
" ما قعد قوم مقعداً لا يذكرون الله عز وجل ولا يصلون على النبي صلى الله عليه و سلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب " < مسند أحمد 2/463 وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح مجمع الزوائد > .
جعلني الله وإياكم من الذاكرين، وجنبنا وأهلنا غفلة الغافلين الذين كان لهم الشيطان قرينا: { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين }
MISS AMEENA @miss_ameena
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
يا أختي وجعله في ميزان حسناتك