atheer @atheer
عضوة شرف عالم حواء
.،؛ رب حام لأنفه وهو جادعه ؛،.
كثيرا ما نسمع هذا القول
.،؛( رب حام لأنفه وهو جادعه )؛،.
عندما نتأمل أدق تفاصيل الحياة في القرن الأول وفي أحرج المواقف التي كانت تمر على أعلامه من الصحابة الأجلاء نجد مدى الأثر الذي تركه الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوسهم وما ذاك إلا لكمال دعوته وحسن أسوته حتى غدت سيرته مثالا لطلاب الريادة وناشدي القمة , بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم تلقى التوجيه من ربه ليتأسى بمن قبله من الأنبياء حيث قال تعالى :
(( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم و الذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ))
(( لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة ))
وإذا كان هذا في حق الرسول و أمته فإن الله قد أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالتأسي به فقال :
(( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر وذكر الله كثيرا ))
مما يعني بالغ الأهمية لهذا الأمر ومنتهى الخطورة في الحيد عن مسلكه , وأن الخلل الذي تشهده الكثير من ميادين التربية والتعليم و الدعوة ناشىء عن تفريط القدوات بالجانب العملي التطبيقي فتبقى كلماتهم و توجيهاتهم وخطبهم جوفاء من روح الصدق براء من معاني المبادرة ولذا استحق هذا النهج الهش كبير المقت من الله تعالى :
(( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ،*، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ))
كما عاب سبحانه على بني إسرائيل أنهم نسوا أنفسهم وأمروا غيرهم
((أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ))
إن أفعالنا حين تكون مترجمة لأقوالنا فإن ذلك يعني صدقنا فيما ندعو إليه , واقتناعنا بما اجتمعنا حوله وأما العكس فيعني اضطراب المقصد وضبابية الاقتناع , يقول عبدالواحد بن زياد :
،( ما بلغ الحسن البصري إلى ما بلغ , إلا لكونه إذا أمر الناس بشيء يكون أسبقهم إليه , و إذا نهاهم عن شيء يكون أبعدهم عنه ),
ولما نبذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه الذهبي , نبذ الناس خواتمهم ( فدل على أن الفعل أبلغ من القول ) قاله ابن حجر في الفتح. بل إن المتعين على ( القدوات ) أن يبتعدوا عن كثير من المباحات هروبا من الشبهات يقول ابن القيم في المدارج :
،( فالعارف يترك كثيرا من المباح إبقاء على صيانته ), ويحسن في هذا المقام ذكر ما ورد من تحذير ابن عباس رضي الله عنهما لأخيه عبيدالله رضي الله عنه لما رآه صائما يوم عرفه بقوله :( إنكم أئمة يقتدى بكم ) والتأريخ يحمل من النماذج الأصيلة ما يدعونا للوقوف عليها و استلهام ذلك النهج واقتفاء ذلك الأثر وما ذاك إلا لاستشعارهم مسؤلية ( القدوة ) فقاموا بواجبهم نحو الدين على التمام ..
هذا الذي كان عليه أولئك الأجلاء هو ما جعل كلامهم ينفذ إلى القلوب ودعوتهم تُتلقى بالقبول وتوجيهاتهم تكون كالماء البارد على الظمأ , ثم بعد أولئك العاملين تأتي خلوف من القائلين غير العاملين يعجبك حسن منطقهم فإذا أعمالهم هجين من بعض ما قالوا ومن كل ما أحبوا .. فكانوا دعاة إلى الحق بأقوالهم و إلى الباطل بأفعالهم , وليس ذلك في المجال التعبدي وحده , بل الكثير من ذلك يأتي في مظاهر الحياة العامة - وإن كان ليس كثيرا - إلا أن طلبنا للتكامل في شخصية المسلم عموما والداعية خصوصا يملي علينا هذا القول , حيث إن بعض التصرفات والممارسات تفتقد لهذا المعنى الجليل ( استشعار القدوة ) بل ويساهم هؤلاء الخطاؤن - شعروا أو لم يشعروا - في خلق هذه السلوكيات غير السوية في مجتمعات تنظر إليهم داخل لوحة إطارها الاعجاب والإكبار ..
إن البعض من هؤلاء ( القدوات ) يجعل من صلاحه الظاهري مسوغا لأن يتجاوز حدود اللباقة والأدب في تعامله - خصوصا مع المقصرين في ظاهرهم - , بل ويريد أن يقفز على بعض القوانين و الأنظمة الميدانية و المدنية - مثلا - بالمسوغ ذاته والذي أباحه لنفسه ولم يبحه له عقل ولا شرع , ويظن بذلك أنه انتصر للإسلام و المسلمين و دافع عن بيضة الدين وربما ردد في قلبه أو صاح بلسانه بالآية الكريمة :
(( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ..))
ولم يدر هذا ( القدوة ) !! أنه نسب إلى الدين ما ليس منه لفرط جهله به ولحماقة فعله , ولا عجب فــ " رب حام لأنفه وهو جادعه "
إننا نخسر كثيرا إذا احتجنا إلى أن نعرف الناس بأننا دعاة , ونكسب كثيرا إذا عرف الناس عنا ذلك , فلغة العمل والتطبيق يعرفها الجميع ولغة الكلام لا يعرفها الجميع وتحتاج إلى دليل أيضا .. أيها الدعاة و المربون و العاملون :
فرق كبير بين أن نقرأ القرآن فقط وبين أن نكون قرآنا يمشي على الأرض !!
كلمات رائعة كتبها :
سعد بن عبدالرحمن بن سعد النفيسة
من موقع صيد الفوائد
0
482
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️