666 بدون اسم @666_bdon_asm
عضوة جديدة
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ).
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ). المفردات: (الهيئة): هي ((الحالة التي يكون عليها الشيء محسوسة كانت أو معقولة))( ) . ((وأصل التهيئة: إحداث هيئة الشيء، أي أصلح ورتب))( ). ((والرشد: خﻼف الغي، ويُستعمل استعمال الهداية))( ). وهو: ((إصابة للطريق الموصل إلى المطلوب، واﻻهتداء إليه))( ). الشرح: ((يخبر ربنا تبارك وتعالى عن أولئك الفتية الذين فرّوا بدينهم من قومهم لئﻼ يفتنوهم عنه، فهربوا منهم، فلجأوا إلى غارٍ في جبل ليختفوا عن قومهم، فقالوا حين دخلوا سائلين اللَّه تعالى من رحمته ولطفه:﴿رَبَّنَا آتِنَا﴾(اﻵية)))( )، فأفادت هذه اﻵية ((أن وظيفة المؤمن التفكر في جميع آيات اللَّه التي دعا اللَّه تعالى العباد إلى التفكر فيها))( )، المنبثقة في ملكوت السموات واﻷرض، وأن كل آية تدلّ على كمال وحدانيته جلّ وعﻼ، وأن آياته لم تخلق عبثاً، وإنما فيها من بديع الحكم ما يستنير منها أهل اﻹيمان، فيزدادون إيماناً وهدى، ومفتاح إلى طريق كسب العلم و المعرفة، واليقين إلى كسب العلم والمعرفة. فلما فرّوا بدينهم ممن كان يطلبهم من الكافرين، وبذلوا السبب في ذلك اشتغلوا بأهم اﻷسباب: التضرّع إلى اللَّه واللجوء إليه بالدعاء، فقالوا: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾: سألوا اللَّه تبارك وتعالى ((أنْ يمنَّ عليهم برحمة عظيمة، كما أفاد التنوين في ﴿رَحْمَةً﴾ تناسب عنايته باتّباع الدين الذي أمر به، وهو ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿مِنْ لَدُنْكَ﴾، فإن ﴿مِنْ﴾، تفيد معنى اﻻبتداء، و﴿لَدُنْكَ﴾: تفيد معنى العندية، فذلك أبلغ ما لو قالوا: آتنا رحمة؛ ﻷن الخلق كلهم بمحل الرحمة))( )، فسألوا رحمة خاصة من ربهم جلَّ وعﻼ تقتضي كمال العناية بهم، وتفيض عليهم من كمال اﻹحسان واﻹنعام. وقوله: ﴿وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ أي يسِّر لنا و سهِّل علينا الوصول إلى طريق الهداية و الرشاد في اﻷقوال و اﻷفعال في أمر ديننا و دنيانا. ((حيث جمعوا بين السعي والفرار من الفتنة إلى محل يمكن اﻻستخفاء فيه، وبين تضرّعهم وسؤالهم اللَّه عز وجل تيسير أمورهم، وعدم اتكالهم على أنفسهم، وعلى الخلق))( )، فجعل اللَّه لهم مخرجاً، ورزقهم من حيث ﻻ يحتسبون، وهي سُنّة اللَّه تعالى التي ﻻ تتبدل مع المتقين الصادقين، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾( ). وهذا السؤال من المؤمنين كان أيضاً من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في سؤاله لربه عز وجل ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَهْدِيكَ ﻷَرْشَدِ أَمْرِي))( ) ، ((وَمَا قَضَيْتَ لِي مِنْ قَضَاءٍ، فَاجْعَلْ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا))( ). تضمنت هذه الدعوة المباركة من الفوائد العظيمة الفوائد اﻵتية: 1- ينبغي الفرار من اﻷماكن التي ﻻ يستطيع العبد القيام بدينه فيها، وإن ذلك من أوجب الواجبات. 2- ((أنَّ من أوى إلى اللَّه تعالى، أواه اللَّه تعالى ولطف به، وجعله سبباً لهداية الضالين))( ). 3- أنّ من ترك شيئاً للَّه تعالى عوّضه اللَّه خيراً منه. 4- أنّ من اتّقى اللَّه تعالى جعل اللَّه له مخرجاً ورزقه من حيث ﻻ يحتسب. 5 – ينبغي للعبد أن يجمع بين اﻷسباب الدنيوية والشرعية المطلوبة. 6- أنّ رحمة اللَّه تعالى نوعان: رحمة عامة لكل الخلق مؤمنهم، وكافرهم، ورحمة خاصة لعباده الصالحين التي تقتضي العناية والتوفيق والهدى والسداد، والعبد يسأل ربه على الدوام أن يمنَّ عليه من خزائن رحمته الخاصة المكنونة. 7- أنّ الدّعاء ينبغي أن يستجمع معه بذل اﻷسباب، فهم سألوا اللَّه تعالى، ثمّ بذلوا اﻷسباب التي منها فرارهم بدينهم إلى الكهف. 8- أن الجزاء من جنس العمل، فهم حفظوا إيمانهم فحفظهم اللَّه تعالى بأبدانهم ودينهم. 9- أنّ الدعاء وظيفة المؤمن في كل مهماته في حياته. 10- اﻹكثار من دعاء اللَّه تعالى بسؤال الرحمة والرشد؛ ﻷن فيهما الصﻼح والفﻼح في الدنيا واﻵخرة. 11- تعظيم الرغبة في الدعاء كما أفاد سؤالهم: ﴿رَحْمَةً﴾ بالتنوين التي تدلّ على التعظيم . 12- أنّ اﻷدعية الشرعية جمعت وحوت كلّ ما يتمنّاه العبد في دينه ودنياه. _________________________________________ () سورة الكهف، اﻵية: 10. () مفردات الراغب، مادة (هيأ). () تفسير أبي السعود، 4/ 171. () مفردات الراغب، مادة (رشد). () تفسير أبي السعود، 4/ 171. () تفسير ابن كثير، 3/ 105. () تفسير ابن سعدي، 5/ 12. () تفسير ابن عاشور، 15/ 25. () تفسير السعدي، 5/ 13. () سورة الطﻼق، اﻵيتان: 2- 3. () مسند اﻹمام أحمد، 26/ 199، برقم 26296، مصنف ابن أبي شيبة، 10/ 282، برقم 30007، وصحيح ابن حبان، 3/ 183، برقم 901، والدعوات الكبير، للبيهقي، ص 142، والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 53، برقم 8369، والمعجم الصغير له أيضاً، 2/8، برقم 682، وصححه اﻷلباني في صحيح موارد الظمآن، برقم 2095. () اﻷدب المفرد، للبخاري، ص 222، ومسند الطيالسي، 3/ 148، والدعوات الكبير للبيهقي، ص 288، وصححه اﻷلباني في صحيح اﻷدب المفرد، ص 243. () تيسير اللطيف المنان، ص 163.
0
628
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️