Noranyy

Noranyy @noranyy

عضوة جديدة

رحمةللعالمين

ملتقى الإيمان

حين أتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا العمل العظيم،الدعوةإلى الله قرب العباد من الله، وقرب الأمم من الأمم، وأثبت النصر والأخوة مكان البغضاء والعداوة، وأخرج الظلمة والجهالة لينير القلوب والعقول بنور الصدق والعلم، وهكذا رحل عن هذا العالم فارغ البال قرير العين فرحا مسرورا.وحتى يمكن للقارئ أن يقدر عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - العظيم عليه أن ينظر: كيف بذرت بذرة الإسلام في القلوب الطاهرة فأثمرت ثمارا طيبة؟ فكان النجاشي ملك الحبشة، وجيفر ملك عمان وأكيدر رئيس دومة الجندل يفخرون بالوقوف جنبا إلى جنب مع بدو نجد وتهامة وفقراء اليمن، وترك عبد الله بن سلام الإمامة في اليهودية، وكذا ترك ورقه بن نوفل الإمامة في النصرانية وعثمان بن طلحة في الإبراهيمية وشرفوا بأن يكونوا في خدمة الإسلام، أما سلمان الفارسي العبد المملوك لليهود فقد فاز بالدرجة الرفيعة التي أنزلها إياه رسول الله (سلمان منا أهل البيت)، وبلال الحبشي العبد المملوك للوثنيين، كان عمر الفاروق الأعظم الذي يخاف سطوته وهيبته قيصر وكسرى، يقول له: سيدنا سيدنا، وهكذا - في ظل الإسلام - انتهت امتيازات اختلاف الألوان وتباين الألسنة، والتفرقة الوطنية حتى صار مجرد ذكر شرف الحسب والنسب دليلا على النذالة، فالدين جعلهم جميعا أمة واحدة، فتوحدت العواطف في القلوب والغيرة في الطبائع، والفكر في العقول، وعلى الألسن نداء واحد هو نداء التوحيد.انقلب العدو صديقا، وصار القاتل مدافعا عن الإسلام فها هو عمرو بن العاص الذي ذهب إلى النجاشي في الحبشة سفيرا لقريش، ليعتقل المسلمين - كمجرمين - ها هو بعد عدة سنوات يذهب إلى ملك عمان داعيا إلىوها هو سهيل بن عمرو رئيس وفد المشركين في معاهدة الحديبية الذي رفض كتابة عبارة "رسول الله" بعد محمد اسم الرسول المبارك في الاتفاقية، ها هو بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - يقف في بيت الله يلقي خطبة رائعة في بيان مصداقية الإسلام وتأييد دين الله الحق. فتمتلئ مئات القلوب بالسكينة والإيمان.وها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي حمل سيفه وخرج من بيته لقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ها هو نفسه يوم وفاة الرسول يشهر سيفه قائلا: من قال إن محمدا قد مات ضربت عنقه.وها هو وحشي الذي قتل حمزة رضي الله عنه وأخرج كبده ومزق أعضاءه ومثل بجثته، يسلم بعد أيام، فلا يرفع وجهه أمامه خجلا وندامة ثم يكفر عن جريمته السابقة بقتل مسيلمة الكذاب، وأبو سفيان بن حارث بن عبد المطلب وهو ابن العم الشقيق للنبي - صلى الله عليه وسلم - يستمر في فرض الشعر في هجاء النبي، هداه الله للإسلام فشوهد يمسك بزمام الركاب النبوي وحده في ميدان المعركة في غزوة حنين.وها هو أبو سفيان بن حرب الذي ظل يؤلب الجيوش ضد النبي - صلى الله عليه وسلم - سبع سنوات ويلهب نار الحرب ضد المسلمين في جميع البلاد، يعلن الإسلام ويرسل حاكما على منطقة نجران النصرانية.وطفيل الدوسي رضي الله عنه الذي كان يمضي في مكة وقد سد أذنيه بندف القطن حتى لا يصل صوت محمد - صلى الله عليه وسلم - إليه، يدور في النهاية على كل بيت في وطنه لإبلاغ صوت محمد - صلى الله عليه وسلم الإسلام، ويعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يبشره بإسلام الآلاف من الناس.كل هذه المعجزات كانت نتيجة للتربية الطاهرة التي ظلت تمتلك القلوب تدريجيا، لقد أتى معظم الأنبياء عليهم السلام بالمعجزات مثل تحويل ماهية العصا والحيات والأحجار والبحار والنار أو سلب خاصيتها أمام الناظرين، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - (فداه أبي وأمي) أتى بمعجزة أعظم، فقد بدل القلوب وطهر النفوس، والفرق بين الإنسان والعصا والإنسان والحية والإنسان والحجر، هو نفسه الفرق بين هذه المعجزة وبين المعجزات الأخرى، وهذا هو الأمر الذي حير حتى اليوم جميع المفكرين الذين أرادوا أن يقولوا أو يكتبوا شيئا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (رغم الاختلاف الديني) -.ليت المسلمين يقدرون حق هذه التربية الطاهرة ليتهم يطلعون على هدف النبي - صلى الله عليه وسلم - الطاهر، ليتهم يعتبرون الحفاظ على الإسلام فرضا واجبا عليهم، ليتهم يعتبرون بقاء الإسلام أكثر ضرورة من بقاء أنفسهم، وأبنائهم وآبائهم وشيوخهم وعظمائهم.
0
175

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️