
قال تعالى :
( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ).
خلق الله الأرض لتسبح في نور الحرية ، وفجر السعادة ..
لم يخلقها لتبقى تحت وطأة الظلم وسفك الدماء للأبد ..
فناموس الخير لابد أن ينتصر على الشر ..
ومن المحال أن يبقى الظلام ، ويدوم الطواغيت في الأرض
إن نظرة واحدة منا نلقيها على مايدور حولنا ، من كائنات ومخلوقات حية
وغير حية .. تكشف لنا عن أن كل شيء في هذا الكون قائم على قاعدة العدل ..
ولا يمكن أن يميل عن الناموس الإلهي .. ويخرج عن طوعه ..
.......
فهذه المجرات تسبح في الفضاء السحيق ، في أروع نظام وأجمل صورة ،
وفي دقة متناهية لاتحيد قيد أنملة عن مسارها ..
تسبح الله وتقدسه ... في أوقيانوس الكون العميق البعيد عن إدراكنا ..
.......
وكما في المجرات ، كذلك في عالم الأحياء..
أخذاً من الخلية ، والنبات ، والطير ، وانتهاءً بالدواب ، والحشرات ، والأسماك ..
كل هذه وغيرها تخضع للخالق المبدع وتجري مقاديرها طوع أمره ..
( ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات ومن في الأرض والطير صافات
كلّ قد علم صلاته وتسبيحه ).
فليس في الكون ذرة منشقة عن النظام أبداً ...
إنما كل مافي الطبيعة ، وكل مايجري بها ، قائم على الحساب والدقة
والنظام من مبدع الكون .. سبحانه ..!
وكل مايحتويه الكون مطيع لله .. ساجد له ..مسبح بحمده.. والملائكة من خيفته..!
أما الإنسان الذي تمتع بهبة العقل .. وطبيعة الإختيار.. فلم يتوحد مع الكون
في مطلق الطاعة لله .. والانسجام مع ماحوله...
فمنهم من أطاع ، ومنهم من عصى ..
وما نراه ونلمسه في طغيان الفساد .. والظلم والعدوان .. والفقر والحرمان ..
ماهو إلا وجه الإنسان الذي نبا عن الفطرة .. وعصى القانون الإلهي ..
واختار النشوز وعدم التوافق مع ما حوله ..
.......
والقرآن يبين لنا أن الله تعالى عندما أراد أن يخلق الإنسان ..?
أخبر الملائكة بأنه تعالى سيستخلفه في الأرض :
( إني جاعلٌ في الأرض خليفة )
فما كان من الملائكة إلا أن قالوا:
( اتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )
هنا جاء الكلام الفصل من الله تعالى :
( أني أعلم مالا تعلمون )..
أعلم عن ذلك الخلق الجديد مما استحق به ما منحته وأعطيته وفضلته،
وأني رب كل شيء؛ والشأن لي وحدي أخلق من أشاء كما أشاء،
وأنا العليم بأوائل الأمور وعواقبها ومبادئها وخواتيمها، ومقدماتها ونتائجها
الله تعالى أعلم بأن العاقبة للتقوى .. والانتصار للصالحين ..
مهما اشتدت شوكة الظلم ..
أما نظرة الملائكة لأمر الإنسان بأنه سيفسد في الأرض ، ويسفك الدماء ..
فقد جاءت من إدراكها أن هذا المخلوق المؤلف من قبضة من الطين ،
ونفخة من روح الله .. مختلف عن جنسها ..
فهو يجمع بين المعنويات الروحية بنفخة الروح فيه ،والغرائز المادية
التي مبعثها الطين .. ويتمتع بميزة العقل ..
إذن لابد له من التنازع بين الغريزة والعقل من جهة ...
وبين الشهوة والروح من جهة أخرى...
وهنا يحدث الصراع بين أصحاب العقول .. وأرباب الشهوات ..
ولابد أن يتبع ذلك الصراع سفك الدماء ..
هذا الشريط التطابقي مر في رؤوس الملائكة ..
حين قال لهم الله تعالى :
( إني خالق بشراً من طين )
من هذا عرفت الملائكة عمق المأساة التي سيفجرها الإنسان في الأرض..!
ولكن الله أعلم بمن خلق من كل ماخلق..
و في النهاية لابد للخير أن ينتصر ..
وتعمر الأرض على أيدي الصالحين ..
عمارة نفوس بالإيمان ....
وعمارة حضارة وبنيان .
موضوع جميل كعادتك يافيض
علينا جميعا أن نسعد بتكريم الله لنا
فنحن المخلوق الوحيد الذي يعبد الله باختياره
ولهذا نحن مميزين بفضل الله علينا مما يحتم علينا شكره على هذا الفضل بكرة وعشيا
أدام الله علينا لباس التقوى والإيمان
وجعلنا من أوليائه المخلَصين
أسعدك الله أينما كنت غاليتي