ينبغي أن تكون أحداث الحرب على العراق مهما كانت مؤلمة موئل تفاؤل ورجاء لا مصدر يأس وخوف ، وأسباب ذلك كثيرة ومنها :
* أسباب الرجاء والتفاؤل(1):
1 - صدق وعدالة ما نحن عليه من دين وأحقية وخيرية ما نطالب به من قضايا ، فالثبات على الموقف العادل والمبدأ الصادق نصر بذاته ، و المسلم يقاتل عن دينه وعرضه من هاجم بلاده ظلماً وعدواناً ، والعالم كله يشهد أن أمريكا سارعت إلى العدوان على المسلمين وأعلنت ما كانت تداريه تحت ستائر السياسة وهذا يبشر بانتقام الله من الظالم ولو بعد حين ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً ﴾ ( الكهف:59)﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ ( النمل : 52 ) ، ﴿ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ ﴾ ( النمل : 85 ) ، ﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ ( الزمر : 51 ) ، ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ ( الشورى : 42 ) .
2 - البغي والاستكبار والغرور والاستعلاء التي اتصفت بها أمريكا : مستكبرة بقوتها وكثرتها وعددها وعتادها ، متناسيةً قدرة الله عليها ، وذلك مقدمات الخذلان لها بل الدمار مثلما أخبر الله تعالى عن من قبلهم فقال سبحانه : ﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ ( فصلت : 15 ) .
3 - ما في هذه الأحداث من كشف للمرتابين المنافقين ومرضى القلوب وعبدة الهوى والدنيا والوظيفة والجاه عند الخلق : وفي هذا الكشف خير عظيم ، كما حدث يوم أحد ويوم الأحزاب ، قال تعالى : ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ ( آل عمران : 179 ) ويبقى بعد ذلك معالجة السمّاعين لهم والمتأثرين بهم 0
4 - ما نراه من حصول الوعي والعبرة للمسلمين أفراداً وشعوباً ودولاً بما في هذه الأزمات من دروس وعبر ، ورفض المشاركة مستقبلاً مع العدو أو التحفظ في المشاركة هذه المرة : وهذه خطوة جيدة في الطريق الصحيح ، ودليل على أن إنكار الظلم ورد المنكر يثمر ولو بعد حين ، وأن الشعوب بيدها الشيء الكثير مهما كان ضعفها وألا نيأس من الحكومات مهما بدر منها .
5 - وضوح السبيل والمفاصلة العقدية : وذلك من خلال استمساك جملة كبيرة من العامة بمبدأ الولاء للمسلمين والبراء من الكافرين وإدراكهم لبعض مآرب الكفار وبعض مخططات العدو الماكر ،وهو ماكان مشوشاً في أزمات سابقة ﴿ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ ( الأنفال : 42 ) .
6 - انكشاف أمريكا وظهور زيف شعاراتها عن العدالة والحرية والإنسانية والحضارة وحق الشعوب في تقرير المصير ... الخ حتى في تعاملها مع مواطنيها من المسلمين فكان الأمر كما قال الله تعالى : ﴿.......قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ (آل عمران : من الآية 118) وإمكانية مخاطبة الحكومات وإشعارها - بحسب الوسائل المتاحة - بأن ما تريده أمريكا استبدال الواقع بجميع أبعاده بما في ذلك البعد السياسي بواقع آخر يكون أكثر انسجاماً مع المشاريع الصهيونية في المنطقة وأكثر أماناً لمستقبل إسرائيل .
7 - ما يتوقع من تخفيف ضغط العولمة - ولو إلى حين - وهذه فرصة للتأني والنظر البصير والاستعداد لمواجهتها بخطط متعقلة وبرامج محكمة ، وقد يؤدي ذلك إلى تركيز الاهتمام على التعامل بين البلدان الإسلامية فتكون خطوة ثم تعقبها خطوات بإذن الله .
8 - التقليل من أسباب الفساد الفكري والسلوكي ومن أهمها السياحة في الدول الغربية ، فالمعاملة غير الإنسانية للمسافرين والمقيمين المسلمين والتي مورست فعلاً ، وإن أصابت بعض الصالحين فسينفع الله بها كثيراً من الطالحين الذين ينفقون سنوياً عشرات البلايين في أماكن اللهو وأوكار الفساد ومباءات الفجور هناك ثم يعودون لبلادهم بكل شر وبلاء .
9 - إحياء جملة طيبة من المعالم الشرعية المنسية مثل قضية الجهاد والولاء والبراء ، وفقه السياسة الشرعية كأحكام '' دار الكفر '' و '' دار الإسلام '' والراية ، والملاحم مع أهل الكتاب والإقامة في بلاد الكفر ، والهدنة والعهد ، وأحكام عصمة النفس والمال ، وكذلك الأحكام المتعلقة بالتحالف أو الاستعانة بالمسلمين على المشركين ، والتعددية وتداول السلطة والرقابة على الولاة ، وما أشبه ذلك مما سيكون مادة خصبة للاجتهاد والتفقّه ووزن الأمور بميزان الشارع الحكيم .
10 - ظهور فتاوى شرعية مؤصلة - جماعية وفردية - في جملة من بلاد المسلمين ، في القضايا الراهنة واهتمام بعض الغربيين بهذه الفتاوى و اطلاع كثير من المسلمين عليها ، مما يقوّي مرجعية أهل العلم والإيمان في أمور الأمة فيسهم في إحياء أصالة الأمة ووحدتها .
11 - الإقبال الكبير على الإسلام في أمريكا وأوروبا ، وقد وردت الأخبار والأدلة على ذلك حتى أصبح في حكم المتواتر ، ويتوقع أن يتزايد هذا الأمر بعد الحرب ، وهذا في ذاته نصر عظيم وآية بينة على صدق رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وغيظ لليهود والنصارى وللمنافقين من أبناء المسلمين 0
12 - تقوية الربط بين الأحداث وبين القضية الكبرى للمسلمين : قضية فلسطين ، واقتناع كثير من الناس داخل أمريكا - فضلاً عن خارجها - بضرورة التعامل العادل معها ، مما يعضد الانتفاضة المباركة ويسند جهاد المسلمين لليهود ، ويزيد قضية فلسطين رسوخاً ويزيل كثيراً من الغبش العلماني والشهواني عن مساراتها .
13 - يمكن للعاملين للإسلام خلال هذه الأحداث وبعدها القيام بترسيخ مبادئ الدعوة إلى الإصلاح الشامل لحال الأمة ليطابق كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- ويسترشد بهدي الخلفاء الراشدين وعصور العزة والتمكين ، وذلك بواسطة برامج ودراسات تُنشر للأمة ويخاطب بها الحكام والعلماء والقادة والعامة وستفتح الأحداث باباً واسعاً لتطوير وسائل الدعوة لمواكبة المواجهة العالمية الشاملة بين الكفر والإيمان ، فبالإضافة إلى الشريط أو النشرة أو الكتيب مثلاً يضاف القنوات الفضائية المتعددة اللغات والصحافة المتطورة ، ومراكز الدراسات المتخصصة ... والمؤسسات التعليمية والخيرية المُحْكمة التخطيط .
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️