ربيعة قدير: المناضلة الأيغورية التي لا يعرفها العالم الإسلامي

الملتقى العام



طالبت رئيسة مؤتمر الأيغور العالمي ربيعة قدير، الأمم المتحدة بإرسال مراقبين أمميين إلى تركستان الشرقية، للتحقق من انتهاكات حقوق الإنسان والتضييق على الحريات التي تقع على يد السلطات الصينية، وذلك في حديثها على هامش مشاركتها في الدورة السابعة لمنتدى الأقليات، المنعقد في مكتب الأمم المتحدة بجنيف. وقالت قدير: “طلبنا من الأمم المتحدة مساندة شعب الأيغور في المطالبة بحقوقه، وإرسال مراقبين مستقلين للوقوف على حجم انتهاكات حقوق الإنسان، من تصفية عرقية وجرائم”؛ مشيرة إلى الممارسات التي تقوم بها السلطات الصينية بحق المسلمين الأيغور، من طمس هويتهم الدينية والعرقية والثقافية.

وحول مشاركتها في المؤتمر قالت قدير: “هذا المنتدى خاص بالأقليات، ولا معنى لمشاركتنا في هذا المؤتمر، فنحن لسنا أقلية، بل أصحاب تلك الأرض، ونهدف لإيصال هذه الرسالة للعالم”. وحول اعتراض الصين على مشاركة مؤتمر الأيغور العالمي في منتدى الأقليات، قالت قادير: إنَّ الصين “سعت دائمًا لمنعنا من المشاركة في مؤتمر الأقليات، واعترض الوفد الصيني على إلقاء ممثل مؤتمر الأيغور لكلمته في المنتدى وساند هذا الاعتراض دول كروسيا وإيران وفنزويلا، وهذا الموقف معادٍ للديمقراطية وجارح”.

ولدت ربيعة قدير لأسرة فقيرة في مدينة “ألطاي” بمقاطعة شينغيانغ، وبعد أن تزوجت في عام 1965، انتقلت إلى مدينة “أقصو” في نفس المقاطعة، أثناء الثورة الثقافية وطلقت من زوجها، وافتتحت مغسلة في عام 1976، وفي عام 1981 تزوجت مرة أخرى من صديق روزي وهو أستاذ جامعي، وانتقلت إلى أورومتشي، وفى أورومتشي، استأجرت قدير متجراً تخصص في بيع المنتجات الأويغورية، وفي عام 1985 توسعت أعمالها ليصبح مبنى تجاريًا مساحته 14,000 م2.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كثفت قدير جهودها في التجارة عبر الحدود، وبحجم معاملات فاقت قيمتها أكثر من 200 مليون يوان، وأصبحت واحدة من أغنى خمسة أشخاص في الصين، وصارت تلقّب بـ “المليونيرة”، أصبح للشركة التجارية التي أنشأتها معاملات في الصين وروسيا وكازاخستان. وأنجبت ربيعة قدير 11 طفلًا، وأسست بعد ذلك شركة أكادا للصناعة والتجارة، التي تمتلك عددًا من العقارات في مقاطعة شينغيانغ، تشمل مركز أكيدا التجاري ومركز قدير التجاري ومسرح توانجيه (الوحدة) في أورومتشي، كما نشطت قدير اجتماعيًا من خلال مؤسستها، بإطلاقها لمشروع “أمهات 1000 أسرة”، وهو مشروع خيري يهدف إلى مساعدة نساء الأويغور المسلمات لبدء أعمال تجارية محلية خاصة بهم.

وفي عام 1993، تم تعيين ربيعة قدير ممثلة عن الأويغور في الدورة الثامنة للمؤتمر السياسى الاستشاري للشعب الصينى، وفي المؤتمر الشعبي الوطني وممثلة للصين في مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الرابع للمرأة في بكين في عام 1995، كما تولت قدير أيضًا منصب نائبة رئيس اتحاد الصناعة والتجارة في منطقة شينغيانغ ذاتية الحكم، ونائبة رئيس رابطة شينغيانغ لسيدات الأعمال. وفي عام 1997، أسست قدير “حركة الألف أم” لتعزيز التدريب المهني للنساء الأويغوريات،المسلمات، وكذلك مدارس مسائية للأويغور الذين لم يكن لديها فرصة للذهاب إلى المدرسة العادية.

رابعة قدير ناشطة سياسية في تركستان الشرقية، تطالب بالاستقال عن الصين، وعندما زار الرئيس الأمريكي جورج و. بوش الصين للمرة الثانية في فبراير 2002 ، وجّه الكاتب الصيني المسلم “صديق راضي” رسالة للرئيس بوش باعتبار أن كاتبها أحد أفراد الطائفة الأويغورية المسلمة التي يعيش أعداد منها في المنفى بالولايات المتحدة، مطالبًا إياه باستغلال زيارته للصين لفكّ أَسر زوجته السيدة ربعة قدير، التي تحولت من ربة منزل عادية إلى رمز وطني وقومي لتركستان.

ربيعة قدير في أواخر الخمسينيات من العمر، وزوجها صديق راضي يعمل أستاذًا في معهد البيداجوجي Pedagogy (أصول التدريس) إلى جانب تدريسه الأدب في إقليمه “سينكيانج”، وهو بالإضافة إلى ذلك كاتب مرموق مهتم بحقوق الأويغور المسلمين، وهرب زوجها إلى الولايات المتحدة طالبًا حق اللجوء السياسي في بداية عام 1996 بعد أن سُجن سياسيًّا بسبب أنشطته وحركته، خاصة تعليقاته الإذاعية عن أوضاع تركستان، ولم يكن هذا هو الحكم الأول على “راضي”؛ فقد حُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات عندما كان طالبًا، لتنظيمه مظاهرات ضد سياسات الحكومة الصينية.

وبعد أن أصبح أستاذًا في الأدب في جامعة سينكيانج كتب مقالات تنتقد ما يكتبه المؤرخون الصينيون عن منطقته، ثم ساهم في إذاعة راديو “آسيا الحرة” بمساهمات أغضبت حكومة بكين، فوضعته في قائمتها السوداء، واضطر بعدها لترك بلاده إلى أمريكا، حيث حصل على اللجوء في أكتوبر 1996.

وكانت مثالًا ناجحًا للتاجرة المسلمة، فقد بدأت أعمالها في إقليمها التركستاني، ثم توسعت إلى الأقاليم الصينية الأخرى، ولقرب إقليمها وقربها الثقافي والديني كمسلمة من دول آسيا الوسطى فقد امتدت اتصالاتها التجارية إلى تلك الدول، ثم إلى إيران، وأخيرًا إلى تركيا.

وبلغت “ربيعة قدير” أوج نجاحها في سبتمبر 1994 حين اختيرت من ضمن أغنى 10 أقطاب تجارية في الصين من قِبل “مجلة فورتشن” الأمريكية المعروفة، ثم كانت ضمن الوفد الصيني في مؤتمر المرأة في بكين الشهير في عام 1995، وبعد أن اختارتها الحكومة الصينية بهدف استغلالها كممثلة للإيغور في مؤتمر الشعب الصيني للاستشارات السياسية، تراجعت الحكومة عن اختيارها في أية مهمة رسمية، وضيقت على تحركاتها، ثم سحبت منها جواز السفر، لمنعها من التوجه لأمريكا بعد حصولها على تأشيرة للاستمرار في أعمالها هناك.

وبعد أن وضعتها الحكومة في هذا المأزق، عرضت عليها أن تتبرأ من زوجها، وتعلن انفصالها عنه مقابل منحها مناصب في الدولة لكنها رفضت، وبدأ المؤتمر الشعبي الصيني ينتقد “قدير” بالقسوة علنًا بسبب تحرك زوجها المعارض. وفي مارس 1999 بدأت استجوابات السلطات الصينية لرابعة قدير من آنٍ لآخر، وفي مايو من نفس العام اتصل بها زوجها ليطلب منها إرسال صحف محلية إليه، فأرسلت له عددًا منها، فأخذتها الحكومة الصينية ذريعة لاتهامها بإرسال معلومات حكومية لجهات أجنبية بالبريد العادي إلى الخارج. وفي 11 أغسطس 1999 اعتُقلت ووجهت لها مباشرة تهمة “تسريب أسرار الدولة وتوفير معلومات لمنظمات أجنبية”، وكانت حينها في طريقها للقاء وفد من لجنة حقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكي الذين جاءوا علنًا لزيارة الصين، وكان اعتقالها قبل أن يتم اللقاء، واعتقلت السلطات أيضًا ولديها “عبد الكريم” و”عليم” ومساعدتها كهرمان عبد الكريم، ثم أُطلق سراح “عليم” سجن “عبد الكريم” لمدة ثلاث سنوات في معسكر للأعمال الشاقة بتهمة دعم “الانفصاليين”، وبعد توقيف لأكثر من عام صدر الحكم عليها بالسجن لثماني سنوات أُخر بتهمة “إخراج معلومات إلى خارج الصين بطريقة غير شرعية”.

واتضح أن الهدف من سجنها منعها من ممارسة دورها في تدريب وتوظيف النساء المسلمات، وبروزها كشخصية اجتماعية مؤثرة في العمل الاجتماعي والخيري، وهو المحرك الهام لمخاوف الحكومة المركزية والإقليمية. وقد كان تأسيسها لـ “حركة الألف أم” عام 1997 لتوفير فرص العمل للنساء الأويغوريات، وفتح مركز لتعليم اللغات ومحو الأمية لفتيات قومها سببًا في إثارة مخاوف الحكومة الصينية، من أي تحرك اجتماعي اقتصادي مستقل بين القومية الإيغورية، ودفع قرار اعتقالها هي وابنها إلى تسليط الضوء مرة أخرى على قضية المسلمين في تركستان الشرقية، فاستنكرت منظمة العفو الدولية في أكثر من تقرير لها ما حدث لقدير، ولحقتها لجنة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية، وامتد الأمر لوزارة الخارجية الأمريكية التي دعت الصين إلى إطلاق سراحها، كما أصدر النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيون قرارين، يدعون فيه لتحريرها من سجنها هي وابنها، ومساعدتها… وعرضت عليهم الهجرة للولايات المتحدة لو أرادوا ذلك.

ووجهت الحكومة الصينية اللوم لما حدث في أحداث 2009 إلى ربيعة قدير، وقالت ان العنف كان من تدبير وتنظيم المجلس العالمي للأويغور الذي تتزعمه رابعة قدير بالرغم من أن الاحتجاجات اندلعت ردًا على مقتل اثنين من العمال الأويغور، ورفضت تايوان منح تأشيرة دخول لرابعة قدير في سبتمبر 2009.



الخميس 27 نوفمبر 2014
0
674

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️