رحلة العذاب إلى مكة المكرمة

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل شهرين كانت هذه الرحلة العذابية إلى مكة المكرمة أستغفرالله وأتوب إليه
سأكتب تفاصيلها علما بأني مازلت أعيش في عذابها إلى اليوم ولا أعلم كم ستستمر ..

عرض علي زوجي الذهاب إلى مكة المكرمة وقال فرصة قبل الزحمة والإجازة نعتمر ونجلس خمسة أيام ثم نعود...

بدأت بالتجهيز للرحلة وذهبنا وكلنا سعادة وأطفالي يرددون { بنروح للحج بنروح للحج }..

لاحظت في الطريق كثرة توقف زوجي عند المحطات وشرب الماء بنهم عجيب والذهاب لدورة المياة أكرمكم الله فأستغربت لذلك كثيرا وأرجعت السبب إلى شربه للماء ..

لكن مالذي يعطشة إلى هذا الحد ...؟
ماالذي يجعل عرقة يتصبب .. ؟
ماالذي يجعل شفتية جافتان ... ؟

أدركت أنه يعاني من مشكلة ما لاأعلم ماهي ..؟ وكيف لي أن أعلم ونحن في سفر ولايوجد معي رجل غيرة ..؟

بعد أن إعتمرنا وصلينا في الحرم صلاة العشاء تحايلت عليه بأني أحس بدوار شديد وأريد أن أذهب لأحلل عن ضغط الدم وعن السكري ...وكان يصيبني انخفاض فيهما مع الإجهاد. وفعلا ذهبنا إلى أحد المستشفيات وطلبت منه مؤانستي والتحليل معي تخفيفا عني ولكي يرى أبنائي شجاعة والدهم ... ووافق .. وليته ماوافق ..

كانت الصاعقة التي صعقتني .. وصعقتة ..

قال الطبيب .. سكرك يا باشا 600 مرتفع جدا هل نسيت أن تأكل دوائك ...

أنهار زوجي ولم يجب .. أفهمت الطبيب أن زوجي غير مصاب بالسكر وهويتمتع بصحة جيدة ولله الحمد وهو رجل رياضي ومحافظ على صحته وغذاءة متوازن وووووو
كنت أحاول تكذيب الطبيب فرد علي ألم تلاحظي في زوجك كثرة عطشه وجفاف شفتيه وكثرة ذهابه لدورة المياة ..؟

قلت بلى ....

قال داء السكري لايعرف كبير ولا صغير ومع هذا الإرتفاع مؤكد أن الكسترول مرتفع أيضا وخطر كبير عليه من الجلطة ..

لابد من مراجعة العيادات في أسرع وقت ..
قلت له : يادكتور نحن مسافرون من الرياض ..
قال : لا أنصحكم بالسفر بالسيارة فهو لن يتحمل الطريق وهو بهذه الحالة ولن يستطيع القيادة مطلقا وإن أستطاع في بعض الطريق فلن يستطيع في الآخر ..سأصرف له دواء لحين مراجعته العياده .

قالها ثم أنهرت أنا على الكرسي ..

يا إلهي هل حقا ما قال سكر وجلطه وسفر ودواء وأبناء ..

لم أستطع تحمل المزيد ..

ذهبنا إلى مكان إقامتنا ونحن في حالة إنهيار تام وذهول ...

أدخل إلى دورة المياة لأبكي ثم أخرج وأبقى أمامه صلبه وأنا في داخلي محطمة ..

سألته / هل أقنعك كلام الطبيب ؟
قال / إن لم يقنعني فإن الأعراض تقنعني ..

بدأت أحاول تهوين الأمر عليه وشكي في كلام الطبيب وحتى لو كان صائبا فهذا ابتلاء من الله .
واقترحت عليه أن يذهب إلى الحرم ويغتسل ويدعي الله سبحانه وتعالى ..ويكلم أحد إخوته أو إخوتي ليكون معنا في الطريق .. لكنه رفض قائلا : مافيني إلا العافية .. حاولت أن نرجع بالطائرة ويشحن سيارته لكنه رد علي بكل غضب / قلت لك مافيني إلا العافية
أدركت أنه يحاول أن يصمد ولا فائدة من محاولاتي فاستسلمت ووكلت أمرنا لله .
وفي الغد رجعنا إلى الرياض
وخرجنا من مكة قبيل العصر وأنا في خوف شديد ماذا لو أحس بالدواروهو يقود السيارة ؟؟
ماذا لو باغتته الجلطه ..
ماذا لو أغمي عليه ..؟
لم تعد عيني تفارق الطريق وعداد السيارة ووجهه المتعب ..

ولله الحمد أحس أن قيادته متزنه ولم يتغير علي شيء ..
حتى حل الظلام ...
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه من ذالك اليوم عشت فيه الرعب بأنواعه وأشكاله ..
التفت إلى أولادي في المرتبة الخافية فوجدتهم نائمون .. وعلى إلتفاتتي رأيتنا نسير بسرعة 140 بإتجاة الشبك الذي بين الخطين ..
قلت بصوت منخفض انتبة فانحرف بالسيارة وعدلها في مسارها وكان المذياع على إذاعة القرآن فأقـفـلته , وسألته هل تريد ماء ..؟ قال شكرا .
أحسست بأنه يحاول أن يركز في الطريق وبين كل فترة وأخرى تنحرف السيارة قليلا .. والسيارات المارة بنا تضرب المنبه بكل قوتها .. كم تمنيت أن تقوم إحدى هذه السيارات بالإتصال على أمن الطرق وإخبارهم أن هناك سيلرة ترقص في الطريق يمنة ويسرة ..
كم تمنيت حينما أقبلنا على نقطة تفتيش أن يوقفوا سيارتنا جانبا لكي أرتاح من الموت الذي أعيشة..
وأكملنا الطريق ووصنا إلى نقطة لم أستطع أن أصبر بعدها .. كنت أرى من بعيد إحدى الشاحنات وهي تسير وياللهول نحن ننحرف بإتجاهها وأنا كالملدوغ لاأعلم ماذا أقول إن أغمضت عيناي وسكت دخلنا تحت أطنان الحديد .. وإن تكلمت غضب مني وطالبني بالصمت .. وعندما لم يبقى بينناوبين تلك الشاحنه إلا القليل أمسكت يده قائلة.. انتبة الشاحنه ...فانحرف عنها وكأنها لم يراها من قبل ..

ثم أعتدل وأمسك المقود بكلتا يديه وخفف سرعته وهو مازال يتمايل وأنا أنظر كم بقي من المسافة ياإلهي بقي 150 كيلو تقريبا كم سأموت من مرة وهل سيكتب الله لنا حياة جديدة ..
كان لايريدني أن أتكلم وأنا لاألومه لكني لن أسكت وأنا أرانا نتجه جميعا للموت ..
فبدأت كلما أرى سيارة من بعيد أسألة عن أسمها أو موديلها أو سعرها أو أي شئ يتعلق بها وأنا قصدي أن أنبهه إليها ...
وفي أغلب أسألتي كان لايجيب وكأنه لم يعد يسمع جيدا ..
وبين كل فترة وأخرى أصرخ قليلا تكفى انتبة

وأخيرا ظهرت لنا أنوار المدينه من بعيد وبكيت عندما رأيتها كأنني وصلت إلى الأمان وفورا اتجة زوجي إلى الطوارئ وأخذ منهم دواء وتحويلا للعيادة و تحليلا للمختبر . وظهرت النتيجه إرتفاع حاد في السكري والضغط والكسترول .وخطر كبير من الجلطة في القلب.
وصرفت له أنواع كثيرة من الدواء , وحدد له نوع الغذاء ,
وأتاني في المنزل لايصدق كلام الأطباء وساءت حالته النفسية كثيرا وراجع عدد من المستشفيات عله يجد كلام غير ما قالوا لكنهم أجمعوا جميعا على ماقالوه وأن الدواء سيستمر معه طيلة حياته المهدده بالخطر كما يقولون .
أخذ أجازة من الدوام ومكث في البيت لمدة ثلاثة أسابيع لايخرج إلا نادرا , ولا يأكل إلا نادرا , ولا يضحك إلا نادرا..
وانخفض وزنه كثيرا.. وأصيب بالشحوب في جسمه ..


نصحة المقربون منه أن يرقي نفسه بالرقيه الشرعيه فهي خير دواء لكل داء وهو يماطل ويردد إن شاء الله ..
ونصحه آخرون أن يتجه للطب البديل ويترك دواء المستشفى ويستشهدون بكثير من القصص..
وهو ضائع بينهم لا يعلم يصدق من ...

لكنه إلتزم بدواء المستشفى وهو على أمل أن يأتي إليهم بعد شهر ويحلل مرة أخرى , وربما لن يحتاج إلى الدواء , وكم كانت صدمته كبيرة عندما قال له الطبيب بكل سخف لا تفكر إنك بتترك علاجك هو صار من أولادك ..

كم يحزنني وأنا أراه يمر بجوار أحد المطاعم التي كان يحبها فيقول هل تذكرين كم أكلنا هنا من طعام لذيذ .. لا مكان لنا اليوم فيه ,
وكم يؤلمني وأنا أراه يشتري لأولاده الحلوى والآيسكريم المفضله لديه وحينما يطلب منه ولدي الصغير أن يشاركه الأكل فيجيب لاأحبها .. فيرد الصغير بكل براءة لاتكذب يابابا أنت دائما تحبه وتأكله ..
وكم يبكيني وولدي يضحك عليه قائلا / ياببا أنت صرت زي جده عندك دواء كثير .

مشاهد كثيرة تؤثر فيني وتهز كياني وأكثر ما يؤذيني نظرات الشفقة من الناس .. ودعائهم له أن يبقيه ويشفيه لأولادة .. ولايذيقهم اليتم.. وكأنه مصاب بمرض خطير لاشفاء له..وهذا بكل تأكيد ينعكس نفسيا عليه .. ويزيدة ألما وغما.


اللهم اشفه وعافه وجميع مرضى المسلمين
أنا أعلم أن كل مرض نصف دوائة الحاله النفسيه لكني لم أستطع أن أرتقي بنفسيته للأفضل .. ومنذ ذلك الوقت غابت شمس السعادة عن منزلنا فهل ياترى ستشرق من جديد..؟

أملي بالله تعالى كبير ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..........