*** نور القمر***
*** نور القمر***
اشرف السعد دروس وعبر :icon33:

جهزوا مناديل ,,

هو أحد مشاهير مصر الأثرياء في أواخر الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي, وظف أموال المودعين وفقا للاقتصاد الإسلامي, جنبا إلى جنب مع أحمد الريان وغيره, ثم وضعت الحكومة يدها على هذه الأموال وأودع السجن 18 شهرا, خرج بعدها إلى قطر ومنها إلى فرنسا ليستقر أخيرا في بريطانيا, حيث أتيحت له الفرصة ليروي حكايته عبر إحدى القنوات الشهيرة التي تبث من لندن ويشاهدها الملايين من الناس.

تتضمن حكاية أشرف السعد دروسا وفوائد شتى, يمكن تلمسها من خلال الفتن التي تعرض لها, فتنة المال, فتنة السجن والتعذيب, فتنة النفي والغربة, ليجد أخيرا راحة البال والسلام النفسي ويحصل على شهادة قضائية تبرئ ذمته مما نسب إليه.

وهو رجل ذو ثقافة إسلامية ودعوية واسعة, إلى جانب إلمامه بكثير من فقه المعاملات, وتأثره بالإمام الغزالي وكتابه الإحياء, وبسيرة ابن تيمية في السجن, ومصاحبته لبعض المشايخ والدعاة فضلا عن الطبقة المخملية, ويعد من أوائل المؤسسين للاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث.

***

نهل الملياردير المصري أشرف السعد من الدنيا حتى كاد أن يشبع, إن صدق أن هناك من يشبع من الدنيا, كانت الأموال تجري أمامه كالأنهار المليئة بالأسماك والدرر والمرجان, تزوج عشر نساء فضليات من جنسيات مختلفة, آخرهن من بلاد الرافدين, العراق. وكان يداعب محاوره الذي ينتمي إلى تلك البلاد بأن اللهجة العراقية تطارده في البيت والأستوديو معا.

بعد رحلة طويلة في مراكب المال وعالم الأعمال عاد بنتيجة قلما يذكرها أمثاله من فاحشي الثراء, ونادرا ما يصغي إليها الإنسان العادي, عاد ليلقي إلينا بحكمة السنين وخلاصة التجارب والمغامرات.

"المال أفسدني". هكذا يعترف الملياردير المصري بجرأة نادرة تشير إلى إيمان عميق, وعيناه تكاد تدمعان, مستشهدا بالآيات والأحاديث التي تذم المال وتعتبره فتنة وابتلاء لصاحبه, دون أن يعمم تجربته الشخصية على الجميع. فالمال أبعده عن الله, وأشغله عن الطاعات والاستزادة من العلم وما يقربه من ساحة الروح, بحيث أصبح مادي النزعة والنفسية والاهتمام, رغم بعده عن ارتكاب الفواحش والكبائر.

بعد أن كان يخشع في صلاته صارت الأموال تخايله في ركعاته وسجداته, فهو يفكر في المال وكسب المزيد منه, يدعو في سجوده أن تحفظ أمواله وأن يرزق المزيد من الجنيهات والدولارات, ويفكر في طرق جديدة لاستثمار المليارات, وربما شغلته جنته عن جنة ربه, ولا ننسى أن الشيطان ماهر في إغواء المصلين وشغلهم عن الخشوع.

وبعد أن كان الحاج أشرف يؤدي صلواته في المسجد الجامع ويدعو الناس إلى ذلك باعتبار أن الصلاة مع الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة, صار يكتفي بمصلى الشركة وهي جماعة أيضا وإن كانت أصغر لكنها حساسية المؤمن في مرحلة الحساب والمراجعة بعد أن أدركه الوعي, وهو وعي ساهمت فيه فتن أخرى ومؤثرات قديمة سكنت في منطقة اللاوعي من شعوره وباطنه.

تبين له خلال رحلته أن المال أرخص شيء عند الغني, والوقت أثمن شيء لديه. وذلك بخلاف الفقير الذي يغلي قيمة المال ويرخص قيمة الوقت. ويدلل على ذلك بالمثال التالي: إذا قلت للغني نريد بناء جامع, فما أسهل عليه أن يخرج دفتر الشيكات ويكتب المبلغ المطلوب, أما إذا أذن المؤذن فإنه ينظر لساعته متعجبا من مرور الوقت واكتساحه للمشروع الجديد الذي بين يديه!

في إحدى الحلقات, يقدم تفسيرا رائعا لقصة الغني والفقير الواردة في سورة الكهف, "ودخل جنته وهو ظالم لنفسه", وكيف أن الغني ذو نفسية متعالية على الفقير, ويعتبر نفسه أهلا للتكرمة ليس في الدنيا فقط بل حتى في الآخرة أيضا, "ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا". وهذه النفسية المتعالية تكاد تكون القاسم المشترك بين فاحشي الثراء إلا من رحم ربك فعرف أن ما عنده مال الله وسخره لخدمة الناس ودعوتهم إلى الخير.

والحاج أشرف نادم على عدم استفادته من رحلته السابقة مع جماعة التبليغ, لاسيما ملاحظة الشيخ لطف الرحمن الذي لازمه في السودان, وكان يسكن بيتا من صفيح, ثم افترقا وذهب كل إلى بلاده.

وذات يوم تلقى منه دعوة ليزوره في بنجلاديش عبر قصاصة من ورق مكتوب فيها: دعوت لك فرزقك الله, فإن لم تزرني سأدعو عليك! وهي عبارة في غاية الإيجاز والدهاء, دغدغ بها الشيخ مشاعر داعية سابق ورجل أعمال حالي حتى النخاع فأعاده إلى أيام الدعوة وذم الدنيا.

استعد المدعو للسفر وأخذ معه عشرين ألف دولار ليساعد بها الجماعة, وما إن قابل الشيخ حتى وضع أمامه هذا المال, فنظر إليه الشيخ نظرة عتاب لم ينسها أشرف منذ ذلك الحين واعتبر نفسه قد أساء الأدب في حضرة الشيخ ثم تأثر كثيرا بملاحظته التالية, إذ قال له: أردت أن أحذرك من الدنيا فأتيت لي بها! سامحك الله!

والمعروف عن جماعة التبليغ أنهم لا يقبلون المساعدات والتبرعات, وكل من يخرج معهم يخرج بماله الخاص, ومما يوفر عليهم المصاريف أنهم لا يقيمون في الفنادق بل في المساجد وعند الأحباب. وسوف نلمس صدى هذه الجماعة وغيرها من المؤثرات في موقف الحاج أشرف من كسب المال وهو في منفاه الأخير.

***

لاقى المليادير المصري أشرف السعد من العذاب النفسي ما لا يمكن تصويره بالكلمات, وكثيرا ما يحني رأسه ويعتذر عن قول المزيد عاجزا عن الوصف ومشفقا على مشاعر المشاهدين, وفي رأيه لو زار رئيس الجمهورية أو وزير الداخلية السجن المصري ورأوا فيه ما رأى لقاموا بمظاهرة ضد التعذيب في السجون, إنها دولة داخل دولة لها نظامها الخاص بمعزل عن السلطة العليا. ذكر هذا في المحكمة أمام القاضي والملأ على حد قوله.

أول شتيمة "رسمية" تلقاها وهو غير مصدق أذنيه كان من مأمور السجن, إذ بادره قائلا: يا كلب! فصعق الرجل لهذا النداء الحيواني, وقبل أن يفيق من صدمته سمعه يصرخ: اجلس يا كلب, تعتبر نفسك نزيها؟ أنا النزاهة نفسها, إياك أن تغتر بمن تعرفهم من الوزراء والمسؤولين, فباستطاعتي أن أستدعيهم وأحبسهم جميعا! مثلك يا كلب! من تظن نفسك!

هنا, هوى الصنم الأخضر, مستر دولار! أدرك أشرف السعد أن هذا المعبود ليس له تلك القيمة التي علقها عليه طويلا, أو لم يعد له تلك القيمة بحيث يعصمه من البلاء, بل هو البلاء بعينه, فها هو ضعيف متخاذل لا يرد عنه شيئا أمام السلطة الغاشمة, وبدأ إيمانه بقوة المال يتزعزع شيئا فشيئا إن لم يكن دفعة واحدة.

لم يمنعه ثراؤه من أن يزج به في الزنزانة, وأن يقدم له الطعام في جرادل البول, أو يحرموه من هذه الجرادل فضلا عن الكنيف, وأن يقضي حاجته في بنطاله, فأضرب عن الطعام, واختل توازنه النفسي وصار يأخذ حبوبا مهدئة لكي ينام ويغيب عن هذا الواقع المخزي الذي تأباه الحيوانات بفطرتها الغريزية.

أدبرت عنه الدنيا وتكدر صفاؤها وتغير عليه أصدقاؤه, ومن الطرائف التي يذكرها أن صديقا كان لا يفارقه في جولاته العملية بلباسه الصعيدي, زاره في السجن وراح يشتم الحكومة ويلعن الظالمين ومن تسبب في حبسه, فذهب أشرف إلى المأمور وكان يعرفه فطلب منه أن يدخل إليهما ومعه آلة تسجيل ويقول من كان يشتم الحكومة؟ وعندما فعل ذلك, انقلب الصعيدي عليه وراح يلعنه هو وأمثاله من الإرهابيين!

مثل هذا الانقلاب طبيعي بين المقربين ولو كان القانون ينص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. يستثنى من ذلك ذوو الطبع الأصيل على حد قول الحاج أشرف, ضاربا المثل بابن صديق محترم, فوجئ به في السجن على رأس الجنود ليأخذه إلى المحكمة, فإذا به يضرب له تعظيم سلام ويأمر بفك قيوده رغم مخالفة ذلك للقوانين لكنه لم يعبأ بذلك وقال من أراد أن يبلغ عني الجهات العليا فليفعل, ثم أصر على أن يركب العم أشرف في المقعد الأمامي من السيارة.

ولعل الحاج أشرف قام بالدعوة والتعليم في السجن أيضا, كما فعل ابن تيمية, حيث نجده يشيد به ذاكرا أن بعض كبار العلماء تخرج على يدي الإمام العظيم في السجن.

***

اضطر أشرف السعد إلى مغادرة بلاده, فاتجه إلى قطر ونزل في ضيافة أحد أصدقائه القطريين وعاش فيها سنة كأنه في الجنة, على حد قوله. ثم لاحقه الانتربول المصري بحجة شيك بلا رصيد أو إيصال بمئة ألف لم تدفع لصاحبها, وهو مبلغ تافه كان يمكن دفعه بدون الحاجة إلى النفي مرة أخرى, لكن يبدو أن ثمة رسالة خفية بالتضييق عليه وإبعاده عن قطر أيضا.

سافر إلى فرنسا وكان يملك فيه بيتا, لكنه عانى من الغربة أيضا, لأن المفارق لوطنه وأحبابه مقهورا متهما يظل غريبا أينما حل ولو كان ميسور الحال, مع أنه قيل: الفقير في وطنه غريب, والغني في منفاه مواطن. وهذا يصدق على أشرف الذي لم يعد ميسور الحال في منفاه الجديد بعد أن صودرت أملاكه وتمت مطاردته, وكان لا يزال يعاني من آثار التعذيب ومرارة الظلم ويعالجها بتناول المهدئات ومزولة الرياضة الروحية والجسدية واللجوء إلى القراءة والفكاهة من حين لآخر بعد اللجوء إلى الله الكريم.

يتميز أشرف بالذكاء وروح الفكاهة العالية, وقلما تخلو حلقة من طرفة أو نادرة يتبعها قهقهة عالية, ومن ذلك أنه يخطف السؤال من بدايته أو ووسطه ويشرع في الإجابة, مما يجعل محاوره يتضايق قليلا ويطالب بأن يدعه يكمل السؤال, فكان يقول: من الناس من يضحك للنكتة فورا ومنهم من يضحك بعد يومين, وأنا بحمد الله من الصنف الأول, أفهم سؤالك حتى قبل أن تلقيه.

نسي الحاج أشرف أنه في برنامج عام يتطلب أن تتاح الفرصة لإلقاء السؤال كاملا فليس كل المشاهدين مثله بالطبع! فضلا عن كون ذلك من أساسيات الحوار. إلا إذا قلنا إنها حكاية يرويها صاحبها كيفما شاء, ولذلك نجد المحاور ظريفا مثله متسامحا معه بل مستمتعا بحديثه كبقية المشاهدين.

استقر أخيرا في إنجلترا, ورأى فيها من شواهد العدل ما جعله يشيد بها بين حلقة وأخرى, ويشبهها بعصر عمر بن عبدالعزيز, ويقول لو انتقلت إليها روحانية الشرق لكانت قطعة من الجنة أو كانت هي الجنة نفسها! يؤكد ذلك مرارا من باب إنصاف للخصوم. ويستشهد بقول أحد معارفه: لو حصل اعتداء على بريطانيا لاستشهدت من أجلها, وذلك لما وجده فيها من العدل والإنسانية ومراعاة حقوق الحيوان فضلا عن الإنسان.

أصبح يفكر كثيرا في ترك الجري وراء المال الذي يعرف كيف يجنيه, أو حسب عبارته, أعرف من أين تؤكل الكتف وكيف يُجمع المال. لكن إن فعل ذلك ربما قد الغنى الحقيقي وهو رضا النفس وراحة البال, وكان الرجل قد تأثر كثيرا بالإمام الغزالي وكتابه إحياء علوم الدين, يعتبره مجدد الإسلام في عصره, ويعتبر كتابه كنزا ثمينا مدفونا في المكتبات, فنجده يكرر قول بعض العلماء: من أراد الإحياء فعليه بالإحياء. وللانتفاع به يوصي بقراءته من الغلاف إلى الغلاف.

وفي تلك البلاد ظل يراجع نفسه ويمنيها بالكشف عن الحقائق تبرئة للذمة أمام الجمهور الكبير الذي وثق فيه وأودع أمواله في شركاته لكي يستثمرها لهم فإذا بأموالهم تصادر وراعيها يغادر, دون أن يعلم أحد شيئا عن العفريت المختبئ في قمقم في بحر مجهول, ولطالما لاحق الشيخ شبح هذا العفريت وحيره طويلا دون أن يهتدي إلى شخصيته ومكانه!

ونتيجة لصبره كافأه الله بإثبات براءته, بعدما أتيحت له الفرصة ليروي حكايته عبر قناة "المستقلة", حيث جاء يوما وبيده شهادة من القضاء المصري تبرئ ساحته وتحرر أمواله, أذيعت يوم صدورها في الحلقة الثالثة والعشرين بتاريخ 11/6/2009 فطار لها أشرف السعد فرحا وصدق ظنه في عدل قضاء بلاده, وسجد بعض المشاهدين شكرا لله, وفقا لرسالة قرأها محاوره الدكتور عباس الجنابي.

13/6/2009
*** نور القمر***
*** نور القمر***
غدا الاثنين

مقابله على الهواء مباشره الساعه 9مساء

في قناة الجزيره لاااااااااااااااااايفووووووووووووووتكم
& عبوره الاموره &



سبحان الذي لا يزول ملكة