رد على شبهات النصارى:حول إصابة الرسول صلى الله عليه وسلم بالسحر
بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
1- من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر، فيجوز أن يصيبه مايصيب البشر من الأمراض والأوجاع وتعدي الخلق عليهم كسائر البشر إلى أمثال ذلك ممايتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها والذي لا علاقة له بالوحي والرسالة. فقول عائشة : " أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله " هذا في أمور الدنيا لا في أمور الدين والرسالة ، وقياس أمور الوحي والرسالة على أمور الدنيا قياس مع الفارق ، فإنه بالنسبة لأمور الدين معصوم من الخطأ والتغير والتبدل لا يخالف في ذلك أحدٌ ، فللرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتباران : اعتبار كونه بشرًا ، واعتبار كونه رسولاً ، فبالاعتبار الأول يجوز عليه ما يجوز على سائر البشر ، ومنه أن يُسحر ، وبالاعتبار الثاني لا يجوز ما يخل بالرسالة لقيام الدليل العقلي والنقلي على العصمة منه .
وأما ادعائهم بأن هذا الحديث يتنافى مع عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرسالة والبلاغ فإن الذين صححوا حديث السحر كالبخاري و مسلم وغيرهما ، ومن جاء بعدهما من أهل العلم والشراح ، قالوا إن ما حدث للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو من جنس سائر الأمراض التي تعرض لجميع البشر ، وتتعلق بالجسم ولا تسلط لها على العقل أبداً ، وهو أمر يجوز على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، قال القاضي عياض : " فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده ، وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده "
على أنه قد قال بعضهم : إنه لا يلزم من أنه كان يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ، أن يجزم بفعله ذلك ، وإنما يكون ذلك من جنس الخاطر يخطر ولا يثبت .
2-إن الله سبحانه يبتلي رسله بأنواع البلاء ، فيزداد بذلك أجرهم ويعظم ثوابهم، فما يصيب الرسل من أنواع البلاء فإنه لم يعصم منه عليه الصلاة والسلام ، بل أصابه شيء من ذلك ،قال الإمام ابن القيم: والسحر الذي أصابه كان مرضـًا من الأمراض عارضـًا شفاه الله منه ، ولا نقص في ذلك ولا عيب بوجه ما ، فإن المرض يجوز على الأنبياء ، وكذلك الإغماء ، فقد أغمي عليه -- صلى الله عليه وسلم - في مرضه ، ووقع حين انفكت قدمه ، وجُحِشَ شِقه ( أي انخدش ) ، وهذا من البلاء الذي يزيده الله به رفعةً في درجاته ، ونيل كرامته ، وأشد الناس بلاء الأنبياء ؛ فابتلوا من أممهم بما ابتلوا به من القتل والضرب والشتم والحبس ، فليس ببدع أن يبتلى النبي - صلى الله عليه وسلم- من بعض أعدائه بنوع من السحر كما ابتلي بالذي رماه فشجه ، وابتلي بالذي ألقى على ظهره السلا وهو ساجد ، فلا نقص عليهم ولا عار في ذلك ، بل هذا من كمالهم ، وعلو درجاتهم عند الله " أهـ . فقد أصابه شيء مما أصاب من قبله من الرسل ، لكن الله عصمه منهم فلم يستطيعوا قتله ولا منعه من تبليغ الرسالة ، ولم يحولوا بينه وبين ما يجب عليه من البلاغ فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلى الله عليه وسلم.
3-السحر وقع في المدينة ، وعندما استقر الوحي واستقرت الرسالة ، وقامت دلائل النبوة وصدق الرسالة ، ونصر الله نبيه على المشركين وأذلهم .
4-السحر الذي سحر به الرسول صلى الله عليه وسلم ،هو سحر اختص بعلاقته مع أزواجه فقط، ، لكن لم يزل بحمد الله تعالى عقله وشعوره وتمييزه معه فيما يحدث به الناس ، ويكلم الناس بالحق الذي أوحاه الله إليه ولم يكن له تأثير على عقله أو شيء مما يختص بالرسالة .
إذاً التخيل في أمر خاص بينته الروايات في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ، هي رواية الإمام سفيان بن عيينة التي رواها عنه اثنان من كبار شيوخ البخاري الأول شيخه المُسْنَدي ، والثاني شيخه الإمام الحميدي ، وفيها تقول عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سحر حتى كان يُرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهنَّ.
*أما قولهم أن الحديث مخالف للقرآن فهو دليل على سوء الفهم ، لأن المشركين لم يريدوا بقولهم :{إن تتبعون إلا رجلا مسحورا } أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُحر فترة يسيرة بحيث لم يتعلق سحره بأمور الرسالة والتبليغ ، ثم شفاه الله ، وإنما أرادوا بقولهم ذلك إثبات أن ما يصدُر عنه ما هو إلا خيال وجنون في كل ما يقول وما يفعل ، وفيما يأتي ويذر، وأنه ليس رسولاً ، وأن ما جاء به ليس من الوحي في شيء ، وإنما هو خيال مسحور ، فغرضهم إنكار رسالته - صلى الله عليه وسلم - ، وبالتالي فلا يلزمهم تصديقه ولا اتباعه .
ولا ريب أن الحال التي ذُكَرت في الحديث عروضها له - صلى الله عليه وسلم - لفترة خاصة ، ليست هي التي زعمها المشركون في شيء ، فنحن عندما نؤمن بما دل عليه الحديث لا نكون مصدقين للمشركين ولا موافقين لهم فيما أرادوا ، لأن الذي عناه الحديث غير الذي عناه أولئك الظالمون، وإذا ثبت ذلك لم يكن هناك تصديق ولا موافقة لهم .
*أما دعواهم أن السحر من عمل الشيطان والشيطان لا سلطان له على عباد الله لأن الله يقول}إن عبادي ليس لك عليهم سلطان{.(الحجر:42)
فالرد:أن المراد من قوله تعالى }إن عبادي ليس لك عليهم سلطان{ أي في الإغواء والإضلال فالسلطان المثبت للشيطان هو تزيينه للشر والباطل وإفساد إيمانهم.
ولاشك أن هذه الآية لا تنطبق مع الحالة التي تعرض لها الرسول صلى الله عليه وسلم،ولا شك أن إصابة الشيطان للعبد الصالح في بدنه لا ينفيه القرآن ، ومن ذلك قول أيوب في دعائه}أني مسني الشيطان بنصب وعذاب{.
أيضاً
نبي الله موسى عليه السلام تخيل في حبال السحرة وعصيهم أنها حيات تسعى ، فهل تخيله هذا أخل بمنصب الرسالة والتبليغ ؟! الجواب لا ، فهذا ممايعرضض للبشر، وهو بشر.
5-ثم ألم يرد في كتابكم المقدس أن نبي الله سليمان كفر وعبد الأوثان –حاشاه- وهو نبي من أنبياء الله ، فهل أسقطتم نبوة سليمان وهل ماأقدم عليه النبي سليمان من السجود للأوثان والكفر بالله هو أمر موجب للطعن في نبوته ومسقطاً لها ؟
إذا كان ماقام به النبي سليمان لا يسقط نبوته عندكم ولا يوجب الطعن في نبوته فكيف
تعتبرون ماأصاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم من السحر الذي لم يكن له تأثير في دينه وعبادته ولافي رسالته التي كلف بها هو أمر موجب للطعن في نبوته؟
6- إن في قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم أدلة على نبوته:
1- أنه عليه الصلاة والسلام عرف أن الذي سحره هو لبيد بن الأعصم وأن السحر موجود في مكان كذا وكذا،ولم لم يكن نبياً لماعرف ذلك.
2-لقد فك الرسول صلى الله عليه وسلم السحر بقراءة المعوذتين ، وهذا دليل على أن المعوذتين من كلام الله وعلى أن محمدا نبي موحىً إليه.
3-هذه القصة دليل على كذب المستشرقين عندما قالوا إن السنة النبوية قد وضعها أصحاب النبي ليثبتوا أنه نبي فلو كان كلامهم صحيحا لحذفوا حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ينقص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم على حد زعمهم طبعاً فقد أثبتنا الآن أنه يدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
fraternity88 @fraternity88
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
رمز المودة
•
جزاك الله خير
الصفحة الأخيرة